ألم الأسنان: ما الذي يدفع الناس إلى الابتعاد من تقويم الأسنان غير المرئي؟

مع توقف شركة SmileDirectClub عن العمل وترك آلاف العملاء في مأزق، هل يمكن القول إن هذه الصناعة نمت وتوسعت بصورة مفرطة، مما أدى إلى مشكلات في الجودة و استدامة الأعمال

اندبندنت عربية / إيلي ميور

استعدت كارولين أوليت نفسياً لرحلة مدتها 14 أسبوعاً من أجل تقويم أسنانها باستخدام مقومات الأسنان غير المرئية. لكنها لم تكن مستعدة لتحمل النفقات المالية اللازمة. في 2019، وبعد انتهاء جلسة إنفزلاين [تقويم الأسنان غير المرئي] الأولية مع طبيب أسنانها، طُلب منها دفع الرسوم القياسية: 3500 جنيه استرليني. لكن، ومع اقتراب مدة الـ14 أسبوعاً من نهايتها، قيل لها إنها بحاجة إلى دفع ألف جنيه استرليني إضافية للحصول على “المظهر” الذي وُعدت به في البداية. وعندما تعطل مقوم أسنان أوليت أثناء فترة الجائحة وعادت لطبيب الأسنان عند انتهاء الإغلاق، قيل لها إنها لا تستطيع استبدال المقوم أو إصلاحه. وبدلاً من ذلك، سيتعين عليها أن تبدأ العلاج من جديد – قبل أن يُقال لها إن الأمر سيكلفها 3500 جنيه استرليني إضافية.

قالت لي: “يبدو أنهم يقومون بإخبارك بسعر معين، مدركين تماماً أنهم سيضطرونك إلى الدفع مقابل أعمال إضافية في وقت لاحق وتمديد فترة علاجك لإنهاء المهمة”. وتضيف: “إن الافتقار إلى المصداقية ترك مرارة في فمي… وثقباً في محفظتي”. تسببت هذه الزيادة في الأسعار في تخلي أوليت عن فكرة حصولها على أسنان مستقيمة. وتقول: “لم أستطِع حقاً تحمل كلف ذلك أو تبريره في تلك المرحلة. لقد اضطررت إلى القبول بالنتائج، وهي ليست سيئة، ولكن [أسناني لا تزال] غير مستقيمة – ما من أحد سيظن أنني وضعت تقويماً”.

مثّل إنفزلاين طريقاً مكلفاً لتحقيق ما يسمى ابتسامة “هوليوود”. ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، خضعت الخيارات الأكثر اقتصاداً للتدقيق لأسباب سلبية عدة. في الأسبوع الماضي فقط، أوقفت شركة SmileDirectClub، وهي شركة أميركية بارزة في مجال طب الأسنان، عملياتها فجأة، بعد أشهر من إجراءات الإفلاس. وأدى هذا الإغلاق المفاجئ إلى تقطع السبل بآلاف العملاء، فأصبحوا غير متأكدين من استكمال علاجاتهم أو إمكان استرداد أموالهم. في حين أن SmileDirectClub كانت لها عيوبها بالتأكيد – والتي سنناقشها لاحقاً – فإن هذا التطور الأخير هو بمثابة تنبيه إلى أن صناعة تقويم الأسنان الشفافة ربما توسعت بسرعة كبيرة جداً إلى الحد الذي لا يمكن فيه استدامتها.

عرضت شركة SmileDirectClub تقويم الأسنان غير المرئي الذي يمكن طلبه عبر البريد بمبلغ أقل، إذ إنه يبلغ 1800 جنيه استرليني – وكل ذلك من دون متاعب زيارة طبيب الأسنان شخصياً. عشرات الشركات تقدم نموذجاً مشابهاً: يقوم المرضى بصنع قالب لأسنانهم باستخدام عدة منزلية ويتلقون تقويم الأسنان في البريد. قد يبدو الأمر بسيطاً للغاية، ولكن الحقيقة هي أن القوالب التي يأخذها شخص – أي شخص لم يتدرب لمدة ستة أعوام في طب الأسنان – لن تضمن الحصول على انطباعات دقيقة، ولا ابتسامة هوليوود. يمكن أن تعني القوالب ذات الجودة الرديئة أن التقويم أكثر عرضة للكسر، أو أن تؤدي إلى نتائج أسوأ، مثل إتلاف الأسنان بصورة دائمة.

يقول أحد مستخدمي SmileDirectClub الذي رغب في عدم الكشف عن هويته إنه دفع ثمن التقويم لمدة 22 أسبوعاً عبر الأقساط الشهرية. ومع ذلك، عندما وصل التقويم، لم يكن مناسباً لأسنانه. حاول وضعه، لكن أسنانه بدأت تؤلمه. وطلب استرداد أمواله، لكن الشركة أشهرت إفلاسها بعد ذلك. لا يمكن الوصول إلى قسم خدمة العملاء بالشركة، وهو الآن غير متأكد مما إذا كان يمكنه استرداد أمواله.

وكانت الشركة ذكرت في بيان: “اتخذت SmileDirectClub قراراً صعباً للغاية بإنهاء عملياتها العالمية، وهذا القرار أصبح سارياً على الفور. بالنسبة إلى العملاء الجدد المهتمين بخدمات الشركة، نشكركم على اهتمامكم، ولكن علاج التقويم لم يعد متاحاً من خلال منصة الرعاية الصحية الخاصة بنا عن بعد”. وبالنسبة إلى عملائها الحاليين، “تعتذر الشركة عن الإزعاج”، مضيفة: “شكراً لكم على دعمكم والسماح لنا بتحسين أكثر من مليوني ابتسامة وحياة”.

قبل أن تنهار، كانت شركة SmileDirectClub مجرد واحدة من بين عشرات الشركات التي تقدم علاجاً لتقويم الأسنان من دون الحاجة للذهاب إلى الطبيب والتي كانت تعِد بنتائج جذرية في فترات زمنية قصيرة. يقول الدكتور سام جثوا من “بيسبوك سمايل” Bespoke Smile، وهو الرئيس المنتخب للأكاديمية البريطانية لطب الأسنان التجميلي، إن هناك قلقاً كبيراً في الصناعة حيال الارتفاع في عدد شركات تصنيع تقويمات الأسنان التي يتم طلبها عبر البريد.

ويضيف: “إن تقويم الأسنان من خلال الطلب عبر الإنترنت يمكن أن يحرك الأسنان بسرعة كبيرة، مما يؤدي إلى ارتخاء الأسنان وحتى خسارتها”. في حين أن بعض الشركات تعد بإجراء تصحيحات في أقل من 10 أشهر، فإن معظم أطباء تقويم الأسنان ينصحون بمدة علاج لا تقل عن 12 إلى 18 شهراً. ويردف الدكتور جثوا: “من الضروري تحريك الأسنان بصورة تدريجية. ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه مع تحرك الأسنان، تحتاج اللثة المحيطة بها إلى أن تنمو مجدداً”.

“لن تقوم بإجراء فحص لعينيك عبر الإنترنت، فلماذا تفعل ذلك من أجل علاج أسنانك؟” (آي ستوك)

أخبرتني الدكتورة أنجيلي باتيل، مديرة العلاقات الخارجية في الجمعية البريطانية لتقويم الأسنان، أن ارتداء التقويمات التي تُطلب عبر البريد يعني أنك تتلقى العلاج في بعض الأحيان من قبل طبيب غير مرئي. وتقول: “أنت لا تعرف حقاً من هو طبيبك، وهو لم يقُم بفحص أسنانك أبداً”، مضيفة أنه بسبب عدم رؤية أسنانك شخصياً، فلن تتم ملاحظة مستويات العظام أو نوع الجذور في أسنانك. وتوضح: “إذا أتيت لرؤيتي، سأقضي 40 دقيقة في التعرف عليك. سأقوم بإجراء الأشعة السينية، وسأتحقق من اللثة ومن جودة الأسنان. سأكتشف قوة عظامك، وما إذا كانت لديك جذور قصيرة. إذا كانت لديك جذور قصيرة، قد أنصحك بألا تحصل على التقويم. وإذا كان هناك سن يحتاج إلى الحشو، سأقول دعونا لا نبدأ [بالتقويم] حتى يتم الانتهاء من ذلك”.

تقول باتيل إنه من غير المؤكد أيضاً ما إذا كان الموظفون في شركات تقويم الأسنان عبر البريد اختصاصيي تقويم أسنان مدربين أو لا – فمن المرجح أن يكون الشخص الذي يصنع القالب الخاص بك هو شخص حصل على دورة تدريبية قصيرة خلال عطلة نهاية الأسبوع. وتتابع “لن تقوم بإجراء فحص لعينيك عبر الإنترنت، فلماذا تفعل ذلك من أجل علاج أسنانك؟ لا أفهم كيف يمكنك ممارسة طب الأسنان من دون رؤية طبيب الأسنان للمريض”.

ومع ذلك، لا أحد ينكر جاذبية نوع الخدمة التي تقدمها شركات تقويم الأسنان الذي يتم طلبه عبر البريد – بخاصة في عصر التسويق المؤثر. تقول باتيل: “الناس يريدون الأشياء بسرعة هذه الأيام، ويتم إغراؤهم بذلك. تدعي بعض الشركات أنه سيتم تقويم أسنانك خلال أربعة أشهر”. لكن في كثير من الأحيان لا ينظر عدد من هذه الشركات إلى الصورة الأكبر – فهي تركز على جماليات الأسنان الثمانية الأمامية، أي الأسنان الأكثر وضوحاً. وتضيف باتيل: “إنهم لا يحاولون تحسين الإطباق [وضعية إغلاق الفكين العلوي والسفلي]، بل يقومون فقط بجعل الأسنان مستقيمة”. وتردف: “وعلى رغم أن أسنانك تبدو مثالية، إلا أنك قد لا تتمكن من مضغ الطعام”.

لقد مر عدد من الأشخاص بتجارب ناجحة مع أدوات التقويم غير المرئية – ولكن يجب أن تكون مستعداً لدفع مزيد من المال خلال رحلة العلاج. تقول الدكتورة باتيل: “إذا ذهبت إلى طبيب جديد [بعد أن ساءت الأمور مع مقدم خدمة آخر]، فسوف يبدأون العملية من جديد – ولن يبدأوا من حيث توقفت تلك الشركة”، مضيفةً: “لذلك، فإن الحصول على علاج جديد يمكن أن يراوح ما بين 3000 جنيه استرليني و5000 جنيه استرليني، أو أكثر”. وتقر بأنها أيضاً باهظة الثمن بالنسبة إلى اختصاصي تقويم الأسنان الذي يجري العلاج. في عيادتها، تبلغ كلفة شراء التقويم 2000 جنيه استرليني لكل مريض فقط، وذلك قبل أن يتم حساب رسوم وقتها وخدماتها.

تقول باتيل: “الخيار الأرخص ليس دائماً هو الخيار الأفضل أو المنطقي”، معتبرة أنه “يمكنك حقاً تعريض نفسك للخطر”. ومع ذلك، بقدر ما يجب أن تكون حذراً في شأن من تختار للقيام بعلاج تقويم أسنانك، فإنها في النهاية مسؤولية المريض في الاستمرار برحلة العلاج الخاص به للتأكد من حصوله على النتائج المرجوة. وتقول: “إنهم بحاجة إلى ارتداء التقويم لمدة 22 ساعة في الأقل يومياً. عليك الالتزام بذلك وأن تختار أيضاً الطبيب المناسب لك”.

© The Independent

المزيد عن: تقويم الأسنانمرض الأسنانطب الأسنانطبيب أسنانشراء عبر الانترنت