مشهد من فيلم تيم برتون عن أليس في بلاد العجائب 2010 (موقع الفيلم) ثقافة و فنون “أليس في بلاد العجائب” كتاب ولد من لقاء بين شاب طموح وطفلة by admin 25 يوليو، 2023 written by admin 25 يوليو، 2023 156 50 اقتباساً للسينما والتلفزة والأفضل فيلم ينتمي إلى أيامنا اندبندنت عربية \ إبراهيم العريس باحث وكاتب منذ سنوات السينما الصامتة وتحديداً عام 1915، وفي وقت كان المخرج دبليو يونغ ينجز أول اقتباس سينمائي يليق برواية لويس كارول “أليس في بلاد العجائب“، صرّح أمام الصحافة قائلاً في مجال رده على سؤال حول ما إذا كان قد وجد صعوبة في كتابة سيناريو الفيلم “لقد كانت كتابة السيناريو أقلّ همومي وآخرها، فالرواية في الأصل، وكما كتبها لويس كارول قبل ظهور السينما واختراع السيناريو بما لا يقل عن نصف قرن، مكتوبة بلغة بصرية مدهشة”، وهو ما سيقوله نفسه المخرج تيم برتون بعد يونغ بقرن إذ أكد قائلاً “لو عاش لويس كارول بيننا وعرف السينما وفهم لعبة الاقتباس السينمائي كان سيحتاج إلى يومين أو ثلاثة لا أكثر كي يحوّل أي واحدة من روايتيه الكبيرتين إلى عمل سينمائي. لقد كانت كتابته بصرية تماماً”، وكان يمكن لنحو 50 سينمائياً اشتغلوا طوال عصر السينما أن يروا الشيء نفسه، هم الذين حققوا مثل عددهم من أفلام اقتبسوها مرة كل عامين كمعدل عام عن الروايتين اللتين نتحدث عنهما هنا “أليس في بلاد العجائب” طبعاً وأختها “أليس عبر المرآة“، مؤكدين أن جزءاً من عبقرية لويس كارول تمثّل في حدسه بمجيء السينما وجعل هذين الكتابين سيناريوهين كتبا قبل الأوان. لويس كارول (1833 – 1898) (غيتي) عودة إلى الوراء وطبعاً لن نتوقف هنا لوضع لائحة بتلك الاقتباسات التي كان من مزاياها حين كانت سينمائية عادية أن دفعت إلى قمة الشهرة مَن قُمن بدور “أليس” سواء هنا أو هناك، فإن كان الفيلم تحريكياً شكّل في زمانه تهديداً جدياً لمملكة “والت ديزني” وربما لشخصية “ميكي ماوس” أيضاً، ولئن كان في وسعنا هنا أن نقول إن السينما لئن انتظرت قرناً وأكثر بعد الفيلم الأول، فإن ذلك الانتظار لم يكن عبثاً لأن نتيجته كانت تحفة فنية حقيقية هي التي حققها، عام 2010، تيم برتون مقدماً فيها إلى السينما الهوليوودية وجهاً جديداً هو وجه ميا فايسكوفسكا التي ستكمل دربها بعد حين ببطولة فيلم مقتبس عن “أليس عبر المرآة” من إنتاج برتون نفسه ولكن من إخراج جيمس روبن، ومع ذلك، قد يكون من المفيد هنا أن نعود في الزمن للحديث عن “أليس” ومبدعها، إلى الوراء وتحديداً إلى إنجلترا لنصل إلى عام 1850. لقاء بالصدفة ففي ذلك العام وداخل حرم جامعة أكسفورد، التقى شاب في الـ 18، كان التحق بالجامعة لدراسة العلوم والرياضيات، طفلة في الرابعة هي ابنة الدكتور ليدل عميد الجامعة، على الفور أحس الشاب بانجذاب نحو تلك الطفلة التي كانت واحدة من ثلاث بنات أنجبهنّ الدكتور، وزاد الانجذاب حين اكتشف الشاب أن الطفلة مغرمة بالحكايات، من ناحية، وأن تعابير وجهها تصلح للتصوير الفوتوغرافي الذي كان قد ولد حديثاً وأغرم به ذلك الشاب الذي كان مغرماً بالحكايات كما بتصوير الوجوه المعبرة، وهكذا من خلال ما راح الشاب يبتكره من حكايات يرويها للطفلة وشقيقتيها وبقية رفيقاتهنّ، وُلد كتاب للأطفال، ربما الكتاب الذي سيضحي الأشهر في تاريخ الأدب الخيالي والأكثر انتشاراً، الذي اشتهر في الإنجليزية ثم في ترجماته إلى العدد الأكبر من لغات العالم باسم “أليس في بلاد العجائب” محققاً لكاتبه شهرة ما بعدها شهرة، لكن اللافت هو أن الاسم الذي اشتهر به الكاتب لم يكن اسمه الحقيقي، بل كان اسماً مستعاراً، شاء الكاتب الشاب حينها، أن يوقّع به ذلك النوع من الكتابة، في وقت وضع اسمه الحقيقي على مؤلفات أكثر جدية، من أبرزها كتب في المنطق والرياضيات، كان الاسم الحقيقي لذلك الكاتب تشارلز دودغسون، أما الاسم الذي نعرفه به فهو لويس كارول. وأما الكتاب الذي طبع مئات المرات وباع ملايين النسخ وترجم إلى شتى لغات الأرض، فإن كاتبه، عندما سعى إلى نشره للمرة الأولى، لدى دار نشر “ماكميلان” اللندنية، اضطر إلى أن يدفع تكاليف الطباعة والنشر من جيبه، لأن الناشر لم يكن واثقاً من النجاح والإقبال الجماهيري، إذ كيف كان في الإمكان توقّع نجاح حكاية مليئة بكل أنواع اللامعقول والتخريف، حكاية فتاة صغيرة تطارد أرنباً في غابة فيوصلها إلى عوالم أغوار الأرض حيث تلتقي بأغرب المخلوقات وتعيش أعجب المغامرات؟ الحكاية الحكاية إذاً حكاية الطفلة “أليس” نفسها، التي تعرّف إليها الشاب الذي سيختار لنفسه اسم لويس كارول، وصوّرها وروى لها الحكايات، وفي أحداث الكتاب أن “أليس” هذه تكون جالسة في الغابة مع أختها حين تلتقي أرنباً يعبر المكان بسرعة مدهشة، فتجد نفسها فيجذبها إليه فضول يحثها على مطاردته فلا يكون منها إلا أن تندفع وراءه لتجد نفسها في غور الأرض، وهناك تبدأ مغامرتها العجيبة، إذ ذات لحظة تدرك لفرط دهشتها، وسرورها بالتالي، أنها قادرة على أن تطول وتقصر كما تشاء، ويتلو ذلك أن يكلّف الأرنب “أليس” بمهمات تلتقي خلالها بالقط “تشستر” الذي يظهر ويختفي كما يحلو له مبقياً حين يريد ابتسامته معلقة في الهواء فيما تطلب هي للشهادة في محاكمة، وبعد ذلك تروح في دوران يسبب لها من الدوخان ما يجعلها تسقط من طولها، وحين تفيق بعد سبات لن تعرف أبداً كم استغرق من الوقت، ستجد نفسها من جديد لا تزال جالسة في الغابة. هل ما عاشته كان حلماً أو حقيقة؟ الحال أن الجواب على هذا السؤال الذي شغل ألوف القراء من الذين اشتروا نسخ الجزء الأول من الكتاب وقرأوه بشغف، لن يأتي إلا في الجزء التالي من الكتاب الذي كتبه ونشره لويس كارول بعد نجاح الجزء الأول وعنوانه هذا “الجانب الآخر من المرآة”. دخول المرآة هذه المرة، في الجزء الجديد، لا تكون “أليس” جالسة في الغابة، بل أمام مرآتها، حيث يحدث لها فجأة أن تدخل المرآة لتجد نفسها في عالم أكثر إدهاشاً من عالم الجزء الأول، إذ إن رحلتها هذه المرة تنطلق من لعبة منطقية: على طريقة لعبة الشطرنج حيث يكون عليها أن تتقدم رقعة رقعة مصادفة الأحجار حالّة مكانها، حتى اللحظة التي تجد نفسها عند الخط الثامن من رقعة الشطرنج حالّة محل الملكة، وهي خلال ذلك كله تلتقي، من جديد، بشخصيات عجيبة، منها ما هو حيواني أو نباتي ومنها ما هو بشري. ومن بين هذه الشخصيات الثنائي “تويلدام وتويدلدي” و”هامتي دامتي”، ولعلّ أجمل مقاطع هذا الجزء الحوارية هو ذاك حين ينام “تويلدام” فيقول توأمه “تويدلدي” لـ “أليس” “إنه يحلم بك، فإذا كفّ عن هذا الحلم ما الذي سيكون عليه شأنك في اعتقادك؟ أين ستكونين”؟ تجيبه “أليس” “حيث أنا الآن”، فيصرخ “تويدلدي” “أبداً، لن تكوني في أي مكان، لأنك في حقيقة أمرك، لست إلا فكرة تشكلين جزءاً من حلمه”، من البديهي أن هذه الفكرة التي عبّر عنها لويس كارول بكل هذه البساطة في هذا الجزء من مغامرات “أليس”، قد فتنت الأطفال الذين قرأوا الرواية، لكنها أكثر من هذا، فتنت دائماً الكتاب والشعراء والسورياليين، وصولاً إلى الكاتب الأرجنتيني الكبير خورخي لويس بورغيس الذي قال دائماً إنه يدين إلى لويس كارول وروايته هذه بكل ما لديه من قدرة على التخيل. التحليل النفسي والحقيقة أن عمل كارول هذا فتن أيضاً أساطين التحليل النفسي، من الذين رأوا أن القيمة الأساسية للكتاب، إنما تكمن في ذلك الجنون الغامض الذي يملأه وفي تلك الغرابة التي “تهيمن عليه”، ولقد رأى هؤلاء، وجاراهم السورياليون في ذلك، أن لويس كارول “إذ برهن في هذا العمل المدهش عن تعمق مفاجئ في دراسته لسيكولوجية الأطفال، حقق معجزة تقوم في نظرته إلى الأمور عبر ذهنية هؤلاء الأطفال والجاً عوالمهم، من دون أية أفكار مسبقة، ومن دون أن يأبه لأي منطق أو مواثيق متعارف عليها”، بحسب تعبير برونو بتلهايم، فإذا أضفنا إلى هذا ما في أسلوب لويس كارول من فكاهة تهيمن على تصويره الأحداث والشخصيات، في الوقت نفسه الذي يكشف فيه هذا الأسلوب عن تعمّق الكاتب في دراسته الشأن الاجتماعي وأخلاق البشر، يمكننا أن نفهم أولئك الباحثين الذين رأوا في عمل لويس كارول هذا فاتحة لنوع من الحداثة الأدبية والفكرية، وتمهيداً لظهور الكثير من الأنواع الأدبية الرؤيوية التي، طبعاً، تتجاوز اهتمامات عالم الأطفال، كمسرح العبث وما إلى ذلك. المزيد عن: أليس في بلاد العجائبأليس عبر المرآةدبليو يونغلويس كارولتيم برتونتشارلز دودغسون 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post عبده وازن يكتب عن : إميلي ديكنسون شاعرة العزلة بلغت ذروة الحداثة الأميركية next post Mail service resumes Tuesday for most in Nova Scotia You may also like اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024 فيلم “مدنية” يوثق دور الفن السوداني في استعادة... 21 نوفمبر، 2024 البلغة الغدامسية حرفة مهددة بالاندثار في ليبيا 21 نوفمبر، 2024