من مسرحية "من جارور لجارور" (خدمة الفرقة) ثقافة و فنون هموم الشباب اللبناني تخرج من جوارير المسرح by admin 30 أغسطس، 2024 written by admin 30 أغسطس، 2024 58 الكاتب والمخرج عصام بو خالد يتخطى الحدود بين الفن والتثقيف انذبندنت عربية / كاتيا الطويل @katiatawil يقول النشيد “نحن الشباب، لنا الغد!” إنما إن كان الغد للشباب فاليوم لمن؟ من يتحمل المسؤولية اليوم لتحضير الشباب للغد؟ من يتحمل المسؤولية اليوم لتحضير الغد للشباب؟ ولماذا انتظار الغد؟ ماذا في شأن اليوم، ألا يمكن لليوم أن يكون للشباب؟ أسئلة شائكة حول التغيير والشباب والأمل والانتظار والمستقبل والقوانين، تطرحها مسرحية “من جارور لجارور” لجمعية مسار يقدمها الكاتب والمخرج اللبناني عصام بو خالد ضمن عروض انطلقت أخيراً في مسرح دوار الشمس، وتكمل متنقلة بين مختلف المناطق اللبنانية وتصل إلى طرابلس والهرمل خلال أسابيع. ويقدم عصام بو خالد عرضاً مسرحياً مميزاً ومقتضباً لا يتخطى الـ40 دقيقة ترافقه فيه بوتقة من ممثلين بارعين شباب يحملون النص على أكتافهم وفي قلوبهم، بتماسك وحرفية عاليين. قضية الوثيق أقرت الحكومة اللبنانية عام 2012 وثيقة تتضمن خطة عمل لتحقيق المصلحة العليا للشباب اللبناني من ناحية فرص التعليم والعمل والسكن وغيرها. إنما يبدو أن هذه الوثيقة حالها كحال كثير من الوثائق المهمة الأخرى في هذا البلد، عالقة في جارور أو بالأحرى ضائعة في أحد الجوارير بسبب تنقلها الدائم “من جارور إلى جارور”. ولا يتفاجأ الجمهور بالموضوعات التي يطرقها العرض وبالهموم التي يسلط الضوء عليها، فهي هموم المجتمع كله وهموم الشباب كلهم وهموم المستقبل كله. هل من أمل في التغيير؟ هل ننتظر الفرج؟ كيف السبيل إلى تسريع عملية وصوله؟ هل الهجرة هي الحل؟ هل الذل في أرض الوطن أرحم من الذل في الغربة؟ ماذا يحمل الغد للشباب، هؤلاء الذين من المفترض أن يكونوا أهله والقائمين بشؤونه؟ مشهد من المسرحية (خدمة الفرقة) يبدو أن عصام بو خالد وضع عملاً مسرحياً متكاملاً من خلال اختياره ممثليه حتى. فلا يمكن لمسرحية حول الشباب اللبناني المجتهد الموهوب الطموح إلا أن يكون فريق عملها من الفئة نفسها. وقد وقع اختيار بو خالد على مجموعة ممثلين بارعين واعدين ليجسدوا كلماته، فتبرع في البداية كل من الشابتين يارا زخور وجويل منصور في افتتاح النص وتغميس الجمهور في فضائه الفني والتقني نظراً إلى أن العمل له غاية مجتمعية واقعية. ثم بغتة تفتح الشابتان اللتان تمثلان ما تمثلان من موظفي الإدارات وأصحاب القرار والجمعيات جاروراً هائلاً يخرج منه الشباب، جارور هائل يحمل كلا من علي بليبل وطوني فرح ووسام بتديني وتالا محمود ومنير يحفوف وميشال فغالي. شباب وشابات بلا أسماء ولا انتماءات دينية ولا انتماءات سياسية ولا إشارات مميزة يمثلون الشباب اللبناني بكامله. الشاب العاشق والشاب الذي يعاني إعاقة والفتاة المتأملة والشاب غير المتعلم لظروف حياتية سيئة والشاب كثير التعلم والفتاة الصامتة اليافعة، كلهم هنا بقصصهم وأخبارهم والصورة الهائلة المهولة التي يقدمونها عن الشباب اللبناني وهمومه. يأتي هؤلاء الشباب بحواراتهم وطرق تحليلهم وتفكيرهم و”سذاجتهم” في النقاش -إن أمكن القول- ليذكروا من يجب أن يتذكر بهذه الوثيقة البالغة الأهمية والمرمية في أحد جوارير الإدارات العامة والدوائر الرسمية. هموم التعلم والعمل والسكن والزواج وغيرها بعد، تخرج كلها من الجارور لتسأل “لماذا الغد للشباب وليس اليوم؟” بين الفن والهم في مقابلة أجريناها مع الكاتب والمخرج عصام بو خالد يتحدث الأخير عن ظروف خلق هذا العمل الذي يجمع إلى الفنية العالية هماً مجتمعياً ضخماً “يأتي هذا العمل بمبادرة من جمعية مسار لرغبتها في القيام بعرض فني له علاقة بالوثيقة الشبابية التي أقرت عام 2012، وأنا منتسب إلى الجمعية وضمن هيئتها العامة منذ مدة وأعمل مع الجمعية على عدة مشاريع. وبدأ تعاوننا عام 2007 في عمل حول قوانين تأسيس الجمعيات، وكان عنوان المسرحية ’السنين تبع القوانين‘ عدا عن عدة أعمال أخرى لها علاقة بالشباب وظروفهم والقوانين المتعلقة بهم، منها مثلاً فيلم قصير موجود أونلاين اسمه ’افتحوا الباب للشباب‘. ويأتي الفن في هذا الإطار ليخفف من جفاف الموضوع والمصطلحات القانونية، وليوصل الفكرة المراد إيصالها بصورة أسرع وأفضل للجمهور سواء كان جمهورنا من الشباب أو من صناع القرار”. أما عن المراحل التي يمر بها عمل من هذا النوع فيقول “أولاً لا بد من الانطلاق من المادة التي لا علاقة لها لا بالمسرح ولا بالفن لا من قريب ولا من بعيد، بلغتها التي هي أقرب إلى صياغة القوانين والوثائق. في الأساس النص الأول قائم على مصطلحات تقنية يجب التطرق إليها. وثانياً هناك مهمة اختيار فريق العمل، فهو ليس أي عمل ولا يمكن اختيار أي فريق. وأخذنا بعين الاعتبار أعمار الممثلين واختصاصهم والتوازن الجندري بينهم، فالعمل واقع ضمن إطار الجمعية وأهدافها ورسائلها، بالتالي لا يمكن أن يوحي بشيء معاكس أو مضاد. وكان لا بد من اعتبار مطالب القضية واختيار ممثلين وفريق عمل هم من الشباب درسوا المسرح أو هم في طور دراسته أي إنهم متخصصون في هذا المجال، ليخرج العمل بحرفية وصدقية. وثالثاً بعد اختيار الفريق يجب اختيار المواضيع القريبة من الوثيقة لندخل مجال الفن والدراما. بمجرد أن نبدأ بإيجاد المفاتيح يبدأ تحديد صورة العرض المسرحي، بنوعها وخصالها وبنيتها وصولاً إلى تركيب المشاهد والحوارات والمونولوغات”. أما عن التحديات التي يواجهها كاتب هذا النوع من العروض المسرحية المتأرجحة بين القضايا والفن، يقول بو خالد “خطران اثنان يمكن لصانع نص من هذا النوع أن يقع فيهما، أولهما الوقوع في فخ المسرح التمثيلي، أي إن نضع نصاً ونعالجه بعيداً من القضية المراد معالجتها. فنحن مثلاً في بداية العرض حرصنا على إدخال المصطلحات التقنية ضمن اللعبة التمثيلية لنعود الجمهور عليها ولندخل المسرح إليها. أما الأخطر من ذلك فهو الوقوع في نص تبشيري مباشر يقدم الحلول والحكم ويدعي أنه يقدم رسائل توعية، وهذا النوع من النصوص مباشر ومسطح ولا يملك أية أبعاد درامية ولا فنية، هو أصلاً يشبه الخطاب المباشر المليء بالنظريات مما يدخله حتمياً في التفاهة. وحاولت في هذا العمل الحفاظ على الموضوع الأساس من دون أن أتخلى عن الصورة الفنية التي أحبها وأعمل بها دائماً، ومن دون أن أقلل من شأنه. وحرصت على المحافظة على مقومات العمل المسرحي إلى جانب وجود مسألة الوثيقة، فهذه عناصر لا أتنازل عنها في أي عمل. ونافلة القول إن مسرحية “من جارور لجارور” مسرحية مشوقة بفكرتها متماسكة بنصها تقوم على ممثلين من الشباب اللبناني الواعد والمجتهد. ويقدم هذا العمل ما يقدمه من قضايا شائكة من دون أن يتخلى عن الفنية المسرحية وعن القدرة على المحافظة على انتباه الجمهور الذي “يتسلى ويتثقف” (plaire et instruire) في الوقت نفسه، على غرار ما كان سائداً في الأدب الفرنسي الكلاسيكي للقرن الـ17، قرن الأنوار كمثل مسرحيات موليير (1622- 1673) أو كورنيي (1606-1684) أو راسين (1639- 1699). المزيد عن: مسرحيةمخرجكاتبنصقضايا الشبابالفن الدراميالتثقيفمسرحبيروت 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post عبده وازن يكتب عن: عين سميح القاسم لا تزال على غزة في ذكراه العاشرة next post “أوكرايينا” فيلم ستاليني إنساني عن التآخي بين البشر You may also like مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024