جهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية سمح مؤخرا بنشر مئات الوثائق السرية عبر إدارة الأرشيف الوطني (غيتي) X FILE هل كانت جيزيلا آشلي جاسوسة نازية أم ضحية تمييز؟ (1-2) by admin 20 يناير، 2025 written by admin 20 يناير، 2025 15 وثائق الاستخبارات البريطانية تكشف مأساة امرأة عايشت الحرب العالمية الثانية اندبندنت عربية / حامد الكناني كاتب وباحث @kananihamed من الوثائق التي سمح جهاز الاستخبارات البريطانية (أم آي 5) بنشرها أخيراً، مجموعة تتحدث عن جيزيلا آشلي التي ولدت في ألمانيا ثم انتقلت للعيش في لندن أوائل ثلاثينيات القرن الـ20 بعد زواجها من رجل إنجليزي، وأثناء إقامتها هناك شاركت آشلي في تأليف عدد من مسرحيات “ويست إند” قبل أن يجندها (أم آي 5) كجاسوسة له. أرسلت آشلي إلى هولندا وبلجيكا في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي بغرض جمع المعلومات عن الأنشطة النازية في تلك المناطق، غير أن الشكوك البريطانية بدأت تحوم حولها بسبب جذورها الألمانية فأوقفت عن العمل كجاسوسة بحجة خطر كشف هويتها، ثم عملت تحت اسم “سوزان بارتون” في قسم “الحرب المزدوجة” داخل جهاز (أم آي 5). بوجود عائلتها في ألمانيا وأخيها في الجيش الألماني فقدت آشلي وظيفتها في لندن بسبب الحرب، كما تلقت معاملة قاسية من بعض الأصدقاء الإنجليز بخاصة أنها كانت واضحة في مشاعرها المؤيدة لوطنها الأم لا للنازية، وهنا شعرت بعدم القدرة على البقاء في إنجلترا وكان العمل كجاسوسة بريطانية في هولندا مخرجاً جيداً لأزمتها. تروي آشلي تجربتها كعميلة سرية لبريطانيا في هولندا، وتكشف الوثائق عن تفاصيل كثيرة تسلط الضوء على التوترات السياسية في تلك الحقبة، والعلاقات المعقدة بين شخصيات ألمانية وهولندية، إضافة إلى طبيعة العمل الاستخباراتي نفسه حينها. دخلت آشلي هولندا بداية أكتوبر (تشرين الأول) 1939 للعمل كسكرتيرة لصحافي، تصرفت وفقاً للتعليمات وعادت إلى إنجلترا في الـ11 من نوفمبر (تشرين الثاني) الذي تلاه، مكثت هناك في منزل داخل لاهاي مع صديقتها ليلي وورتمان سكرتيرة الكابتن بيثورن، الملحق البحري المساعد في المفوضية الألمانية. كانت مهمتها الأساس هي جمع معلومات من خلال التواصل مع موظفي المفوضية الألمانية والألمان في هولندا. كان الألمان ودودين للغاية معها وبعد أسبوعين فقط من وصولها اقترح عليها الكابتن بيثورن الانضمام إلى طاقمه، ثم كتب إلى برلين للحصول على إذن بتوظيفها، وأشار إلى أنه قد يكون من المفيد لو أصبحت ألمانية مرة أخرى، ولكن وورتمان كانت مترددة إزاء هذا الاقتراح لأسباب شخصية، على حد تعبيرها. السلطات في هولندا منحت آشلي تصريح إقامة لمدة شهر واحد، وقبل أن تغادر لاهاي قدمت بعض الاقتراحات الغامضة وكثيراً من التحفظات إلى الكابتن بيثورن وليلي وورتمان، مفادها أنها قد تكون مفيدة للاستخبارات الألمانية في لندن، كنوع من التمويه ذكرت بصورة عابرة أمام الألمان أن الصحافي الذي تعمل معه طلب مقابلتها في بروكسل وعادت جواً إلى إنجلترا. لقاءات بارزة تسرد جيزيلا آشلي تفاصيل لقاءاتها مع عدد من الشخصيات المهمة أثناء وجودها في هولندا خلال الحرب العالمية الثانية، وتعكس هذه اللقاءات الصراعات السياسية، والتوجهات المختلفة للأفراد، والتوترات المحيطة بالأنشطة الاستخباراتية في تلك الفترة. قابلت آشلي مجموعة من الأشخاص لكل منهم دور مميز، من بينهم الملحق البحري الألماني الأدميرال هينتزمان الذي يبلغ من العمر 56 سنة، وكذلك الكابتن بيثورن الذي شغل المنصب قبل هينتزمان بينما كان في سن الـ38، يتحدث الهولندية بطلاقة بعد عمله كمزارع في جزر الهند الشرقية الهولندية، وعلى رغم تأييده النازية يبدو أن مواقفه السياسية قد تتغير وفق الظروف، فهو يتمتع بطموح كبير وشخصية مغرورة، ويحلم بأن يصبح حاكماً استعمارياً. ليلي وورتمان، سكرتيرة بيثورن كانت مسؤولة عن تشفير البرقيات الواردة من برلين، صديقة لآشلي منذ أعوام وكانت تبلغ من العمر 40 سنة، على رغم معاداتها الشديدة للنازية تؤدي عملها بإخلاص، ربما بسبب إعجابها برئيسها الكابتن بيثورن. كرويجر مساعد بيثورن البالغ من العمر 26 سنة، كان موظفاً سابقاً في شركة “سيمنز” بهولندا، وعلى رغم ميوله المناهضة للنازية فإن إهماله وعاداته الغريبة تركا انطباعاً مميزاً عنه، أما فرانك، البالغ من العمر 43 سنة فهو طيار سابق ومعارض قوي للنازية، عمل مع شركة “لوفتهانزا” وله علاقات غامضة بالجنرال ويننجر، الملحق الجوي، يمتلك صلات قوية ويعتقد أنه يجمع المعلومات الاستخباراتية. أبدى رأياً مثيراً بأن احتلال هولندا لن يكون سهلاً إذ إن منطقة أوتريخت مليئة بفخاخ الدبابات. الكابتن وينتر، وكيل شركة “هاباج” في روتردام كان يتواصل يومياً مع بيثورن، إذ يعتقد أنه كان ينقل معلومات عن حركة السفن، كان معادياً للنازية وكانت علاقته مع آشلي ودية، وأشار إلى أن ألمانيا تخطط لاستدعاء سفنها التجارية قريباً. كذلك قابلت آشلي شاباً يابانياً يبلغ من العمر 26 سنة، ويعمل في مكتب “شولز بيرنيت”، كان مصوراً فوتوغرافياً ومتخصصاً في لغة مورس ويميل إلى شرب الكحول. عمل مع جهاز لا سلكي لتلقي تقارير الطقس التي قيل إنها مهمة، لكنه كشف أيضاً عن نشاطات استخباراتية، مشيراً إلى دورهم في اعتقال شخص مطلوب منذ 10 أعوام. أنشطة الكابتن بيثورن تركزت كثير من أنشطة الكابتن بيثورن على جمع معلومات متعلقة بالسفن، فمثلاً استولت البحرية الألمانية على سفينة تسمى “مارجريتا” بناءً على معلومات أرسلتها ليلي وورتمان إلى برلين تفيد بأن السفينة فنلندية وتحمل خشباً متجهاً إلى إنجلترا، وهذا النوع من المعلومات تُجمع في مكتب بيثورن الذي كانت البرقيات والرسائل الإلكترونية من برلين تتدفق إليه باستمرار طوال اليوم. ليلي وورتمان سكرتيرة بيثورن ذكرت مرة أن ألمانيا تمتلك نحو 100 غواصة، وبعد فترة قصيرة قالت إن العدد أصبح 200 غواصة مع معدل بناء يصل إلى ست غواصات شهرياً. في خضم تلك الفترة المضطربة كان المزاج العام بين أعضاء الهيئة الألمانية في هولندا يتسم بالكآبة العميقة والمعارضة للنازية وبخاصة بعد محاولة اغتيال هتلر في ميونيخ، عمَّ الخوف الجميع من غزو ألمانيا هولندا، وتزايدت الشكاوى من برلين لانعدام التواصل قبل وقوع الأحداث، وهو ما جعل العمل أكثر صعوبة، بخاصة أن برلين لم تكن تقبل النصائح مطلقاً، وهو ما زاد من التوتر في صفوف الموظفين. وثائق استخبارتية حول جاسوسة بريطانية ذات أصول ألمانية تدعى جيزيلا آشلي التوتر والغموض من خلال الرسائل الواردة من ألمانيا تبين أن الوضع الغذائي في منطقة الراينلاند كان أفضل نسبياً مقارنة بالمناطق الداخلية الأخرى، ومع ذلك لم يكن الأمر خالياً من الامتعاض، إذ اشتكى الناس من نقص حاد في اللحوم والسكر والشوكولاتة، على رغم أن هذه المواد كانت تظهر في السجلات الرسمية كمتوافرة. الأسعار كانت مرتفعة للغاية، إذ بلغ ثمن زوج من الأحذية 45 رينغيت ماليزي، وكان الإصلاح يتطلب أسابيع عدة من الانتظار. كان تقنين الملابس صارماً جداً، إذ سمح لكل فرد بامتلاك معطف شتوي واحد وحسب، وكان من الضروري إجراء تحقيقات دقيقة للحصول على بديل له، وعلى رغم محاولات النازيين الصمود أمام هذه الظروف القاسية بشجاعة، فإن كثيراً من الناس كانوا يتذمرون سراً، في إشارة إلى الصعوبات اليومية التي كانوا يواجهونها. الطلبات التي كانت ترسل من ألمانيا إلى هولندا كانت تركز على المواد الغذائية الأساس والسلع الضرورية مثل الزبدة والجبن والشاي والصابون، وفي محاولة للتأثير في المسؤولين الألمان في وزارة الحرب، حمل الكابتن بيثورن معه الزبدة والقهوة كهدايا في زيارته إلى ألمانيا، لضمان استقباله الحار. في الأيام الـ10 الأخيرة قبل رحيل آشلي بدأ التوتر يتصاعد بصورة ملحوظة بين المسؤولين الألمان في هولندا، وشهدت الأوضاع حالاً من الفوضى الكاملة، حينها كان الجميع يشعرون أن هناك حدثاً كبيراً على وشك الوقوع. بسبب القلق المتزايد قرر بيثورن السفر إلى برلين في محاولة لفهم الأوضاع، وهناك اكتشف أن هتلر يخطط للتقدم عبر جزء من هولندا لمهاجمة بلجيكا، حيث كانت الموانئ والمطارات البلجيكية تعتبر حاسمة في الهجوم على إنجلترا، وكانت برلين تشعر بتفاؤل كبير على أمل أن يسمح الهولنديون بمرور القوات الألمانية من دون مقاومة. بعد عودته إلى هولندا كان بيثورن يعتقد أن التقدم العسكري قد يبدأ قريباً، فبادر بإصدار تعليمات إلى ليلي وورتمان بسحب أمواله والاستعداد للإجلاء، لكنه تراجع عن ذلك لاحقاً مع قرار الألمان بتأجيل خطتهم أياماً أو أكثر، وهنا تختم آشلي وثيقتها الأخيرة بالقول إنها كانت حريصة على نقل المعلومات كما وردت من المصادر، مع الحفاظ على الدقة والموضوعية، من دون إضافة أية تفسيرات قد تؤثر في صدقية ما يحدث. المزيد عن: وثائقبريطانياالمخابرات البريطانيةالنازيةألمانياالجواسيسأزمة وثائقوثائق 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post القفطان المغربي… دفء دبلوماسي وانتشار عالمي next post سياسات النظام العراقي السابق قوضت حكمه ووضعته بمواجهة العالم You may also like حبل يطوّق أيزنهاور وتنصيب تحت تأثير الكحول، ما... 19 يناير، 2025 “محاولة اغتيال”؟.. قصة “مرض غامض” في حفل تنصيب... 19 يناير، 2025 أسرار من الحرب الأهلية اللبنانية: لماذا رفض السوريون... 18 يناير، 2025 “الرواية الكاملة” لهروب الأسد “المرتبك”… و”مفاجأة” الشرع 18 يناير، 2025 ماذا تريد الأحزاب السياسية من المصريين؟ 17 يناير، 2025 الجواري والموسيقى.. وجهان لثراء الحياة في قصور الخلافة... 12 يناير، 2025 حزب البعث في سوريا: من حلم الوحدة إلى... 11 يناير، 2025 القائد العسكري أحمد الدالاتي لـ”المجلة”: اختراق أمني دشن... 10 يناير، 2025 القائد العسكري أحمد الدالاتي لـ”المجلة”: اتخذنا قرار إسقاط... 10 يناير، 2025 لبنان فوق الخريطة… هل لا تزال مساحته 10452... 6 يناير، 2025