عالمان مختلفان: نيكول كيدمان في فيلم الإثارة الجنسية "بيبي غيرل"، وأنجلينا جولي في فيلم السيرة الذاتية الكئيب "ماريا" (أي 24/ستوديو كانال) ثقافة و فنون أنجيلينا جولي ونيكول كيدمان: بين الخيارات الآمنة والأدوار الجريئة by admin 24 يناير، 2025 written by admin 24 يناير، 2025 21 تتنافس النجمتان في صالات السينما من خلال عملين مختلفين تماماً، فيلم السيرة الذاتية الجاد “ماريا” وقصة الإثارة الجريئة “بيبي غيرل”، مما يظهر بوضوح الفارق الكبير بين مساريهما المهنيين وكيف انحرفا بصورة محبطة خلال العقدين الماضيين اندبندنت عربية / زان بروكس @XanBrooks بدأت السينما عامها الجديد بتصادم بين الأنا العليا مع همسات الأزياء الراقية ورؤية صديقتين قديمتين تتنافسان على مجد الأوسكار، وكأنهما تلقيان الطوب إحداهما على الأخرى من فوق سور الحديقة. على أحد جانبي السور نجد أنجلينا جولي تتألق بدور النجمة المتعالية في “ماريا” Maria، فيلم السيرة الذاتية الحزين الذي أخرجه بابلو لارين ويتناول الأيام الأخيرة للمغنية الأوبرالية ماريا كالاس. أما على الطرف الآخر فتقف نيكول كيدمان في بطولة “بيبي غيرل” Babygirl، مجسدة شخصية تترأس شركة كبيرة وتنحدر من قمة النجاح إلى هاوية الفشل. ويتمتع كلا الفيلمين بأسلوب رفيع وثقة عالية ويقدمان تجربة مرضية بصورة عامة. وعلى رغم ذلك فهما في الأساس مساحتان للدعم والاستعراض، تتيحان لكل من الممثلتين تصدر المنصة من خلال دوريهما. ويعد فيلم “ماريا” إنتاجاً أكثر فخامة ورصانة بينهما. وهو الجزء الأخير من ثلاثية لارين غير المرتبطة التي تتناول قصص نساء ثريات وجريحات، إذ يتبع “جاكي” Jackie الصادر عام 2016 و”سبنسر” Spencer عام 2021. ويتنقل الفيلم في أرجاء باريس الخريفية خلال السبعينيات، بدءاً من الشقة مروراً بالمطعم إلى حدائق لوكسمبورغ. في خلفية هذا الجو الملبد بالحزن نجد خادماً يرتدي الزي الرسمي يرافق كالاس، تاركاً وراءه أجواء من الحزن مثلما يفعل عطر فاخر. ظاهرياً، تؤدي أنجلينا جولي البالغة من العمر 49 سنة دور كالاس مغنية السوبرانو المولودة في اليونان عندما وصلت إلى سن الـ53، وتفكر في العودة إلى الأضواء بعد الابتعاد منها لمدة أربعة أعوام. لكن جولي في هذا الدور تشير إلى نفسها بطريقة غير مباشرة، أسطورة تتناغم مع أخرى بدرجة تجعل الفارق بين الممثلة وشخصيتها شبه معدوم. ولارين مخرج ديناميكي ومميز، لكنه في هذا الفيلم لا يوجه جولي بقدر ما يلبي حاجاتها. ويعامل نجمته وكأنها بجعة خزفية يوجهها بلطف بين مشهد وآخر، بينما تتناول كالاس حبوب علاج القلب وتوبخ خدمها. وتقول بنبرة آمرة “احجز لي طاولة في مطعم يعرف الندل فيه من أنا… أنا في مزاج جيد لبعض التملق”. ولارين بدوره لا يتردد أبداً في تلبية طلبها. بينما يسير فيلم “ماريا” في أداء مهامه مثل خادم مطيع، يتسلل “بيبي غيرل” بحيوية كمدرب رياضي شخصي. ويضع الفيلم نيكول كيدمان تحت اختبار قوي، ويجبرها على بذل جهد يجعلنا نشعر أحياناً أنها قد تنهار. الفيلم الذي كتبته وأخرجته المخرجة الهولندية هالينا رين هو عمل إثارة إيروتيكي على طراز أفلام الثمانينيات، مع لمسة أنثوية واعية ونظرة أكثر مرونة ومرحاً لما يشكل الاستغلال والإساءة. تتولى كيدمان (التي بلغت في عيد ميلادها الأخير عامها الـ57، وتؤدي دوراً قريباً من عمرها) قيادة العمل في دور رومي ماثيس الرئيسة التنفيذية اللامعة لشركة روبوتات في نيويورك، التي تبدأ علاقة محفوفة بالأخطار مع متدرب شاب مغرور في مكتبها (يجسده هاريس ديكنسون بصورة جيدة). نراها تترصده في الحمام على أنغام أغنية “لا تفرقنا أبداً” Never Tear Us Apart لفرقة “آين أكسس” INXS، ثم ترتشف الحليب من صحن صغير على أنغام “شخصية أبوية” Father Figure لجورج مايكل. وهناك مخاطرة في أن عدداً من مشاهد كيدمان قد تبدو سخيفة، وهو جزء من الهدف. بعيداً من الكاميرا، اعترفت الممثلة بشعورها “بالانكشاف والهشاشة والخوف” من فكرة إصدار الفيلم. لكن على الشاشة، هذه بالذات هي الصفات التي تجعل شخصية رومي جذابة للغاية. عادة ما يُروَّج للأفلام مثل “ماريا” و”بيبي غيرل” على أنها أعمال تبرز نجومها، لكنني دائماً ما كنت أراها أقرب إلى مستقر نهائي منها إلى وسيلة لبلوغه، هي هيكل أساس يمكن للممثل أن يعيش فيه ويعمل بداخله، حتى يصبح الفيلم امتداداً طبيعياً لصورة الممثل واهتماماته. وتخبرنا السجلات أن “بيبي غيرل” هو ملكية لكيدمان و”ماريا” يعود إلى جولي، لكن الدورين نفسيهما قابلان للمبادلة. ليس من الصعب تخيل وجود فيلمين موازيين، إذ تقوم كيدمان بتوبيخ خدمها بتعجرف، بينما تتحول جولي إلى شخصية متمردة تلقي بنفسها بين أحضان شاب مغرور في الحمام. منذ فترة ليست طويلة، كانت تلك هي التوقعات المنطقية، في تاريخ بديل يبدأ أوائل العقد الأول من القرن الـ21، إذ كان من المتوقع أن تخوض كل ممثلة المسار الذي اتخذته الأخرى. أدوار جولي المتقلبة في بداياتها (في أفلام مثل “فتاة” Girl، “قوطعت” Interrupted، أو “جيا” Gia) رسمت لها مساراً قد يدفعها بصورة رائعة إلى أفلام مثل “دوغفيل” Dogville و”موزع الصحف” The Paperboy و”ستوكر” Stoker و”رجل الشمال” The Northman. وفي المقابل، كانت كيدمان التي تبدو أكثر تقليدية ومحافظة ملائمة تماماً لأفلام مثل “السائح” The Tourist و”ماليفيسنت” Maleficent وفيلم مارفل “أبديون” Eternals، إضافة إلى مهمتها الرسمية الجانبية كسفيرة خاصة للأمم المتحدة. وكانت إحدى النجمتين مهيأة للمخاطرة والمشكلات، بينما كانت الأخرى مجهزة للراحة والمنصة الكبيرة التي تنتظرها. لكن، تبين أن هاتين المتنافستين كانتا في المكانين المعاكسين. فقد مزقت الممثلتان النصوص وخلطتا توقعاتنا، وتبدل مسار كل منهما وتبادلتا مكانيهما بصورة فعلية. وقالت كيدمان ذات مرة “لدي هذا الجانب العفوي والقصير الأمد، وهو السبب في تقلب مسار حياتي المهنية”. وهذا الجانب بلا شك كان سر نجاحها على مدار الأعوام. في “بيبي غيرل” -كما هي الحال في “ولادة” Birth، و”أكاذيب كبيرة صغيرة” Big Little Lies، وغيرهما- يشعر المشاهد بتلك الجرأة التي تجعل كيدمان تتماهى مع هشاشتها وتتخلى عن كبريائها، وتجازف بأن تبدو حمقاء. عند مقارنة ذلك مع أنجلينا جولي التي صارت مسيرتها المهنية أشبه بإدارة علامة تجارية بحذر، ترفض بصمت صورتها العامة الجريئة السابقة. وكانت جولي لتتردد كثيراً في أداء دور رومي ماثيس الجريء والمثير للجدل، تلك البطلة في منتصف العمر التي تتسم باندفاع متفجر شبيه بدور إيمي آدمز كذئبة بشرية في “نايتبتش” Nightbitch أو دور ديمي مور الوحشي في فيلم “المادة” The Substance للمخرجة كورالي فارغيت. بدلاً من ذلك، نجدها تشعر بأمان أكثر في دور ماريا كالاس المتحفظة والعاطفية، وهي تجلس بجوار النافذة بملابسها ذات الأكمام المنتفخة وقلائدها اللؤلؤية. على رغم طرح “بيبي غيرل” و”ماريا” في صالات السينما البريطانية مطلع الشهر الجاري، فإن رحلتهما معاً بدأت منذ عرض كليهما للمنافسة في مهرجان البندقية السينمائي العام الماضي، الذي يعد عادة المحطة الأولى نحو سباق الأوسكار. “ماريا” فيلم متماسك وأكثر أماناً. أما “بيبي غيرل”، فيقدم مساحة لاستعراض أداء أفضل بكثير. فبينما يجسد قلق النساء في منتصف العمر، إلا أنه ينظر إلى المستقبل بدلاً من التمسك بالماضي. وينبض الفيلم بعدم الارتياح، وأحياناً بالذعر الصريح، ويخوض غمار مواقف تخشى جولي مواجهتها. وعلى عكس التوقعات، يبدو أن كيدمان هي من بَنت مسيرةً أكثر حيوية وإثارة. وقد يكون الفيلمان متصلين بطريقة أو بأخرى، لكن النجمتين باتتا في عالمين مختلفين تماماً، فقد افترق طريقاهما بصورة كبيرة. يعرض الفيلمان “ماريا” و”بيبي غيرل” في الصالات البريطانية منذ الـ10 من يناير (كانون الثاني) الجاري. © The Independent المزيد عن: أنجيلينا جولينيكول كيدمانفيلمهوليوود 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هرتزوغ أسطورة السينما الألمانية يبدع في الـ83 next post سيرة جديدة تكشف وجها آخر من المركيز دو ساد You may also like سيرة جديدة تكشف وجها آخر من المركيز دو... 24 يناير، 2025 هرتزوغ أسطورة السينما الألمانية يبدع في الـ83 24 يناير، 2025 الضحك قرين الجرأة… هكذا اختفت الصحافة الساخرة في... 24 يناير، 2025 عندما قام برونيليسكي بمهمة غامضة في أزقة روما 24 يناير، 2025 معرض القاهرة للكتاب يستوحي شعاره من “الحوار الديني” 24 يناير، 2025 جوائز “الراتزي”: “أوسكار” أسوأ الأفلام 24 يناير، 2025 ( 60 قصيدة ) لعشرين شاعرا أميركيا حازوا... 24 يناير، 2025 رحلة هتشكوك الغامضة من أحياء لندن البائسة إلى... 24 يناير، 2025 شربل داغر .. يكتبُ بشهوة الشاعر في نطاق... 24 يناير، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: مجامر من موقع سمهرم... 23 يناير، 2025