السبت, مارس 1, 2025
السبت, مارس 1, 2025
Home » أبو قردان… صديق الفلاحين المطرود من أرض مصر

أبو قردان… صديق الفلاحين المطرود من أرض مصر

by admin

 

اعتماد المزارعين على المبيدات تسبب في هجرة الطائر للمناطق الزراعية

اندبندنت عربية مي ابراهيم صحافية @maiibrahem

منذ أقدم العصور عاشت طيور أبو قردان في مصر ودائماً ما كان يطلق عليه “صديق الفلاح”، باعتبار أن له دوراً في الزراعة التي كانت مرتبطة بالمصريين المقيمين على ضفاف النيل، ولآلاف السنين وحتى أعوام قليلة كانت طيور أبو قردان تعيش حياتها المعتادة وتستوطن المساحات الزراعية الشاسعة الممتدة من شمال البلاد إلى جنوبها.

ولطيور أبو قردان دور متعارف عليه في الزراعة يعتمد على أنها تتغدى على الحشرات والآفات الزراعية التي قد تسبب فساد المحاصيل، فهي تعد غذاءها الرئيس التي تعتمد عليه لاستمرار حياتها، إلا أنه خلال الأعوام الأخيرة بدأ يلاحظ ظهور أبو قردان في مواقع غير مألوفة بالنسبة إليه مثل المناطق السكنية وأكوام القمامة، وكان هذا شيئاً غريباً وجديراً بالملاحظة والتساؤل للتعرف على السبب في تغير سلوك هذه القطعان من الطيور التي سكنت الحقول الزراعية لآلاف السنين.

وطيور أبو قردان حالياً ليست مهددة بالانقراض وتوجد بأعداد كبيرة ولم يطلها تأثير مباشر من أزمة تغير المناخ التي كانت لها انعكاسات كبيرة على كثير من الكائنات، وفي الوقت نفسه يعتبرها المتخصصون مؤشراً على جودة البيئة التي توجد فيها، فما دام أنها كانت منتشرة وتمارس أدوارها الحيوية الطبيعية في موقع معين فهذا دليل على أن وضع البيئة جيد ونسب تلوثها محدودة، فهي تكون مثالية كنماذج لتقييم الأثر البيئي.

مؤسس “مركز المعلومات الوثائقية للعلوم البيئية” رمضان منير عواد يقول إن “هناك دوراً مهماً تتمازج فيه الطبيعة لتكون أركان التوازن البيئي مكتملة دون خلل، فإذا ذهبنا إلى المناطق الزراعية في مختلف ربوع مصر سنجد أن طيور أبو قردان أو ‘بلشون القطعان’ كما يطلق عليها، اعتادت السعي في قطعان كبيرة تمشط التربة في خطوط منتظمة وكأنها تعرف عملها”.

ويضيف عواد أنه “في بعض المناطق النائية تتراكم القمامة بصورة كبيرة مما يجعل هذه الطيور تنجذب لهذا المورد الغني والوفير بالديدان التي تظهر لتحلل المواد العضوية، فبدأت تتجه إليها كمصدر للغداء، وهذا له انعكاسات سلبية ستظهر لاحقاً، فعلى المدى البعيد ستتغير الصفة الجينية للطائر مما سيجعل الأجيال المقبلة منه تبحث دائماً عن المناطق التي فيها قمامة”.

وتابع المتحدث، “سينتج من هذا خطر آخر يتمثل في نقل مواد الترموبلاستك إلى أمعاء الطائر مما يقلل عمره وقدراته الحيوية، كما تشكل المواد البلاستكية خطراً آخر في إصابة الطيور بالجروح التي حتماً تؤدي بها إلى الموت”.

قبعات النساء كادت تتسبب في انقراض أبو قردان

في بدايات القرن الماضي كاد أبو قردان أن ينقرض من مصر، فالموضة السائدة خلال تلك الفترة كانت أن ترتدي السيدات قبعات تُزين بالريش، وكان ريش أبو قردان هو الأكثر طلباً لهذا الغرض، ونشرت جريدة “اللطائف” المصورة التي كانت تصدر خلال تلك الحقبة في عددها الصادر في الـ 15 من أغسطس (آب) 1921 ما نصه “إن طائر لاغريت المعروف بطائر أبو قردان يقتات على دود القطن لأن الله سلطه عليها، لكن السيدات الأوروبيات أعجبهن ريش الطائر فتنافسن لاقتنائه واستخدامه في برانيطهن، ولما كانت قوة المرأة وسلطتها لا جدال فيها فقد شمر التجار وأصحاب المعامل عن أيديهم، وألفوا حملات لصيده وبيعه لتجار برانيط السيدات، ولم يوقف أحد طمع التجار وأصحاب المعامل بل زادت موضة اتخاذ ريش أبو قردان لبرانيط السيدات في مصر، فكثر صيده الجائر حتى كاد أن ينقرض”.

وأشارت الصحيفة الصادرة في بدايات القرن الماضي إلى أن مدير حديقة الحيوان بالجيزة آنذاك، المايجور فلور، انتبه لهذا الأمر وأقنع الحكومة المصرية بخطورة الموقف ودفعها لأن تصدر قانوناً يجرم صيد أبو قردان، واستطاع جمع عدد من الطيور في الحديقة وقام بتربيتها على مدى أعوام ثم كان يقوم بإطلاقها في الأراضي الزراعية المختلفة، مما كان له دور رئيس في حمايتها من الانقراض.

الإنسان العدو الأول للبيئة

عند متابعة أي خلل بيئي أو رصد كائن أصبح مهدداً بالانقراض، فإضافة إلى ظهور بعض العوامل الطبيعية التي تؤدي للضرر الواقع على هذا الكائن فإن الإنسان غالباً يكون له يد في هذا الأمر، فمن ناحية لا يدرك الناس أهمية التوازن البيئي إضافة إلى اتجاههم للبديل الأسهل حتى ولو كان على حساب تدمير الموائل الطبيعية التي تعيش فيها كثير من الكائنات، وخلال الأعوام الماضية لم يقتصر ظهور أبو قردان في مواقع غير مألوفة لطبيعته في مصر على مناطق بعينها أو محافظات محددة، إذ يمكن أن يكون هناك سبب بعينه يدفع قطعان الطيور فيها إلى القيام بهذا الفعل، وإنما شوهدت طيور أبو قردان في مناطق متنوعة من القاهرة وعلى أطرافها، وجرى رصدها في مواقع متنوعة من الدلتا، كما رصدت الطيور أقصى الجنوب في محافظة الوادي الجديد التي تشتهر بالنخيل، وقامت السلطات المحلية فيها بحملة منذ أعوام عدة لمكافحة قطعان أبو قردان التي تركزت على أشجار النخيل وكادت تتسبب في تدمير بعضها”.

ومن سبل مكافحة طيور أبو قردان رش المياه مساء على الأشجار فترحل من عليها الطيور أو وضع كشافات إضاءة في مواقع تمركزها فتهرب منها.

الفلاح وأبو قردان

نقيب الفلاحين المصريين حسين أبو صدام يقول إن “أبو قردان يعتبر عماداً طبيعياً للزراعة العضوية، فهو يمثل شكلاً من أشكال المكافحة الطبيعية للآفات، وهناك أسباب عدة للوضع الحالي لأبو قردان ومن بينها الزحف العمراني على بعض المناطق الزراعية، فيهجرها لعدم توافر الغذاء وينتقل إلى أقرب منطقة مأهولة منها ويقيم أعشاشه على الأشجار والنخيل الموجود فيها”.

وأضاف أبو صدام أن “هذا الوضع يسبب ضرراً بالغاً لسكان هذه المنطقة، إذ يترك الطائر فضلاته على الأشجار وتسبب رائحة كريهة، وفي الوقت نفسه أحياناً تتضرر هذه الأشجار من كمّ الفضلات، فبدأت الناس تطارده لرغبتها من التخلص منه في مثل هذه التجمعات السكنية”، موضحاً أن “أحد أهم أسباب هجرة أبو قردان من المساحات الزراعية هو اعتماد الفلاحين على المبيدات بصورة مكثفة باعتبارها تقضي على الحشرات والآفات فتصبح إنتاجية الفدان أعلى، لكنه يرى أن أشكال المقاومة الطبيعية مثل أبو قردان وغيره لن تقضي على كامل الآفات وسيُفقد معها جزء من المحصول، ولذلك يعتمد الفلاح الحل الأول دون النظر إلى عواقبه على البيئة، فيفقد أبو قردان مصدر غذائه في هذه الأرض ويهجرها بحثاً عن الغذاء في مكان آخر”.

ويتابع المتحدث أن “المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية الجديدة التي تضاف إلى الرقعة الزراعية باستصلاح الأراضي غالباً لن يكفي الاعتماد فيها على وسائل مقاومة الآفات الطبيعية ومن بينها أبو قردان بل تعتمد على المبيدات، ومع مرور الوقت يشكل خللاً في التوازن البيئي بفقدان بعض الكائنات الحية، وليس أبو قردان فقط، مصادر الغذاء، فيختل التوازن بكامله ويظهر الأثر على المدى البعيد”.

المزيد عن: أبو قردانالتنوع البيولوجيالرقعة الزراعيةالتوازن البيئيتغير المناخالمبيدات الحشريةمصرالزراعةالنيل

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili