عناصر من تنظيم "داعش" الإرهابي في الصومال (غيتي) بأقلامهم أمين الزاوي يكتب عن: تنظيمات الإسلام السياسي… من عقدة “الضحية” إلى الانتحار الاجتماعي by admin 1 أكتوبر، 2024 written by admin 1 أكتوبر، 2024 72 على مدى قرن لا يزال “الإخوان” يعيشون الغرق الأيديولوجي ومع ذلك لم يتوقفوا يوماً عن الزحف والتجنيد والتجييش على كل الجبهات اندبندنت عربية / أمين الزاوي كاتب ومفكر @aminzaoui1 مضى قرن من الزمن منذ تأسست جماعة الإخوان المسلمين كحزب سياسي عام 1928، وها نحن في 2024، وعلى مدى قرن لا يزال “الإخوان” يعيشون غرقى أيديولوجيا “الضحية” و”المؤامرة الخارجية”، ومع ذلك لم يتوقفوا يوماً عن الزحف والتجنيد والتجييش على كل الجبهات، فلم يتركوا قضية من قضايا العرب والمسلمين إلا واستثمروا فيها شعبوياً، سياسية كانت أو ثقافية أو اجتماعية أو صحية أو طبيعية. استغلوا القضية الفلسطينية العادلة، كما استغلوا ظاهرة الزلازل والأوبئة والجفاف والفياضانات وفسروها تفسيراً شعبوياً لاستدراج أحاسيس المسلم البسيط الضائع في لحظة الهلع ولحظة الضعف، قائلين هذه من “لعنات” الله لأن البشر لا يستمعون ولم يتبعوا كلامهم، واستغلوا المأتم والجنائز فكانوا حاضرين، من شراء الكفن إلى الدفن إلى التكفل بالعزاء، كل ذلك من أجل تسويق صورة “الخيّر” عنهم في لحظة الفقد بما فيها من ضعف ليسكنوا أفكارهم في رأس المكلوم والمنكوب. استولوا على المدرسة بقبضة من حديد في جميع البلدان العربية، من الأزهر حتى كليات الطب والهندسة والرياضيات وجعلوا منها ثكنات فكرية وأيديولوجية يتم فيها التدريب الأول لجنود الغد المسلحين تسليحاً حقيقياً، ومن مقاعد الجامعات إلى الجبال، كفّروا نظريات العلوم الكبرى، حتى كروية الأرض نفوها، وفي خطب بمساجد بعمران مدهش ومجهزة بمكيفات ألمانية أو يابانية أو أميركية، كفّروا الفلاسفة المسلمين وزندقوهم واعتبروا المرأة هي سبب الفساد ولعنوا الأديان جميعها. ما يهمهم هو الوصول إلى السلطة، ولأجل ذلك قد يتحالفون مرحلياً مع أي جناح إلى حين، وبعض زعمائهم من الصف الثاني وربما حتى الأول، حين تعصف بالتنظيم عاصفة ما، يعلنون على الملأ أنهم بصدد القيام بمراجعة سياسية لكن بمجرد أن يثبتوا وجودهم، وربما بتغير الحال التي دفعتهم إلى المراجعة حتى يقوموا بمراجعة للمراجعة السابقة، وهكذا تدور كرة الثلج وتكبر، هي تمثيلية سياسية متكررة. استولوا على الجامعة والمدن الجامعية، وأطلقوا حملات التحجيب بتمويل من جهات خفية، وكأن الحجاب هو جوهر الدين، وكأن جداتنا وأمهاتنا لم يكُنّ مسلمات وهن اللواتي كنّ يلبسن لباساً محلياً بألوان جميلة وبأخلاق عالية وسلوك اجتماعي راقٍ، واليوم أي مسلم مواطن بسيط في شوارع المدن العربية جميعها من طنجة إلى البصرة يرى أن هذا الحجاب الأيديولوجي الذي يدعون بأنه من “الحشمة الإسلامية” أصبح تقية تختفي خلفها الفتيات، أو بعضهن، الخائفات من الإرهاب الاجتماعي لممارسة جزء من حريتهن ولو خلف الستار، فالجميع يعلم بأن الحجاب الإخواني الأيديولوجي أصبح وسيلة تستعملها الفتيات في مجتمع مشكل من رقابات متعددة ومختلفة، وتغيب فيه كل أشكال الحرية الشخصية. ويقوم بعض الإعلام العربي بدور كبير في تكريس الفكر الإخواني ومشتقاته الداعشية والطالبانية والقاعدية والشبابية، فيظهر الإخواني كضحية سياسية أبدية ويظهره أيضاً كملاك سياسي، وقد استطاع هذا التنظيم بعلاقاته المعقدة أن ينصب مجموعة كبيرة من الإعلاميين في قنوات تلفزيونية مختلفة لها تأثيرها الكبير في الرأي العام ويحولهم إلى رموز إعلامية، وأصبحت بعض البرامج التلفزيونية عبارة عن اجتماعات مفتوحة لتنظيم “الإخوان” ومشتقاته لمناقشة أفكارهم والدفاع عنها على الملأ. ولعل سكوت المثقفين والجامعيين وخوفهم ساعدا على زيادة تفشي أيديولوجيا “الإخوان” وانتشار أفكارهم وتفريخهم لتنظيمات هي من صلبهم منها “القاعدة” و”داعش” و”الشباب” و”طالبان“، تنظيمات بمسميات مختلفة لكنها جميعها تشرب من معين “الإخوان”، كما أن محاولة بعض الأنظمة السياسية غير الشرعية استعمالهم سياسياً لفترة معينة وفي ظرف معين، كقوة قامعة للحريات الفكرية والسياسية التي تطالب بها قوى المعارضة بكل صورها الليبرالية والعلمانية والوطنية هي أيضاً ما طوّل في عمر تنظيم “الإخوان” وانتشار الإسلام السياسي في العالم العربي وشمال أفريقيا وفي بلدان الساحل الأفريقي. حين حوصر بعض قادة “الإخوان” ومشتقاتهم من “داعش” و”القاعدة” و”طالبان” و”الشباب” في بعض بلدانهم الإسلامية، وجدوا في الغرب الكافر ملجأً لهم، واستقروا فيه كلاجئين سياسيين، وأسسوا بأموال مشبوهة وأيضاً ببعض مساعدات المؤمنين المسلمين البسطاء السذج، مساجد ومراكز ثقافية ومصليات وكتاتيب، وادعوا بأنهم يدافعون عن الإسلام المهدد في أوروبا، مع العلم أن هناك آلاف المساجد التي بنيت في جميع الدول الأوروبية المسيحية من دون استثناء، وبمجرد أن خلقوا لهم قاعدة سياسية مشكلة من أبناء المهاجرين، بخاصة من الجيل الثالث والرابع حتى بدأوا بتغيير خطاباتهم، من خطاب اللاجئ إلى خطاب صاحب الدار، يعيشون في بلد يسمح لهم ببناء المساجد والمدارس القرآنية ويهاجمون أنظمة هذه الدول ويطالبون بتغييرها، ويرفضون العلمانية التي تقوم عليها قوانين البلد الذي لجأوا إليه والتي باسمها سمح لهم بالقيام بشؤون دينهم، وهو حق من حقوق الإنسان، لينتقلوا لاحقاً إلى محاربة القيم الإنسانية باعتبارها تعارض بعض تفسيراتهم السياسية للنصوص الدينية. ومع مرور الزمن وبعدما ثبّتوا وجودهم في الفضاء الأوروبي شرعوا في تجنيد الشباب المسلم ذي الأصول العربية والمغاربية ضد بلدانهم، وشكلوا مناطق تكاد تكون معزولة عن البلدان التي يعيشون فيها، وأصبح المسلم البسيط رهين هذه المجموعة المتعصبة التي تدّعي الدفاع عن المسلم والإسلام. يقول لك “الإخواني” إن من حقه، وبحسب قانون حرية الأديان في أوروبا أن يؤسس مسجداً، وهذا حق من حقوق المواطنة ما في ذلك شك، ولكن إذا ما قلت له، وغداً إذا ما وصلتم إلى السلطة في بلدكم المسلم هل ستقبلون ببناء كنيسة على أرض بلدكم، سينتفض ويقول لك “هذا حرام، وهؤلاء المسيحيون كلهم كفرة”. حين قام ما سمّي “الربيع العربي” وظهرت انتفاضة الشعب السوري، كان “الإخوان” ومشتقاتهم هم من عمل على تجنيد مئات آلاف الشبان والشابات المسلمين الأوروبيين من ذوي الأصول العربية والمغاربية وإرسالهم إلى الجبهة، ولم يتوقفوا عند ذلك بل دخلوا في حرب ضد البلدان التي استضافتهم، وما عاشته فرنسا وإسبانيا وألمانيا وبلجيكا والسويد وغيرها من الدول الأوروبية من تفجيرات للمؤسسات والقطارات واغتيالات لدليل على فكر “الفتنة” في عقيدة “الإخوان” ومشتقاتهم من “داعش” و”القاعدة” وغيرهما. وحين شعر المجتمع الأوروبي بالخطر يداهم أبناءه والمقبل من الإسلاميين المتعصبين الموجودين على أرضه، تجندت الجماعات اليمينية المتطرفة للرد عليهم، من خلال الإعلام والكشف عن أساليبهم بخطابات عنصرية وإقصائية مليئة بالكراهية ولكنها في جوهرها تشبه تلك التي يستعملها الإسلاميون أنفسهم ضد المواطنين والمؤسسات الأوروبية ونظام العيش. لقد كان الإسلام السياسي المتطرف هو المحرض والرحم الذي أنتج ما يسمى “الإسلاموفوبيا” التي هي فكرة قبيحة وعنصرية في جوهرها، ولكنها ولدت في حضن الثقافة الأوروبية المتنوعة رداً، وإن كان عنصرياً، على ثقافة العنف التي مارسها الإسلاميون المتطرفون. لقد كانت تجربة الإسلام السياسي في أوروبا، وهنا لا أقصد تجربة المسلمين، تجربة أساءت إلى الإسلام والمسلم أولاً قبل أن تكون تخريباً لثقافة أوروبية مسيحية قائمة على العلمانية، إذ بمثل هذا السلوك المتطرف المنافي للإسلام تم تشويه صورة الدين الإسلامي وصورة المسلم في عيون المواطن الأوروبي البسيط، ونتجت من ذلك مصفوفة من ثقافات الحذر والخوف من المسلم البريء ومن الإسلام برمته، وهو خوف شبيه بالخوف من اليمين المتطرف الأوروبي الذي هو الوجه الآخر للإسلام السياسي. بالعودة للتاريخ، فعلى مدى قرنين من الزمن وأكثر قامت النخب الأوروبية التي شغلها الإسلام بثقافته الروحية والاجتماعية واللغوية بإنجاز آلاف الدراسات والبحوث عن عبقرية اللغة العربية وعن القرآن الكريم وعن رموز التصوف والشعر وعن الجغرافيا البشرية الإسلامية وعن الفلسفة والموسيقى وعن العمران وتمت ترجمة كثير من تراث العرب والفرس إلى اللغات الأوروبية بكثير من الإعجاب. ويمكننا التذكير ببعض أسماء العلماء الذين كان لهم الفضل في تقديم الثقافة العربية والإسلامية إلى القارئ الغربي من أمثال كارل بروكلمان وجاك بيرك ولويس ماسينيون وأندريه ميكال وأندريه شوراكي وغيرهم، ولا تزال بحوثهم عن اللغة العربية وعن معاجمها وعن القرآن الكريم وترجماته وعن ظاهرة الشعر الجاهلي وعن بعض أعلام الثقافة والإبداع العرب والمسلمين من أمثال الحلاج والنفري وابن رشد وحافظ والبسطامي والخيام وابن حزم ورابعة العدوية وابن خلدون، مصدراً لا يمكن تجاوزه حتى الآن بالنسبة إلى الباحثين المعاصرين عرباً كانوا أو غير عرب. لكن وأمام تفشي ظاهرة العنف وتصدر الإسلام السياسي الساحة في أوروبا كمتحدث رسمي باسم المسلمين، غصباً عنهم وانتشار الخوف، بدأت البحوث عن الإسلام والمسلمين تخرج من دائرة البحوث المعرفية إلى دائرة البحوث الأمنية. لقد خلق تيار الإسلام السياسي المتطرف ظاهرة غريبة لدى كثير من الشباب المسلم في أوروبا وهي “سيكولوجيا المتنطع” والهروب إلى الأمام ورفض العيش مع الآخر بسلام، وزرع فيهم ظاهرة التفكير في الموت أكثر من التفكير في الحياة، واعتبار العالم كله متآمراً على الإسلام والمسلمين، وفي الوقت نفسه تم تثمير فكرة أن “المسلم” هو الأفضل والأقوى والأذكى وتشجيع الفرد على العيش وحيداً منعزلاً وفي معاداة مستمرة للآخر الذي يقاسمه المدينة والمؤسسة والميترو. مضى قرن من الزمن وقد تغير العالم كثيراً وتغيرت الفلسفات والرؤى وزحف الذكاء الاصطناعي على كل الميادين من الطب إلى المناخ إلى أسلحة الحروب إلى الجراحة واكتشاف الفضاء ولا يزال الإسلامي الإخواني ومن يجاريه في أيديولوجيته يعتقد بمصفوفة من الأفكار تجاوزها التاريخ، يستثمر فيها لإبقاء المسلم المعاصر الباحث عن السعادة شأنه شأن الآخرين من أبناء الشعوب والثقافات والديانات الأخرى لإبقائه رهين التخلف والشعوذة والاستعمار الجديد. المزيد عن: الإسلام السياسيمصرداعشالإخوان المسلمونالقاعدةطالبان 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post إسرائيل عززت قدراتها التجسسية ضد “حزب الله” بعد فشل 2006 next post عندما تكون الحرب النفسية أكثر فتكا من المعارك في الميدان You may also like ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024