يسعى السياسيون الأتراك إلى التوصل إلى اتفاق مع الأكراد بطريقة أو بأخرى (أ ف ب) عرب وعالم هل من الممكن إنشاء دولة للأكراد؟ by admin 14 نوفمبر، 2024 written by admin 14 نوفمبر، 2024 55 ربما الخطأ الذي ارتكبه أردوغان وبهجلي وأوزيل وغيرهم من السياسيين الأتراك هو عدم توضيح ما الذي يدعون إليه ولم يرسموا مساراً واضحاً للخطوات التي يتحدثون عنها اندبندنت عربية / ألتان تان منذ أكثر من شهر خطب في البرلمان التركي زعيم حزب “الحركة القومية” دولت بهجلي، داعياً عبدالله أوجلان زعيم “حزب العمال الكردستاني”، للمصالحة وحل الحزب الذي يخوض معارك ضد تركيا منذ نحو أربعة عقود. منذ ذلك الخطاب المفاجئ تغيرت الأجندة السياسية في تركيا، وانعكس ذلك على الصعيد الشعبي، فباتت هذه القضية الأكثر تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي، من سياسيين وصحافيين إلى الجمهور المتابع، ولاقت القضية اهتماماً واسعاً سواء ممن يفهمون أبعادها أو من الذين لا يعرفون تفاصيلها. بعد هذه التصريحات تحدث بهجلي مرات عدة، إلا أن أحد تصريحاته الأكثر لفتاً للانتباه هي قوله، “تركيا من بقايا الإمبراطورية العثمانية، وخلال فترة الحكم العثماني كانت هناك ثقافة واحدة على رغم تعدد الأعراق، تركيا اليوم أمام شرق أوسط جديد، وعليها أن تخرج منه من دون مشكلات”. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هو الآخر ردد في أكثر من مناسبة خلال الأسابيع الماضية ما تحدث به بهجلي، بل وتودد للأكراد، ومما قاله، “الأكراد والأتراك عملا معاً عبر التاريخ، والأخوة الكردية – التركية هي أخوة قديمة جداً، وسوف تستمر هذه الأخوة في المستقبل، فتركيا هي دولة الأكراد أيضاً”. المعارضة تكسر الروتين لم يكن أردوغان وحليفه بهجلي فقط من رددا تصريحات “إيجابية” تجاه الأكراد، بل وعلى خلاف المعتاد، وافقت المعارضة التركية على خطوات الحكومة، فأطلق أوزغور أوزيل زعيم حزب “الشعب الجمهوري”، أكبر أحزاب المعارضة التركية، تصريحات مماثلة تدعو للمصالحة مع الأكراد، والأكثر من ذلك أنه قال، “إنني أعد الأكراد بدولة… هذه الدولة هي جمهورية تركيا… وطن مشترك”، وهذا خطاب جديد من نوعه. تصريحات الزعماء الثلاثة كانت متشابهة، وكانت تنادي الأكراد لعيش مشترك، وثالثهم وعدهم بدولة، لكن الدولة الكردية التي وعد بها هي الدولة التركية، إذاً الحديث ليس عن دولة كردية في أراضي ما يسمى “كردستان”، وإنما الحديث عن “عيش مشترك” مع المجتمع التركي، فما الذي يعنيه هذا “العيش المشترك”؟ هل “الوحدة” والعيش المشترك تعني ضم شعوب أخرى تعيش في الشرق الأوسط؟ ربما هذا الخطاب كخطاب يبدو إيجابياً، فلا أحد يرفض الوحدة الوطنية والعيش المشترك، و”الدولة الكردية في الجمهورية التركية”، لكن هل يمكن أن تتوقف الاستفزازات وتصمت الأعمال العدائية في هذا “الوطن المشترك”؟ تنسيق جديد ربما الخطأ الذي ارتكبه أردوغان وبهجلي وأوزيل وغيرهم من السياسيين الأتراك هو عدم توضيح ما الذي يدعون إليه، ولم يرسموا مساراً صحيحاً واضحاً للخطوات التي يتحدثون عنها، هناك من المحللين من اعتبر أن كل هذه التصريحات عبارة عن “كلمات فارغة”، لكن عبر التاريخ كانت أحياناً الكلمات الفارغة تأخذ مكانها على الرفوف، وربما ما يجري اليوم في تركيا هو أيضاً ضمن التنسيق أو التشكيل لـ”الشرق الأوسط الجديد”. يقال إن الإقليم يتم تغيير شكله كل 30 إلى 40 عاماً، وأي تغيير في الإقليم ينعكس على العالم كله. في القرن الماضي شهدنا حربين عالميتين، أسفرت كل منهما عن نظام عالمي جديد، وحتى نهاية القرن الماضي كان هناك فترة “سوفياتية- صينية- شيوعية”، لكن هذه الفترة باتت اليوم ماضياً، وانهارت الكتلة الشرقية كلها، ويتم اليوم طرح شكل جديد للعالم، وكأن العالم يحتاج إلى تحديث مثل نظام الكمبيوتر الذي يتم تحديثه بين الحين والآخر. وبما أن السياسيين الأتراك يدركون أن النظام العالمي يصدر تحديثاً جديداً، فإنهم يفكرون بالتوصل إلى اتفاق مع الأكراد بطريقة أو بأخرى. القول إن للأكراد دولة هي الجمهورية التركية، والحديث عن “العيش المشترك” يجب أن يشمل جميع مواطني أراضي الجمهورية التركية بمن في ذلك الإسلاميون والعلمانيون والسنة والشيعة والعلوية والإيزيديون والعرب والأرمن والآشوريون، وغير ذلك من الاختلافات الدينية والعرقية والطبقية، وبخلاف هذا لا يوجد خلاص لتركيا، لذلك من الأفضل للسياسيين الأتراك، إذا كانوا يبحثون عن حل، أن يحلوا جميع المشكلات، فلا يحلون مشكلة ويؤجلون باقي المشكلات، فهذا لم يعد ممكناً. مشاريع غامضة الكلمات الرنانة والجميلة واللطيفة التي تحدث بها أردوغان وباقي السياسيين وحدها لا تكفي، بمعنى آخر الكلام يبقى مجرد كلام، لكن أين هي المشاريع، أين هي مسؤولية أردوغان ومعارضيه، أين هي مشاريعهم الحقيقية لـ”الجمهورية التركية الديمقراطية”؟ حتى المعارضة وزعيمها أوزال، ليس لديها مشروع مقنع حول الديمقراطية في تركيا، لكن بالعموم كما قلنا يبدو أنهم أدركوا أن المصالحة مع الأكراد هي الخيار الوحيد الذي أمامهم، وعليهم اليوم فتح صفحة جديدة. بطبيعة الحال لن ينجح أي مشروع في الشرق الأوسط يقصي الأكراد، أي مشروع لا يشمل الأكراد أو لا يرضيهم لا يمكن أن ينجح، وهذا ليس فقط في العصر الحديث، بل الأكراد كانوا جزءاً من أي حل بأي قضية في المنطقة منذ عهد السلاجقة في الأقل، وفي العصر العثماني كانوا جزءاً من أي حل لأي قضية في منطقتهم. بالنسبة للأكراد، وهنا أقصد أكراد تركيا، أي الأكراد الذين يعيشون في الأراضي التركية ويحملون جنسيتها، هؤلاء لا ينتمون لمشروع “دولة كردستان”، هؤلاء ينتمون للدولة التركية، وهم يعبرون عن هذا دوماً، ويقفون مع الحكومة التركية في قضاياها، حتى إن الأكراد – الأتراك أكثر ولاء لتركيا من الأتراك الآخرين الذين يعيشون في آسيا الوسطى مثل أذربيجان وغيرها ويحملون جنسيات تلك الدول، فهم يعدون أنفسهم من تلك الدول وليس من تركيا، هذا يعني أن هناك أكراداً أقرب للدولة التركية من بعض الأتراك عرقياً. باختصار لكي يكون مشروع أردوغان وبهجلي ناجحاً يجب أن يكون مشروعاً جاداً لفتح صفحة جديدة مع الأكراد، وهذا يشمل جميع سكان تركيا، تركاً وعرباً وكرداً، وغيرهم. ألمانيا أقرب من حلب لا يمكن لتركيا أن تكون دولة ديمقراطية و”وطناً مشتركاً”، إذا كانت تقصي الكردي أو العربي، المسافة بين ولاية كلس ومدينة حلب لا تتجاوز 20 دقيقة بالسيارة حينما يكون الطريق سالكاً، كل هذا القرب الجغرافي والتاريخي والسياسي يحتم على تركيا فتح صفحة جديدة مع باقي الأعراق القريبة والمحيطة والتي تعيش داخل تركيا. غرباً نجد التحالف الأميركي – الألماني على سبيل المثال، وأن صادرات ألمانيا إلى الولايات المتحدة تبلغ مليارات الدولارات، وفي جغرافيتنا نجد صعوبة في إيجاد اتصال إيجابي مباشر بين أهالي كلس جنوب تركيا وأهالي حلب شمال سوريا. كارثة الطريق المختصر في المقابل بالنسبة للأكراد فإن سياسة القتال والتصادم مع تركيا والاعتماد على الولايات المتحدة أو إسرائيل أو حتى روسيا وإيران، لن يبني لهم دولة، وهذا الاعتماد سيكلفهم أثماناً باهظة جداً، وهذه الحرب ضد تركيا بدعوى “النضال لبناء دولة كردية” حرب خاسرة وهي تضر الأكراد كما تضر الأتراك، وليس أمامهم إلا القبول بالعرض الأخير والعيش ديمقراطياً في الجمهورية التركية. النظر إلى جارتنا الشمالية سوريا وحده يكفي الأتراك والأكراد للعظة، مليون قتيل وأكثر من 7 ملايين لاجئ، وبلد مدمر، وبالتأكيد ليس لدى الأتراك والأكراد رغبة بجلب هذا الدمار الهائل إلى الجغرافيا التركية. يقول المثل الشعبي الكردي، “اذهب بعيداً، اسلك طريقاً مستقيماً آمناً، ولكن ارجع بسلام”، وهذا يعني أن سلوك الطريق الطويل الآمن أفضل من سلوك الطريق القصير الخطر، إذ إن بعض الطرق المختصرة تؤدي إلى كارثة. ملاحظة: الآراء الواردة في هذا المقال تخص المؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لصحيفة “اندبندنت التركية”. نقلا عن “اندبندنت التركية” المزيد عن: أكراد تركيارجب طيب أردوغاندولت بهجليحزب العمال الكردستانيعبدالله أوجلانالمعارضة التركيةأوزغور أوزيلحزب الشعب الجمهوريالعيش المشتركالنظام العالميشرق أوسط جديد 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الكنز المفقود… ماذا يخفي نهر النيل؟ next post الإيجار القديم في مصر… المستأجرون حائرون والملاك يترقبون You may also like عامُ “البجعات السوداء” في العالم العربي! 25 ديسمبر، 2024 وثائق خاصة لـ”المجلة” تكشف تجسس نظام الأسد على... 25 ديسمبر، 2024 دمشق تحمل إيران تداعيات تصريحاتها وتركيا تسعى لترسيم... 25 ديسمبر، 2024 خيمة اليأس والرجاء… نساء المختطفين اللبنانيين في سوريا 25 ديسمبر، 2024 الاعتراف بسورية مزارع شبعا قد ينزع شرعية “حزب... 25 ديسمبر، 2024 حكايات وأرقام مفزعة للمختفين قسرا في سوريا 24 ديسمبر، 2024 أكراد سوريا… معركة التاريخ والمخاض الجديد 24 ديسمبر، 2024 مخطوفون ومطلوبون… ما مصير رجالات الأسد في لبنان؟ 24 ديسمبر، 2024 الغموض يكتنف مصير السوريين في مصر بعد الإطاحة... 24 ديسمبر، 2024 لبنان يبحث عن جثامين مفقوديه وينتظر الانسحاب الإسرائيلي 24 ديسمبر، 2024