جاكسون بولوك اسطورة الفن الاميركي Uncategorizedثقافة و فنون مهى سلطان تكتب عن: صناعة أسطورة جاكسون بولوك كممثل للفن الأميركي by admin 29 أكتوبر، 2024 written by admin 29 أكتوبر، 2024 52 أضواء على خفايا تأثيرات بيكاسو والإعجاب غير المتبادل اندبندنت عربية/ مهى سلطان لقب جاكسون بولوك بأسطورة الفن الأميركي، فقيل إنه كان أعظم رسام على قيد الحياة في الولايات المتحدة. واشتهر بطريقته في صب اللون وتقطيره مباشرة على القماش المطروح أرضاً بطريقة انفعالية لاواعية موسومة بالحركة وفي مختلف الاتجاهات، قلبت موازين الرسم المعتادة في الفن الأوروبي الحديث. هذه الطريقة في الرسم التي وصفها الناقد كليمنت غرينبرغ بتعبير الرسم الشامل all over أسهمت في تغيير مفهوم اللوحة الفنية من مجرد وسيلة لتمثيل الواقع إلى وسيلة للتعبير عن الذات والتجربة الشخصية. المعروف أن تجربة بولوك جاءت ثمرة تأثيرات أوروبية وبخاصة بعد هجرة السورياليين من باريس إلى نيويورك إبان الحرب العالمية الثانية، ولكن إلى أي حد تقاطعت مع أعمال بيكاسو؟ ثمة كتب كثيرة تحدثت عرضاً عن تأثر بولوك في بداية مساره المهني بغورنيكا بيكاسو، ولكنها لم تذهب إلى أبعد من ذلك، هل من خفايا عن علاقة بين هذين العملاقين؟ إنه السؤال الذي يدفع إلى إعادة تقييم أعمال بولوك في المراحل التأسيسية، وهو حقل الاستكشاف الذي شكل تيمة المعرض التذكاري لبولوك الذي يقام حالياً في متحف بيكاسو الوطني في باريس) من الـ15 من أكتوبر (تشرين الأول) 2024 إلى الـ19 من يناير (كانون الثاني) 2025(، بعنوان “جاكسون بولوك، الأعوام الأولى (1934-1947)”. التعبيرية التجريدية في لوحة بوللوك (صفحة الفنان – فيسبوك) ويهدف المعرض إلى تقديم تجارب هذه الأعوام التي كانت بمثابة مختبر لأعماله من خلال استعادة السياق الفني والفكري لتلك المرحلة، واستدعاء بعض الشخصيات الرئيسة في مسيرته الفنية وأبرزها (شقيقه تشارلز بولوك وزوجته الرسامة لي كراسنر فضلاً عن كل من بابلو بيكاسو وأندريه ماسون وجانيت سوبيل)، كما يسلط المعرض الضوء على غزارة أعماله وتفردها في أبعادها المختلفة (الرسم والنقش والعمل على أنواع الخامات والنحت)، من خلال نحو 100 قطعة فنية جلبت من مؤسسات دولية مثل متحف الفن الحديث في نيويورك ومتحف متروبوليتان للفنون ومركز بومبيدو في باريس، وتيت غاليري في لندن وسواها. نظرة على بدايات مسيرة جاكسون بولوك المهنية تعكسها الأعمال التي جمعت وهي نادراً ما تعرض في حد ذاتها (بحسب ما جاء في مقدمة الكاتالوغ الخاص الصادر للمناسبة)، غير أنها تشهد على المصادر المختلفة التي رفدت أبحاث الفنان الشاب التي تقاطعت مع تأثيرات الفنون الأميركية الأصلية، وخصوصاً مع فناني الطلائع الأوروبية وامتداداً حتى أول مرحلة من فن التقطير خلال عام 1947، ويبرز فيها بابلو بيكاسو بصورة مؤثرة. فقد تمت مقارنة بولوك مع الرسام الإسباني من قبل النقاد الذين كرسوه كممثل حقيقي للرسم الأميركي، بعد عزله عن الشبكات الأكثر تعقيداً لتبادل التأثيرات التي غذت عمله خلال أعوامه النيويوركية. ومن هؤلاء الناقد هارولد روزنبرغ الذي عده مؤسس فن “الأكشن” أو “التصوير الحركي” Action painting، وكتب عنه أحد النقاد تعليقاً على معرضه الذي أقيم خلال عام 1945 “إن معرضه الشخصي الثاني أبرزه على أنه الرسام الأكثر تأثيراً في جيله، ويمكن أن يكون الأشهر منذ خوان ميرو”. صناعة شهرة بولوك التشكيل الداخلي (صفحة فيسبوك) ولد بولوك في سهول وايومنغ الغربية عام 1912 وكان والده يعمل مزارعاً ثم بعد ذلك مساحاً للأراضي تابعاً للحكومة. ونشأ في أريزونا وواجه خلال حياته المبكرة ثقافة الأميركيين الأصليين في رحلاته مع والده، وعلى رغم أنه لم يعترف بتعمد تقليد فنون الأميركيين الأصليين فإنه أشار إلى أن التشابه بينه وتلك الفنون القديمة نتيجة لذكرياته المبكرة الراسخة في عقله اللاواعي. واتجه بولوك إلى نيويورك عام 1930 حيث تدرب على يد الرسام توماس هارت بنتون وانغمس في السوريالية واللاوعي وخاض تجربة الكتابة الآلية والرسم التلقائي والتحليل النفسي متأثراً بيونغ خلال الفترة التي كان يخضع فيها للعلاج من الإدمان على الكحول. وتأثر باللوحات الجدارية للاشتراكيين المكسيكيين ديفيد ألفارو سيكيروس وخوسيه كليمنتي أوروزكو، ثم عمل في مشروع الفن الفيدرالي لإدارة تقدم الأعمال الفنية (التابع لـWPA) والذي روجت له سياسة الصفقة الجديدة لفرانكلين روزفلت. وعام 1941 التقى لي كراسنر التي كانت آنذاك طالبة تدرس الفن في محترف هانز هوفمان لكنه لم يتزوجها إلا عام 1945 وكان لها تأثير حاسم في حياته المهنية والترويج لأعماله. وبحلول خمسينيات القرن الـ20 كان مذهب “التعبيرية التجريدية” يرتبط بمفهوم الحرية الفردية إذ تحدث هارولد روزنبرغ عن التحول من الرسم إلى الدراما الوجودية في عمل جاكسون بولوك وقام الكونغرس من أجل الحرية الثقافية وهي منظمة لتعزيز الثقافة والقيم الأميركية (بدعم من وكالة الاستخبارات المركزية CIA)، برعاية معارض لأعمال بولوك والترويج له مع أقرانه من التعبيريين التجريديين ومن بينهم مارك روثكو وفرانز كلاين وويليم دي كونينغ. وأثار بعض المثقفين اليساريين الجدل حول احتضان حكومة الولايات المتحدة والنخبة الثرية لبولوك والتعبيرية التجريدية لوضع الولايات المتحدة في طليعة الفن العالمي وللتقليل من أهمية الواقعية الاشتراكية. فقيل إن بولوك أصبح سلاح الحرب الباردة. “بولوك هو أول من كسر الجليد -حسب اعتراف زميله ويليم دي كونينغ- لأنه فتح ممراً إلى عالم هواة المجموعات الفنية لشراء أعمال لرسامين آخرين من مدرسة نيويورك”. لوحة لبوللوك بعنوان “المفتاح” (صفحة فيسبوك) وتمتع بولوك بالاعتراف بدءاً من أوائل 1940 بدعم من الناقد كليمنت غرينبرغ وجامعي المعارض بيتي بارسونز وبيغي غوغنهايم. تحت إدارة ألفريد بار الابن، وأصبح متحف الفن الحديث MoMa أول متحف يحصل على لوحة لبولوك The She-Wolf (1943)، من أول معرض فردي له خلال ذلك العام في “صالة فن هذا القرن”. وخلال عام 1947 وصل جاكسون بولوك إلى نمط جديد من العمل جلب له شهرة دولية بفضل طريقة غير مسبوقة من قذف الطلاء السائل وتنقيطه وتقطيره على قماش موضوع على الأرض، في تفاعل مباشر مع مواده بالجاذبية والسرعة والارتجال في العملية الفنية، متأثراً بآلية المصادفة المكتسبة من السوريالية، وسعى إلى مزج اللون بالزجاج المطحون أو الرمل على سطح اللوحة، حتى أضحت مساحاته عبارة عن مساحات متفجرة بالنقاط والبقع والخيوط المكوكية المتشابكة. سباق النجاح إن التوهج القوي لأعماله والشخصية الفريدة التي لم يسبق لها مثيل للوحاته عام 1943 وعفويته التي لا هوادة فيها والطريقة الفريدة التي يمزج بها عدداً لا يحصى من الذكريات بحماسة وشغف وانغماس عميق، هي في المقام الأول أسباب النجاح. ومع ذلك عاش جاكسون بولوك حالاً مأسوية من عدم الاستقرار الشديد معظم حياته. عام 1949 هو العام الوحيد الذي سمحت فيه المبيعات الكبيرة للزوجين بولوك وكراسنر بسداد ديونهما واستعادة “منزل سبرينغز” الذي كانا يملكانه. وكان لسلوك بولوك العدواني عندما كان في حال سكر تأثير سلبي على صورته، فقد تجنبه أصدقاؤه السابقون وكان أصحاب المعارض يشككون فيه وكذلك تردد عملاؤه حتى بات من الصعوبة إقناعهم بقيمة لوحاته. ومن ناحية أخرى على المدى الطويل لعب سلوكه ورسمه وتعبيره وسرعة التنفيذ الواضحة دوراً في بناء الصورة الأسطورية للفنان الأميركي النموذجي الحر و”الجامح” ولكنه ممتلئ جداً بالطاقة، وبخاصة بعد رحيله المفاجئ بحادثة سيارة أودت بحياته عام 1956 عن عمر يناهز 44 سنة. وبذلت كراسنر كثيراً لتعزيز إرثه بعد وفاته بما في ذلك التبرع بأعمال رئيسة لمجموعة بولوك التي لا مثيل لها إلى متحف الفن الحديث في نيويورك. ومن أشهر أعماله لوحة “الأرابيسك” (1948) و”الإيقاع رقم (1)” و”الخريف” (1950) و”ذكر وأنثى” (1942). بيكاسو والإعجاب غير المتبادل “لا أفكر بشيء جديد إلا وأجد بيكاسو سبقني إليه”، هذه العبارة قالها بولوك لزوجته لي كراسنر (كما جاء في مذكراتها)، حين كان تحت وطأة الإعجاب به كغريم له أو منافس وملهم في آن واحد. وكان بيكاسو منذ البداية مرجعاً رئيساً لجاكسون بولوك الذي تأثر به بشدة بعد قراءة مقال لجون د. جراهام بعنوان “الفن البدائي وبيكاسو” (1937)، فجاء انجذابه لثقافة الأميركيين الأصليين صدى رؤيته اللوحة الكبيرة المناهضة للفاشية غيرنيكا خلال مايو 1939 في معرض فالنتاين. ثم اكتشف جميع أعمال بيكاسو بعد بضعة أشهر في متحف الفن الحديث داخل نيويورك خلال المعرض الاستعادي المخصص له “بيكاسو، 40 عاماً من فنه”، إذ تأثر بلوحة آنسات أفينيون (1907) ولوحة الفتاة الصغيرة أمام المرآة (1932)، وأنتج بعدها سلسلة من الرسومات لصور هجينة تجمع حيواناتها بين مصادر بيكاسو واستعارات من المنحوتات والأقنعة الأميركية الأصلية. وكان الفنان والمنظر جون د. جراهام أول من اهتم بجاكسون بولوك. عرفه بفن بيكاسو فنظم عام 1942 معرضاً جماعياً كبيراً بعنوان “الرسم الأميركي والفرنسي”، واجه فيه أسماء كبيرة من المشهد الباريسي مثل جورج براك وأندريه ديرين وهنري ماتيس وبيكاسو مع الأميركيين ستيوارت ديفيس ووالت كون ولي كراسنر ومعهم بولوك الذي عرض حينها لوحته “الولادة”، التي يستحضر تركيبها الرأسي المصنوع من أجزاء من الصور المشوهة والمنمقة عموداً طوطمياً ويلمح إلى منحوتات قبائل الهنود الحمر (كواكواكا واكو). وذلك يؤكد مدى شغف بولوك بفن بيكاسو ولكن هل كان بيكاسو في المقابل معجباً بأسلوب بولوك؟ بالعودة إلى كتاب مذكرات فرنسواز جيلو (زوجة بيكاسو) في اقتباس نشرته صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية تحت عنوان “بولوك السفر إلى أرض الثمار الأولى”، ذكرت فيه أنه غداة انتهاء الحرب في لقاء جمعها مع زوجها بيكاسو في محترف ماتيس أطلعهما على كاتالوغات أرسلها ابنه بيار ماتيس الذي يعمل في تجارة الفن في نيويورك، تحوي صور لوحات جدارية لبولوك حين كان عمره 35 سنة، من مرحلة الصب والتقطير اللوني. ويقول ماتيس “لا أعتقد أني أفهمه ولا أجدني قادراً على تقييم هذه التجربة الجديدة التي لا مرجعية لها متصلة بالتصوير الحديث وكأن التاريخ يكمل مساره”، وتقول فرنسواز بالطبع كان ماتيس لبقاً ومهذباً في تحفظه. أما بيكاسو البعيد من اللياقات والتهذيب لا يعد يوماً أن الزمن سيتعداه، فيجيب بطريقته الساخرة بالقول “يا لها من حكمة! لا أوافق على الإطلاق، ولا يهمني أن أحكم على ما يأتي بعدي… لا أتفق مطلقاً مع هذا النوع من الرسم. أعتقد أنه من الخطأ أن تترك نفسك لترحل بعيداً وأن تضيع في خضم الحركة. هذا الإيمان بالإحساس الآني الخالص يزعجني بشدة… على أية حال فإن اللاوعي لدينا قوي جداً لدرجة أنه يعبر عن نفسه دائماً بطريقة أو بأخرى على رغم عنا. فلماذا الاستسلام له عمداً؟”. المزيد عن: فنان أميركيفن تشكيليالحداثةبيكاسوالتعبيريةالتجريداسطورة فنيةالمعاصرةالقرن ال20 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post 24 مدينة مغربية تكرم محمد برادة ناقدا وروائيا next post ميليشيات العراق وسيناريو شبح الحرب الشاملة في البلاد You may also like شوقي بزيع يكتب عن: القدس عاصمة الروح ومدينة... 24 ديسمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: وجوه مجرّدة من موقع... 24 ديسمبر، 2024 “الذراري الحمر” يحصد جائزة “أيام قرطاج” وضجة حول... 23 ديسمبر، 2024 أوديب: الأسطورة المتجددة عبر العصور 23 ديسمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: مشير عون يكشف ركائزه... 23 ديسمبر، 2024 سينما “متروبوليس”… صرح ثقافي يعيد الحياة لبيروت 23 ديسمبر، 2024 محمد علي اليوسفي: كل ثورة تأتي بوعود وخيبات 22 ديسمبر، 2024 سوريا والمثقفون الانتهازيون: المسامحة ولكن ليس النسيان 22 ديسمبر، 2024 حين انطلق “القانون في الطب” غازيا مستشفيات العالم... 22 ديسمبر، 2024 “انقلاب موسيقي” من إيغور سترافنسكي في أواخر حياته 21 ديسمبر، 2024