الأربعاء, يناير 22, 2025
الأربعاء, يناير 22, 2025
Home » “ملفات بيبي”… محاكمة سينمائية لطموحات نتنياهو

“ملفات بيبي”… محاكمة سينمائية لطموحات نتنياهو

by admin

 

فيلم وثائقي يكشف استغلال نتنياهو لمنصبه والمتحدثون يعتبرونه رهينة لنزوات اليمين وزوجته حاكمة فعلية للبلاد

اندبندنت عربية / حميدة أبو هميلة كاتبة

من يشاهد فيلم “ملفات بيبي” (The Bibi Files) الوثائقي الذي أنجزته المخرجة الأميركية أليكسيس بلوم حول فساد بنيامين نتنياهو سيدرك سريعاً لماذا بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي في ولايته الخامسة مهتماً بمنع عرض هذا الوثائقي المصوّر أكثر من اهتمامه بتبرئة ساحته بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقاله، إذ دخل في مناوشات قضائية لمطاردة صُناعه ومن ظهروا به، ولم يفلح في استصدار قرار حقيقي سوى بمنع عرضه جماهيرياً في بلاده، وهو أمر ليس ذا شأن في ظل سهولة تداول تلك المواد وأرشفتها للأبد عبر الإنترنت.

العمل على مدى ما يقارب ساعتين يطرح إشكالية مهمة تتعلق بتأثيرات البقاء في السلطة مدة طويلة في الأشخاص، بينهم زعيم حزب الليكود الغارق مع حلفائه اليمينيين المتطرفين، إذ يشعر المسؤول في المناصب الكبرى بأنه هو الدولة، ومن ثم لا يمكن المساس به، بل يصاب بغرور سياسي أعمى فيرتكب الأخطاء، هذا بالضبط ما يستعرضه الفيلم.

ويحفل “ملفات بيبي” بشهادات مسؤولين كبار سابقين ووزراء، بينهم رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت وبعض المقربين بشدة من نتنياهو وأسرته، منهم صديق طفولته الوحيد، إذ كان الرجل الذي أصدر أمراً باستمرار الحرب على غزة مدة عام وثلاثة أشهر ليودي بحياة أكثر من 50 ألف شخص يعاني خللاً في الشخصية، فجرى تدبير صديق له على وجه السرعة كي لا يبقى وحيداً.

هذا الرجل، الذي ظل حتى بعد موعد سريان الهدنة المتفق عليه بين الأطراف يحثّ جنود بلاده على قصف المدنيين، نشاهده من اللحظة الأولى للفيلم مرتبكاً على مقعد غير مريح في غرفة تحقيق ضيقة، يشرب جرعة ماء بين سؤال وآخر، محاولاً إقناع مستجوبيه بأن كل ما يفعله هو لتضليل الأعداء والحفاظ على مستقبل إسرائيل.

السياسي السبعيني المخضرم، الذي تعنت على مدى طويل في إيصال المساعدات أو في تجنب قصف العزل والأطفال، كان يتحدث بعيون زائغة، مواجهاً اتهامات تتعلق بفساده المالي والسياسي وطلبه رشاوى تقدر بمئات آلاف من الدولارات تتضمن شمبانيا فاخرة وسيجاراً باهظ الثمن، وبأن يدفع أصدقاؤه الأثرياء حساب المطاعم الفارهة بدلاً منه وزوجته سارة، مقابل تسهيله بعض الأعمال لهم بحكم منصبه، بينما يبرر أفعاله المتعلقة بالإعفاءات الضريبية لمعارفه، وكذلك تسهيل حصولهم على قروض ضخمة غير مستحقة بأنها تهدف إلى الحفاظ على الأمن القومي.

فاسد أنقذته حرب غزة

الفيلم غير محايد وغير موضوعي، فهو يتبنى وجهة نظر سابقة حول إصرار نتنياهو (76 سنة) على توريط بلاده في حروب وعدم استقرار كي يبقى الناخب بحاجة إليه، ومن خلال توالي شهادات كثير من الضيوف، بينهم مدير مكتب نتنياهو السابق، مائير هيغنز، يستكشف المشاهد أن حرب غزة كانت بمثابة منقذ لمستقبله السياسي، وأنه كان يطيل أمدها عمداً كي يؤخر جلسات محاكمته من جهة، ويظل مرشحاً مطلوباً وقوياً.

ويستشهد العمل بالجلسات المغلقة التي جمعته وزوجته وكذلك بعض أعضاء حكومته المتطرفين الذين كانوا يسخرون من أهالي الرهائن الذين احتجزتهم “حماس” خلال السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وإضافة إلى بعض اللقطات التي بثتها وسائل الإعلام على مدى أعوام من بدء محاكمة نتنياهو في قضايا فساد تتعلق بفترة ولايته الرابعة.

يحفل فيلم “ملفات بيبي” بشهادات مسؤولين كبار سابقين ووزراء إسرائيليين (رويترز)​​​​​​​

 

ويستأثر الفيلم بمشاهد كثيرة للمرة الأولى مسرّبة من تسجيلات الشرطة للتحقيقات مع المتورطين وشهود القضية، إذ وُجهت ثلاثة اتهامات إلى نتنياهو تتعلق بالطعن في ذمته المالية، وهي الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، بعدما تلقّى هدايا طائلة ليضمن له ولزوجته وأبنائه نمط حياة فاخراً، مستغلًا منصبه، وهو ما يجرّمه القانون.

اللافت أن القضية التي يُحقَّق فيها منذ 2016 وفقاً لشهود الفيلم كانت كفيلة بوضعه في السجن بعد وقت قصير من بدء المحاكمة، إذ حُبس إيهود أولمرت قبل أعوام بتهمة تلقي رشاوى بأحد المشاريع العقارية، وكانت القضية تخص فترة رئاسته بلدية القدس، أي قبل منصبه رئيساً للوزراء.

لكن مراوغة نتنياهو حالت دون وضعه في الأصفاد حتى الآن، إذ من المفترض أن يبدأ قريباً حضور جلسات المحاكمة، التي كانت قد بدأت فعلياً قبل نحو خمسة أعوام، وتأجلت مراراً لأسباب مختلفة، بينها فيروس كورونا، وزعم نتنياهو أنه مشغول باجتماعات حكومية دقيقة، وبعدها الحرب على غزة التي كانت طوق نجاة موقت له.

سياسي يزدهر في الحرب

الفيلم الذي اختار لقب التدليل لبنيامين نتنياهو (بيبي) عنواناً لسرد قصة مليئة بالملفات الثقيلة عن الفساد، دخل القائمة الطويلة لجوائز الأوسكار، إذ ينافس على جائزة أفضل فيلم وثائقي، جنباً إلى جنب مع فيلم “من المسافة صفر”، الذي يتنافس على جائزة أفضل فيلم أجنبي، وهو فيلم فلسطيني أنجزه 22 مخرجاً يحكون بطريقة روائية معاناة الشعب بعد الحرب الإسرائيلية على غزة.

المفارقة أن هذه الحرب، وعلى رغم أنها جاءت بعد أشهر طويلة من بدء العمل على “ملفات بيبي”، فإن أحداثها دعمت بشدة وجهة نظر صُنّاعه، لتأكيد أن نتنياهو يتفاخر دوماً بأنه محارب الإرهاب “من وجهة نظره” الأول، ومتخصص إحباط أحلام معارضي الدولة الإسرائيلية من طريق احتوائهم بتيسير وصول المال إليهم، كما فعل مع “حماس”، ومن طريق زرع الشقاق بينهم وبين السلطة الفلسطينية.

بينما في الواقع يحاول نتنياهو البقاء لأطول مدة في السلطة بأي ثمن، من دون أن يكترث لأرواح شعبه، مثلما جاء على لسان سياسيين ورجال أمن ومسؤولي حملاته الانتخابية، وكذلك أشخاص عاديون وشباب إسرائيليون يمقتون طريقة حكمه، معتبرين أنه سبب حرمانهم من ذويهم الذين قُتلوا أو أُخذوا رهائن، وأيضاً بتحويل غزة إلى أنقاض وارتكاب مجزرة مروعة لخدمة طموحه السياسي فقط. مع وصف محدد: “إنه يزدهر في أوقات الحرب والقتل وعدم الاستقرار، كي يجعل الجميع بحاجة ماسة إليه”.

ينافس فيلم “ملفات بيبي” على جائزة أفضل فيلم وثائقي في الأوسكار

هذه الوثيقة المدعمة بالصوت والصورة، التي لا يمكن تجاهلها كانت قد عُرضت لجمهور مهرجان تورنتو في سبتمبر (أيلول) 2024 ورافقها عاصفة من الجدل وسعي حثيث لمنعها، والطعن في صدقيتها، أوضحت بالفيديو والمستندات كيف لا يحترم نتنياهو القانون؟ وكيف تورّط في قضايا فساد منذ عام 1997 ونجح في التملص منها؟

أما هذه المرة فمن طريق مئات الشهود الذين تسربت محادثاتهم لرجال الأمن، يكشف الفيلم أن الفساد المالي وصل إلى استغلاله منصبه لعقد صفقات حربية يستفيد منها، مثل صفقة الغواصات التي أبرمتها بلاده مع ألمانيا قبل نحو تسعة أعوام، إذ أُكد أن الأمر حمل شبهة تضارب مصالح. فيما يتردد خلال الفيلم اسم رجل الأعمال الإسرائيلي والمنتج الهوليوودي الشديد الثراء أرنون ميلشان كثيراً، إذ ركز الفيلم على العلاقة بين أسرة نتنياهو وميلشان باعتباره المورد الأول للهدايا الثمينة، سواء في ما يتعلق بالسيجار الذي زعم نتنياهو أنه كان يبعث به لشقيقه عيدو نتنياهو الطبيب والمؤلف المسرحي، إضافة إلى تكفله دائماً بدفع الحساب في الجلسات الخاصة أياً كان باهظاً.

وفق وجهات نظر لأشخاص متنوعين يدلون بشهاداتهم وبعضهم كان مقرباً بشدة من نتنياهو، فقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي يحيط نفسه بأصدقاء أثرياء، ليضمن أن هناك من يدفع الحساب دوماً، الشهود ذاتهم أقروا بأن الهدايا التي كانت تُمنح بكميات كبيرة بصورة غير عادية كان لها أسماء حركية لمحاولة التغطية عليها، وأن ميلشان اعتُبر خط إمداد بالنسبة إلى الأسرة، لذا حصل على تسهيلات كثيرة في عمله، مثل الإعفاء الضريبي، بينما برر نتنياهو الأمر بأنه قرار اتُّخذ لمصلحة البلاد، إذ أسهم ميلشان في بعض صفقات السلاح للجيش.

هل يخاف نتنياهو من زوجته سارة؟

وفي حين يقدم الفيلم نتنياهو قائداً مولعاً بالقوة والنفوذ والتسلط يتحول مع الوقت إلى زعيم له شعبية لا تتواءم كثيراً مع أخلاقياته، ثم إلى رهينة لنزوات وزراء حكومته الأكثر تطرفاً، فإنه يلقي الضوء بصورة غير مسبوقة على شخصية سارة نتنياهو، إذ تعتبرها بعض الآراء بمثابة الحاكم الفعلي أو حاكم الظل في الحكومة. مع إشارة إلى أن المساحة الكبيرة التي أخذتها نابعة من رد جميل نتنياهو لها بعدما سامحته على خيانته الزوجية قبل نحو ثلاثة عقود، أي بعد ما يقارب خمسة أعوام على ارتباطهما الرسمي، فأصبحت صانعة القرار الحقيقية التي تتدخل في الإعلام والسياسة، وتتعامل بعنف وصلف حتى مع عمال منزلها، مع اتهامات متوالية بإقدامها على تزوير الفواتير لإقامة ولائم فاخرة على حساب الحكومة.

يكشف فيلم “ملفات بيبي” كيف أصبحت سارة زوجة نتنياهو صانعة القرار الحقيقية التي تتدخل في الإعلام والسياسة (رويترز)​​​​​​​

 

اللافت أن الزوجة التي تعمل في مؤسسات معنية بالأطفال ومتخصصة نفسية لضحايا العنف ظهرت أكثر حدة أثناء الاستجواب، وكانت تتعامل بندية وتهدد وتصرخ في وجه المحققين، بل تتهمهم بعدم الاحترام والكذب. وكانت تطلب مجوهرات ثمينة بمواصفات محددة، وزجاجات شمبانيا من المعارف الذين لا يمكن أن يرفضوا لها طلباً، إذ قال أحدهم إنه شعر أنها ستعذب نتنياهو إذا لم تحصل على ما تريد، فيما أُشير إلى أنه ربما يخاف من سارة نظراً إلى قوة شخصيتها وطبيعتها المتسلطة، كما قال هو خلال التحقيقات بعض العبارات التي تدل على قلقه منها.

أسرة نتنياهو، بما فيها نجله يائير الذي يوصف بأنه متشدد ومروج خطاب كراهية غير مسبوق، كانت تتحدث باستعلاء إلى المحققين، وفق ما أظهرته اللقطات المسربة من مراكز الشرطة، يضربون الطاولة ويرفعون صوتهم ويتهمون الشرطة بأنها مثل “جيستابو” وإعلام كوريا الشمالية، كذلك فإن جميعهم اتفقوا على أن الإعلام هو عدوهم الأساس، لذا أظهر العمل محاولاتهم السيطرة على معارضيهم في هذا الحقل، وانتقل الفيلم بين تسجيلات الشرطة وشهادات المتحدثين، ليبرز كيف أن العائلة التي تحكم تل أبيب تعتبر أن الإعلام يرغب في تجريمهم من دون وجه حق ويثير الفوضى، مع دلائل على عدائهم لصحافيين بأعينهم كانوا يجنحون نحو تيار اليسار، بينهم الصحافي الاستقصائي المعارض لسياسة بيبي رفيف داركر.

وما بين مواجهات المتورطين بمستندات ورسائل نصية وتسجيلات تصاعدت حدة التوتر ومحاولات نفي التهم، وأُلصقت صفة الكاذب بجميع الشهود الذين تدين أقوالهم رئيس الوزراء وأسرته. مع لقطات تبرز فخر نتنياهو بحصوله على حكومة الأحلام اليمينية، ووعده بالنصر الكامل الذي اتضح أنه خرافة، بحسب كبار المتحدثين السياسيين في العمل.وكلما ضُيق النطاق على “بيبي” لجأ لمراوغة مضطربة يبرر من خلالها قراراته الصادمة، كأنه يقول تعليقاً على هذه السلوكيات إنه يتصرف وفقاً لمقولة يؤمن بها في الفيلم الشهير “العراب” (The Godfather) ” أبقِ أصدقاءك قريبين منك وأعداءك أقرب”.

المزيد عن: نتنياهوملفات بيبيالمخرجة الأميركية أليكسيس بلومإسرائيلحماسإيهود أولمرت

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00