السبت, ديسمبر 28, 2024
السبت, ديسمبر 28, 2024
Home » ‘أوراق العشب’ ديوان غيّر مسار الشعر الأميركي والعالمي

‘أوراق العشب’ ديوان غيّر مسار الشعر الأميركي والعالمي

by admin

 

والت ويتمان حاز عن جدارة لقب أب الشعر الحر حيث ضرب بكل القوالب الشعرية القديمة عرض الحائط، وتمكن من تحطيم القوالب الأوروبي.

 

The Middle East Online/ محمد الحمامصي

لُقب الشاعر الأميركي والت ويتمان بأبي الشعر الحر حيث ضرب بكل القوالب الشعرية القديمة عرض الحائط، وتمكن من تحطيم القوالب الأوروبية التي كان يصب فيها الشعر الأميركي عنوة، مما جعل هذا الشعر مجرد تقليد باهت يخلو من عناصر الأصالة التي تنبع من تربة الوطن نفسه. آمن بأن الحرية الفردية لن تجد متنفساً لها إلا في الحب، على حين تتمثل الحرية الاجتماعية في الديمقراطية، وأن الحب والديمقراطية وجهان لعملة واحدة هي المجتمع الإنساني كما يجب أن يكون.

أغلب الأعمال التي مارسها والت ويتمان قبل تأليفه القصائد الأولى لهذا الديوان “أوراق العشب” الذي ترجمه ماهر البطوطي وصدر عن مؤسسة هنداوي أخيرا، كانت في الصحافة، حيث تنقل فيما يقرب من عشرين صحيفة في الفترة من عام 1831م إلى 1845م وكانت مساهمته إما بالاشتراك في التحرير، أو رئاسة تحرير الصحيفة، أو المشاركة بالمقالات والقصص والقصائد.

يلقى البطوطي في مقدمته الضوء على حياة وشعر ويتمان يقول ” في فبراير عام 1848م، أتيح لويتمان فرصة السفر إلى مدينة نيو أورليانز بولاية لويزيانا للعمل رئيسًا لتحرير صحيفة الهلال اليومية هناك. فاستغل تلك الفرصة كي يزور في طريقه ولايات بنسلفانيا، وست فرجينيا، ميريلاند، أوهايو، كنتاكي، ميسيسبي، ثم لويزيانا. وقد عمد في أثناء الرحلة إلى تدوين خواطره وتعليقاته بشأن ما يراه من حوله في تلك الأماكن الجديدة عليه؛ عن الناس والعادات والطعام والمناظر الطبيعية والملابس وطريقة تعامل الناس هناك وأسلوب نطقهم للغة. لكن سرعان ما ترك صحيفة الهلال عائدا إلى نيويورك، في رحلة العودة زار ولايات: ميسوري، إلينوي، وسكنسون، ميتشجان، ثم ولاية نيويورك. وقد أيقظته تلك الزيارات على مدى رحابة الأمة الأميركية واتساعها وإمكاناتها الهائلة، والتنوع الثقافي والعرقي الكبير وانصهاره في شخصية أمريكية متفردة. وقد تمثَّل إدراكه لكل ذلك في قصائده.

ويضيف “في هذه الأثناء، اهتم ويتمان كذلك بعلمين كانا قد شاعا في تلك الآونة، هما: علم الفراسة وعلم المصريات وتاريخ مصر القديمة وحضارتها. وبالإضافة إلى الكتب التي طالعها ويتمان عن مصر الفرعونية، تعرف بعد ذلك إلى د.هنري أبوت، الذي كان يدير ما أسماه المتحف المصري في وسط نيويورك. وقد كتب ويتمان عن ذلك المتحف عدة مقالات. وقد تضمنت قصائد من “أوراق العشب” رموزًا عديدة وصورًا فخيمة عن الإله المصري القديم أوزوريس وقدراته في الخصب. واستبانت حينذاك أيضًا شهية ويتمان التي لا تحدها حدود للمعرفة، فأخذ يطالع في فروع متعددة، بما في ذلك علم السلالات، والفلك، والجيولوجيا، وتطور العنصر البشري. وقد تبدى الكثير من المعلومات التي تشربها من تلك القراءات في شعره اللاحق، خاصة الأفكار الكونية، والكواكب والشهب، والمعلومات الجغرافية عن البلاد والشعوب في القارات المختلفة، والبحار والمدن والجبال، فأخذ يذكرها ويعددها، كما نرى في قصيدته “سلاما أيها العالم” التي تتضمنها المجموعة التي بين يدي القارئ. وقد طالع ويتمان مؤلفات عددٍ متنوع من الكتاب والفلاسفة، من بينهم دانتي وشكسبير وسبينوزا وملتون وجونسون وبيرنز وسكوت وديكنز وكانط وكارلايل وكولردج وشيلي وكيتس، علاوةً على قراءاته عن الهندوسية والبوذية والطاويَّة والإسلام.

ويؤكد البطوطي أنه بعد كل تلك الاستعدادات التراكمية، أصبح والت ويتمان ناضجًا لاستكشاف مهمته بوصفه شاعرًا مجددًا يعبر عن ضمير الشعب الأميركي الرؤيوي. ومن غير المعروف الوقت أو المكان المحددان حين بدأ الشاعر يسطر القصائد التي ظهرت بعد ذلك في أول طبعة من طبعات ديوانه “أوراق العشب”، ولكن المعروف أنه قام بطبع الديوان على نفقته الخاصة، وظهر في 4 يوليو 1855م في بروكلين. وقد صدر الديوان في حلَّة قشيبة، مُصدَّرًا بصورة له، من ألف نسخة، ويضم اثنتي عشرة قصيدة، ومقدمة ضافية عن فن الشعر. وقلب الديوان هو قصيدته الطويلة المعنونة “أغنية نفسي” المكونة من 52 مقطعًا، والتي تعتبر الركيزة التي صاغ فيها الشاعر أفكاره عن الإنسان والوجود والكون والعلاقات بين المخلوقات وآراءه عن وحدة الجسد والروح. وكانت هذه القصيدة هي التي اختصها خصومه بالنقد، لما تبدت فيها من صور حسية لم تكن مألوفةً في كتابات ذلك العصر، ومثَّلت نقلةً نوعية كبيرة في التأليف الشعري. ولم يقتصر تجديد ويتمان على مضمون قصائده؛ بل تعداه إلى الشكل؛ إذ ترك لقلمه وخياله العنان دون تقيد بالوزن والقافية، وابتدع لنفسه أسلوبًا خاصا به، حتى في طريقة تهجئة الكلمات وقواعد الترقيم والتكرار المقصود، والإكثار من العبارات الاعتراضية التي كان كثيرًا ما يسطرها بين قوسين في وسط القصيدة.

ويوضح “القصائد الأخرى التي ضمتها الطبعة الأولى هي: “أغنية إلى المهن”، “التفكير في الزمن”، “النائمون”، “أغني الجسد الكهربائي”، “وجوه”، “أغنية المجيب”، “أوروبا”، “موَّال بوسطن”، “انطلاق صبي”، “الأساطير العظيمة”. وبعد عام من نشر أول طبعة من “أوراق العشب” أصدر ويتمان الطبعة الثانية المزيدة عام 1856م، أضاف لها عشرين قصيدةً جديدة. ومن هنا تبدو الخطة الفريدة التي اختطَّها ويتمان لقصائده وأشعاره الجديدة؛ إذ كان يضمها جميعا إلى الديوان الأصلي “أوراق العشب” ويصدره في طبعات جديدة تضم كل ما سبقها، وسار على هذا المنوال حتى آخر حياته، حين أصدر آخر طبعات الديوان عام 1891م، وهي التي بين يدينا اليوم، وتربو صفحاته على الخمسمائة. وفي الفترات التي تخللت إصدار ويتمان للطبعات المختلفة لديوانه، واصل العمل في الكتابة للصحف؛ فكتب افتتاحيات ومقالات في جميع الموضوعات التي كانت مُثارة في البلاد في ذلك الوقت.

وفي عام 1860م، أعد الطبعة الثالثة لديوانه، حيث أضاف إليها 68 قصيدة جديدة ضمها إلى القصائد 32 السابقة التي أجرى عليها تغييرات كثيرة. وتميزت القصائد الجديدة بمفهوم أعمق للحياة، وتصوير أشمل لقطاعات الحياة في المدن الأميركية.. وبعد أن شهد ويتمان حفل تنصيب إبراهام لنكولن بعد انتخابه لفترة رئاسية ثانية، في مارس 1865م، وصف الحفل ومشاعره في المقالات التي كان يكتبها للصحف، والتي جمعها بعد ذلك في كتاب نثري بعنوان “نماذج من الأيام”. ومع إدراك مدى إعجاب ويتمان بالرئيس لنكولن وتقديره لشخصيته يمكن قياس مدى الصدمة التي تلقاها من حادث اغتيال الرئيس في أبريل من العام نفسه، بعد أيام من استسلام القوات الكونفدرالية الانفصالية وانتصار الاتحاديين بقيادة لنكولن ورئيس جيشه الجنرال يوليسس جرانت. وقد حضر الشاعر جنازة لنكولن، وفاضت مشاعره عندها بقصيدته “فليخيِّم السكون على المعسكرات اليوم”، ثم كتب بعد ذلك بقليل القصائد الأخرى في رثاء الرئيس، وهي من أعذب ما كتب من قصائد دخلت إلى وجدان الشعب الأميركي. وحتى اليوم، ما تزال قصيدته “أيها القائد، أي قائدي” تُدرس في المدارس ويحفظها الناس عن ظهر قلب. وقد نشر ويتمان قصائد الحرب الأهلية بعنوان “دقات الطبول” عام 1865م، من 53 قصيدة، ثم نشر القصائد في الطبعة الرابعة من “أوراق العشب” مضافًا إليها قصائد مراثي إبراهام لنكولن الأربع.

ويلفت البطوطي أن تجربة ويتمان خلال سنوات الحرب الأهلية أضافت له نضجا وعمقا على كتاباته ومشاعره الإنسانية. فرغم أنه لم يشترك في القتال الفعلي، إلا أنه قد زار جبهة القتال، وشاهد المقاتلين يسقطون، وساعد الجرحى في المستشفيات، وساعد في تمريضهم، وشهد المحتضرين يموتون بين يديه، وكل هذا قد تمثل في كتاباته وقصائده، وعمل على ابتعاد نبرة شعره عن الصبغة الذاتية النرجسية التي تبدت في بعض قصائده السابقة. لقد عملت الحرب وتجاربه مع وقائعها على وضعه الإنسانية والبشر جميعًا في المركز الذي كان يشغله الشاعر من قبل، وعمقَت تلك المشاهد الأليمة من وجود تيمة الموت في قصائده، فقد شهده وعاينه عن قربٍ كل يوم. وإن مرأى الشاعر للجرحى والقتلى والأطراف المبتورة والأجساد الملطَّخة بالدماء، ومعالجته تلك الموضوعات في كتاباته؛ جعله يتقبل فكرة الموت بوصفها جزءًا لا يتجزأ من عملية الحياة. وفي مقابل فكرة الموت تعمقت أيضًا فكرة الحب في قصائده. وفي يونيو 1865م أصدر الطبعة الرابعة المزيدة ﻟ “أوراق العشب” التي تضم دقات الطبول ومراثي لنكولن، بين ما ضمته من قصائد جديدة.

ويشير إلى أنه مع انتشار الاعتراف به بوصفه “الشاعر الأغبر الحميد”؛ أصدر الطبعة الخامسة من ديوانه عام 1870م، وكذلك كتاب “مشارف الديمقراطية” الذي جمع مقالاته وآراءه في الممارسة الديمقراطية في أمريكا، ويقابل فيه بين فكرته عن النزعة الفردية والنزعة الجماهيرية التي تعتمد عليها الديمقراطية، وعبر فيها عن رغبته في وجود “فردية ثرية مزدهرة متنوعة” باعتبارها الأساس الأقوى والأشد أخلاقيا للديمقراطية. وفي ذلك العام، أخذت العلل الجسمانية التي كان الشاعر قد بدأ يشعر بها إبان زياراته للمستشفيات الحربية تتزايد عليه، من أوجاع الرأس والشعور بالدوار ونوبات الاكتئاب وسرعة إصابته بالبرد. بيد أن ذلك لم يمنعه من مواصلة أنشطته العادية والالتقاء بأصدقائه الذين كانوا يتزايدون باستمرار، والذين جعلوا حياته الوجدانية مليئةً وراضية.

آخر طبعة من “أوراق العشب” عام 1891م، وهي التي تعتبر أكمل طبعة، كما أنجز ويتمان كتاب آخر يجمع بين النثر والشعر بعنوان “أغصان نوفمبر”، الذي عرض ويتمان في مقدمته آراءه في النظرية الجمالية، واستعرض ما استهدفه من وضع قصائده والأسباب التي هجر لأجلها الموضوعات التقليدية، وقارن بين أفكاره عن نظرية الشعر وأفكار أدباء القرن التاسع عشر الآخرين. ومن بين ما ذكره: “إني أعتبر “أوراق العشب” والنظرية التي يقدمها؛ شيئا تجريبيا، على النحو نفسه الذي أعتبر فيه جمهوريتنا الأميركية تجربة فريدة في النظرية التي تقدمها، إن “أوراق العشب” هي نتاج طبيعتي الانفعالية وصفاتي الشخصية الأخرى، وهي محاولة من أولها لآخرها لوضع “شخص”، “إنسان” (هو أنا، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، من أمريكا) على السجل، بكامل الحرية والشمول والصدق”.

وجاءت نهاية ويتمان في 26 مارس/اذار 1892م، بعد إصابة الشاعر بالحمى وانسداد في رئته اليمنى. وتوافد الآلاف على المنزل لإلقاء نظرة أخيرة على جثمانه. وفي الجنازة، جرت تلاوة نصوص من كونفوشيوس، وبوذا، والكتاب المقدس، والقرآن الكريم. وأخيرا فإن ويتمان نجح في تغيير مسار الشعر الأميركي والشعر العالمي.

وداعًا أيها الجندي

وداعًا أيها الجندي،

أنت يا مَن كنت في المعركة الضارية

التي تشاركنا فيها،

المسيرات السريعة،

وحياة المعسكرات،

حياة الاشتباكات الحامية،

بين جبهات متعادية،

والمناوشات الطويلة،

حياة المعارك الحمراء،

بمجازرها،

وحوافزها،

اللعبة الوحشية الرهيبة،

سحر كل هذه القلوب،

الجسورة والرجولية.

إن مسرى الزمن،

الذي جرى في عروقك،

وعروق زملائك،

يملؤكم بالحرب،

وتعبيرات الحرب.

  • ••

وداعًا أيها الرفيق العزيز،

إن مهمتك قد أُنجزَت.

ولكني أنا ـ

الملتحف بالحرب ـ

أنا وروحي المناوئة،

ما زلنا في طريق معركتنا،

عبر دروب لم يسلكها أحد،

يصطف على جانبيها أعداء مختفون،

عبر عديد من الهزائم الفادحة،

والمحن العديدة

التي تهز الأفئدة،

نسير هنا،

هنا معًا إلى الأمام،

نبحث عن المعارك،

أجل، هنا،

نُعبِّر عن معارك،

أشد شراسةً وأكثر وقعًا.

عودي أيتها الحرية

عودي أيتها الحرية،

فقد انتهت الحرب.

من عندها، ومن عند كل شيء،

ستتَّسعين وتنمين،

دون أي شكوك،

واثقةً

تجتاحين العالم كله.

دعي عنك أرض الماضي

التي تسطر تاريخ ما سبق!

دعي عنك المنشدين

الذين يتغنون بأمجاد الماضي،

أغاني العالم الإقطاعي،

انتصارات الملوك،

الاستعباد،

الطوائف،

التفتي نحو العالم،

إلى الانتصارات التي في الطريق،

دعي عنك العالم المتخلف،

دعيه إلى منشدي الأمس،

أعطيهم الماضي.

إن ما يبقى

يبقى لمنشدين مثلك،

حروب المستقبل هي لك،

انظروا كم حصَّنتكِ حروب الماضي،

وسوف تُحصنك حروب المستقبل،

عودي إذن ولا تخافي أيتها الحرية،

عودي بوجهك الخالد،

إلى حيث يوجد المستقبل،

أعظم من كل ماضٍ سَبَق،

المستقبل الذي يجهز نفسه عن ثقة،

انتظارًا لك.

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00