هل منح الجمهور صك الغفران لفضل شاكر بعد التوهج الفريد بـ”أحلى رسمة”؟

مسلسل حزين وفيديو يعلن براءته وأغنيات تشعل المشاعر… 3 طرق تحاول فتح صفحة جديدة لصاحب “يا غايب”

اندبندنت عربية  / نجلاء أبو النجا صحافية @nojaaaaa

لم تكن عودة فضل شاكر المفاجئة وطرحه عدداً من الأغنيات التي أشعلت حنين جمهوره مجرد عودة فنان بعد غياب وسنوات من القطيعة الموصومة بالاتهامات، ولكنها كانت لحظة فارقة فتحت باب الجدل حول مدى تسامح الجمهور ومنحه صكوك الغفران لنجم محبوب، وهل الصوت الرخيم والأغنيات رائعة الإحساس ستجعل شاكر يفتح صفحة جديدة ناصعة في حياته؟

المعادلة الصعبة

فضل شاكر معادلة صعبة، وإحساس مرهف لم يستطع نجوم آخرون أن يصلوا إليه، ومسيرة توقفت منذ نحو 13 عاماً في ظروف شديدة القسوة. وكان الموعد في أبريل (نيسان) الماضي لأقوى “ريمونتادا” كما يقولون بلغة كرم القدم، إذ عاد المحترف لساحة الملاعب بأغنية أرجعت المشاعر لوهجها، وهي  “أحلى رسمة” أو كما يطلق عليها عشاقه “إلا وأنا معاك”، وكتبتها ولحنتها الشاعرة اليمنية جومانا جمال، لتتصدر الأغنية عبر الأسابيع الماضية، وحتى الآن قمة قائمة الاستماع بأكبر عدد من المحطات والمنصات الغنائية.

تصدرت أغنية أحلى رسمة منصات الاستماع وحققت نجاحا كبيرا (مواقع التواصل الإجتماعي)

إثارة الجدل

عودة فضل شاكر للساحة الغنائية، التي قال عنها عبر صفحته الرسمية بموقع تبادل الصور “إنستغرام”، “بالحب أرجعتوني”، كانت مثار ترحيب من جهة عشاق صوته الحساس، ومجال للنقد والغضب والرفض من الذين يرونه مجرماً ويداه ملوثة بالدماء والإرهاب.

تصدر الرفض القاطع لعودة فضل المشهد لمدة سنوات طويلة على رغم محاولاته الحضور بأية أغنية لجس النبض واختبار مدى قبول الناس له ولفنه مرة أخرى، خصوصاً عندما قدم أغنية مقدمة مسلسل مصري للفنانة يسرا بعنوان “لدينا أقول أخرى”، وقامت الدنيا ولم تهدأ حتى عوقب المسلسل وأزيل “تيتر” العمل، لأنه بصوت متهم لا يمكن التسامح معه، بحسب ما تردد وقتها.

تغير النظرة

ولكن يبدو أن الأمور تغيرت والنظرة الرافضة تبدلت ملامحها أخيراً، إذ بدأ التمهيد لعودته بأكثر من طريقة، لعل أبرزها مسلسل “يا غايب”، وهو وثائقي من تسع حلقات، وطرحته منصة “شاهد” وتتناول أحداثه تفاصيل مشوار وسيرة النجم اللبناني المثير للجدل، وحملت كل حلقة اسم إحدى أغنيات فضل.

ظهر فضل شاكر بنفسه بالمسلسل الوثائقي يا غايب الذي عرض على منصة شاهد (مواقع التواصل الإجتماعي),

ويحكى العمل تفاصيل المسيرة الفنية والحياة الشخصية لفضل شاكر. وعلى مدار تسع حلقات تدور أحداث العمل، وسميت كل حلقة باسم اغنية من أغنياته، إضافة إلى اسم المسلسل نفسه الذي يحمل عنوان واحدة من أغنياته الشهيرة. وبدأت الحلقة الأولى بمحاولة رفض الاتهامات الموجهة له وبتساؤل فضل شاكر: “أنا من مين متهم: من الإعلام؟ من الفنانين؟ ولا من مين؟”. وفي الحلقات الثلاث الأولى ظهر فضل بنفسه ليحكي تفاصيل وقصص من حياته، ويعد هذا أول ظهور له منذ سنوات.

أزمة القضاء

وتتصاعد الأحداث بمسلسل “يا غايب” عندما تسعى صحفية شابة إلى الكشف عن تفاصيل حياة فضل شاكر، خصوصاً ما يتعلق بأزمته مع القضاء اللبناني بسبب تورطه بنشاطات سياسية مشبوهة وخارجة عن القانون، والأحكام الصادرة في حقه والأخرى المرتقبة.

وهناك خط آخر يستعرض بمشاهد تمثيلية مراحل طفولة فضل شاكر، وظروفه الصعبة وكيف قضى سبع سنوات في دار أيتام على رغم وجود والديه على قيد الحياة، وتأثير ذلك في مشاعره وشخصيته، كما استعرض المسلسل بدايته الغنائية وكيف ارتبط بالسيدة نادية والدة أبنائه وزوجته الوحيدة.

ونجح المسلسل في صنع حالة من الشجن والتوحد مع فضل، إضافة إلى كسب تعاطف كبير، خصوصاً في ما يخص طفولته الفقيرة، وما تعرض له من إجبار في مرحلة حرجة من حياته.

العقاب

وعلى رغم عشق الجمهور لصوت فضل ومحاولة الخروج من أزمة العقاب الأدبي والمعنوي ظل الاتهام له بتلوث يديه بأعمال إرهابية كالسيف على رقبته، واستمرت حالة التربص به من قطاع كبير من الرافضين لوجوده والمعارضين لمسامحته، لكن ظل الجانب الآخر يدعو إلى فتح صفحة جديدة معه، وبرر الداعمون موقفهم بأن هناك تغيراً عالمياً في التعامل والتسامح مع قيادات حركات متشددة وإرهابية، وهذا الموقف ليس محلياً فقط بل أصبح واقعاً عالمياً، فالمجتمع الدولي يتعامل حالياً مع قادة حركة “طالبان” في أفغانستان، وكذلك تنظيمات القاعدة و”داعش”، وهناك عفو عن كثير ممنصدر في حقهم عقوبات وأحكام سابقة، فلماذا لا يطبق الأمر نفسه، والعفو على فنان يحبه ملايين حتى إن كانت سابقة اتهامه ما زالت صفحة سوداء في  ماضيه

تغير نظرة المجتمع الدولي مع قيادات الحركات المتشددة بررت دفاع جمهور فضل عنه مؤخرا (مواقع التواصل الإجتماعي)

إعلان البراءة

وقبل ظهور فضل مجدداً على الساحة الغنائية من خلال مجموعة من الأغاني خرج ابنه محمد عبر صفحته الرسمية بموقع تبادل الصور والفيديوهات “إنستغرام”، وطرح فيديو يتحدث فيه عن والده وبراءته من تهمة القتال ضد الجيش اللبناني، وأكد أن البراءة صدرت فعلياً عام 2018، لكن الإعلام لم يسلط الضوء عليها آنذاك، وأشار إلى أن فضل شاكر لا يزال يواجه اتهامات أخرى لا علاقة لها بالقضية السابقة.

ووصف محمد تهمة سلب أموال الناس، وقضية تبييض أموال بقيمة 130 ألف دولار، بأنها اتهامات عارية من الصحة وتبعث على السخرية. واختتم بتوجيه تحية للجيش اللبناني، قائلاً “الجيش يعلم ببراءة والدي من كل التهم”.

تحديات قانونية

يذكر أن اسم فضل شاكر ارتبط منذ عام 2012 بمجموعة من الاتهامات أهمها ما تردد عن تورطه في أحداث جنوب لبنان، وكذلك مشاركته في  معارك مسلحة ضد الجيش اللبناني، مما أدى إلى صدور أحكام قضائية في حقه.

وبدأت القصة مع بداية ثورات “الربيع العربي” عندما شارك شاكر في تظاهرة نظمها أحمد الأسير في بيروت، وقرر الانسحاب من الوسط الفني، وانضم لجماعات إرهابية، وانتشرت لها بعض المقاطع المصورة وهو يحمل سلاحاً ويردد أنه تبرأ من الغناء ووجد طريقه الصحيح.

وفي عام 2013 وجهت إلى شاكر اتهامات بعد الاشتباكات التي وقعت بين أنصار الأسير والجيش اللبناني، وعقب هذه الأحداث بعامين ألقي القبض على الأسير وحكم عليه بالإعدام.

حياة طبيعية

وفي عام 2018 وبعد غياب ست سنوات حاول فضل شاكر الرجوع عن الطريق الذي سلكه فظهر حليق الذقن وبهيئته المعتادة لدى جمهوره، وأجرى مقابلة في منزله مع قناة “المؤسسة اللبنانية للإرسال” اللبنانية، وأعلن شاكر في المقابلة، أنه لم يشارك في معارك عبرا، وكشف عن أن علاقته كانت سيئة جداً بأحمد الأسير، كما نفى أنه حرض على الجيش.

فضل أكد أنه لم يشارك في معركة عبرا (جنوب) (مواقع التواصل الإجتماعي),

.واختتم لقائه بأنه يتمنى العودة لحياته الطبيعية على رغم أنه يعرف أن صورته تعرضت للتشويه وللأذى المتعمد، الذي يجعل من الصعب أن يتقبله الناس في بلده مرة أخرى. وحاول فضل مرة أخرى أن يعبر عن رغبته في العودة لجمهوره من خلال برنامج وثائقي بعنوان “حكاية طويلة” عرض على قناة “الجديد” اللبنانية، وقال  في اللقاء “أتمنى أن أبدأ صفحة جديدة في حياتي”، وطرح وقتها أغنية باللهجة المصرية بعنوان “ليه الجرح”. وشدد فضل على أنه اعتزل العمل السياسي، ويطمح للعيش بعيداً من الصراعات.

أحكام غيابية

وصدر في حق فضل شاكر أحكام عدة، منها حكمان غيابان من المحكمة العسكرية الأول في عام 2016، الذي قضى بسجنه خمس سنوات وغرامة مالية بتهمة التهجم على دولة شقيقة، خلال مقابلة أجراها من مخيم عين الحلوة عام 2014.

وصدر الحكم الثاني ضده في 2017، ضمن قضية “أحداث عبرا”، إذ قضى بسجنه 15 عاماً مع الأشغال الشاقة.

قبول الجمهور الكبير لأغنيات فضل شاكر الجديدة التي طرحت من أيام بعثت الأمل فيه من جديد، وشجعته على التعليق أكثر من مرة وعبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ علق على نجاح أغنية “أحلى رسمة”، وتصدر أغنياته الأخرى ترند موقع الفيديوهات العالمي “يوتيوب”.

وقال  “أنا سعيد جداً بنجاح الأغاني الأخيرة، ولأن الناس متعطشة للفن الحلو والإحساس والطرب”.

وشكر فضل جمهوره العربي الكبير، ووجه تحية خصوصاً للجمهور المصري في تعليقه، “أوجه الحب لكل جمهوري خصوصاً جمهور مصر العظيم، الذي يحب الغناء الحقيقي من كل قلبه”.

المزيد عن: فضل شاكرقضية فضل شاكرمعركة عبراغناء عربيأحلى رسمةمسلسل يا غايب