ظهورات غير اعتيادية حدثت أخيراً في الولايات المتحدة الأميركية لأجسام فضائية (أ ف ب/ غيتي) X FILE من يحكم العالم؟ by admin 30 يناير، 2025 written by admin 30 يناير، 2025 31 هل من شبكات بعينها قائمة تمثل مجلس إدارة الكرة الأرضية؟ اندبندنت عربية مع نهاية عام وبداية عام جديد، يطرح، وبصورة دورية، التساؤل التقليدي من الذي يحكم عالمنا المعاصر هذا؟ هل الحكومات التي نراها على السطح؟ أم الأجهزة الأمنية والاستخبارية التي تخدم تلك الأنظمة ولا يعرف عنها إلا قليلاً؟ تساؤل مفتوح والسرد من حوله طويل وكثير، كما أن الحقائق تتداخل فيه مع الأساطير، لا سيما في ظل حالة السيولة الجيوسياسية التي تنتاب عالمنا المعاصر. ولعل ما أعاد الحديث عن فكرة الحكومة العالمية الخفية، تلك الظهورات غير الاعتيادية التي حدثت أخيراً في الولايات المتحدة الأميركية لأجسام فضائية، لم يحسم أحد ما إذا كانت تمثل جزءاً من أطراف تجارب علمية أميركية سرية، أو مشاهد لضيوف تعرف الولايات المتحدة طرفاً من أخبارهم، وربما هي في علاقة قديمة معهم، مما يعزز طرح المؤامرة العالمية. والشاهد أن أفضل تعبير يقال في حال البحث في هذا الإطار هو أن الحقيقة دائماً ما تكون في وضع متوسط بين طرفين أو وجهتي نظر، مما يعني أن حكام العالم الحقيقيين، هم شراكة بين الماضي والحاضر، بين الظاهرين والخفيين، بين الاقتصاد والسياسة والأديان، عطفاً على الاستخبارات والمؤسسات الماورائية التي ترسم الخطوط وتنسج الخيوط، ومن غير الادعاء بأن جماعة واحدة هي التي تسوس العالم في الحل والترحال. هل يمكن أن نقدم غيضاً من فيض تلك المؤسسات المثيرة والجماعات الخطرة التي يعتبرها المفكرون والكتاب، وثقات المحللين السياسيين، الطغمة الحاكمة التي تدير شؤون وربما شجون العالم؟ في هذه القراءة لا ندعي امتلاك كل الحقيقة، ولكن دورنا هو أن نلقي بمزيد من الضوء على ما يجري من حولنا لا سيما في هذا التوقيت الذي يعاد فيه رسم ما يعرف بالنظام العالمي الجديد، بعد أن بدأ القديم في الخفوت والتواري. كتب رئيس وزراء بريطانيا الراحل بنجامين دزرائيلي “يحكم العالم بأشخاص مختلفين اختلافاً شديداً عمن يتخيلهم الناس الذين لا يعلمون ببواطن الأمور” (ويكيبيديا) دزرائيلي واليد الخفية لحكم العالم لعله يتوجب علينا بداية الإشارة إلى أن فكرة الحكومة العالمية الخفية، لا تشاغب أذهان العوام فحسب، بل إن هناك كثيرين من القادة السياسيين الكبار حول العالم، وقبل عقود طوال، قطعوا بأن هناك أموراً محيرة تجعل من فكرة الحكومة العالمية الخفية شأناً قريباً للحقيقة، وليس مجرد تهويمات تؤمن بها التيارات الشعوبية. على سبيل المثال لا الحصر، كتب رئيس وزراء بريطانيا الراحل بنجامين دزرائيلي (1804-1881) “يحكم العالم بأشخاص مختلفين اختلافاً شديداً عمن يتخيلهم الناس الذين لا يعلمون ببواطن الأمور، وهذا يعني أنهم ليسوا الملك أو وزراءهم”. ويتساءل من أولئك الحكام؟ والجواب عنده أنه سر ينبغي معرفته، وأحجية يتطلب فك شفراتها، حتي يستطيع البشر الاعتياديون السيطرة عليهم وفرض السلام العالمي. أما أوتوفون بسمارك الذي شغل منصب رئيس وزراء بروسيا (1815- 1898) وعرف بالمستشار الحديدي، فتصور بالفعل وجود قوى غير مرئية لكنه لم يشخصها، وسماها “ما لا يسبر غوره”. أما الشاعر والسياسي الفرنسي الأشهر ألفونس دي لامارتين (1790-1869) فقرر وجود تلك اليد الخفية، في وقت قال الفيلسوف والإيطالي السياسي البارز جوزيبي مازيني (1805-1872) لطبيبه بريدنستنين “إننا نرغب في قهر كل خطر، بيد أن هناك خطراً غير مرئي. من أين يأتي؟ وأين هو؟ لا أحد يعلم أو في الأقل لا أحد يفصح عنه. إنها مجموعة سرية منظمة تخفي، حتى علينا، نحن العريقون في أعمال الجمعيات السرية “. يكفي التطلع إلى الرسومات الكائنة فوق ورقة الدولار، وتحليل ما فيها من أشكال وأرقام وكلمات، عن المصري القديم والنظام العالمي الجديد، ليخلص المرء إلى أن هناك تواصلاً فكرياً ما جرى في لحظات معينة من الزمن (اندبندنت عربية) ويتساءل الشاعر الأميركي جورج ديلون (1906-1968) بدوره، عن أحوال الجماعات الخفية التي تدفع المسيحيين الأوروبيين للقيام بثورات يقودها أشخاص يلفهم الغموض، ومن غير أن نعرف لهم أصولاً أو جذوراً فكرية، مما يعني أنهم يدورون في فلك السرية والخفاء حيث الظلمة لا النور. والثابت أن القارة الأوروبية بنوع خاص، التي مثلت قلب العالم القديم، وأحكمت سيطرتها على العالم القديم عبر المستعمرات الخارجية، هي الرقعة الجغرافية التي انطلق منها الحديث عن تلك الجماعات، في الأقل في ما هو معروف، غير أن هناك من يرجع أصل تلك الجماعات الخفية، بكل ما تحمله من مسميات إلى المصريين القدماء، أولئك الذين صدروا للعالم هذا الغموض. هل لهذا الحديث نصيب من الصحة؟ السامري المصري وعلوم أرض الإله من شبه المؤكد أن أقدم حضارة دارت من حولها الأسرار هي الحضارة المصرية القديمة، التي يطلق عليها جوازاً الحضارة الفرعونية، لماذا؟ باختصار لا تبدو واضحة الجذور الأولى لهؤلاء، وما إذا كانوا بالفعل أحفاد شعب حضارة الأطلنطيس الغارقة، الذين ورثوا الحكمة من الإله “تحوت”، حين نزل فوق جبال إثيوبيا، ومنها مضى هو وقومه نحو نهر النيل، ومن جراء الخصب والنماء هناك، أطلقوا على مصر لفظة “إيجبت” أي أرض الإله، حيث نبع الأسرار والموروثات التي تبدو وكأنها ظهرت فجأة، ومن ثم اختفت بالطريق ذاته، على رغم الشواهد المتبقية على عظمة وسرية كثير من أسرار تلك الأمة، التي جمعت ما بين العالمين السفلي والعلوي، المظهري والمخبري، فوق أرض جرى بناؤها برموز الطاقة والقوة، وباتت جاهزة لتطبيق تعاليم الربة “ماعت”، ربة العدالة والاستقامة والنظام . من شبه المؤكد أن أقدم حضارة دارت من حولها الأسرار هي الحضارة المصرية القديمة (أ ف ب/ غيتي) من هنا يعتقد كثيرون من المؤرخين أن تلك التعاليم المصرية القديمة، قدر لها أن تهاجر خارج البلاد، وتنطلق بنوع خاص شمالاً نحو القارة الأوروبية القديمة، ومنها غرباً عبر المحيط الأطلسي تجاه ما بات يعرف بالعالم الجديد، أي الأميركيتان، الشمالية والجنوبية، ومن هنا ربما كانت بداية نشأة ما عرف باسم النظام العالمي الجديد. ومن خلال تعاليم المصريين القدماء، سيطر بعض من البشر على الأرض الجديدة، ومنها على بقية العالم، وبات ما يحدث هناك مصدر العلم والقوة لبقية شعوب الأرض. في هذا السياق يبدو أن هناك من استخرج من باطن التاريخ علماً من أهم العلوم السرية وهو “علم الخرائط المخفية”، ذاك الذي عرفه المصريون القدماء، ومن خلاله تحركوا في أجزاء العالم كافة شرقاً وغرباً. هذه الخرائط السرية شديدة الدقة، كانت محفوظة ومخفية في مكان ما لدى الخاصة من البشر، خرائط تم رسمها من قديم الزمان لكل قارات العالم بل ولكل سطح الكرة الأرضية، وهي الخرائط التي دشنت حركة الكشوفات الجغرافية التي انطلقت من إسبانيا والبرتغال، وحملها هنري الملاح وفاسكو دي غاما، وغالب الظن أن هؤلاء وأمثالهم كانوا من مؤسسي النظام العالمي الجديد. تعد “بلاك روك” مستشارة للبنوك المركزية حول العالم (رويترز) هل يمكن أن يكون لهذا الكلام نصيب من الصحة؟ بالنظر إلى حضارات المايا والآزتيك في أميركا الجنوبية، نرى أهراماً مشابهة لأهرام مصر القديمة، وطقوساً وشعائر موازية ومساوية، أما بالارتحال إلى أميركا الشمالية، وبالتحديد في الولايات المتحدة، فيكفي التطلع إلى الرسومات الكائنة فوق الورقة الخضراء، الدولار، وتحليل ما فيها من أشكال وأرقام وكلمات، عن المصري القديم والنظام العالمي الجديد، ليخلص المرء إلى أن هناك تواصلاً فكرياً ما جرى في لحظات معينة من الزمن، يشوبه الغموض، مما يفتح الباب واسعاً لفكر الحكومة الخفية والجماعات التي تبسط هيمنتها على العالم بصورة أو بأخرى. سلاسل الإمداد وتجار القوى العالمية اكتشف العالم خلال أزمة جائحة “كوفيد-19” أن من يملك خرائط العالم السالف الإشارة إليها، يمكنه بالفعل أن يتحكم في مسارات الأمم ومساقات الشعوب، لا من خلال اكتشاف طرق جديدة أو قارات مختفية، وإن كان لا يزال الحديث يدور في المنطقة الرمادية عن وجود جغرافيا أخرى وعالم مواز خلف الاقطاب الجليدية، بل المقدرة على معرفة من يسوس العالم عبر خطوط الإمداد وحركة التجارة الدولية، تلك التي جعلت شعوباً بعينها في أوروبا، تحديداً، تستصرخ بقية أرجاء العالم بحثاً عن الأغذية الطازجة من فاكهة وخضروات، وهي الخطوط عينها التي كشفت للأميركيين خطورة رهن إمدادات الأدوية على مصانع في الخارج، ناهيك بصناعة الرقائق الإلكترونية . رجل “الكي جي بي” الأشهر فلاديمير بوتين (رويترز) هل يعد القابضون على جمر تلك السلاسل من تجار القوة الطغمة الخفية التي تحكم العالم أم الطبقة الظاهرة؟ عبر مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية الشهيرة يشاغب رئيس التحرير كارلوس روا ما جاء في كتاب الصحافيين خافيير بلاس وجاك فارشي، المعنون “العالم للبيع: المال والسلطة والتجار الذين يقايضون موارد الأرض”، مؤكداً أن هناك شركات عالمية تمثل عصب التجارة العالمية، التي من دونها تتوقف الحياة بالمعنى المجازي. ويلفت الكتاب النظر إلى الدور الذي لم يعد خفياً لتلك الشركات التي تتعاطى في السلع الغذائية الرئيسة، وفي مقدمها الحبوب، وكيف باتت سلاحاً خفياً يتلاعب به لقيام وسقوط ممالك وإمبراطوريات. على سبيل المثال استطاعت القوى الغربية، ذات المسحة الليبرالية الاقتصادية أن ترهق الاتحاد السوفياتي، في حاجته إلى مزيد من الحبوب، ذلك أن موسكو لم تكن، وكما اليوم، عن حاجة سكانها فحسب إلى الحبوب، بل لعدد بالغ من الجمهوريات المسؤولة عنها. وبدا تجار الحبوب، وقتها، قوى خفية – ظاهرة، قادرة على التلاعب بأقدار السوفيات، وهو الأمر عينه الذي تم تسخير الأوليغارشية الشيوعية لاحقاً من أجل إبطاء صحوة روسيا لولا انتباه رجل “الكي جي بي” الأشهر فلاديمير بوتين. _هل لا يزال النفط يمثل أحد الأبواب الدوارة لحكام العالم الظاهر وليس الخفي؟_ (اندبندنت عربية) هل هذه القوى التجارية البالغة القوة تلعب اليوم دوراً مماثلاً مع الصين؟ لقد أطلق جوع الصين للمواد الخام والمستمر للسلع لتغذية نموها إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية، وبعبارة أخرى، كانت الصين تستهلك كثيراً بسرعة كبيرة لدرجة أن العرض بالكاد كان يواكب الطلب، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وبالتالي زيادة نسبة الأرباح بالنسبة إلى كبريات شركات المواد الغذائية، ومن بين تلك الشركات تطفو شركة “غلينكور”، وهي شركة بريطانية – سويسرية متعددة الجنسيات للتجارة والتعدين، ومقرها مدينة بار بسويسرا، وتم إنشاؤها من خلال دمج شركات عالمية عدة وتحتل المرتبة العاشرة ضمن أكبر 500 شركة عالمية . كان دخل “غلينكور” عام 2003 مليار دولار، وارتفع عام 2007 إلى 6 مليارات دولار، ووصل إلى 17 مليار دولار في عام 2023. ماذا لو وضعنا تصوراً لمداخيل أكبر 10 شركات متعددة الجنسيات حول العالم في العام الماضي؟ حكماً سيتضح لنا أنها تمثل بالفعل أحد أهم محركات القوى التي تحكم العالم، ومن غير نظرية مؤامرة، أو حاجة إلى أحاديث اليد الخفية، حتى وإن كانت ظلال نظرية “الخرائط السرية”، للدولة المصرية القديمة في عهد الفراعنة تلقي بظلها على الواقع المعاصر، إذ ما زالت السلع الأساسية تشكل طريقاً أكيداً إلى المال والسلطة. “بلاك روك”… اقتصاد يحرك قارات ربما لا يحتاج العالم إلى حكومة خفية، أو أياد ماورائية ما دام وجدت هناك مؤسسات مالية عالمية، قادرة على تحريك قارات وليس دولاً، هل من مثال قريب؟ خذ إليك على سبيل المثال لا الحصر شركة “بلاك روك المتحدة”، وهي شركة استثمارية متعددة الجنسيات، تأسست، في البداية، كشركة لإدارة أخطار المؤسسات وإدارة الأصول المؤسسية ذات الدخل الثابت. وتتجاوز أصول الشركة المدارة 11.5 تريليون دولار أميركي، ويقع مقرها الرئيس في مدينة نيويورك، ولديها 70 مكتباً في 30 دولة وعملاء في 100 دولة. هل هذه شركة أم أنها كيان ظاهر للعيان يتجاوز في قدراته ما لدول بعينها من إمكانات مالية ولوجستية؟ وهل يمكن اعتبارها إحدى أدوات حكم العالم ولو بطريق غير مباشر؟ تعد “بلاك روك” مستشارة للبنوك المركزية حول العالم، وأكبر مساهم في الجواهر الصناعية، أي الصناعات الثمينة ذات المردود عالي وغالي المستوى. وأسس لاري فينك الأميركي شركته هذه قبل ثلاثة عقود ونصف عقد مع 12 زميلاً، بعد أن تعلم حرفته في أحد بنوك الاستثمار في نيويورك، وفي سن 65 أصبح مليارديراً يدير تريليونات الدولارات، ثلثها في أوروبا، والمصدر الأساس لهذه الأموال هو صناديق التقاعد، وبخاصة تلك التي يملكها المسؤولون في كاليفورنيا ونيويورك، وجميعهم لديهم معاشات تقاعدية ممولة، ويأملون في رؤية مدخراتهم الخاصة التي يكملها، بالفعل، صاحب العمل، تزدهر في الأسواق المالية تحت إدارة “بلاك روك”. واكتسبت “بلاك روك” قوتها الحقيقة في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008، ومع سقوط “ليمان براذرز” كانت “وول ستريت” في خضم السقوط الحر. ولم يكن أحد يعرف ما تحتويه آلاف المحافظ المالية، وما كان مخفياً، وما هو سام، وما هو ليس كذلك، وما هو خطر وما ليس كذلك. لقد أدركت شركة “بلاك روك” بسرعة كيف يمكنها الاستفادة من هذا الوضع، فمنذ إنشائها طورت الشركة أداة خاصة بها لإدارة الأخطار، تسمى “علاء الدين” (لاحظ الإسقاط على فكرة الفانوس السحري)، وتوضح صحيفة “فاينانشال تايمز” “أنها قادرة على تحليل أخطار الاستثمار في أي سهم، وتسليط الضوء على الأماكن التي يجب بيع السندات فيها لجلب أفضل سعر، وتتبع جميع المعاملات، وتجميع كل البيانات، وتسليم المعلومات الحيوية للمستثمرين”. وتعكس “بلاك روك” التخلي عن دولة الرفاهة، ويسير صعودها في السلطة جنباً إلى جنب مع التغيرات البنيوية الجارية، والتغيرات في التمويل، ولكن أيضاً في طبيعة العقد الاجتماعي الذي يوحد المواطن والدولة. هل يمكن اعتبار “بلاك روك” واحدة من القوى الموجهة للعالم من غير حاجة إلى نظريات المؤامرة التقليدية؟ الثابت هو أن القوة التي اكتسبتها شركة “بلاك روك” في غضون سنوات قليلة من النفوذ على الدول ذات السيادة، باتت تثير التساؤلات، وكذلك الحال بالنسبة إلى الأدوار المتعددة التي تلعبها. وهناك قضية واحدة، على وجه الخصوص، تثير التساؤلات، تتمثل في القوة الأفقية التي بنتها الشركة في قطاعات معينة من خلال استثماراتها في شركات صناعة الطيران والبناء والمشروبات الروحية والمعدات الكهربائية الصغيرة وما إلى ذلك، وسرعان ما وجدت الشركة نفسها مساهمة في كل من الأسماء الكبيرة في القطاع نفسه. هل “بلاك روك”، وكما يقول مؤسسها لاري فينك شركة ملتزمة برفاهة البشرية؟ أم كيان عالمي يتحكم في رقاب ومفاصل البشر؟ النفط الباب الدوار لحكام العالم الخفي ذات مرة من القرن الـ19 قال الإمبراطور الفرنسي الشهير نابليون بونابرت “إن الجيوش تمشي على بطونها”، وعلى رغم صحة هذه العبارة فإنها ربما لم تكن منضبطة بالمطلق في النصف الثاني من العقد الثالث من القرن الـ21، ذلك أن الشعوب بدورها باتت تمشي على بطونها، وحتى الساعة لا يوجد بديل مستمر ومستقر للطاقة اللازمة لحركة البشر عن النفط في شكله التقليدي. من هنا يمكن لنا التساؤل “هل لا يزال النفط يمثل أحد الأبواب الدوارة لحكام العالم الظاهر وليس الخفي؟ وهل من أجله بالفعل تنشب الحروب وترسم المخططات الاستراتيجية؟ وهنا قد لا يظهر بالفعل حفارو القبور الحقيقيون وراء صراعات الموت من جراء النفط”. أفضل من قدم جواباً عن علامة الاستفهام المتقدم الصحافي الأسترالي الذي رحل من قريب جون بيلجر في كتابه الشهير “حكام العالم الجدد”، الذين يمكن اعتبارهم الوجه الآخر لحكام العالم الخفي والظاهر في الوقت ذاته. ومثل النفط وجهاً من أوجه المعارك الخفية المستترة، لا سيما منذ النصف الثاني من القرن الـ20، وبالتحديد بعد الحرب العالمية الثانية. وبالنسبة إلى الغرب في ذلك الوقت، بدا وجود الاتحاد السوفياتي وكأنه يسد الطريق على احتياطات النفط والغاز التي ثارت التكهنات باستمرار في شأنها ومقدارها وحجمها، فقد قيل وقتها، وربما بشيء من التفاؤل، إن أكبر البحار المغلقة ضخامة، أي بحر قزوين، يحتوي على ثلث المخزون العالمي من النفط والغاز، وإن أكبر الحقول اتساعاً يوجد في كازاخستان وأذربيجان، بينما توجد حقول أصغر في تركمانستان وأوزبكستان. كان من الطبيعي أن يسقط الاتحاد السوفياتي وأن تتفكك منظومته، ومن بعدها أخذت أميركا وروسيا والصين وبريطانيا في التنافس بينها في شكل “اندفاع نفطي”، تجاه المنطقة القزوينية، مما يعيد للأذهان ذلك الاندفاع الاستعماري نحو أفريقيا. لم يكن الأمر في حاجة إلى حكومة خفية لشرح حقيقة المشهد النفطي في شرق آسيا، فقد قال ذات مرة وزير الطاقة الأميركي بيل ريتشاردسون، في إدارة الرئيس بيل كلينتون الأولى، إن “الجمهوريات السوفياتية السابقة تمثل أهمية فائقة بالنسبة إلى مشهد الطاقة الأميركي، وعليه فإننا نرغب في أن نرى روسيا مرتبطة بالاستثمارات التجارية والسياسية الغربية في المنطقة القزوينية”، وأضاف “من الأمور بالغة الأهمية، بالنسبة إلينا، أن يكون هناك توافق بين خريطة خطوط الأنابيب وبين السياسات”. ويطفو حديث الخرائط الجغرافية مرة جديدة، وإن كان هذه المرة يتجلى في شكل أنابيب النفط والغاز، تلك التي من أجلها تنشأ الحروب والصراعات. حكام العالم الحقيقيون، في واقع الأمر، على رأس اهتماماتهم خرائط خطوط الأنابيب التي تشكل أهمية حيوية، إذ يظل النفط والغاز، من دون قيمة، ما لم تتوافر الوسائل اللازمة لنقله إلى الموانئ ذات المياه العميقة، وهناك ثلاثة طرق يمكن أن تمتد منها خطوط الأنابيب من خلال روسيا وإيران وأفغانستان. هل تفك لنا أسماء تلك الدول الثلاث شفرات ما جرى ويجري منذ 2001 وحتى الساعة بالنسبة إلى السياسات الطاقوية العالمية؟ كان الاعتماد على روسيا أمراً غير ممكن، وهو ما أثبتته السنوات الماضية، ولهذا كان لا بد من إقحامها في صراعات أممية مضنية. أما إيران فتعاطت معها واشنطن بالعصا والجزرة ولا تزال غير قادرة على حسم العلاقة الشائكة، مما يلقي بتبعات هائلة على كاهل الرئيس ترمب. أما أفغانستان فقد كانت دائماً وأبداً تمثل جائزة نفطية كبرى بالنسبة إلى خطوط الأنابيب والإمدادات النفطية في القرن الـ21. وتكتب صحيفة “وول ستريت جورنال” أن “العالمين ببواطن نوايا القيادات الكبرى للشركات النفطية، يقولون إن الحلم بتأمين خط الأنابيب عبر أفغانستان كان هو السبب الرئيس الذي جعل باكستان الحليف الوثيق للولايات المتحدة الأميركية، توافق، في هدوء، على اكتساح طالبان أفغانستان”. حكام النفط الظاهرون غير الخفيين، هم من وقفوا جنباً إلى جنب مع جورج بوش في قراره غزو أفغانستان بعد أحداث الـ11 من سبتمبر (أيلول)، ودعموا رغبته في الإطاحة بنظام “طالبان”، على رغم أنهم قبل خمس سنوات فقط، كانوا الصوت الرأسمالي الأصيل في الداخل الأميركي، الذي يطلق نغمة تعتبر أن “طالبان” هي الأكثر قدرة على إقرار السلام في أفغانستان. هل كان غزو العراق، بدوره، بعيد الصلة من مناورات القيادات النفطية الظاهرة للعيان والخفية معاً؟ لعقود طوال أظهرت واشنطن امتنانها لحكومة صدام حسين، واعتبرت أنه يوفر الحماية للدول العربية في مواجهة انتشار فيروس “الثورة الإيرانية”. في أوائل عام 1989، وقبل غزو صدام الكويت، قام مساعد وزير الخارجية الأميركي وقتذاك جون كيلي بزيارة صدام حسين، وساعتها أخبره بأنه “يمثل قوة الاعتدال في المنطقة، والولايات المتحدة لديها الرغبة في توسيع نطاق الاعتدال في المنطقة”. وعلى رغم أن جماعات حقوق الإنسان كانت قدمت أدلة على استخدام صدام غاز الخردل المحرم دولياً في قصف الأكراد في حلبجة، إلا أن إدارة بوش الابن وقتها رفضت إعلان إدانته. غير أنه حين اقترب صدام من تهديد مصادر نفط الخليج، ظهر ديك تشيني ولوبي نفط “هاليبرتون”، على الفور، ليرسموا خطوطاً غير مسبوقة في الخليج العربي من خلال حرب خاطفة ستكون لها تبعاتها في العقدين المقبلين. من يحكم العالم: الاقتصاد أم السياسة؟ تبدو السطور السابقة، وكأنها تلقي الضوء الكبير والمثير على حكام العالم من وجهة النظر الاقتصادية فحسب، فهل يعني ذلك أن بقية الزوايا الحياتية الأخرى لا تشكل مداخل أخرى لفهم الطريقة التي يدار بها العالم المعاصر؟ المؤكد أن التغيرات الجيوسياسية الراهنة تأخذنا في مسيرة تتشابك فيها الخيوط ما بين الاقتصادي والسياسي، وبين الأمني الاستخباري وبين المجتمعي والفكري، وفي الوسط من هذا كله يعاد رسم الجغرافية السياسية لعالم ما بعد العولمة التقليدية والسياقات الليبرالية التي ملأت الأجواء بعد الحرب العالمية الثانية. يحتاج الحديث عمن يحكم العالم إلى التوقف عند المرتكزات المتقدمة بلا شك، غير أن هناك حكاماً آخرين قادمين على السحاب سيغيرون الأوضاع ويبدلون الطباع، إذ لن يبقى من العالم القديم المعروف والمألوف إلا القليل. في مداخلة فكرية أخيرة له، يحذر عالم السياسية الأميركي الشهير فرنسيس فوكاياما من أمرين غالب الظن سيكونان هما المنصات التي ستمكن مالكيها من التحكم في العالم الجديد القادم عما قريب، بل قريب جداً. المنصة الأولى: موصولة بفكرة العالم الرقمي، حيث السلعة الأهم في قادم الأيام، المعلوماتية التي ستدير شؤون العالم من خلال شبكات المعرفة الماورائية، التي ستخلق عالماً مغايراً، حتى وإن نشبت فيه الصراعات، واشتعلت الحروب، ذلك لأنها مؤكد لن تدور في العوالم الحقيقية، بل في الأجواء السيبرانية، مما سيجعل من التكنولوجيا وصناعها القادة الحقيقيين في عالم مخملي أو خيالي وربما هيولي. المنصة الثانية: تلك الخاصة بالذكاء الاصطناعي، الذي سيخلق عالماً مخيفاً يحذر وينذر منه كبار الحكماء والفهماء في حاضرات أيامنا. وفي كل الأحوال يبقى الحديث عن حكام العالم السيبرانيين مجالاً مطولاً لحديث آخر. على أنه وقبل الانصراف يتبقى سؤال أخير “هل يعني ذلك أن القوى المؤسساتية الخفية التقليدية، وبقايا المنظمات السرية، وما وصل إلينا من المصريين القدماء وحتى الوقت الحاضر، هل جميع هؤلاء من ماسونيين ومتنورين، من “أوبوس داي” و”بلدربيرغ”، من 13 أسرة تتلاعب بالعالم كحبات المسبحة؟ وهل الروتشيلديون والروكفلريون وغيرهم من الأسماء العديدة التي ملأت كتباً واسعة وشاسعة، الذين مثلوا عبر القرون الماضية محطات مهمة في رسم معالم عالمنا الحاضر، هل كل هؤلاء سيتبخرون دفعة واحدة وكأنه لم يكن لهم أثر أو وجود؟ بالقطع هذا لن يحدث، وما سيحدث هو أن هذه الوجوه الخفية باتت معلومة بصورة كبيرة، مما يعني أنه بات لزاماً عليها أن تتحور وتتخذ أشكالاً مغايرة، وتسلك دروباً أخرى، لكنها ستظل فاعلة بكل تأكيد وتحديد، ومع انفجار المعلوماتية لن يبقى هناك غموض، فما يقال اليوم همساً، غداً سينادى به من فوق السطوح. المزيد عن: المصريون القدماءماسونيونمتنورونالروتشيلديونالحكومة العالمية الخفيةبنجامين دزرائيليالحضارة المصرية القديمة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ما حقيقة دخول الجيش اللبناني منشأة “عماد 4” التابعة لـ”حزب الله”؟ next post فرع “القاعدة” في سوريا يعلن حل نفسه بعد سقوط الأسد You may also like حريق غزة يصل إلى الضفة وإسرائيل ترجئ انسحابها... 25 يناير، 2025 هكذا اخترقت الاستخبارات السوفياتية ترسانة وولويتش العسكرية بلندن 22 يناير، 2025 هل كانت جيزيلا آشلي جاسوسة نازية أم ضحية... 20 يناير، 2025 حبل يطوّق أيزنهاور وتنصيب تحت تأثير الكحول، ما... 19 يناير، 2025 “محاولة اغتيال”؟.. قصة “مرض غامض” في حفل تنصيب... 19 يناير، 2025 أسرار من الحرب الأهلية اللبنانية: لماذا رفض السوريون... 18 يناير، 2025 “الرواية الكاملة” لهروب الأسد “المرتبك”… و”مفاجأة” الشرع 18 يناير، 2025 ماذا تريد الأحزاب السياسية من المصريين؟ 17 يناير، 2025 الجواري والموسيقى.. وجهان لثراء الحياة في قصور الخلافة... 12 يناير، 2025 حزب البعث في سوريا: من حلم الوحدة إلى... 11 يناير، 2025