هل هو حنين إلى مؤسسات كانت شديدة التأثير في وقت سابق والواقع يقول الآن إن عديداً منها بات عبئاً؟ (مواقع التواصل) ثقافة و فنون هل يعالج الإغلاق “قصور” الثقافة المصرية؟ by admin 18 مايو، 2025 written by admin 18 مايو، 2025 12 برلمانيون ومثقفون يتشككون في أهداف القرار على رغم اعترافهم بتدهور أحوالها ويحذرون من ترك الشباب فريسة للتطرف ويسألون عن البدائل اندبندنت عربية / حميدة أبو هميلة كاتبة الجدل الذي فجره قرار إغلاق عدد كبير من مقار قصور وبيوت الثقافة في مصر أكد بلا شك القيمة التي تتمتع بها هذه المنشآت، حتى لو تدهورت حال بعضها، فالفزع الذي أصاب قطاعاً كبيراً من المثقفين والمهتمين بالشأن العام، إضافة إلى طلبات الإحاطة في البرلمان، والبلاغات التي قدمت للضغط من أجل التراجع عن هذا القرار، يشير إلى أن دورها ـ في نظر الغاضبين، مهما تضاءل أو خفت، وأنه لا ينبغي السعي لطمسه تماماً وإنما الأفضل تطويره بما يتناسب مع متطلبات العصر. لكن هل هذه الانتفاضة مجرد حنين إلى مؤسسات كانت شديدة التأثير في وقت سابق، لأن الواقع يقول إن عديداً منها بات عبئاً ولا يقوم بالدور المطلوب منه؟ اللافت أن البعض ناقش القرار بهدوء، بل واتفق مع بعض جوانبه، لا سيما أن وزارة الثقافة أعلنت أنه يطاول عدداً من المقار المؤجرة التي لا تتعدى مساحة بعضها 40 متراً، ولا تقدم أية أنشطة مفيدة، فيما كانت الأصوات الرافضة هي الأكثر حضوراً، لا سيما أن عدم قدرة هذه البيوت الثقافية على القيام بدورها مسؤولية تشترك فيها جميع الجهات المعنية، بالتالي فالحل ليس القضاء عليها. وبالطبع فإن حال عدد من “قصور الثقافة” لا تخفى على أحد، وأزماتها تتفاقم عاماً بعد آخر، وكثر طالبوا بوضع حد لما يجري، لكن لم يكن معظمهم يقصد بالتأكيد التخلص تماماً منها، وإطلاق رصاصة الرحمة عليها بحجة تنفيذ القرار الذي يقضي بإعادة هيكلة عقود الإيجار القديم مع الشخصيات الاعتبارية، إذ إن عدداً من الهيئات الحكومية تفعل الشيء ذاته تطبيقاً لقرار صدر قبل نحو سبع سنوات، بالتالي حينما وصل الأمر إلى الثقافة اضطرت الوزارة إلى تعديل خطابها واستبدال آخر تطميني به، وإن كان لا يزال غامضاً ولم ينفِ نية “التصفية” عاجلاً أم آجلاً. مواقف متشككة واعتراف “اندبندنت عربية” تحدثت إلى عديد من الأطراف بعد موجة البيانات والتحذيرات والحلول المقترحة. فضل خمسة منهم عدم التعليق على الأمر أو رفض الإفصاح عن الهوية نظراً إلى حساسية القضية بالنسبة إليهم، لا سيما أن عدداً منهم شغلوا مناصب مؤثرة في وزارة الثقافة، أو مبدعون لديهم رصيد كبير من الإنتاجات. بالعودة إلى البيان “التجميلي” لـ”هيئة قصور الثقافة” فقد جاء ليقول إن “مكتبات وبيوت الثقافة التي تضم أندية أدب وفرقاً فنية مستمرة في أداء دورها”، ولكنه أيضاً اعترف بأن هناك تقصيراً في الخدمات التي تقدمها الهيئة، بالتالي فإن الخطة ستطاول فقط المقار العديمة الجدوى، مع وعد بتنفيذ الأهداف المنوطة من طريق التوسع في المكتبات المتنقلة والتكنولوجية، إذ إن تعميق أدوار “قصور الثقافة” لا يمكن تحقيقه “من خلال مجموعة من المكتبات المؤجرة التي لا تتجاوز مساحة بعضها حجرة صغيرة أو قاعة محدودة وأحياناً بالشراكة مع جهات أخرى لا تليق بموقع يقدم خدمة ثقافية تواكب طموحات المواطن المصري، فقد أصبحت التكنولوجيا جزءاً لا يتجزأ من مفردات حياته”، وفقاً لنص البيان. تعود أهمية هذه القصور الكبرى إلى كونها متنفساً للمواهب في القرى والنجوع البعيدة (مواقع التواصل) مع ذلك استشعر المهتمون بحال الثقافة في البلاد أن شيئاً ما يحدث يمهد ربما إلى ما هو أكبر في ما يتعلق بهذا الكيان، لا سيما أن البداية وفقاً للمتداول ستطاول أكثر من 120 مقراً، وهو رقم ضخم للغاية، فعلى رغم التصريحات الرسمية بأن هناك نحو 600 مقراً، بالتالي سيصيب الإغلاق ما يزيد على السدس فقط بقليل، فإنه وفقاً للجهاز الرسمي للتعبئة العامة والإحصاء انخفضت أعداد بيوت و”قصور الثقافة” في المحافظات المصرية من 432 عام 2009 إلى 347 فقط عام 2021. وتعود أهمية هذه القصور الكبرى إلى كونها متنفساً للوعي والثقافة والأخذ بيد بعض المواهب في القرى والنجوع البعيدة من العاصمة باعتبارها المركز التنويري الأكبر الذي يحظى بالفرص، وفي ظل تقلص أعداد المسارح ودور السينما تبدو “قصور الثقافة” بالنسبة إلى بعض المناطق رئة ثقافية للطلائع والنشء بلا بدائل موثوقة تقريباً، لا سيما في ظل خطط الدولة لمحاربة التطرف من طريق مؤسساتها التي تنشر رسائل متزنة توسع المدارك، ولهذا انتفض عديد من النواب في البرلمان المصري ضد هذا القرار وبينهم الروائية والأديبة والنائبة ضحى عاصي، التي فندت في حديثها لـ”اندبندنت عربية” البيانات الرسمية، وقالت رداً على أبرز ما جاء فيها وبينها فكرة المكتبات المتنقلة، بالقول إنها وسيلة لا تصلح أبداً كبديل لحاضنة ثقافية مثل “قصور الثقافة”، مشيرة إلى أن المكان الثابت مختلف تماماً عن سيارة متنقلة قد لا تلائم مواعيدها من يحتاجون بالفعل إلى خدماتها، كما أنها مهما حدث لن تتمكن من استيعاب كافة المناطق. ولخصت وجهة نظرها بالقول “هذه الطريقة تحرم المواطن من حرية التلقي، وتلغي حاضنة ثقافية مهمة تصنع بدورها هوية ثقافية للمترددين عليها، كما تلغي فكرة العدالة الثقافية”. لا تنسوا “بنات البرشا” المهندسة والنائبة في البرلمان مها عبدالناصر ذكرت بقيمة هذه المنافذ الثقافية المهمة وبأنشطتها المؤثرة قبل سنوات، عندما كانت تأخذ بيد المواهب والإبداعات المتنوعة، وكان لدى جميع المحافظات فرق كبيرة تخرج فيها وترعاها هذه القصور وبعضها يقدم عروضاً في محافل دولية، منوهة بالمواهب المميزة التي ظهرت في فيلم “رفعت عيني للسما” الذي استعرض تجربة فتيات فرقة “بانوراما برشا” بالمنيا في صعيد مصر، وحصد الفيلم إشادة وجوائز عالمية بينها “العين الذهبية” من مهرجان “كان” السينمائي العام الماضي. وتابعت النائبة “المحافظات المصرية مليئة بفرق الشارع التي تقدم فولكلوراً وتبحث عن متنفس للتدريب ومكان للعرض، لم لا تحتضنهم ‘قصور الثقافة’ الرسمية بدلاً من وضع موظفين بها يقومون بتطفيش المواهب؟ مع أن الحل بسيط، وهو البحث عن مبدعين محليين يدربون هذه المواهب لإخراج فنانين حقيقيين يبحثون عن فرصة، وحتى المقار الصغيرة المساحة يمكن استعمالها لعرض أفلام على شاشة مرة شهرياً بأسعار رمزية، فهي طاقة النور الثقافية التي يمكن أن تؤدي دوراً حقيقياً في طرد التطرف من العقول”. موضحة أن “الأزمة الأخيرة ربما تكون سبباً في إلقاء الضوء على أوضاع تلك القصور، ومنحها قبلة الحياة”. وفقاً للموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات، فإن “الهيئة العامة لقصور الثقافة تهدف إلى المشاركة في رفع المستوى الثقافي وتوجيه الوعي القومي للجماهير في مجالات السينما والمسرح والموسيقى والآداب والفنون الشعبية والتشكيلية وفي نشاط الطفل والمرأة والشباب وخدمات المكتبات في المحافظات”. أما في ما يتعلق بنشأتها فقد مرت بمراحل عدة، الأولى عام 1945 تحت اسم الجامعة الشعبية، وفي عام 1965 أصبحت “الثقافة الجماهيرية”، وتحولت إلى الاسم الحالي “قصور الثقافة” عام 1989. بالنسبة إلى بعض المناطق هي رئة ثقافية للطلائع والنشء بلا بدائل موثوقة تقريباً (مواقع التواصل) في كتابه “مذكراتي في السياسة والثقافة” تحدث وزير الثقافة الراحل ثروت عكاشة، أول من فكر فى إنشاء الهيئات الثقافية والفنية على عهد ثورة يوليو (تموز) عام 1952، عن فكرة إنشاء هيئة قصور الثقافة أو الثقافة الجماهيرية. وهو يرى أن “لا ازدهار لثقافة قومية إلا إذا عبرت عن فئات المجتمع المختلفة في المدينة والقرية على السواء، فإذا أهملت فئة من الفئات كانت ثقافة ينقصها الشمول، ولا قيام لثقافة جامعة إلا إذا مكنا الكل من الارتشاف من المناهل الثقافية، لا فرق بين طبقة وطبقة، ولا بين فرد وفرد”. يذهب البعض إلى ما هو أبعد من النقاش المعتاد، معتبراً أن القرارات الأخيرة تمثل توجهاً نحو خصخصة الثقافة، بل ومؤامرة على إرث عبدالناصر الثقافي ومنجزات ثورة يوليو، التي نشأت في عهدها مؤسسات ثقافية أخرى مثل معاهد السينما والفنون والمجلس الأعلى للثقافة، مع تحذيرات من أن هدف القضاء على الإرهاب الذي تسعى إليه الدولة يبدأ ببناء العقول في الصغر وتنميتها، بدلاً من تركهم في أيادي الجماعات المتطرفة التي تنتشر بصورة واضحة في القرى النائية، حيث إنها البديل المتاح. التطرف يرعى في الحمى هذا الرأي متداول بصورة أو بأخرى في تدوينات ساخطة على التطورات الأخيرة، لكن أحد المصادر الفاعلة في الوسط الثقافي يشير إلى أن بعضاً من مقار “قصور الثقافة” نفسها تتحول إلى حاضنات للأفكار المتعصبة للغاية، لافتاً إلى أنه عاين بنفسه هذه الأوضاع بسبب الفساد الإداري الذي يسيطر عليها، إذ إن عدداً من الموظفين يتبنون تلك الأفكار ويهيمنون على المقار البعيدة من الرقابة، وينشرون رسالتهم المتطرفة والمنغلقة ولا يقيمون أية أنشطة ثقافية من أي نوع. وأوضح أن “التخلص من هذه التركة الفاسدة في حاجة إلى قرار جريء وحل ذكي لهذه المعضلة، بخاصة في ما يتعلق بالموظفين المعينين الذين يجهزون بأنفسهم على التجربة الثقافية في المناطق التي يعملون بها”، مؤكداً أن “الاستهتار قد يصل إلى إقدام العاملين على تحويل المقار البعيدة من الرقابة إلى حجرات لتربية الطيور ومخازن لشؤونهم الشخصية”. اضطرت الوزارة إلى تعديل خطابها واستبدال آخر تطميني به، وإن كان لا يزال غامضاً (مواقع التواصل) هذه القتامة التي تشير إلى أن المهمة مستعصية للغاية، يقابلها على الجانب الآخر أمل يؤكد أن الخطط المدروسة لتطوير هذه المنظومة موضوعة منذ سنوات طويلة، ولكن لا أحد يقربها. ولفتت بعض المصادر إلى أنه من غير المعلوم سبب تغاضي المسؤولين عن الرؤية الإصلاحية التي وضعها متخصصون لديهم خبرات طويلة في المجال، مشددين على أنها لا تستدعي موازنة ضخمة أو إنفاقاً يذكر، فحجة النفقات ليست موجودة، بل فقط إعادة هيكلة وتنفيذ خطوات حقيقية وواقعية لإعادة الأمور إلى نصابها. على ذكر النفقات فإن النائبة والروائية ضحى عاصي التي خاضت حملتها الانتخابية تحت شعار “الثقافة حق للجميع”، تشير إلى أن “الحجة المتداولة من جدوى الإغلاق وهي توفير النفقات وإعادة توجيهها غير مقنعة، لأن المردود هنا ضئيل للغاية، فالحاضنات الثقافية المقرر إغلاقها غالبيتها ليست مؤجرة، بل هي مخصصة للوزارة من مؤسسات حكومية أخرى، لهذا فبعد إغلاقها ستضطر الوزارة إلى توزيع موظفيها ومنحهم رواتبهم كما هي، بالتالي فإن الهدف الاقتصادي الهزيل هنا لا يتناسب أبداً مع خسارة هذه المنافذ التي تؤثر بصورة عميقة جداً في المجتمع، حيث أخرجت هذه البيوت الثقافية نوادي أدب من جميع المحافظات كان يقوم عليها مفكرون نتباهى بهم حتى اليوم، وليس من الطبيعي أن تبادر الهيئة بإغلاق المقار خوفاً من أن تضطر للإنفاق عليها مستقبلاً. تسمي عاصي ما يجري بـ”مذبحة قصور الثقافة”، إذ إن القرار يشمل عدداً ضخماً من المقار تتوزع على 24 محافظة، أي في غالبية عموم البلاد. ليسوا أهلاً للثقافة كان الرئيس عبدالفتاح السيسي في نهاية عام 2019 وجه بضرورة إعادة تأهيل “قصور الثقافة” وتحسين منظومتها على مستوى الجمهورية لتحقيق أهدافها في نشر الوعي بين الشباب الصاعد ومحاربة الأفكار المتطرفة. بالتالي فإن التطورات الأخيرة كانت تعتبر غير متوقعة. الناقد والكاتب رضا عطية يميل إلى رأي أكثر اعتدالاً لحل الأزمة يشير من خلاله إلى إمكان إعادة توجيه الأنشطة في هذه المقار، فحتى لو كان بعضها عبارة عن مكتبة فقط فإنه يمكن تعديل برامجها لتمارس فنوناً جاذبة. مشدداً على أنها أصول ثقافية ينبغي استثمارها بأفضل وسيلة لدعم الأنشطة. ويضيف عطية “لم يعلن بصورة واضحة عن حال كل مقر من المزمع إغلاقه، لكن قد يكون الأمر مقبولاً لو كان تهناك مقار بديلة في المناطق المجاورة نفسها تستوعب الأعداد التي كان يخدمها المقر الذي سيتوقف نشاطه، لكن إن لم يكن هناك بديل فهنا تكمن المشكلة”. يصف عطية تلك المنظومة بالمعقدة جداً، ومن ضمن أكثر المشكلات تعقيداً غياب الموظفين عن مقار هذه القصور وبخاصة في الأقاليم، حيث لا يقومون بمهامهم من الأساس. ويتابع “قد يكون وزير الثقافة مضطراً إلى هذا القرار الصعب، فبعض العاملين بهذه المقار ربما ليسوا أهلاً للثقافة، بالتالي فتوجيه الدعم إلى مكان بديل في المحيط الجغرافي نفسه قد يكون أكثر جدوى، إذ يمكن التركيز على المسابقاًت الفنية في التمثيل والقراءة والغناء والفن التشكيلي لجذب وتشجيع وتحفيز الطلائع والنشء على التردد على هذه المقار، حيث يجب تعميرها لتمتلئ بالجماهير المستفيدة، كذلك يجب الاهتمام بمنشورات الكتب التي تهم فئة الشباب الصغير، إذ إن هناك تراجعاً كبيراً في هذا الصدد مقارنة بعشرين أو 30 عاماً مضت. إن هذا مشروع قومي لا يمكن تجاهله”. المزيد عن: مصرفصور الثقافةثورة يوليوثروت عكاشةالتطرف الدينيمثقفو مصرالبرلمان المصري 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الأم ليست كما عرفناها: سرديات مغايرة في مهرجان كان next post حكم إيراني بإعدام 3 أشخاص لدورهم في هجمات على مرقد You may also like الأم ليست كما عرفناها: سرديات مغايرة في مهرجان... 18 مايو، 2025 معرض بيروت للكتاب يتعافى ببطء من وعكة المدينة 18 مايو، 2025 قاتل كخنزير بري… لافونتين وقصيدة الغرام المستحيل 18 مايو، 2025 مهى سلطان تكتب عن: 3رسامين لبنانيين يعلنون نهاية... 18 مايو، 2025 إليف شافاك: تعرضت للمحاكمة والإعدام الإلكتروني 18 مايو، 2025 بطرس المعري يلوذ بالفن “كي لا ننسى” آلام... 15 مايو، 2025 عبد الرزاق قرنح في الحب والخيانة والهجران 15 مايو، 2025 “حربنا” فيلم وثائقي سجالي يطلق شعلة مهرجان كانّ 15 مايو، 2025 فلاسفة العصور القديمة عاشوا وفق ما تقتضيه أفكارهم 15 مايو، 2025 عشرات النسخ من حكاية فاوست أفضلها بطل غوته... 15 مايو، 2025