الخميس, ديسمبر 26, 2024
الخميس, ديسمبر 26, 2024
Home » أحمد مراد يتخيل قاتلا متسلسلا ينتقم من منفذي مذبحة المماليك

أحمد مراد يتخيل قاتلا متسلسلا ينتقم من منفذي مذبحة المماليك

by admin

الغرائبية المصطنعة تثقل السرد في رواية “لوكاندة بير الوطاويط”

اندبندنت عربية / عبد الكريم الحجراوي 

تحظى الروايات ذات الطابع الغرائبي، بإقبال كبير بين القراء العرب، ربما لتجذر ذلك الطابع في الثقافة العربية عبر “ألف ليلة وليلة” والسير الشعبية، مثل “الزير سالم”، و”عنترة بن شداد”، و”الهلالية”، و”الأميرة ذات الهمة”. ومن هذه الزاوية الغرائبية وصل الروائي المصري أحمد مراد إلى الشباب ليكون واحداً من أكثر الكتّاب مبيعاً، ووصل أحد أعماله إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية. وفي روايته “لوكاندة بير الوطاويط” (دار الشروق – القاهرة 2020)، يواصل أحمد مراد اعتماده على الفانتازيا الممزوجة بالجريمة.

في عام 2019 وأثناء ترميم “لوكاندة بير الوطاويط” المجاورة لمسجد “أحمد بن طولون” في حي “السيدة زينب”، بالقاهرة، يتم العثور على يوميات تعود إلى سنة 1865، مدفونة وراء حائط الغرفة رقم سبعة في الطابق الثالث من مبنى اللوكاندة، ومحفوظة بشكل جيد.

يضم هذا الكتاب/ الرواية، اليوميات من “34” إلى “53” من دون حذف أو تنقيح، وهي اليوميات الوحيدة التي تصلح للنشر، أرّخ فيها محقق خاص يدعى “سليمان أفندي السيوفي”، لتكليفه بتقصي الحقيقة حول مقتل أحد الباشوات بطريقة شنيعة، وبمسحه مسرح الجريمة، يكتشف أن الوفاة وراءها قتل عمد، وفاعل ترك مع ضحيته تذكاراً، ثم يتبين له أن تلك الجريمة، ليست سوى الجريمة الأولى في سلسلة من الاغتيالات.

وتسمية “بير الوطاويط”، هي نسبة إلى بئر حُفرت في عصر الدولة الإخشيدية في مصر لسقي الناس وملء الأسبلة منها، حيك حولها كثير من الأساطير، ومنها أن مياهها تتوغل حتى تصل إلى بئر شيدها عنترة بن شداد، وكان يجلس بالقرب منها هو وحبيبته عبلة. ومن تلك الأساطير كذلك أن من ينظر في مياه البئر ويلقي عملة نقدية معدنية فيها سيرى وجه حبيبته، إلى أن سقط في هذه البئر أحد الشيوخ ومات فعافها الناس وتركوها حتى جفت وأصبحت مأوى للوطاويط.

هذا الشخص القاطن في لوكاندة الوطاويط، يُكلف بكشف غموض جرائم يرتكبها قاتل متسلسل ضد سبعة أشخاص نافذين، هم أحفاد جماعة سرية تشكلت في عهد محمد علي في إطار صراعه مع المماليك على الحكم، الذي انتهى بمذبحة دبرها لهم في عام 1811. وفي نهاية الأحداث سيكتشف المحقق سليمان أفندي أن القاتل كان ينتقم لمقتل أمه، وكان يخطط كذلك لقتل الخديوي إسماعيل، ووزير داخليته لاظوغلي باشا المعروف بقسوته.

رواية الصوت واحد

الرواية المصرية (دار الشروق)

في هذه الرواية نرى العالم من جانب السارد المتحكم في كل شيء، ما يجعلها رواية مونولوجية تغيب عنها واحدة من أهم سمات الروايات، التي أعجب بها المُنظِر الروسي ميخائيل باختين في أعمال دويستفسكي، المتمثلة في البولوفينية / أو تعدد الأصوات التي تسعى إلى تقديم وجهات نظر متباينة في قضايا مختلفة، بما يسمح للمتلقي بأن يميل إلى أي جانب من طرفي الصراع حسب قناعاته الشخصية لا قناعات السارد، فضلاً عن أنها تتمايز في مستويات اللغة المستندة إلى تنوع الخلفيات الاجتماعية والثقافية للشخصيات.

تلك المميزات تغيب عن عمل أحمد مراد هذا، فسارده لديه معرفة مطلقة وهو المتحكم في الأحداث، ويسعى إلى إقناع المتلقي برؤيته للعالم، تلك الرؤية التي يفرضها فرضاً، وإن جاءت رواية أخرى مقابلة يقوم بتسفيهها أو تفنيدها من دون أن يترك مساحة للشخصيات الأخرى لتدفع عن نفسها التهم الملقاة على عاتقها. وهكذا نحن أمام أسلوب سردي واحد لا يتغير، ولغة ثابتة ومنظور أيديولوجي ليس له مقابل.

السارد في “لوكاندة بير الوطاويط”، هو سليمان أفندي السيوفي، يسرد عبر مذكراته ما دار معه من أحداث. شخصية فيها من صفات المحقق شارلوك هولمز التي أبدعها الكاتب الأسكتلندي آرثر كونان دويل. السيوفي يساعد عِلية القوم في القاهرة في حل ألغاز الجرائم التي يصعب عليهم تفسيرها. شارلوك هولمز دائماً ما كان يستعين بمعلوماته في مجال الطب الشرعي لحل الجرائم المستعصية، وكذلك سليمان أفندي، فهو خبير في مجال التشريح، إذ إن والده كان يعمل في مشرحة بمستشفى القصر العيني ومنذ طفولته اعتاد التعامل مع الجثث. كما أنه قرأ كثيراً من الكتب في علم التشريح، ما جعله قادراً على حل ألغاز الجرائم عبر دلائل لا ينتبه إليها “القواصة”/ الشرطة.

كما أن مراد يمنح شخصية سليمان أفندي عادة أوروبية لم تكن موجودة في مصر، وهي أنه يمتلك كاميرا لتصوير الموتى. وتظهر صورة البطل مضادة لمصاصي الدماء، فإذا كان هؤلاء يخافون من ضوء الشمس، فهو يخاف من ضوء القمر ويعتزل في بيته عند كماله، ويحتفل في الشوارع مع انزوائه. ويبدو كذلك أنه يعاني من الوسواس القهري، فقد قتل أمه لأنه اعتقد أنها خانت أباه، وقتل جارية شركسية ظاناً أنها مُرسَلة من الخليفة العثماني في إسطنبول لمراقبته، وكذلك يقتل عزيزة الممرضة المرأة المتزوجة لأنها قد خانته، ويدعي أن القاتل الذي يفتش عنه هو كائن أسطوري يدعى “هجين القمر” كان يعيش في الفضاء وحين دُمر كوكبه انتقل إلى القمر الأرضي، وهو سبب في انتشار الأمراض والأوبئة، وأن هذا الهجين يطارده ويريد قتله.

ويعطي أحمد مراد هذا الكائن الهجين صفات من شخصية فرنكشتاين التي ابتكرتها الكاتبة الإنجليزية ماري شيلي، فالهجين شخصية ترتدي أجساد الآخرين بعد أن تطرد ساكنيها منها. ويظن سليمان أفندي أنه نبي مرسل من السماء له معجزاته، ومن معجزاته أن النباتات تكلمه بخاصة شجرة اللبلاب، التي زرعها في بيته، وكذلك تلك الذبابة التي يربيها في بيته ويربطها بسلاسل لتتضخم وتدله على ما يخفى عنه. كما أن بطل الرواية قادر على أن يكلم الموتى، ويؤمن بجميع الديانات السماوية وغير السماوية، فهو راهب في الأديرة يشير بعلامة الصليب على صدره ويتبارك بشجرة مريم، وهو مسلم يردد آيات القرآن حين يداهمه الخوف، وهو صوفي يهرب إلى ساحة الدراويش العميان الذين لا يسألون من أتاهم من أي البلاد هو طالما أنه جاء تائباً!

وشخصية سليمان في أمورها المتعلقة بالأديان، تحيلنا إلى ما قاله محيي الدين بن عربي عن نفسه (لقد صار قلبى قابلاً كل صورة/ فمرعى لغزلان، ودير لرهبان/ وبيت لأوثان، وكعبة طائف/ وألواح توراة، ومصحف قرآن/ أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه، فالحب ديني وإيماني).

القرن التاسع عشر

وبخصوص لغة الرواية فإن أحمد مراد نجح في جعلها تعبر عن العصر الذي يتناوله (النصف الثاني من القرن التاسع عشر إبان ولاية إسماعيل باشا في مصر) بألفاظه وتعابيره والأحداث التي جرت فيه. فسليمان أفندي يرفض حفر قناة السويس ويرى أنها ستجر المشاكل على مصر، ويعترض على حياة البذخ، ويناقش قضية تحرير العبيد، كما يرصد الأوبئة التي عصفت بمصر في تلك الآونة، ما بين الكوليرا والطاعون، وما حصدته من عشرات آلاف الأرواح.

ومن الأفكار التي لم تكن موجودة في العصر الذي اختاره الكاتب لروايته، فكرة كره الشعب المصري للخلافة العثمانية واعتبارها احتلالاً، فهذا الوعي الوطني لم يكن موجوداً على الأقل شعبياً في القرن التاسع عشر. وكان من أسباب هزيمة أحمد عرابي أمام الإنجليز في عهد الخديوي توفيق، أن أصدر الباب العالي فرماناً بعصيانه، ما جعل المصريين يتخلون عنه. لم يظهر هذا الوعي الوطني بوضوح إلا في القرن العشرين بخاصة مع ثورة 1919، وظهور عديد ممن ينادون بالهوية المصرية الرافضة للتبعية، وعلى رأسهم أحمد لطفي السيد، الذي لُقب بداعية الوطنية الأول. فالصورة السلبية التي رسمها مراد للأتراك تبدو من تأثير الأحداث الراهنة المتعلقة بالخلاف السياسي المصري التركي. ومن تلك الأمور أيضاً حديثه عن الأوبئة التي جاء ذكرها من وحي وباء كورونا، الذي تفشى في أواخر العام الماضي وما زال العالم يئن تحت وطأته.

وفي شكل عام فإن هذه الرواية يتجلى لقارئها وكأنها محشوة حشواً، بكل ما هو غرائبي وعجائبي، فهو يأخذ كل ما هو غريب من الحضارات المختلفة، تناسخ الأرواح، والحديث مع الموتى، والكواكب والمجرات، الشخصيات الأسطورية في أدغال أفريقيا حيث قبائل تنمو لأفرادها ذيول، وعادة تصوير الموتى، والهجين الذي يسكن أجساد البشر. وهنا يبدو أحمد مراد في نزوعه نحو العجائبية، كحاطب ليل لا يستطيع التمييز بين ما يمكن أن يفيد سرده وما هو حشو زائد لا قيمة له.

المزيد عن: رواية مصرية/الادب الاكثر مبيعاً/غرائبية/تاريخ/تخييل/رواية الجريمة/القاهرة/المماليك/مصر

 

 

You may also like

13 comments

Zenaida 11 نوفمبر، 2020 - 8:16 ص

If you wish for to obtain a good deal from this post then you have to apply these
techniques to your won webpage.

My site :: we just did shirt

Reply
Boyd 11 نوفمبر، 2020 - 8:17 ص

Thanks for sharing your info. I truly appreciate your
efforts and I will be waiting for your further write ups thank you once again.

my web page … adultfrinendfinder.com login

Reply
Kisha 11 نوفمبر، 2020 - 9:40 ص

With havin so much content do you ever run into any problems of plagorism or copyright violation? My site has a lot of completely unique content I’ve either authored myself or outsourced but it looks like a lot of it is popping
it up all over the internet without my permission. Do you know any ways to help reduce content from
being stolen? I’d definitely appreciate it.

Also visit my website: 醉汉

Reply
Jamison 11 نوفمبر، 2020 - 2:25 م

Having check this out I thought it was extremely informative.
I appreciate you finding the time and energy to place this
short article together. I once again find myself spending a lot of time both reading and
posting comments. But so what on earth, it absolutely was still worth every penny!

Visit my web page :: bullet journal dot grid notebook

Reply
Rose 11 نوفمبر، 2020 - 2:34 م

I’m really experiencing and enjoying the design and layout of your own site.
It’s an extremely easy on the eyes that makes it a lot more
enjoyable for me personally in the future here and visit on a regular basis.
Did you hire out a developer to create your theme?
Excellent work!

My site midori travelers notebook passport size

Reply
Dexter 11 نوفمبر، 2020 - 3:08 م

Saved being a favorite, I like your blog!

Feel free to surf to my homepage – travelers notebook pocket inserts

Reply
Jacquie Masters 11 نوفمبر، 2020 - 3:09 م

Quality posts is the crucial to interest thhe visitors to pay a quick visit
the web page, that’s what this web sife is providing.

Stop by my web-site … 먹튀검증

Reply
Katja Mattingly 11 نوفمبر، 2020 - 3:14 م

What’s up every one, here every person is
sharing these familiarity, so it’s pleasant to read this weblog, and I used to go to
see this webpage daily.

Feel free to visit my web blog … 스포츠토토

Reply
Chad 11 نوفمبر، 2020 - 3:52 م

Thanks on your marvelous posting! I definitely enjoyed reading it, you will
be a great author.I will make sure to bookmark your blog and definitely will come back sometime
soon. I want to encourage you to continue your great job,
have a nice holiday weekend!

Here is my web site – biden we just did 46

Reply
Bryant 11 نوفمبر، 2020 - 6:00 م

Right here is the perfect web site for everyone who wishes to understand this
topic. You understand a whole lot its almost hard to argue
with you (not that I actually will need to…HaHa).
You certainly put a fresh spin on a topic which has been written about for
decades. Great stuff, just wonderful!

Here is my web blog – staples 3 subject college ruled notebook

Reply
Marian Rempe 11 نوفمبر، 2020 - 6:52 م

It is noot my first time to viksit this site,
i aam visiting this web page dailly and get pleasant
data frlm here all the time.

my webpage; 안전놀이터

Reply
Leo 11 نوفمبر، 2020 - 6:57 م

It’s impressive that you are getting ideas with this
post in addition to from the argument made here.

Here is my site: reso refillable notebook a5

Reply
Lauri 11 نوفمبر، 2020 - 7:23 م

Hi! This is my first visit to your site! We have been a collection of volunteers and starting a new initiative in a
community within the same niche. Your website provided us useful information to operate on. You possess done a extraordinary job!

Also visit my blog post: fountain pen friendly printer paper

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00