الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » موسيقى “غاندي” لرافي شانكار تبكي الجمهور الهندي

موسيقى “غاندي” لرافي شانكار تبكي الجمهور الهندي

by admin

عازف السيتار مزج الغرب بالشرق وحطّم الحواجز بين البشر

اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب

كان ذلك خلال العرض اللندنيّ الرسميّ الأول لفيلم ريتشارد آتنبورو الملحميّ عن المهاتما “غاندي”. يومها كان معظم الحضور من الإنجليز الرسميين، كما من أهل السينما، إضافة إلى الفريق العامل في الفيلم، وعدد لا بأس به من ضيوف هنود.

حينها بقدر ما استمتع الحضور بالفيلم الذي بدا إلى حدّ ما منصفاً الهنود وأقل من ذلك للباكستانيين، استمتعوا طوال العرض بالموسيقى ذات الطابع الهندي الخالص التي رافقت الفيلم من أوّله إلى آخره، التي كان الجميع عارفين أنها من تأليف ذاك الذي يُعتبر أعظم موسيقي هندي في القرن العشرين: رافي شانكار، الذي كان تجاوز الـ60 من عمره في ذلك الحين، وكان مستمتعاً بالعرض مثل غيره.

لكن، الذي حدث فجأة حينها وأدهش الإنجليز، من دون أن يُدهش الهنود، هو أنه ذات لحظة من الفيلم راح المشاهدون الهنود ينشدون معاً على لحن عبر في الفيلم، وبدا واضحاً أنهم جميعاً يعرفونه، وأنه أُدخل إلى موسيقى الفيلم عن تعمّد.

بعد دقائق، عُرِف أن القطعة الموسيقية التي تعرّف إليها المشاهدون الهنود كانت في الأصل “راغا”، لحّنها شانكار في عام 1948 تكريماً للمهاتما غاندي، وها هو الآن يدمجها في الفيلم الذي وضع له الموسيقى بنفسه، ما أيقظ لدى مواطنيه حنيناً متوازياً مع الحنين الذي أيقظه الفيلم نفسه.

لكن، هذا لم يكن كل شيء، إذ سرعان ما أعلن آتنبورو أن شانكار تلطّف على الفيلم، بإعطائه زمناً استثنائياً لوضع موسيقاه، إذ إنه “لم ينجزها خلال يوم واحد، كما فعل حين وضع ألحان (ثلاثية آبو) لساتياجيت راي في عام 1955، ولم يدخل الاستوديو من دون نوتة مرتجلاً، مع 18 موسيقياً، موسيقى فيلم (شارلي) لرالف نيلسون بأكمله في الاستوديو خلال أيام قليلة بعد ذلك بسنوات”!

الرجل الذي “مات” مرتين
غير أن رافي شانكار لم يكن مؤلف موسيقى أفلام، حتى وإن كانت عشرات الأفلام قد نُسبت إلى “رافي شانكار” حين أُعلن موته أوائل عام 2012، ومعظمها من الأفلام التجارية الهندية، ليتبين بسرعة أن “رافي شانكار” هذا غير رافي شانكار ذاك، حتى وإن كان الفنان العالمي الأصلي الذي نتحدّث عنه هنا عاد ورحل أواخر العام نفسه، بعد أن ظل طوال أشهر أكبر المصدومين بإعلان “نبأ رحيله”، متلقياً مئات رسائل التعازي والغضب والاحتجاج. مهما يكن، حين رحل موسيقينا الكبير لم تكن سنّه تقل عن 92 عاماً، فهو من مواليد ربيع عام 1920، بمعنى أن الأوساط الفنية الهندية والعالمية كان يجدر بها أن تحتفل بمئوية ولادته هذه الأيام بالذات!

لا ينفصل اسم رافي شانكار عن آلة السيتار التي اشتهر بالعزف عليها ببراعة، لم يدنُ منها أحدٌ في القرن العشرين، باستثناء ابنته آنوشكا شانكار التي ورثته في التأليف والعزف، وتتمتع اليوم بسمعة عالمية كبيرة، توازي سمعة أختها المعروفة باسم نورما جونز، التي تعتبر بدورها اليوم من كبيرات مغنيات الجاز وملحناته في العالم، ولا يمكن لمشاهدي الفيلم الصيني وانغ كار واي “ليالي بلوبيري” أن ينسوا دور البطولة الرائع الذي أدّته فيه.

رافي شانكار مع جورج هاريسون أستاذ وتلميذ (اندبندنت عربية)

صحيح اليوم، أن ابنتيّ رافي شانكار تكادان أن تكونا أشهر من أبيهما، وطبعاً من أخيهما شوبو شانكار الموسيقي بدوره، غير أن رافي نفسه ما كان ليحزنه هذا هو الذي نال حظاً هائلاً من الشهرة طوال الثلث الأخير من القرن العشرين، عازفاً ومؤلفاً موسيقياً، يتنقّل بحفلاته بين أهم مدن العالم ومسارحها، من طوكيو إلى لندن، ومن باريس إلى لوس أنجلوس ومدن الهند، ويعامَل بكونه واحداً من كبار المعلمين ليس فقط في مجال الموسيقى الهندية على اختلاف منابعها ومناطقها، بل بوصفه المبدع الذي عرف كيف يوصِّل الموسيقى الهندية إلى العالم، في الوقت نفسه الذي يمزج موسيقى العالم بشتّى أنواع الموسيقى الهندية، من دون أن ينسى في كل مرة يشتد التصفيق له في أي حفلة من حفلاته أن يشيد بتلمذته على يد الموسيقي البنغالي الكبير المعروف بأستاذ علاء الدين خان.

وتقول لنا سيرة حياة رافي شانكار إن ذلك الأستاذ الكبير حين اكتشف موهبة رافي (وكان اسمه لا يزال روبندرا، ويُلخّص بروبو) اشترط عليه كي يضمّه إليه، ويتخذه تلميذاً ومريداً أن يبقى معه سبع سنوات، يعلّمه خلالها أسرار الصنعة، وكل ما يتعلق بفن الموسيقى وقدسيتها. يومها قَبِل الشاب الشرط، لينطلق في بداية جديدة دفعته إلى حلاقة رأسه وارتداء أبسط الملابس.

بداية أخرى قبل تلك الجديدة
ومع ذلك، حين فعل شانكار هذا متخذاً كما سيقول لاحقاً أخطر وأصوب قرار في حياته، كان قد كوّن قبل ذلك لنفسه مكانة موسيقية كبيرة، لا سيما حين عمل طوال سنوات مع أخيه أوديّ في فرقة راقصة كوَّنها الأخير، لكن ليس في الهند بل بكاليفورنيا. ولا بدّ هنا من الإشارة إلى أن رافي شانكار حتى وإن كان وُلِد في بيناريس التابعة إلى الاستعمار البريطاني في الهند، فإنه درس وعاش معظم سنوات شبابه ثم بقية حياته في الغرب، من دون أن يعني هذا أن الهنود لم يبجِّلوه ويعتبروه فنانهم الأكبر. وهم الذين أعطوه منذ سنوات الـ60 لقب (بانديت)، الذي يسبق عادة ذكر اسمه.

باختصار، يمكن القول إن رافي شانكار يعتبر التجربة الأكثر نجاحاً في العالم بمجال التلاقح الفني الحضاري بين الشرق والغرب، بحيث إن إضافاته إلى العالم الموسيقي الغربي كانت هي ما قرّبته من فريق البيتلز خلال سنوات الستين، خصوصاً من جورج هاريسون، الأكثر شرقية وانفتاحاً على العالم بين الرباعي الإنجليزي الأسطوري.

اقرأ المزيد

ونعرف أن العلاقة بين شانكار وهاريسون تواصلت حتى نهاية حياة الموسيقي المغني الإنجليزي (2001)، الذي أنتج العشرات من الألبومات والقطع لشانكار، لا سيما بعد انفراط عقد البيتلز، واتخاذ هاريسون قراره النهائي بأن يسير في طريق بالغة الاختلاف عن طريق “الروك” والبوب”، مشتغلاً على تمكين شانكار من التفوّق على نفسه عزفاً وتلحيناً، هو الذي علّم بدوره جورج هاريسون أسرار السيتار، لكن كذلك غيرها من الآلات الموسيقية الهندية. لكن الأهم من هذا هو مرافقة جورج هاريسون لشانكار في عديدٍ من جولاته العالمية، وتمكينه دائماً من العمل مع موسيقيين من المؤكَّد أن الموسيقي الهندي أدخلهم عالماً من الارتجال في العزف، كما في التأليف، يصعب القول إنهم كان لهم عهد به من قبل.

وشانكار كان على أي حال واحداً من ملوك الارتجال، سواء لحّن قطعاً موسيقية خالصة، أو وضع موسيقى للسينما أو للإذاعة. وحسْب المرء اليوم أن يعود إلى بعض اللحظات الموسيقية الأكثر تأثيراً في فيلم “غاندي”، بصرف النظر عن القطعة التكريمية للزعيم الراحل التي سبق الإشارة إليها، ليرى كم كان غريباً اشتغال ذلك الفنان الاستثنائي على موسيقى تيمات الفيلم. بيد أن ذلك يبقى أدنى مما فعل شانكار مع فيلم “تكوين” للمخرج الهندي أيضاً مرينال سين (1986)، حين وضع للفيلم موسيقى استثنائية واكبت أقوى مشاهده، ووضع فيها شانكار خلاصة قوته الإبداعية وجوهر علاقته بوطنه الهندي. علاقة منفتحة على إنسانية الكون وحضاراته ومجمل إبداعاته.

رافي شانكار الذي ولد في الهند رحل عن عالمنا في الشهر الأخير من عام 2012 في سان دييغو بكاليفورنيا، وكان من آخر النشاطات الموسيقية الكبرى التي شارك فيها حفل كونشيرتو ضخم أُقيم في عام 2003، تحت إدارة دافيد ليلاند بعنوان “كونشرتو إلى جورج”، شارك فيه إلى جانب شانكار المقترب حينها من عامه التسعين، الباقيان الوحيدان من فريق البيتلز بول ماكارتني ورنغو ستار، إضافة إلى إريك كليبتون الذي كان هاريسون نفسه جمعه به في عمل مشترك قبل ذلك بسنوات. ويُروى أن شانكار عزف في ذلك الكونشرتو، والدموع لا تتوقف عن التسلل من عينيه، إذ كانت أشهر قليلة مضت حينها على رحيل هاريسون.

المزيد عن: رافي شانكار/غاندي/الهند/فريق البيتلز/ريتشارد آتنبورو

 

 

You may also like

23 comments

Quinn 20 يونيو، 2020 - 8:59 م

Hello, this weekend is nice designed for me, for the reason that this moment i am reading this fantastic
informative post here at my home.

Review my web page very g

Reply
Jacinto 21 يونيو، 2020 - 1:49 م

Hey! Quick question that’s completely off topic. Do you know
how to make your site mobile friendly? My blog looks weird when browsing from my
iphone4. I’m trying to find a template or plugin that might
be able to correct this problem. If you have any suggestions,
please share. Thanks!

my web blog – g she

Reply
Alva 26 يونيو، 2020 - 5:47 ص

Heya! I’m at work surfing around your blog from
my new apple iphone! Just wanted to say I love reading through your blog and look forward to
all your posts! Carry on the great work!

Also visit my blog post :: cbd oil [tinyurl.com]

Reply
Armand 26 يونيو، 2020 - 5:47 م

I like the helpful info you provide in your articles.

I will bookmark your blog and check again here frequently.
I am quite sure I will learn plenty of new stuff right here!

Best of luck for the next!

my webpage – cbd oil (forum.eren2.ro)

Reply
Emely 27 يونيو، 2020 - 7:53 ص

Thanks for any other magnificent article. The place else
may just anybody get cbd oil that works 2020 type of
info in such a perfect method of writing?
I have a presentation next week, and I am at the look for such information.

Reply
Randy 17 يوليو، 2020 - 11:32 م

Hello to all, how is all, I think every one
is getting more from this web hosting reviews site, and your views are fastidious
in support of new viewers.

Reply
Silke 18 يوليو، 2020 - 5:16 ص

Your style is so unique compared to other folks I’ve read stuff
from. Thanks for posting when you have the opportunity, Guess I’ll just book mark
this page.

my web blog web hosting reviews

Reply
Royce 22 يوليو، 2020 - 3:04 ص

What i do not realize is in truth how you’re not actually much more well-appreciated than you
may be now. You are so intelligent. You understand thus considerably with regards to this
subject, made me in my view imagine it from so many varied angles.
Its like women and men are not involved except it is
one thing to accomplish with Lady gaga! Your individual stuffs excellent.
All the time handle it up!

My web-site – web hosting providers

Reply
Georgetta 23 يوليو، 2020 - 1:59 ص

What’s up to every one, it’s genuinely a nice for me to go to see
this website, it contains helpful Information.

Feel free to visit my homepage web hosting service

Reply
Josie 30 يوليو، 2020 - 11:06 ص

Hello there! Do you know if they make any plugins
to protect against hackers? I’m kinda paranoid about losing everything
I’ve worked hard on. Any suggestions? adreamoftrains best website hosting hosting services

Reply
Kim 31 يوليو، 2020 - 4:18 ص

great points altogether, you just gained a new reader.
What would you recommend in regards to your post that
you made a few days ago? Any certain?

My blog – cheap flights with jet2 com

Reply
Patricia 5 أغسطس، 2020 - 11:07 ص

hi!,I love your writing so much! percentage we be in contact extra approximately your article
on AOL? I require an expert on this area to unravel my problem.
May be that is you! Taking a look ahead to see you.

Have a look at my homepage … content hosting

Reply
Charley 6 أغسطس، 2020 - 2:48 م

This is a topic that’s close to my heart… Cheers! Exactly where are your contact details though?

Here is my web blog best web hosting 2020

Reply
Ahmad 6 أغسطس، 2020 - 3:21 م

Hi, I think your website might be having browser compatibility issues.
When I look at your blog in Opera, it looks
fine but when opening in Internet Explorer, it has some overlapping.
I just wanted to give you a quick heads up!

Other then that, fantastic blog!

Also visit my blog post best web hosting sites

Reply
Bernadette 7 أغسطس، 2020 - 6:20 ص

I loved as much as you’ll receive carried out right here.
The sketch is attractive, your authored subject matter stylish.
nonetheless, you command get got an edginess over that you wish
be delivering the following. unwell unquestionably come further formerly again since exactly the same nearly a lot often inside
case you shield this increase.

Also visit my blog :: website hosting companies

Reply
Eunice 26 أغسطس، 2020 - 5:25 م

I’ll right away grab your rss feed as I can’t in finding your e-mail subscription link or e-newsletter service.

Do you have any? Please let me know in order that I could subscribe.
Thanks.

Also visit my web blog … cheap flights

Reply
Eli 31 أغسطس، 2020 - 3:05 ص

You made some good points there. I looked on the web for more info about the issue and found most individuals will go along with your views on this
site.

Here is my site black mass

Reply
Devkevege 17 نوفمبر، 2020 - 6:09 ص

head office of viagra in toronto viagra online supreme suppliers viagra

Reply
Frbhevege 18 نوفمبر، 2020 - 1:39 م

viagra australia buy online paradiseviagira.com viagra india

Reply
Dbsfevege 25 نوفمبر، 2020 - 1:36 ص

viagra 100mg price canada purchase sildenafil 100 mg brand viagra without prescription

Reply
FmsgAnops 25 نوفمبر، 2020 - 1:57 ص

combien de temps le viagra fait effet spike someone’s drink with viagra is viagra good for recreation

Reply
Jsweonere 25 نوفمبر، 2020 - 4:12 ص

female viagra tablets in india viagra canadian pharmacy generic sildenafil india buy

Reply
FqbfAnops 9 ديسمبر، 2020 - 6:48 ص

cialis viagra levitra samples cialis with dapoxetine 80mg oryginal cialis

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00