الخميس, ديسمبر 26, 2024
الخميس, ديسمبر 26, 2024
Home » أحدهم قطعوه ألف قطعة… قصص مثيرة عن باشاوات آل عثمان

أحدهم قطعوه ألف قطعة… قصص مثيرة عن باشاوات آل عثمان

by admin

 

عندما استلم السلطان إبراهيم الحكم كان يعاني مشكلات نفسية وروحية وكانت فترته الأسوأ في تاريخ الدولة

اندبندنت عربية / محمد مظلوم جيليك صحافي تركي

في مسيرة الإمبراطورية العثمانية التي استمر عهدها لقرون عدة، كانت فترة السلطان إبراهيم من أكثر الفترات بؤساً في قصر الحكم، حيث شهدت حوادث أسهمت في إضعاف الدولة التي لقبت حينها بـ”سلطنة الحريم”، ربما كانت أشهرها حادثة تقطيع أحد كبار المسؤولين في الدولة إلى ألف قطعة وتوزيع لحمه على سكان إسطنبول، والرجل المقصود هنا هو أحمد باشا، وبعد تقطيعه أطلق الناس عليه اسم “حاضر باري” والتي تعني باللغة العثمانية القديمة “ألف قطعة”.

إبراهيم، أو إبراهيم الأول، هو السلطان العثماني الـ18، ولد في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 1615، وتولى العرش عام 1640 بعد وفاة أخيه السلطان مراد الرابع، وكان حينها يبلغ من العمر 25 سنة، ولم يكن لديه أي خبرة في أمور الحكم لأنه عاش حياته السابقة في فترة حكم أخويه عثمان الثاني ثم مراد الرابع، وكان بعيداً من أي مهام بالقصر، وشهد مقتل إخوته الأربعة الكبار ضمن الصراع على السلطة، وكان ينتظر دوره بالقتل، وهذا ما دمر له نفسيته ومنعه حتى من إتمام تعليمه، وبسبب كثرة عقده النفسية أطلق عليه البعض اسم “إبراهيم المجنون”، وهذا كان أحد أسباب خلعه لاحقاً.

بسبب الصراع على العرش والسلطة تعرض إبراهيم الأول للسجن، وعندما توفي السلطان مراد الرابع لم يكن لديه أولاد، فذهبت ولاية العهد بشكل تلقائي نحو أخيه إبراهيم، وعندما جاؤوا ليخبروه وهو في السجن أنه أصبح السلطان لم يصدق ذلك، وظن أنها مكيدة من أخيه ليختبره، لذلك قال إنه لا يريد السلطنة، ولم يصدق حتى جاءت السلطانة الأم كوسم ومعها جثة السلطان مراد، عند ذلك أدرك ما جرى واعتلى العرش.

السلطانة كوسم هي التي أكدت لإبراهيم أنه أصبح حقاً سلطاناً، وهي نفسها التي دبرت سلب القرار الحقيقي من يده حتى أطلق على ذلك العهد اسم “سلطنة الحريم” لأن سيدات القصر هن اللاتي حكمن في حقيقة الأمر، وبلغ تأثيرهن على قرار الدولة كلها من دون أن يتمكن “السلطان الضعيف” من كبح جماحهن.

جيني حسين… السحر والتمائم في البلاط العثماني

كما أسلفنا فإن السلطان إبراهيم عندما استلم الحكم كان يعاني مشكلات نفسية وروحية عدة، لكن الأزمة الحقيقية الأهم في ذلك الوقت كانت هي أن النسب العثماني على وشك الانقراض، لذلك تم البدء في اتخاذ إجراءات جدية لمعالجة السلطان كي يستمر حكم السلالة، وتم اختيار أحد الأشخاص لعلاج السلطان من أمراضه النفسية.

قررت السلطانة كوسم إحضار جيني حسين إلى القصر لمعالجة مشكلات السلطان وإنقاذ أسرة آل عثمان من الانقراض، وكانت كوسم تعرف أن حسين يعمل بالسحر والتمائم الشيطانية.

جيني حسين، أو “جيني هوجا”، والتي تعني “الشيخ الجني”، ولد في مدينة صفران بولو بنهاية القرن الـ16 الميلادي، وينحدر من عائلة لها مكانة ومن وجهاء المدينة، تلقى تعليمه تحت إشراف والده الذي علمه السحر قبل أن يرسله إلى إسطنبول لمتابعة تعليمه، لكنه تفرغ لتعلم السحر، وكان يهدف من ورائه إلى كسب المال ليس أكثر، وادعى أن لديه قدرات خارقة، وإمكانية علاج المرضى، حتى طرد من المدرسة السليمانية التي كان يدرس بها في إسطنبول، فبدأ يمارس أعمال الشعوذة بنفسه حتى انتشر صيته بين الأنحاء، وسمعت به السلطانة كوسم فأحضرته إلى القصر.

الغريب أن السلطان بالفعل بدأ يشعر بالارتياح بعد بدء رحلة العلاج مع جيني هوجا، وانتشرت هذه الأخبار في أرجاء المعمورة فارتفعت شعبية هوجا بشكل كبير حتى أصبح صاحب نفوذ حتى داخل القصر، وأصبح يقال عنه “الأستاذ الذي شفى السلطان”، ومقابل خدماته هذه تمت مكافأته وتخصيص قصر له في إسطنبول، وعينه السلطان مديراً لإحدى مدارس السليمانية على رغم أن شيخ الإسلام يحيى أفندي رفض ذلك وعارضه بشدة لأنه “مشعوذ”.

جيني حسين كان يدعي دائماً أنه يتعامل مع الجن، وبسبب قربه من السلطان استطاع تكوين نفوذ كبير داخل القصر، وجمع ثروة هائلة، وبدأ يضع خططه للسيطرة على القصر، وكان مقرب من السلطانة كوسم التي هي الأخرى تريد المحافظة على ضعف السلطان لتدير هي القصر وشؤون الدولة، ثم خطب حسين ابنة أحد أهم رجالات السلطان، وهو كاراتشيلي بزاد محمود أفندي، وبذلك كثر نفوذه في الدولة، وكل هذا لم يكن يرضي مجلس القضاء الأعلى ولا شيخ الإسلام محمود أفندي، لكن جيني هوجا كان يتلقى دعماً مباشراً من السلطان.

شيخ الإسلام يموت حزناً

روايات أخرى تقول إن جيني حسين تمادى واستغل السلطان حتى حصل على منصب “قاض عسكري”، وهو منصب له أهمية بالغة، حيث يمكنه تعيين موظفين عسكريين وقضاة آخرين تحت إمرته، ويقال إنه كان له دور كبير في إشعال الحملة العثمانية على كريت عام 1645.

بدأ الأمر يزداد سوءاً، جيني المحب للمال بدأ يتلقى الرشى بمبالغ هائلة، حتى كون ثروة ضخمة، وبدأت سمعته تسوء، وازدادت أيضاً أمور الدولة تدهوراً، بينما السلطان الصغير غافل، وهناك من يرى أنه كان منشغلاً بالنساء والترف بعيداً من أمور الحكم، فلم يحتمل شيخ الإسلام يحيى أفندي هذا الأمر، وبدأ يعتقد أن الدولة تنهار، وكان أحد الأشخاص القلائل الذين يدركون الكارثة التي توشك أن تضرب الدولة العثمانية. لم يحتمل يحيى أفندي ما يجري فمرض ومات حزناً.

في ظل استمرار هذه الحالة زاد غضب أعيان الدولة من تصرفات السلطان، وأدرك السلطان أن أمه هي من تدبر الأمور وتتدخل في كل شؤون الدولة، فطالبها بوقف التدخل، وهددها بالنفي في حال رفضت الامتثال لأوامر السلطان، وبالفعل لم تمتثل.

بدأت الشكاوى تكثر على جيني حسين، وهنا غضب السلطان منه فعزله من جميع مناصبه ونفاه إلى منطقة “إزميت” القريبة من إسطنبول، لكن بعد أيام قليلة أصدر عفواً بحقه وأعاده إلى مكانته على أن يتوقف عن الأذى، لكن جيني حسين لم يكن ليتعظ، بل عاد لتلقي الرشى و”الإفساد في الأرض”، فنفاه السلطان مجدداً إلى شبه جزيرة جاليبولي في تراقيا الغربية، لكنه أيضاً عفا عنه قبل أن يتم عزل السلطان وقتله وتنصيب الطفل محمد الرابع سلطاناً للإمبراطورية العثمانية، إلا أن الحكم استمر للسلطانة الأم كوسم كون السلطان الحالي لم يبلغ سن الرشد.

كان جيني حسين ينظر إلى السلطان الجديد الطفل على أنه ضعيف للغاية، لكن لم تسر الأمور كما يرغب، فأمر السلطان الطفل أحد وزرائه بقتل جيني حسين ليضع نهاية لقصة “التعامل مع الشياطين” الطويلة، والتي أثرت بالفعل في مكانة الدولة العثمانية، وكان أحد الأسباب المباشرة لقتل حسين هي قيامه بتحركات تهدف للإطاحة بالسلطان الجديد وقتله في ظل حالة من الضعف تمر بها الدولة، ومما يروى أيضاً أن جيني حسين كان مقرباً من كوسم التي وجدوا بعض التمائم في ملابسها بعد مقتلها.

تمرد فارفاري علي باشا

بالعودة بالزمن إلى الوراء قليلاً، في عهد السلطان إبراهيم، تم تعيين فارفاري علي باشا والياً على منطقة سيواس بوسط تركيا، عام 1648، وكان سلفه إبشير مصطفى باشا، له زوجة فائقة الجمال تدعى بيري خاتون، رفضت المغادرة معه عند عزله فطلقها وبقيت هي في سيواس.

كان الرجال المحيطون بالسلطان إبراهيم “المعروف بضعف قدراته العقلية” غير مؤهلين للقيادة، ومنهم جيني حسين، وأخبر أحدهم السلطان إبراهيم عن جمال بيري خاتون، وأقنعه بأن امرأة بهذا الجمال لا تناسب إلا حريم السلطان، وبالفعل أرسل السلطان إبراهيم رسالة على الفور إلى حاكم سيواس فارفاري علي باشا وأمر بإرسال زوجة إبشير باشا إلى إسطنبول للانضمام إلى حريمه.

تجاهل فارفاري علي باشا التعليمات التي جاءت من إسطنبول ثلاث مرات ورفض الاستجابة لهذا الطلب “غير الأخلاقي” للسلطان، كما أنه أوقف المطالب الضريبية التي كان يدفعها أهالي سيواس للدولة قائلاً إن “الناس ليست لديهم القدرة على دفع هذه الضرائب”، فكان علي باشا يرى أن إبراهيم الأول سلطان ظالم، ويصدر أوامر غير أخلاقية، ولهذه الأسباب وغيرها أعلن علي باشا التمرد على السلطان، وأعلن أنه سيكون مسؤولاً عن السير شخصياً إلى إسطنبول وإطاحة السلطان، إلا أن الأحداث التي حصلت في إسطنبول، ومنها خلع السلطان جعلت علي باشا يتراجع عن خطواته، وتم تجاوز تمرد علي باشا بشكل أو بآخر.

حاضر باري أحمد باشا… فاسد تقطع ألف قطعة

منصب الصدر الأعظم في الدولة العثمانية يتم تعيينه وعزله بقرار من السلطان حصراً، وهو أشبه اليوم برئيس الوزراء، وكان ثاني أهم رتبة سياسية في الدولة بعد السلطان.

في بداية طريقه كان أحمد باشا موظفاً عادياً في المكتب القلمي، ثم ما لبث أن حصل على وظيفة في القصر، قبل أن يطور مكانته هناك، وتروي مصادر تاريخية تركية أنه عندما أدرك إدمان السلطان إبراهيم على النساء والعنبر والمال، حصل على منصب الصدر الأعظم عن طريق دفع رشوة للسلطان نفسه.

وبلغت به الجرأة ليتقدم لخطبة ابنة السلطان إبراهيم، وهنا لم يبق أحد يستطيع أن يقف في وجهه من مسؤولي الدولة. تقول المصادر التاريخية العثمانية إن “الصدر الأعظم أحمد باشا أحد أكثر الصدراء العظماء خيانة في التاريخ العثماني”، فكان يعرض ويبيع مناصب مهمة في الدولة، بمعنى آخر كان لا يمتنع عن اتخاذ أي قرار من شأنه تقويض قوة الدولة، وحتى عندما كان الجيش العثماني في حالة حرب مع البندقية وكان الدردنيل على وشك السقوط، كان أحمد باشا يبقي السلطان إبراهيم مشغولاً بالنساء والعنبر، ويخدعه بمراكب سلطنة ورفاهيات جديدة.

عندما بلغت الأمور هذا الحد، اجتمع كبار القادة في الجيش الإنكشاري، وعدد من كبار العلماء في الدولة، والتقوا في مسجد الفاتح في إسطنبول، وبعد مشاورات عدة اتفقوا على القيام بثورة وخلع السلطان.

سمع السلطان بالأنباء الآتية من مسجد الفاتح، فحاول تهدئة الأمور وأصدر أمراً مباشراً بإقالة الصدر الأعظم أحمد باشا، إلا أن المتمردين لا يريدون الاكتفاء بإقالة أحمد باشا، بل يريدون قتل الشخص الذي تسبب في مثل هذا الضرر الجسيم للدولة، وتحركوا نحو قصر السلطان لخلعه، لأنه ليس أهلاً للحكم وتسبب في إيصال الدولة لهذه المواصل، وهنا حاول أحمد باشا الهرب من إسطنبول سراً، لكنه وقع في قبضة جنود الإنكشارية، الذين خنقوه حتى الموت وألقوه في ساحة الخيول.

كان أحمد باشا شخصاً سميناً للغاية، فقام الإنكشاريون بتقطيع جسد الصدر الأعظم العثماني إلى ألف قطعة صغيرة وبيعها لأهل إسطنبول مقابل مبلغ بسيط من المال، وبعد هذه الحادثة، دخل أحمد باشا التاريخ باسم “حاضر باري” والتي تعني “ألف قطعة”.

إذاً ما بين جيني حسين والسلطانة كوسم وحاضر باشا، كان عصر السلطان إبراهيم مليئاً بمثل هذه الشخصيات التي تركت إرثاً ثقيلاً خلفها، وعاشت الدولة العثمانية في ذلك العصر واحداً من أسوأ أحوالها.

نقلا عن “اندبندنت تركية”

المزيد عن: الدولة العثمانيةإسطنبولآل عثمانسلطنة الحريمإبراهيم المجنونالسلطان إبراهيمالسحرالشعوذةالانكشارية

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00