ثقافة و فنونعربي ألم تكتف السينما بعد من أفلام السير الذاتية؟ by admin 3 فبراير، 2023 written by admin 3 فبراير، 2023 138 هناك أعمال راهنة ومتنافسة عن إيمي واينهاوس وإلفيس بريسلي ومارلين مونرو لكن بعضها قد يضلل الجمهور اندبندنت عربية \ جيفري ماكناب “موت فيلم السيرة الذاتية لمادونا”. شكلت تلك الكلمات أحد العناوين التي تصدرت الأخبار هذا الأسبوع عقب إلغاء عمل بموازنة ضخمة افترض أن تؤدي بطولته جوليا غارنر، نجمة مسلسلي “أوزارك” Ozark و”ابتكار آنا” Inventing Anna، وتخرجه مادونا نفسها. ثمة احتمال بأن شخصاً ما في الشركة المنتجة، “يونيفرسال ستوديوز”، اعتقد بأنها فكرة سيئة أو أن انشغال مادونا بجولتها الموسيقية العالمية المرتقبة وصل إلى درجة تجعل التزامها بالفيلم صعباً. وحتى من دون وجود عمل عن مادونا، ما زالت عجلة إنتاج أفلام السيرة الذاتية تدور أسرع من أي وقت مضى. بدأ المخرج سام تايلر جونسون أخيراً بتصوير فيلم “العودة إلى الأسود” Back to Black الذي تؤدي فيه ماريسا أبيلا دور المغنية إيمي واينهاوس وجاك أوكونيل دور زوجها السابق بليك فيلدر سيفيل. كذلك أعلن هذا الأسبوع عن ترشيح آنا دي أرماس لأوسكار أفضل ممثلة في دور رئيس عن أدائها شخصية مارلين مونرو في فيلم السيرة الذاتية “شقراء” Blonde للمخرج آندرو دومينيك، في حين يخوض فيلم “إلفيس” Elvis للمخرج باز لورمان، غمار المنافسة في فئات عدة ضمن سباق الأوسكار، بما فيها أفضل فيلم وأفضل ممثل في دور رئيس للممثل أوستن باتلر عن أدائه شخصية إلفيس بريسلي. إذا كنت مشهوراً، فسيصنع فيلم عنك. يبدو أنها قاعدة باتت معتمدة في هوليوود وخارجها. وفي هذه الأيام، لا يبدو مخرجو الأفلام انتقائيين بشدة حيال اختيار الشخصيات الواقعية التي يقدمونها على الشاشة. هناك فيلم سيرة ذاتية عن نيلسون مانديلا، وثمة شريط آخر عن إيدي إدواردز المعروف بـ”النسر”، بطل قفز التزلج البريطاني، وآخر عن “سيبيسكت”، الحصان بطل سباقات الخيول الأميركي. هناك سير ذاتية بمختلف الأشكال والألوان، ربما تكون إنتاجاً صغيراً وغريباً كأداء مارك رايلانس في دور موريس فليتكروفت، مشغل الرافعة في مصنع بناء السفن الذي تنكر في هيئة لاعب غولف محترف في فيلم “شبح البطولة المفتوحة” The Phantom of The Open الذي حصل على شعبية كبيرة عام 2021. ويمكن أن تكون إنتاجاً ضخماً ومتألقاً للغاية على غرار الأداء المشحون والمفعم بالحيوية الذي قدمه رامي مالك في تجسيده شخصية فريدي ميركوري في فيلم “ملحمة بوهيمية” Bohemian Rhapsody عام 2018. على كل حال، حينما يتعلق الأمر بالسير الذاتية، توجد حقيقة واحدة واضحة تتمثل في أن عدد الأعمال الفاشلة يفوق تلك الناجحة بكثير. هناك أسباب عدة تجعل هذا النوع الفني يثير ردود فعل غاضبة. غالباً ما يتهم صانعو الأفلام بأنهم إما يبالغون في تبجيل الشخصية المحورية أو لا يبجلونها كفاية، وتثار إشارات استفهام دائماً حول اختياراتهم للممثلين. يتذمر عشاق واينهاوس بشدة من أن أبيلا لا تشبه المغنية ولا يمكن حتى لتسريحة الشعر المبالغ فيها أن تحولها إلى إيمي. رشحت آنا دي أرماس للأوسكار عن أدائها دور البطولة في فيلم “شقراء” الذي يتناول السيرة الذاتية لمارلين مونرو (نتفليكس) في بعض الأحيان، لا يحصل المنتجون على جميع حقوق الملكية التي يحتاجون إليها لفيلمهم، لكنهم يستمرون في إنتاجه. ومثلاً، تضعضع فيلم السيرة الذاتية عن الموسيقي ديفيد بووي “ستارداست” Stardust الذي أخرجه غابرييل رينج عام 2020 ولعب بطولته جوني فلين في دور المغني المخنث صاحب الرؤيا التي غيرت موسيقى الروك، حينما رفضت الوكالة المعنية بالملكية الفكرية لأعمال بووي السماح باستخدام موسيقاه. كذلك يتعين على المخرجين مواجهة حقيقة أن الجمهور يعرف مسبقاً كيف ستنتهي القصة. من المرجح أن يقطع رأس ماري أنطوانيت، وعلى الأرجح لن يحافظ فان غوخ على أذنه، وأن يموت جيم موريسون في باريس، ويتعرض أبراهام لينكولن لإطلاق نار أثناء وجوده في المسرح، بينما قد يتمكن إيدي إدواردز “النسر” أو ربما لا من الهبوط بطريقة مهينة في أسفل مسار سباق القفز على الجليد. بالتالي، من الصعب تقديم كثير من التوتر الدارمي في العمل. كيف يمكنك العثور على المفتاح اللازم للكشف عن أسرار شخص ما في عمل مدته 90 أو حتى 180 دقيقة؟ أين هي لحظة الإدراك على غرار تلك التي يعيشها كين في فيلم “المواطن كين” [يعتبر هذا الشريط من الأعمال الكلاسيكية الكبرى في تاريخ هوليوود]؟ في محاولة للإجابة عن هذا السؤال، انغمست بعض السير الذاتية بعمق في الحياة العاطفية الداخلية لأبطالها على غرار صدمات طفولتهم وقصص حبهم الأولى وتجاربهم مع الفجيعة لدرجة أنها خاطرت بجعل مشاهدتها تجربة خانقة. ومثلاً، يشكل فيلم “شقراء” دراما نفسية على غرار “نفور” Repulsion الذي أخرجه رومان بولانسكي عام 1965 الذي اشتهر بإظهار الممثلة كاترين دونوف في أداء خانق يظهر إصابتها بالجنون والانهيار في شقة لندنية. بالطريقة نفسها، تتكشف أمام أعيننا حياة مارلين التي تلعبها دي أرماس. وعلى غرار دونوف في فيلم بولانسكي، إنها في حال محمومة وهشة عاطفياً وترى الشياطين أينما ولت وجهها. يحتوي الفيلم في مراحله المتأخرة على مشهد قاتم مصور بعدسة طبيب نسائي، بحيث نرى النجمة ممددة على سرير المستشفى وهي تئن “إنه مجرد حلم مجنون” بينما يلقي الأطباء نظرة خاطفة على أحشائها، كما لو أنهم يبحثون عن إكسير سري من نوع ما. يبدو المشهد متطفلاً وزائداً على الحاجة في آن معاً. في سياق متصل، تنظر أفلام سيرة ذاتية حديثة أخرى إلى أبطالها عبر أكثر الزوايا غرابة. يتناول فيلم “إلفيس” للمخرج باز لورمان أسطورة موسيقى الروك أند رول من خلال عدسة مدير أعماله غير النزيه كولونيل توم باركر (يؤديه توم هانكس) الذي يشبه شخصية مستر ماغو الكرتونية. يقضي الفيلم وقتاً مبالغاً فيه لإظهار الكولونيل يكتب عقوداً على المناديل في النوادي الليلية في فيغاس أو يحاول الاستفادة من العروض التلفزيونية الخاصة التي يظهر فيها المغني لتسويق كنزات عيد الميلاد. هناك خلاف حول إذا كان هذا يخبرنا أي شيء عن العوامل التي جعلت “الملك” علامة فارقة. حينما تعاملت هوليوود مع هذا النوع الفني بجدية للمرة الأولى في ثلاثينيات القرن الماضي، أنتجت أفلام تبجيلية ومتكلفة للغاية غالباً. صحيح أن الممثل الأميركي بول موني لعب شخصية الكاتب إميل زولا في فيلم “حياة إميل زولا” The Life of Emile Zola عام 1937 الذي أكسبه ترشيحاً لجائزة الأوسكار، أو دور العالم الفرنسي لويس باستور في “قصة لويس باستور” The Story of Louis Pasteur عام 1936 الذي فاز عنه بأوسكار أفضل ممثل في دور رئيس. في المقابل، شكّل الفيلمان اللذان أنتجتهما شركة “وورنر بروس”، المكافئ السينمائي للتماثيل التي تخلد ذكرى الرجال العظماء. لقد كانا محاولة لإضفاء مظهر جديد من الاحترام على السينما. بالطبع، هناك عدد من الأفلام الأخرى المنتجة في ذلك الوقت التي احتوت عناصر من السيرة الذاتية. ظهر موني أيضاً في فيلم “وجه الندبة” Scarface الصادر عام 1932 الأكثر إمتاعاً من نسخة الفيلم عام 1983 من بطولة آل باتشينو، في دور شخصية تستند مباشرة إلى رجل العصابات آل كابوني. لكن هذا العمل كان فيلم عصابات وليس شريط سيرة ذاتية. رشح الممثل أوستن باتلر للأوسكار عن دوره في فيلم “إلفيس” للمخرج باز لورمان (ورنر بروس/اندبندنت) كتاب “داخل وورنر بروس” Inside Warner Bros الصادر عام 1985 للكاتب رودي بيلمر الذي يضم مراسلات ومذكرات من رؤساء الشركة المنتجة، يتضمن رسالة مثيرة كتبها عام 1941 هال بي ووليس الذي ترأس الإنتاج في الشركة حينها، موجهة إلى جورج إم كوهان، فنان الترفيه الأسطوري في مسارح برودواي. في المقابل، وصلت الخطط المتعلقة بصناعة فيلم “يانكي دودل داندي” الموسيقي الذي صدر عام 1942 من بطولة جيمس كانيي، إلى مراحلها المتقدمة. وآنذاك، قدّم كوهان إلى شركة “وورنر بروس” نسخته الخاصة من السيناريو. لكن ووليس يحاول في الرسالة إخباره بلباقة أن النص ممل بدرجة لا تصدق، فهو “دقيق بلا شك كسيرة ذاتية” لكن من المستبعد جداً أن يسلي حتى الجمهور الأكثر تسامحاً. يشرح واليس بتروٍ أن شركة “وورنر بروس” لا تريد مواجهة أي عائق مثل “الحقائق الحرفية” عند سرد قصة كوهان. تعد الشركة بأن تتعامل بصدق مع “روح” حياته، لا أن تلتزم “الحرفية”، وتطلب منه الإذن “لمنحها شيئاً من حرية التصرف في ترتيب بعض العناصر”. بعبارة أخرى، أرادت الشركة اختلاق كل شيء، ومن يستطيع لومها؟ كذلك تسلط تلك المراسلات الضوء على المعضلات التي تواجه أي شخص يتعامل مع فيلم سيرة ذاتية. مع ذلك، فإن حياة بعض الناس تتطلب ببساطة أن يجري تصويرها بشكل درامي. سواء كان ذلك جيمس فرانكو في دور متسلق الجبال آرون رالستون أثناء اضطراره إلى بتر طرفه من أجل البقاء على قيد الحياة في فيلم “127 ساعة” 127 Hours للمخرج داني بويل الصادر عام 2010، أو بن فوستر بصفته هاري هفت السجين في معتقل “أوشفيتز” [أحد معسكرات الهولوكوست] وهو يخوض جولة ملاكمة ضد زملائه السجناء لإعطاء نفسه فرصة للبقاء على قيد الحياة في فيلم “الناجي” The Survivor للمخرج باري ليفنيسون الصادر عام 2021، أو جودي غارلاند التي تجسدها رينيه زيلويغر، وهي تحاول الحصول على وجبة خفيفة في وقت متقدم من الليل مع اثنين من معجبيها المثليين في شقتهم بلندن في فيلم “جودي” Judy الصادر عام 2019. تقدم الأمثلة السابقة نماذج عن أفضل أفلام السيرة الذاتية أثناء تقديمها لحظات مذهلة قد تبدو ساذجة لو جاءت في أفلام متخيلة. إذاً، يمكنكم فهم سبب الاستمرار في إنتاج هذه الأعمال. في المقابل، يضلل كثير من تلك الأعمال الجماهير، إذ تأخذنا في رحلة غير متعمقة في حياة أبطالها، من الولادة حتى الموت، وتسلط الضوء على إنجازاتهم من دون إشراكنا أو التفكير فينا أو توفير أي سياق اجتماعي أو سياسي ذي معنى. ثمة شعور محبط بأن هذه الأفلام تصنع لأن مخرجيها يفتقرون إلى الموهبة أو المخيلة اللازمة لابتكار أفكار خاصة بهم. لا أحد يجادل بأنه يجب التخلي عن هذا النوع من الأفلام [السير الذاتية]، لكن إذا كنت ستخبر قصة حياة شخص ما على الشاشة، فامنحها بعض الإثارة، واجعلها ممتعة وحية وصالحة اجتماعياً. لا نريد مجرد مراجعة للمعلومات الشخصية أو سيرة ذاتية مهنية أو سجلات طبية. لا نريد تعقيم القصة، وفق ما يخشى كثيرون أن يحصل ذلك في فيلم السيرة الذاتية لإيمي واينهاوس الجديد الذي أنتج بموافقة كاملة من والد المغنية، ميتش. ووفق كلمات المنتج السينمائي الأميركي هال ووليس قبل أكثر من 80 عاماً، يتوجب عليك صنع العمل “بشكل مثير”. إن لم تكن الحال كذلك، دع هذا النوع من الأفلام وشأنه. © The Independent المزيد عن: أفلام السير الذاتية\إيمي واينهاوس\إلفيس بريسلي\مارلين مونرو\رامي مالك 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post السودان وإسرائيل تضعان اللمسات الأخيرة على “معاهدة سلام” next post هاني حوراني يكتب في ذكرى رحيل الفنانة منى السعودي: البدايات العمّانية You may also like ثقافة “الهاليو”… قوة كوريا الجنوبية الناعمة التي اجتاحت... 30 نوفمبر، 2024 عودة غودار من منفاه النهائي احتجاجا على كارثة... 30 نوفمبر، 2024 مقولة النصر والهزيمة في ضوء الفلسفة والنقد التاريخي 30 نوفمبر، 2024 كتّاب المرحلة الروسية الفضّية في “زهرة تحتَ القدَم” 30 نوفمبر، 2024 مستقبل مقاومة هوليوود الليبرالية بوجه ترمب 29 نوفمبر، 2024 نظرية فوكوياما عن “نهاية التاريخ” تسقط في غزة 29 نوفمبر، 2024 لماذا لا يعرف محبو فان غوخ سوى القليل... 29 نوفمبر، 2024 جائزة الكتاب النمساوي لرواية جريمة وديوان شعر ذاتي 29 نوفمبر، 2024 طفولة وبساطة مدهشة في لوحات العراقي وضاح مهدي 29 نوفمبر، 2024 استعادة كتاب “أطياف ماركس” بعد 20 عاما على... 28 نوفمبر، 2024