أهم إصدارات الكتب في بريطانيا لأغسطس 2024

من أحدث رواية لـمات هيغ إلى مجموعة قصصية قصيرة للي تشايلد، نأخذكم في رحلة بين صفحات أبرز إصدارات هذا الشهر

اندبندنت عربية / مارتن شيلتون كاتب وصحافي MartinChilton@

قدم فرانك زابا إلى زوجته الحبلى، غيل، خيارين لتسمية ابنتهما المقبلة: “مون يونيت” أو “موتورهيد”. وُلدت مون يونيت عام 1967 وأصبحت نجمة يافعة في سن الـ14، وهي بلا شك لديها معرفة جيدة بحياة الأضواء والشهرة. في سيرتها الذاتية “من الأرض إلى القمر” Earth to Moon (دار وايت رابيت للنشر)، تستعرض مون يونيت نشأتها في عالم مضطرب تسميه “فراغ الأب”. إنها تتناول تجاربها الغريبة بأسلوب بسيط وحاذق.

في أغسطس (آب) الجاري أيضاً، تصدر مذكرات أخرى لشخصية غير عادية، المخرجة الأميركية ذات الأصول الإيرانية دزيريه أخافان، كاتبة مسلسل “مزدوج الميول الجنسية” The Bisexual تعرضه “قناة 4” البريطانية. تتحدث دزيريه في فصول من مذكراتها التي تحمل عنوان “أنتِ تحرجين نفسك” You’re Embarrassing Yourself (دار فورث إستيت) عن حياتها العاطفية في لندن و”تجاربها الجنسية السيئة” وتستخدم سخرية لاذعة لتصف الرجال الذين واعدتهم في إنجلترا، بمن فيهم “شاب عمره 25 سنة يعاني مشكلات نفسية تجاه والدته ويشبه (أقسم بالله) نسخة جذابة من مستر بين”.

وتقول الروائية سارة موس إن الذاكرة غير موثوقة، وهذا ما تتناوله في مذكراتها “ذئبي الذكي الطيب” My Good Bright Wolf (دار بيكادور)، فتستكشف طفولتها بفضول شديد وتطرح تساؤلات عميقة حول ذكرياتنا المتنازع عليها.

أخيراً، تأتي إحدى القصص الأكثر إلهاماً وسرية في عالم الموسيقى الشعبية الحديثة، وهي العمل التحويلي الذي قامت به كاثرين وداريوس بروبك، ابن أسطورة الجاز في فرقة “تيك فايف” ديف بروبك، في تعزيز التعليم في جنوب أفريقيا خلال فترة الفصل العنصري. تسرد هذه القصة الملهمة للعمل الشاق والمليء بالتحديات لهذين الزوجين في كتاب “عزف التغييرات: الجاز في جامعة أفريقية وعلى الطريق” Playing the Changes: Jazz at an African University and On the Road  (منشورات جامعة إلينوي).

في ما يلي مراجعات كاملة لروايات لـبنجامين مايرز وديفيد بيس ومات هيغ ودونال راين، إلى جانب مجموعة قصصية قصيرة لـلي تشايلد.

تغوص رواية “إصدارات فردية نادرة” في عدد من المواضيع من بينها الإدمان على الأفيون والصدمات ومتعة الويسكي (بنجامين مايرز)

“إصدارات فردية نادرة” Rare Singles لـبنجامين مايرز ★★★★☆

في هذه الرواية، تتواصل الزوجة والأم المضطربة دينا مع البطل الموسيقي المنسي منذ زمن، إيلون “باكي” برونكو الذي كان يُعتبر “الأمل المفقود العظيم للروح الأميركية”، وتدعوه إلى السفر من شيكاغو إلى سكاربورو.

ويصور مايرز، المولود في مقاطعة دارَم البريطانية، السحر الغريب لبلدة ساحلية إنجليزية متلاشية – حيث تبدو أصوات النوارس مثل صفارات الإنذار، وكيف تتسلل ملوحة البحر إلى كل شيء، والأمطار التي تهطل بـ”غضب شمالي خالد” – في قصة مبهجة عن الصداقة والحزن والصدق. إنها أيضاً كتاب يتمكن ببساطة من تصوير السبب الذي يجعل الموسيقى ساحرة جداً. الموسيقى تنبض في جميع أنحاء الرواية التي تقرأ جزئياً كرسالة حب إلى الكلاسيكيات الأميركية الخالدة من الإصدارات الموسيقية لـ “تشيس ريكوردز” Chess Records و”ستاكس وموتاون” Stax and Motown. وعلى رغم آلام دينا وباكي، إلا أنه من الممتع قضاء وقت مع هذين الزوجين المتناغمين “مثل وجهي شريط موسيقي”.

وتتناول “إصدارات فردية نادرة” مواضيع عدة، بما في ذلك الإدمان على الأفيون والصدمات ومتعة الويسكي والرقص وحتى تناول حلوى طبقات الآيس كريم والمكسرات (أشعر بالأسف تجاه هؤلاء الصغار في السن الذين لم يجربوها). إذا كنتم تبحثون عن قراءة دافئة في فصل الصيف، أنصحكم بشدة بقراءة “إصدارات فردية نادرة”.

تصدر رواية “إصدارات فردية نادرة” لـبنجامين مايرز عن دار بلومزبري في الأول من أغسطس وتباع النسخة الواحدة بسعر 18.99 جنيه استرليني

أحدث كتب دونال راين يتماشى بصورة جيدة مع روايته الأولى التي صدرت عام 2012 (دونال راين)

“عِش هنيئاً أيها القلب” Heart, Be at Peace لـدونال راين ★★★★☆

من الممكن التعامل مع رواية “عِش هنيئاً أيها القلب” كعمل مستقل ومتكامل بحذ ذاته، على رغم أنه من الأفضل قراءتها كجزء مكمل لرواية راين الأولى المذهلة “القلب الدوار” The Spinning Heart  التي صدرت عام 2012.

يتّبع الكاتب الأسلوب القصصي نفسه في عمله الجديد: حكاية قرية إيرلندية تُروى على لسان 21 راوياً مختلفاً في 21 فصلاً قصيراً وذكياً. مرة أخرى نجد بوبي ماهو في قلب القصة، لكننا نعرف أيضاً ما حدث لسكان القرية الآخرين في هذه الفترة، بمن فيهم ذلك المطور المحلي المراوغ بوكي بيرك والعامل السيبيري فاسيا اللذان يكشفان في روايتيهما عن الضربات التي تلقياها من علاقات الحب الفاشلة والعنف والإدمان على الكحول والأمراض النفسية.

وتتداخل حيوات الشخصيات بطرق غريبة، ويصوغ راين مرة أخرى الحكايات في فسيفساء ذكية. أضف إلى ذلك موهبة راين في تصوير حماقات وزيف الطبيعة البشرية والقوة الشعرية للنميمة في القرى الإيرلندية الصغيرة (من بين إحدى الشتائم “تلك الزوجة الصغيرة البائسة”)، وستحصل على صورة حديثة لإيرلندا من خلال مجموعة من العقول المتعنتة والقلوب التي تكون رحيمة أحياناً.

تصدر رواية “عِش هنيئاً أيها القلب” لـدونال راين عن دار دابل داي في الثامن من أغسطس وتباع النسخة الواحدة بسعر 16.99 جنيه استرليني

صاحب كتاب “مانشستر يوناتيد سيئ الحظ” يعيد الآن سرد قصة واحدة من أسوأ المآسي في الرياضة البريطانية (ديفيد بيس)

“ميونيخ” Munichs لـديفيد بيس ★★★★☆

ديفيد بيس، مؤلف كتاب “مانشستر يونايتد سيئ الحظ” The Damned Utd  الذي قدم لنا سرداً رائعاً عن فترة قيادة براين كلاف القصيرة والفاشلة لنادي ليدز، يعود بنا لعالم كرة القدم عبر روايته الجديدة “ميونيخ” التي تستند إلى أحداث حقيقية وتستعرض واحدة من أسوأ المآسي في تاريخ الرياضة البريطانية.

في ظهيرة السادس من فبراير (شباط) شديدة البرودة من عام 1958، توقفت رحلة الخطوط الجوية البريطانية رقم 609 في ميونيخ للتزوّد بالوقود بعد رحلة فريق مانشستر يونايتد العائد من لقاء رياضي ضمن دوري أبطال أوروبا في بلغراد.

قُتل 22 راكباً على الفور عندما تحطمت الطائرة في محاولة الإقلاع الثالثة. فيما توفي آخرون في وقت لاحق، بمن فيهم دنكان إدواردز، نجم كرة القدم الأسطوري الشاب الذي صمد 15 يوماً في المستشفى قبل أن يخسر معركة شاقة للبقاء على قيد الحياة.

تفيض “ميونيخ” بالأوصاف القوية، بما فيها تلك التي تتحدث عن شجاعة حارس المرمى هاري غريغ وسط الفوضى والدمار. كذلك يمتلك بيس مهارة في الكشف عن كامل الرعب والمأساة في الحادثة من خلال تفاصيل صغيرة، سواء كانت خيالية أو واقعية، مثل المضيفة المذهولة والمتجمدة التي كانت عالقة في الثلج غير قادرة على الحراك وحافية القدمين (نُزعت أجزاء كبيرة من ملابس الضحايا بفعل تمزقها من قوة الاصطدام).

وكذلك يتناول بيس بمهارة تفاصيل الأفعال اللطيفة الصغيرة، على سبيل المثال عندما هرع بائع الصحف القريب من منزل والدة بوبي تشارلتون [أسطورة كرة القدم الإنجليزية وأحد الناجين من كارثة التحطم في ميونخ]، سيسي، ليخبرها بما حدث قبل ظهور الخبر في الصحف التي يعرضها في واجهة المتجر. يجلب بيس التعاطف مع الطيار، الكابتن جيم ثاين، ويلقي نظرة متبصرة في سرده عن الرجل الذي تحول بصورة غير منصفة إلى كبش فداء من قبل الصحافة والمحققين الألمان، إلى جانب القصة المحزنة لمسؤولي النادي والصحافيين الذين لقوا حتفهم أيضاً في ذلك اليوم المشؤوم.

في بعض الأحيان، تبدو “ميونيخ” رواية عاطفية – لكنها مؤثرة بعمق وتمتلك سرداً مثيراً، بما في ذلك مشهد لا يُنسى، إذ تواجه أرملة أحد اللاعبين الشباب مدير النادي مات باسبي، متسائلة عن سبب السماح للاعبين بالصعود مجدداً إلى طائرة فشلت في الإقلاع مرتين من مدرج مغطى بالثلج والطين الجليدي.

تصدر رواية “ميونيخ” لـديفيد بيس عن دار فيبر في الـ29 من أغسطس وتباع النسخة الواحدة بسعر 20 جنيهاً استرلينياً.

مجموعة “آمن بما فيه الكفاية” جذابة وسهلة القراءة مثل وجبة خفيفة (لي تشايلد)

“آمن بما فيه الكفاية” Safe Enough لـلي تشايلد ★★★☆☆

كل تسع ثوان، تُباع رواية بطلها جاك ريتشر في مكان ما حول العالم، وأصبح لي تشايلد، المولود في كافنتري، ومبتكر شخصية ريتشر، اسماً عالمياً بفضل رواياته المثيرة وحبكاته السريعة وأسلوبه القوي. لكن، كيف يكون تشايلد عندما يبتعد من عالم ريتشر ويغوص في القصص القصيرة؟. في الحقيقة مجموعة “آمن بما فيه الكفاية” (دار بانتام) مكونة من 20 قصة قصيرة غير متعلقة بـريتشر، وتُعتبر قراءة لذيذة وسريعة، تشبه وجبة خفيفة تفيض بالحكايات الممتعة والتطورات الدرامية والعنف. إنها تبدو مثل نسخة حديثة من قصص “حكايات غير متوقعة” Tales of the Unexpected، على رغم أن بعض المنعطفات الدرامية قد تبدو متوقعة بعض الشيء.

بأي حال، فإن الأشرار في هذه المجموعة يتمتعون بجاذبية خاصة. في قصة “أعظم خدعة على الإطلاق”، نلتقي قاتلاً متهوراً عديم الأخلاق، يتفاخر قائلاً: “كان بإمكاني المرور إلى جانبك في الزحام من دون أن تعرف أنه قد تم قطع حنجرتك إلى أن ترغب في الإيماء برأسك فيتدحرج إلى الشارع من دونك”.

استمتعت باللمسات غير المتوقعة في أفضل القصص، بخاصة “طبيعي من كل النواحي” التي تسرد قصة موظف غريب الأطوار من خمسينيات القرن الماضي في قسم شرطة سان فرانسيسكو والذي تسهم جهوده غير المعلن عنها في حل قضايا القتل المعقدة.

ولأكون صريحاً، دائماً ما أتلقى من الأصدقاء والمعارف طلبات لتمرير نسخة من كتب تشايلد أكثر من أي كتب أخرى تصل إلي. لا تدعي مجموعة “آمن بما فيه كفاية” أنها عمل أدبي رفيع، لكنها قراءة مسلية تظهر بوضوح سبب امتلاك تشايلد قاعدة جماهيرية قوية.

تصدر مجموعة “آمن بما فيه الكفاية” لـلي تشايلد عن دار بانتام في الـ29 من أغسطس وتباع النسخة الواحدة بسعر 22 جنيهاً استرلينياً.

“الحياة المستحيلة” هي قصة غامضة في جزء منها ورسالة حب إلى إيبيزا في جزء آخر وواقعية سحرية في ما تبقى (مات هيغ)

“الحياة المستحيلة” The Life Impossible لـمات هيغ ★★★☆☆

عندما تُفاجأ غريس وينترز، معلمة الرياضيات السابقة والأرملة البالغة من العمر 72 سنة، بأنها ورثت منزلاً متداعياً في إسبانيا، تقرر أن تبدأ حياة جديدة من الصفر. ورثت غريس هذا العقار من زميل قديم اختفى منذ زمن طويل، وعندما تبدأ البحث عن أسرار حياة صديقها الراحل، تجد نفسها غارقة في لغز عن قوى الكون الخفية، على رغم إصرارها على أنها “لا تصدق عادة الأمور الغامضة”.

يتمتع هيغ بسجل أدبي رائع، ووصف روايته “الحياة المستحيلة” بـ”روايتي المهمة عن الحياة والحب والكون”. إنها مزيج من الغموض ورسالة حب إلى إيبيزا (المكان الذي عاش فيه) وواقعية سحرية ومليئة بالحكم العلمانية التي تذكرني بأسلوب ميتش ألبوم في رواية “أيام الثلاثاء مع موري” Tuesdays with Morrie. في الواقع، تبدأ الرواية بمشهد تقوم فيه غريس بكتابة رسالة إلى إنجلترا للرد على طلب مساعدة من أحد طلابها السابقين الشباب.

غريس شخصية رائعة (“عنيدة كعاصفة”)، ويتعامل هيغ بمهارة مع حزنها العميق ووحدتها بعد فقدان شخص عزيز كان “وسادة امتصاص للصدمات التي تواجهها”. لتستمتعوا حقاً بهذه الرواية، قد تحتاجون إلى الانغماس في عالم التخاطر والكائنات الفضائية والقدرات الخارقة التي تشكل جوهر القصة. أعتقد بأن غريس محقة عندما تقول “نحن لا نصل أبداً إلى خط نهاية الفهم”، ولكنني كنت أتمنى أن أجد مزيداً من قوة البحر السحرية “لا بريزنسيا” (المرتبطة بالكائنات الفضائية وكوكب سالاسيا) بدلاً من الاستيقاظ معتقداً بأن أغنية “كل مكان” لفرقة فليتوود ماك كانت “أجمل وأعذب صوت سمعته في حياتي”.

وتتناول الرواية مواضيع جديرة بالثناء حول حماية البيئة (على رغم أنني لم أكن مقتنعاً بشخصية الشرير آرت باتلر)، وأعتقد بأن مبيعاتها ستصل إلى عنان السماء لأن أسلوب هيغ في الكتابة دائماً ما يكون مميزاً وجذاباً. أشعر فقط بالأسف لأن الكتاب لم يأسرني تماماً كما كنت أتمنى.

تصدر رواية “الحياة المستحيلة” لـمات هيغ عن دار كانونغيت في الـ29 من أغسطس وتباع النسخة الواحدة بسعر 20 جنيهاً استرلينياً

© The Independent

المزيد عن: أحدث إصدارات الكتبإصدارات الكتبأخبار بريطانياالقراءة الأدبيةقراءة الكتب