صحةعربي “أمهات متوازيات” يعمق تشكلية ألمودوفار من النساء الشجاعات by admin 5 فبراير، 2022 written by admin 5 فبراير، 2022 34 ربما تخلى المخرج الإسباني عن ميله السابق إلى تجاوز الخطوط الحمراء لكنه حصل على زخم أعمق اندبندنت عربية \ كلاريس لوغراي حصل فيلم “أمهات متوازيات” من إخراج بدرو ألمودوفار، ومن بطولة بينلوبي كروز، وميلينا سميت، وإسرائيل الخالدي، وآيتانا سانشيز خيخون وروسي دي بالما، على تقييم رقابي يسمح بمشاهدته لعمر 15 عاماً، فما فوق، وتبلغ مدة عرضه 123 دقيقة. ومن بين كل الشخصيات النسائية التي جسّدتها بينلوبي كروز في أعمال المخرج بيدرو ألمودوفار، برزت رايموندا بطلة فيلم “العودة” Volver كأنها عملاقة بين البقية. ومرد ذلك أن أداءها دور تلك الأم التي تمتلك قدرة لا حدود لها على التحمل هو الذي أكسب الممثلة ترشيحاً لجائزة الأوسكار. وتتمتع رايموندا بحكمة اكتسبتها بشق الأنفس، إضافة إلى كونها شخصية مركبة لدرجة تشعرك بأن عالمها الذي لا تهدأ الحركة فيه أبداً يحتوي على أكوان أخرى في داخله. وفي المقابل، إذا كتب لبطلة “أمهات متوازيات” Parallel Mothers، وهو ثامن فيلم يتعاون فيه ألمودوفار وكروز على مدار أربعة عقود، أن تعيش في ظل رايموندا، فإنها لن تقبل ذلك من دون إثارة لغط. إذ تعمل يانيس، بطلة “أمهات متوازيات”، مصورة فوتوغرافية في مدريد، وتندرج ضمن النساء الليبراليات اللاتي ينتمين إلى الطبقة الوسطى، وترتدي بلوزات تحمل شعارات من قبيل “علينا جميعاً أن نكون نسويين”. بعد إقامتها علاقة غرامية مع أرتورو، عالم آثار متزوج (يجسد دوره الممثل إسرائيل الخالدي)، تنجب فتاة تسميها سيسيليا. أثناء الولادة، تتشارك يانيس غرفة المستشفى مع فتاة مراهقة بائسة تدعى آنا (الممثلة ميلينا سميت). لم تخطط أي من المرأتين حملها، وفي حين أن يانيس لم تندم على ما حصل، كانت آنا نادمة. لقاء السيدتين في هذا الموقف يشكل نقطة البداية لرفقة تنمو وتتحول إلى شيء أعمق حينما تكتشف يانيس سراً عن المولودين سيؤدي البوح به إلى عواقب وخيمة. إذ لا تكتفي مصائر الامرأتين بالتقاطع، بل تتداخل معاً بطريقة تناقض بشكل مباشر العنوان الذي اختاره ألمودوفار للفيلم. ربما يجب تسميته تقاطع الأقدار، أو اتحاد الإرادات الأنثوية. ويبرز أيضاً أن والدة آنا، تيريزا (تجسدها أيتانا سانشيز خيخون)، تعمل ممثلة، وتكون مشغولة بمهنتها إلى درجة تجعلها عاجزة عن أداء أي واجب رعاية، بالتالي فإن يانيس وآنا تلعبان دور الأم والبنت بدلاً من ذلك. حينما تجلسان قبالة بعضهما، يحدث توافق رائع بين ملامح وجهيهما في لقطة جانبية تبدو كتلك الرسومات النفسية الخادعة [مثل الرسم الذي يظهر وجه امرأة عجوز وفتاة جميلة تعتمر قبعة تعلوها ريشة]، لكن على الطريقة الألمودوفارية. ليست سميت فتاة ضعيفة تماماً، لكنها هشة بطريقة تتفهمها كروز بغريزة قوية ومتعاطفة. وتنأى شخصية يانيس تماماً عن أن تكون قديسة، لكن كروز تتعاطى معها بأسلوب فياض ومنفتح للغاية يجلعها تبدو وكأنها تفيض بالحب، في نظر آنا وسيسيليا، وحتى والد الطفل. إنها علاقة فوضوية أحياناً، لكنها نقية. ألا يصف ذلك إلى حد بعيد أسلوب ألمودوفار كمخرج؟ لم يطرأ أي تغيير على إحساس ألمودوفار بالميلودراما. فحينما يمارس أرتورو ويانيس الجنس، تندفع الستائر البيضاء أمام النافذة المفتوحة في إشارة إلى قوة شغفهما الخالصة. وتتكشف الحوادث بطريقة درامية مكثفة سريعة، وتصاغ بطريقة تجعلها غير ممكنة الحدوث نسبياً. وكذلك يغمر تصميم الإنتاج الذي وضعه أنجون غوميز تفاصيل حياة يانيس كلها بلوحات جريئة وأساسية من الفن الشعبي الإسباني. في المقابل، لا شيء في “أمهات متوازيات” يشير إلى أن ألمودوفار في سن الثانية والسبعين يعتبر أن أسلوبه الذي تحول إلى مدرسة إخراجية بحد ذاته، قد بلغ حد الكمال. ربما تخلى قليلاً عن ميله القديم إلى تجاوز الخطوط الحمراء، لكن ذلك أوصل إلى زخم أكثر عمقاً. يشكل “أمهات متوازيات” أول فيلم يتطرق فيه المخرج علانية إلى إرث الحرب الأهلية الإسبانية. وفي الأساس تواصلت يانيس مع أرتورو بهدف مساعدتها خلال عملية استكشاف قبر في مسقط رأسها يحتوي على عشر جثث، جميعها تعود لأشخاص كانوا من أوائل ضحايا نظام فرانكو، ومن بينهم جدها الأكبر. يختتم ألمودوفار فيلمه باقتباس للكاتب الأوروغوياني إدواردو غاليانو، يرد فيه “لا يوجد هناك تاريخ صامت. ومهما يحاولون أن ينسبوه إلى أنفسهم، مع التشويه والكذب بشأنه، يرفض التاريخ البشري أن يجري إخراسه”. بعد عقود من القمع الجماعي، لم يبدأ “قانون الذاكرة التاريخية الإسباني” عملية الإحصاء والتحليل إلا في سنة 2007. وقد اشتمل جزء من هذه العملية على تحديد القبور الجماعية واستخراجها. إن يانيس ابنة أم عزباء، كانت بنفسها ابنة أم عزباء أخذ زوجها أثناء الليل وأطلقت النار عليه. بهذه الطريقة، يضفي فيلم “أمهات متوازيات” إحساساً جديداً بالعمق إلى تشكيلة ألمودوفار من النساء الشجاعات، ما يشير إلى أن قوتهن ليست دائماً باختيارهن. لطالما توجب على النساء انتشال أنفسهن من تحت أنقاض الماضي، وإيجاد طريقة للمضي قدماً. © The Independent المزيد عن: أمهات متوازيات \ فرانكو \بنيلوبي كروز \بدرو ألمودوفار \ اخترنا لكم 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post في 7 نقاط.. ما هي الصواريخ الفرط صوتية، ولماذا تتسابق روسيا والصين وأمريكا على امتلاكها؟ next post اليسار الفلسطيني: مرارة رحلة الترهّل، وضرورة النهوض You may also like الزواج يبطئ شيخوخة الرجال 24 نوفمبر، 2024 قريبا: استخدام الذكاء الاصطناعي للكشف عن أورام الدماغ 24 نوفمبر، 2024 هل نحن معرضون للإصابة بإنفلونزا الطيور عبر تناول... 24 نوفمبر، 2024 رصد أول إصابة بجدري القردة في كندا 24 نوفمبر، 2024 القاتل الصامت: لماذا تستحق الأمراض التنفسية المزمنة الاهتمام... 21 نوفمبر، 2024 هل يقلل التعافي من السرطان احتمالات الإصابة بألزهايمر؟ 19 نوفمبر، 2024 لماذا تحدث أشياء سيئة للأشخاص الطيبين؟… دليل السعادة... 19 نوفمبر، 2024 عالمة كرواتية تختبر علاجاً تجريبياً للسرطان على نفسها... 15 نوفمبر، 2024 الشبكة العصبية الاصطناعية ثورة في استنساخ عمل الدماغ... 15 نوفمبر، 2024 السماح بعلاج ضد ألزهايمر سبق منعه في أوروبا 15 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.