ثقافة و فنونعربي نزار قباني شاعر كبير طبعا لكنه مؤسس الأغنية العربية الجديدة أيضا by admin 13 أبريل، 2021 written by admin 13 أبريل، 2021 46 “أيظن” افتتحت عصر الاندماج بين الغناء النخبوي والإبداع الشعبي اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب حتى بدايات سنوات الستين من القرن الماضي، كانت القسمة قد ترسخت منذ عقود بين غناء عربي باللغة الفصحى يعد بشكل عام نخبوياً قد لا يطرب له إلا المثقفون وبرجوازيو المدن حتى ولو غنته أم كلثوم وأسمهان ومحمد عبدالوهاب، وغناء بالعامية المصرية وغيرها من العاميات العربية يفتتن به الناس البسطاء الطيبون. في شكل عام، كان الغناء بالفصحى يكاد يكون وقفاً على الأغاني الوطنية أو الدينية أو القصائد المستقاة من الكلاسيكيات العربية، بينما كان غناء الغرام وشؤون الحياة اليومية يكتب بالعاميات، ويعد في الصف الثاني، حتى ولو حمل شعراؤه أسماء كبيرة، مثل حسين السيد، أو مرسي جميل عزيز، أو منصور الرحباني، ويمكن للقائمة ألا تتوقف، بل لا بد من أن نذكر هنا كيف أن الأخطل الصغير أحدث ثورة فنية حين “غامر” بكتابة أغنية “يا ورد مين يشتريك” لمحمد عبدالوهاب، جاعلاً نصفها بالفصحى، والنصف الآخر بالعامية. غير أن هذا كله كان لا بد له أن ينتهي في ذلك العام من بداية الستينيات حين ظهرت أغنية “أيظن”، رائعة الفنانة نجاة الصغيرة، لتلغي الفارق بين محبي الفصحى وعشاق العاميات. يومها، كان وراء تلك الثورة، وكالعادة، محمد عبدالوهاب، الذي كان يخص الفن العربي بثورة من ذلك النوع مرة كل بضع سنوات، فيحدث انقلابات فنية قد يعجز آخرون عن مضاهاتها إلا على خطاه. مؤسس للحداثة الغنائية لكن الأهم في ثورة (محمد عبدالوهاب – نجاة الصغيرة) المدهشة تلك كان حضور طرف ثالث فيها هو الشاعر نزار قباني، الذي يمكن القول إن تلحين عبدالوهاب لقصيدته تلك كان الحدث الأكبر الذي أتى في حقيقة الأمر متوازياً مع بساطة اللغة الشعرية التي بالكاد ينتبه أحد إلى أنها لديه فصحى تسير على القواعد الكلاسيكية لفن الشعر العربي في أجمل تجلياته. وطبعاً، لن نمعن في هذه العجالة في حديث تقني، لكننا سنتوقف عند اشتغال عبدالوهاب على لحن كانت له بساطة أغاني “التروبادور”، محدداً مقاييس مذهلة للتعامل مع لغة قباني، الذي سيصبح منذ تلك الأغنية المؤسس الحقيقي للغناء العربي الجديد، وسيبقى ظله حتى اليوم، وبعد رحيله بسنوات طويلة مخيماً على الأغنية العربية بشكل يجعل أي راغب بانتفاضة في غنائه يتوجه إلى شعره باحثاً عن قصائد تلحن وتغنى لتصبح، مهما كانت هوية مغنيها، جزءاً من الريبرتوار الغنائي العربي بصرف النظر عن توزيع التصنيف بين شعبي وكلاسيكي. وحسبنا اليوم أن نستمع إلى أغانٍ بادية الحداثة بصوت وألحان كاظم الساهر لندرك فحوى ما نقول، وكذلك أن نستعيد بعض أجمل أغاني ماجدة الرومي، وربما أصالة، وصولاً إلى نانسي عجرم، لنستعيد علاقة نزار قباني مع الغناء العربي الحديث الذي لا شك أنه يدين له بالكثير، لكنه يدين تحديداً لتلك اللحظة البديعة التي عبرت عنها ولادة “أيظن”. دور عبد الوهاب صحيح أن تلك الأغنية لم تكن زمنياً، أول ما أنشد من أشعار نزار قباني، إذ نعرف أن فيروز كانت قد غنت من كلماته واحدة من أغنياتها المبكرة الجميلة، وكذلك فعلت فايزة أحمد في رائعتها “لا تدخلي”، لكن “أيظن” أتت شيئاً مختلفاً تماماً. جاءت حاملة عبق الكلام اليومي، وقد هذبته فصحى تنتمي إلى السهل الممتنع. لغة تدخل إلى القلب مباشرة، ومنه إلى العقل لا العكس. وهو أمر أدرك عبدالوهاب إمكاناته حتى قبل أن يتصور القوالب الموسيقية التي ستخدم لحنه. ومن المؤكد أن فنان العرب وموسيقارهم الأكبر، كان لذكائه وعلمه الموسيقي الكبير متضافراً مع إدراكه مفاهيم التلقي والإمكانات التلقائية التي يملكها ملايين المستمعين البسطاء، كان يعرف ما يريد. وما كان يريده هو بالتحديد أن يلتقط الجمهور العريض هذه الأغنية التقاطه لأي نص مكتوب بالعامية. ولم يكن مخطئاً في رهانه، ما جعل اندلاع تلك الثورة الغنائية يومها ممكناً، لا سيما في استرجاع تألق الفصحى وجمالها، و”فرضها” على الحياة اليومية. بيد أن الأكثر أهمية يومها كان تمكن نزار قباني نفسه من أن يتفرد منذ تلك اللحظة بكونه المجدد الأكبر في كلام الأغنية العربية، وهي مكانة لا تزال حكراً عليه حتى اليوم. حزن الكبار والناس الطيبين نعود إذاً إلى نزار قباني وإلى أيامه الأخيرة، وقد بات في عالم الغناء العربي عملاقاً بشكل يوازي حضوره في الشعر العربي كثالث ثلاثة إلى جانب أدونيس ومحمود درويش، وإنما بكونه أكثر شهرة وشعبية منهما. يومها، على الرغم من أن اشتداد المرض عليه طوال الشهور السابقة، كان قد أكد أنه سيرحل عن عالمنا، فإن ذهول العالم العربي لم يكن هيناً عندما أعلن عن رحيل صاحب “خبز وحشيش وقمر”، بالنسبة إلى البعض، و”أيظن” بالنسبة إلى البعض الآخر. ومن هنا عم الحزن ليس الأوساط الأدبية والفنية العربية وحدها، بل قطاعات عريضة من جماهير عربية رأت في رحيله خسارة عربية لا تعوض. وهكذا، شعر كثيرون آخر أبريل (نيسان) 1998، يوم رحيله، بأن ثمة فراغاً كبيراً بدأ يلوح، كان أشبه بالفراغ الذي تلا إعلان رحيل أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش خلال السنوات الأخيرة. ذلك أن نزار قباني كان في الحياة الشعرية العربية، ما كانه أولئك الثلاثة في الحياة الغنائية. كان شاعراً متميزاً بالتأكيد، لكنه كان، أكثر من ذلك، ظاهرة استثنائية، إذ لم يحدث سابقاً أن تمكن شاعر، كرس حياته للشعر، من أن يجعل من كتبه الأكثر مبيعاً، في طول العالم العربي وعرضه طوال عقود من السنين. بسيطة أم تبسيطية؟ بالنسبة إلى الباحثين والأكاديميين، قد يكون من الصعب النظر إلى شعر نزار قباني، بوصفه التجلي الأفضل للشعر العربي المنشود. صحيح أن كثيرين يعتبرونه امتداداً لكبار شعراء المرأة واليومي في الحياة العربية، بدءاً من عمر بن أبي ربيعة، لكن كثيرين كانوا يرون في الوقت نفسه أن تجديدات نزار ظلت محصورة في مجال الموقف والتعبير أكثر مما في مجال اللغة الشعرية. فلغته كانت دائماً بسيطة (وقد يقول البعض تبسيطية) تستقي من التعبير اليومي، وتخاطب العواطف، (وقد يقول البعض: تخاطب الغرائز، وربما وجد في هذا بعض أسباب نجاحها)، في عبارات قصيرة ثاقبة تدخل القلب مباشرة، حتى وإن تباطأت في الوصول إلى العقل أو الروح. ومن هنا لم يكن من قبيل الصدفة أن يكون، من بين إنجازات نزار قباني الكثيرة، أثره الكبير في التجديد الذي طرأ على كلام الأغنية العربية، كما أشرنا، منذ “أيظن”، وحتى تلحينات كاظم الساهر التي تكمل ما بدأه عبدالوهاب، مروراً ببعض القطع الوطنية الرائعة التي شدت بها أم كلثوم ذات يوم. المرأة والوطن أولاً ولد نزار قباني عام 1923 في دمشق، وتلقى دروسه الابتدائية، ثم الثانوية والجامعية فيها. وتفتح على الأدب والشعر باكراً متتلمذاً على يد خليل مردم بك “هذا الرجل الذي كان شاعراً من أرق وأعذب شعراء الشام ربطني بالشعر منذ اللحظات الأولى”. ونزار منذ أن ارتبط بالشعر باكراً في صباه لم يتركه بعد ذلك أبداً. وحتى حين كان ينصرف إلى منصب دبلوماسي رسمي (كقائم بأعمال سفارة، أو سفير لبلده في دول مثل الصين وإسبانيا، في فترات متفرقة من حياته)، كان يحرص على إبقاء الشعر همه الأول والأخير. والشعر بالنسبة إليه كان يعني المرأة والوطن. ومن هنا طغى هذان الموضوعان على منجزه، فكتب للمرأة بعض أجمل وأرق قصائد الشعر العربي الحديث، كما كتب للوطن أكثر قصائده غضباً وحباً. وفي الحالتين كان نزار قباني أشبه بمن يعبر عن العواطف العربية العامة، إضافة إلى البعد اليومي البسيط في صوره وموضوعاته، ما جعل الكثيرين يشبهون شعره بشعر الفرنسي جاك برفيير، الذي كان مثله، في لحظات كثيرة من حياته، صاحب إضافات أساسية على الأغنية أكثر مما على الشعر نفسه. المزيد عن: نزار قباني/الأغنية العربية/محمد عبد الوهاب/نجاة 17 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post شعيب حليفي يشرع التاريخ الأمازيغي على الغرائبية next post الخياطة الصغيرة لا تجرؤ على الحلم في مجتمع ذكوري You may also like سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024 فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 17 comments ครีมสำหรับผิวแพ้ง่าย 13 أبريل، 2021 - 2:07 ص I every time spent my half an hour to read this website’s content every day along with a cup of coffee. Reply 먹튀검증 13 أبريل، 2021 - 2:08 ص Hi, I do believe this is a great site. I stumbledupon it 😉 I am going to revisit once again since I saved as a favorite it. Money and freedom is the best way to change, may you be rich and continue to help others. Reply Detectives Madrid capital 13 أبريل، 2021 - 2:13 ص Hey I know this is off topic but I was wondering if you knew of any widgets I could add to my blog that automatically tweet my newest twitter updates. I’ve been looking for a plug-in like this for quite some time and was hoping maybe you would have some experience with something like this. Please let me know if you run into anything. I truly enjoy reading your blog and I look forward to your new updates. Reply สูตรบาคาร่า ufabet 13 أبريل، 2021 - 2:18 ص Hello, everything is going fine here and ofcourse every one is sharing facts, that’s in fact good, keep up writing. Reply betting sites 13 أبريل، 2021 - 2:25 ص We’ll admit meaning inside 3 minutes week one win away from. With Carlos Beltran knee, street favorites went 7-zero straight up guess and provide help to win huge. All MLB baseball whether or not they will ship you knowledgeable ideas however this might help. Generally you will note that sharp sports bettors can acquire an understanding of how they become profitable. Traders are also choosing sports betting sites with the large variety of sportsbooks. Mostly sportsbooks will decide what is considered as America’s sport as an example. UFC Invincible in Abu Dhabi ought to provide data about whether his group might be. Since closing at the web this crew to all geographic regions to cowl. It’s as if team a and. Sorts will probably be dropping money handled a combined 15.5 million on the favourite team. Sports activities wagering is enjoyable if you like or for the crew which is helpful. So we decide to make use of on-line sports betting have captured the interaction of. Put cause first and most of them until you’ve got hours and hours spare every week. Reply seo bandung 13 أبريل، 2021 - 2:37 ص Howdy! I just want to give you a big thumbs up for the excellent information you’ve got right here on this post. I am coming back to your blog for more soon. Reply discuss 13 أبريل، 2021 - 2:43 ص Hi there it’s me, I am also visiting this website daily, this site is really fastidious and the people are in fact sharing pleasant thoughts. Reply 肉浆 13 أبريل، 2021 - 2:51 ص Hi there to every , since I am really keen of reading this webpage’s post to be updated on a regular basis. It includes good information. Reply รถa1 13 أبريل، 2021 - 2:53 ص Hi there! This post could not be written any better! Going through this post reminds me of my previous roommate! He continually kept preaching about this. I will forward this article to him. Fairly certain he’ll have a great read. I appreciate you for sharing! Reply Denizli escot 13 أبريل، 2021 - 3:02 ص Thanks for sharing your thoughts about Denizli escort. Regards Reply sbobet 13 أبريل، 2021 - 3:13 ص You need to be a part of a contest for one of the finest sites on the internet. I will highly recommend this web site! Reply Pháp lý Aio City 13 أبريل، 2021 - 3:14 ص Wonderful goods from you, man. I’ve understand your stuff previous to and you are just extremely magnificent. I really like what you have acquired here, really like what you’re stating and the way in which you say it. You make it entertaining and you still care for to keep it wise. I cant wait to read much more from you. This is actually a wonderful web site. Reply Viagra Sale 13 أبريل، 2021 - 3:22 ص Asking questions are actually good thing if you are not understanding something totally, however this paragraph presents fastidious understanding even. Reply appzilla 13 أبريل، 2021 - 3:31 ص My developer is trying to convince me to move to .net from PHP. I have always disliked the idea because of the expenses. But he’s tryiong none the less. I’ve been using WordPress on a variety of websites for about a year and am worried about switching to another platform. I have heard very good things about blogengine.net. Is there a way I can transfer all my wordpress content into it? Any kind of help would be really appreciated! Reply fly fishing 13 أبريل، 2021 - 4:00 ص You made some good points there. I checked on the net to find out more about the issue and found most people will go along with your views on this web site. Here is my web blog :: fly fishing Reply starxo88 13 أبريل، 2021 - 4:13 ص Does your blog have a contact page? I’m having trouble locating it but, I’d like to send you an email. I’ve got some recommendations for your blog you might be interested in hearing. Either way, great blog and I look forward to seeing it improve over time. Reply link aceofbet 13 أبريل، 2021 - 4:25 ص I blog often and I seriously appreciate your content. The article has really peaked my interest. I’m going to book mark your website and keep checking for new details about once per week. I opted in for your Feed too. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.