تأسست جامعة هارفرد عام 1636 وهي الجامعة الأميركية الأولى التي نجحت في تدريس منهاج كلاسيكي يعتمد على نمط الدراسة في جامعتي أوكسفورد وكامبريدج في بريطانيا (موقع الجامعة) X FILEعرب وعالم “معركة هارفرد”… لماذا يريد ترمب إسقاط “رابطة اللبلاب”؟ by admin 24 أبريل، 2025 written by admin 24 أبريل، 2025 24 الجامعات الأميركية تخوض حرب الدفاع عن استقلاليتها الأكاديمية وحرياتها البحثية والإدارة الجمهورية تواجهها بحرمانها من التمويل اندبندنت عربية ضمن سياق كثير من المتغيرات الأقرب إلى الصدامات في الداخل الأميركي يأتي اليوم الحديث عن المواجهات التي تجري بين المؤسسات الأكاديمية التعليمية، لا سيما ذات الطابع النخبوي منها، أي الجامعات العريقة، وبين إدارة الرئيس دونالد ترمب. اليوم، تشهد الحياة التعليمية الأميركية ما يشبه المواجهات، لا بين الطلاب الغاضبين، الذين ملأوا ساحاتها بالتظاهرات العامين الماضيين، رفضاً لكثير من السياسات الأميركية المنحازة، وبين الإدارة الأميركية، بل بين هذه الأخيرة والقيادات الجامعية الذين يمثلون قمة النخب الفكرية في البلاد. هل يعني ذلك أن جوهرة التاج الأميركية، المتمثلة في الحريات العلمية والبحثية والتعبير عن الرأي باتت حقاً في خطر؟ حملت الجامعات الأميركية عشرات المنطلقات، إلا أن المبادئ الأساسية منها تتمثل في 12 مبدأً شكلت القيم المثالية في الجامعات الصفوة حول العالم، وهي: العالمية والشك المنظم وخلق معرفة جديدة والتبادل الحر والمفتوح للأفكار والنزاهة والأبحاث الحرة والحرية الأكاديمية والمجتمعات الدولية ونظام مراجعة رأي النظير والعمل للصالح العام والحكم من طريق استغلال السلطة والإنتاج الفكري وحيوية المجتمع. في هذا السياق ابتكر النظام الأميركي التعليمي طرائق جديدة في التفكير في المشكلات العلمية الأساسية والاستعداد لقبول المواهب النابعة من الداخل والتعلم من العلماء الوافدين الجدد الذين كانوا سبباً في حدوث الاكتشافات، لا سيما العلماء الألمان الذين تدين لهم الولايات المتحدة بثورتها العسكرية في عالم الصواريخ وصولاً إلى القنبلة النووية، وقد تميز نفر كبير منهم في علمي الأحياء والفيزياء، وبفضلهم تطورت جامعات البحث الأميركية تطورا سريعاً خلال الأربعينيات والخمسينيات. والحقيقة، لقد صنع حضور هؤلاء الأدباء والعلماء اللاجئون اختلافاً كبيراً في المجالات التي دخلوها في الجامعات الأميركية، بعدما ركزوا اهتمامهم على الأساليب والنظريات والأهداف المختلفة. كيف يمكن للمرء أن ينتقل من هذه المرحلة التثاقفية بين مؤسسات التعليم الأميركية ومرحلة التضييق من الشعبويين على النخب الفكرية، ويبدو أن ما يجري في جامعة هارفرد في الأيام الأخيرة مثال على ذلك؟ تمثال لجون هارفارد مؤسس الجامعة (موقع الجامعة) إدارة ترمب الشعبوية والنخب العلمية يعنُّ لنا أن نتساءل أول الأمر: هل المواجهة الأخيرة التي تبدو طافية على السطح بين إدارة الرئيس ترمب من جهة، والمؤسسات الجامعية النخبوية من جهة ثانية تقتصر على جامعة هارفرد العريقة فحسب، أم أن الأمر ينسحب بالفعل على عدد آخر منها؟ عند ستسيفنسون كولينسون، من شبكة “سي أن أن”، أن حملة الإدارة الحالية على الجامعات المرموقة تعد جزءاً أوسع نطاقاً للتحدي من مراكز ما تعتبره سلطة ليبرالية، والتي تشمل أيضاً المحاكم والبيروقراطية الفيدرالية، ووسائل الإعلام. بعد إعادة تشكيل الحزب الجمهوري والمحكمة العليا، يأمل ترمب في توسيع أيديولوجيته الشعبوية لتشمل التعليم العالي كوسيلة تتحدى المعتقدات التي تتعارض مع شعاره “لنجعل أميركا عظيمة ثانية”، ولتحويل البلاد بقوة نحو اليمين. لا تقتصر إدارة ترمب على ملاحقة كبار الأكاديميين وما تظهره الاستطلاعات من توجهات يسارية في هيئات التدريس، فقد أثارت حملته على الهجرة ثقافة من الخوف في الجامعات. أخيراً، اقتاد حرس الحدود بعض الطلاب من الشوارع، بينما ألغيت تأشيرات مئات آخرين بدعوى أن آراءهم تضر بمصالح السياسة الخارجية الأميركية. هذا الشعور بالقمع يهدد بخنق أجواء النقاش المفتوح الذي ينعش جامعات تنبض بالحيوية، كما أن تهديدات ترمب بوقف تمويل الجامعات المرموقة تعرض الأبحاث العلمية والطبية الرائدة عالمياً في البلاد، والمتعلقة بأمراض قاتلة مثل السرطان وألزهايمر للخطر. تجلى هذا الشعور في ديسمبر (كانون الأول) 2023، عندما هاجمت إليز ستيفانيك عضو مجلس النواب عن ولاية نيويورك رؤساء الجامعات الأميركية بسبب احتجاجات الحرم الجامعي التي يقول المراقبون إنها تحولت إلى معاداة للسامية في أعقاب حرب غزة. أدى الغضب الأخلاقي الذي أثارته ستيفانيك خريجة جامعة هارفرد إلى استقالة رئيسة الجامعة كلودين جاي، كما جعل أداء النائبة النيويوركية من أبرز نجوم حركة “لنجعل أميركا عظيمة مجدداً” وقيادة الحزب الجمهوري في مجلس النواب. هل كان الطريق ممهداً بالفعل أمام الرئيس ترمب ليكمل الهجوم على جامعة هارفرد؟ من المواجهات بين الشرطة الاميركية وطلاب جامعيين محتجين على حرب غزة (أ ف ب) هارفرد وأول منهاج كلاسيكي تعليمي تعد جامعة هارفرد التي تأسست عام 1636 الجامعة الأولى في الولايات المتحدة التي نجحت في تدريس منهاج كلاسيكي يعتمد على نمط الدراسة في جامعتي أوكسفورد وكامبريدج في بريطانيا، ومع أن هارفرد لم تكن مرتبطة رسمياً بأي سيطرة دينية، إلا أن المتشددين صمموها لكي تقوم على تطوير التعليم، والعمل على تحقيق الرخاء، مع تخوفهم من ترك أمر الكهنوت للكنائس فحسب. فقد تم تأسيسها في هذا الوقت المبكر قبل 140 عاماً من استقلال الولايات المتحدة، باسم الكلية الجديدة، وبتصويت من المحكمة الكبرى العامة لمستعمرة خليج ماساتشوستس. تولى منصب أول مدير لها ناثنائيل إيتون، واستحوذت على أول مطبعة معروفة في أميركا الشمالية الإنجليزية. في عام 1638، وعلى فراش موته، ترك جون هارفرد، رجل الدين البيوريتاني الذي هاجر إلى ماساتشوستس من إنجلترا، للكلية الناشئة 780 جنيها استرلينيا، ومكتبته التي تضم 320 مجلداً، وفي العام التالي سميت كلية هارفرد. في عام 1643، حددت إحدى منشورات الجامعة غرض الكلية على النحو التالي: “تعزيز التعليم وإدامته للأجيال القادمة، خوفاً من ترك وزارة غير متعلمة للكنائس عندما يرقد وزراؤنا الحاليون في التراب”. في سنواتها الأولى دربت الكلية عديداً من القساوسة البيوريتانيين، وقدمت منهجاً دراسياً كلاسيكياً يعتمد على النموذج الإنجليزي المتمثل في جامعة كامبريدج، حيث درس عديد من قادة ماساتشوستس الاستعماريين قبل الهجرة إلى المستعمرة الأميركية الجديدة الناشئة. لم تتبع كلية هارفرد رسمياً أي طائفة بروتستانتية، لكن منهجها الدراسي كان متوافقاً مع مبادئ البيوريتانية (الحركة التطهيرية الدينية البروتستانتية، التي تعارض غالباً الكنيسة الرومانية الكاثوليكية). في القرن الـ19 كانت هارفرد على موعد مع الانتقال من المسحة الدينية المطلقة التي وسمتها منذ تأسيسها، إلى أفكار عصر التنوير، بما في ذلك العقل والإرادة الحرة، التي كانت منتشرة على نطاق واسع بين القساوسة المجددين الذين كانوا على خلاف مع القساوسة ورجال الدين الكالفنيين الأكثر تقليدية. بين عامي 1869 و1909 سيخفض تشارلز ويليام إليوت الرئيس الـ11 لهارفرد من مكانة المسيحية التاريخية المفضلة في المناهج الدراسية، فاتحاً المجال أمام الطلاب للتوجيه الذاتي. الرئيس الحالي لجامعة هارفارد آلان غاربر (غيتي) هارفرد مصباح أميركا والعالم على مدار القرن الـ20 ومع ازدهار هيبتها وانضمام مثقفين وأساتذة بارزين إليها نمت سمعة جامعة هارفرد كواحدة من أعرق جامعات العالم بصورة ملحوظة، كما شهد الالتحاق بها نمواً كبيراً، نتيجة لتأسيس برامج أكاديمية جديدة للدراسات العليا وتوسيع كلية البكالوريوس. والمؤكد أنه منذ تأسيسها قبل أربعة قرون تميز خريجو هارفرد في الأوساط الأكاديمية وفي النشاط الفني والرياضة، والأعمال التجارية وريادة الأعمال والحكومة والشؤون الدولية والصحافة والإعلام والموسيقى والسياسات العامة والعلوم والتكنولوجيا والكتابة وغيرها من الصناعات والمجالات. ومن بين جامعات وكليات العالم تضم جامعة هارفرد بين خريجيها أكبر عدد من رؤساء الولايات المتحدة (ثمانية) ومليارديرات أحياء (188)، وحائزي جائزة نوبل (162)، وحائزي جائزة بولتيزر (48)، وحائزي ميدالية فيلدز (7)، وحاصلين على منحة مارشال (252)، وحاصلين على منحة رودس (369). كما يضم خريجو هارفرد تسعة من حائزي جوائز “تورينغ”، و10 من حائزي جوائز الأوسكار، و108 من حائزي ميداليات أولمبية، من بينهم 46 من حائزي ميدالية ذهبية. والشاهد أن البحث عن أهمية جامعة هارفرد حول العالم يأخذنا إلى أسماء كثيرة لامعة من رؤساء وزارات ومفكرين وعلماء ومبدعين في مختلف المجالات. ولعله من نافلة القول إن كبار الموسرين حول العالم يضعون نصب أعينهم إلحاق أبنائهم بهذه الجامعة ذات الوزن المتميز جداً علمياً وأدبياً. ومن متناقضات القدر أن عدداً من كبار القادة من دول تناصب الولايات المتحدة نوعاً من أنواع العداء الأيديولوجي، مثل الصين ورئيسها شي جينبينغ يرسلون أبناءهم للتعلم في الجامعات الأميركية بصورة عامة، ويتوجهون من فورهم إلى جامعة هارفرد بصورة خاصة. هنا يعنُّ للمرء أن يتساءل: ما الذي يجعل هارفرد هدفاً لسهام الرئيس ترمب، وسعيه إلى قطع التمويل الفيدرالي عنها؟ هل الأزمة بالفعل أن أجواء هارفرد البحثية تعمل على الضد من السامية؟ تبدو هذه تهمة واسعة، إذ إن هناك أعداداً هائلة من طلاب تلك الجامعة العريقة من اليهود الأميركيين… فما هي الأبعاد الخفية للمواجهة الترمبية لهذا الصرح العلمي شديد الأهمية؟ من الاحتجاجات داخل جامعة كولومبيا التي أشعلت حركة الاحتجاج في أميركا (غيتي) ترمب والعداء لجامعات “رابطة اللبلاب” يوماً تلو الآخر تأخذ حملة ترمب على الجامعات النخبوية الأميركية، شكلا مثيراً للجدل، أقرب ما يكون للحملات القمعية، كما أن ترمب الذي يسعى إلى القضاء على معاداة السامية في الجامعات وتطبيق مطالبه، اتهم سلفه، جو بايدن، بإعفاء الجامعات من مسوؤلياتها، وكانت هارفرد آخر جامعة مما يعرف بـ”آيفي ليج” أو “جامعات اللبلاب” النخبوية المشهورة بخدمة المجتمع، تقع ضحية لما يراه كثير من الأميركيين، حملة قمعية، حيث جمد البيت الأبيض تمويلها الفيدرالي بقيمة 2.2 مليار دولار. وقبل ذلك، تم تعليق التمويل الفيدرالي بملايين الدولارات لعديد من الكليات، بما في ذلك جامعتي كولومبيا وبراون، بعدما قامت إدارة ترمب بإلغاء اتفاق متعدد الأجيال بين الحكومة والجامعات. من الواضح جداً أن هناك أجندة ترمبية تتجاوز بالفعل رابطة جامعات اللبلاب، فقد بدا الأمر من خلال توجهات الرئيس التي قضت بإغلاق وزارة التربية والتعليم، انطلاقاً من أنها تخرج أجيالاً من اليساريين المتطرفين، والاكتفاء بأن تحدد كل ولاية خطوط الطول والعرض بالنسبة إلى مناهجها التعليمية. من جانب آخر، بدا واضحاً أن هناك تأثيراً قوياً وخطراً لبعض المؤسسات الفكرية، التي تشكل عقل هذه الإدارة، وفي المقدمة منها مؤسسة التراث الأميركي “هيرتاج فاونديشن”. يكتب ريان أندرسون رئيس مركز السياسات والأخلاق العامة في المؤسسة ذات الميول اليمينية الجديدة في العاصمة الأميركية يقول، “الآن هو الوقت المناسب للهجوم وتقديم رؤية مقنعة حول حقيقة الإنسان. معظم الآباء يتمنون ذلك لأبنائهم، وأمتنا في حاجة إليه. أميركا في حاجة إلى طلاب يعرفون ويحبون الخير والحق والجمال. إنها في حاجة إلى طلاب يكونون صداقات حقيقية، صداقات فكرية وأخلاقية. إنها في حاجة إلى طلاب يحبون وطنهم، ومستعدون للخدمة – خدمة الجار والوطن والله. هذه هي الرؤية المحافظة للتعليم”. تبدو الكلمات معسولة بالفعل، غير أنها بصورة أو بأخرى، تحمل سماً متطرفاً تجاه حرية الرأي والتعبير، في هذا العسل، وهو ما يتجلى بالفعل في مطالب ترمب من جامعة هارفرد بنوع خاص… ماذا عن تلك المطالب؟ ما الذي يريده ترمب من هارفرد؟ لدى ترمب قائمة مطالب من جامعات النخبة، التي إذا التزمت بها ستستمر في الحصول على التمويل الفيدرالي، وإلا فسيتم تجميدها. في مقدم تلك الطلبات: ** إلغاء برامج التنوع: اشتكى ترمب من “التمييز العنصري” في التعليم العالي، مشيراً إلى تزايد عداء الجامعات للطلاب البيض. وتعهد إلغاء برامج التنوع والمساواة والشمول في الجامعات، ودعا بدلاً من ذلك إلى فحص الطلاب الدوليين، بحثاً عن أي دعم مزعوم للإرهاب ومعاداة السامية. في بيان للبيت الأبيض نقرأ ما يلي “إن سياسات التنوع والمساواة والشمول غير القانونية، لا تنتهك نص وروح قوانيننا الفيدرالية الراسخة للحقوق المدنية فحسب، بل إنها تقوض أيضاً وحدتنا الوطنية، حيث تنكر القيم الأميركية التقليدية المتمثلة في العمل الجاد والتميز والإنجاز الفردي، وتشوه سمعتها، وتقوضها، لمصلحة نظام غنائم غير قانوني ومدمر وخبيث قائم على الهوية”. ** حظر ارتداء الأقنعة في الحرم الجامعي: يريد الرئيس الأميركي من الجامعات حظر ارتدا الأقنعة في الحرم الجامعي لمنع المتظاهرين من إخفاء هوياتهم. وينظر إلى هذه الخطوة على أنها استهداف للمتظاهرين المعادين للحروب، لا سيما الحرب في غزة. ** وقف معاداة السامية: شهدت الجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة احتجاجات طلابية ضد حرب إسرائيل على غزة، وقد أدى بعضها إلى اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومتظاهرين مضادين مؤيدين لإسرائيل. اتهم ترمب وجمهوريون آخرون النشطاء بدعم “حماس”. وأعلنت وزارة التعليم الأميركية في مارس (آذار) أنها أجرت تحقيقاً في 60 كلية وجامعة بتهمة “المضايقة والتمييز المعادي للسامية”. ** محو أيديولوجية “اليقظة”: بدأت معركة ترمب ضد الجامعات “اليقظة” في الـ13 من مارس الماضي، فقد علق ترمب 400 مليون دولار لجامعة كولومبيا في نيويورك، ما لم تخضع لطلباته. كما استهدفت الولايات المتحدة طالبين من الجامعة، هما محمود خليل، ومحسن هنداوي، لمشاركتهما في الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين. وفي الشهر الماضي، تم ترحيل طالبة هندية تبلغ من العمر 37 سنة تدعى رانجاني سرينيفاسان كانت تسعى إلى الحصول على درجة الدكتوراه في التخطيط الحضري من جامعة كولومبيا، بعد أيام من إلغاء تأشيرتها الطلابية لمشاركتها في الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين. والشاهد أن المضايقات لم تتوقف عند حدود هارفرد أو كولومبيا، ففي وقت سابق من الشهر الجاري، استهدفت إدارة ترمب، جامعة برينستون الشهيرة بإلغاء قرابة 4 ملايين دولار من تمويلها الفيدرالي، وقد أوقفت المنح البحثية الحكومية للجامعة لأن البيت الأبيض، وفقاً للتقارير، يعتبر أن عملها في مواضيع مثل ارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات الساحلية والاحتباس الحراري يروج “لتهديدات مناخية مبالغ فيها وغير معقولة”. ترى من سيقبل ومن سيرفض توجهات ترمب؟ طلاب يحتجون داخل حرم جامعة هارفارد (أ ب) الدعم الفيدرالي أداة ضغط جامعية بدت فكرة الدعم الفيدرالي للجامعات الأميركية أداة من أدوات الضغط التي يستخدمها البيت الأبيض، في مواجهة التوجهات الليبرالية أو اليسارية في عدد من الجامعات. على سبيل المثال لا الحصر، علقت إدارة ترمب أكثر من مليار دولار من التمويل الفيدرالي لجامعة كورنيل، ونحو 790 مليون دولار لجامعة نورث وسترن. والشاهد أنه في مواجهة تلك الأرقام المالية الهائلة، بدأت عديد من الجامعات الأميركية، تجد نفسها في مأزق حقيقي، مما دفع بعضها إلى الاستجابة للعاصفة الترمبية، إن جاز التعبير، لتجنب كثير من الأزمات. على سبيل المثال أعلنت جامعة جون هوبكنز المرموقة أنها اضطرت إلى تسريح أكثر من ألفي موظف في أعقاب التخفيض الهائل الذي أجرته إدارة ترمب لتمويل المساعدات الخارجية. وقالت الجامعة وهي مؤسسة بحثية رائدة، في بيان “إن إيقاف تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية الذي يزيد على 800 مليون دولار يجبرنا الآن على تقليص، أعمالنا الحيوية هنا في بالتيمور وعلى الصعيد الدولي”. أما جامعة كولومبيا فقد رضخت لمطالب إدارة ترمب، ووافقت على تطبيق تغييرات جوهرية، مقابل إعادة تمويلها الفيدرالي البالغ 400 مليون دولار، وجاء قرار الجامعة بعدما سحبت الحكومة تمويلها الشهر الماضي، مستشهدة بمزاعم معاداة السامية في الحرم الجامعي. وكجزء من الاتفاق وافقت جامعة كولومبيا على حظر ارتداء الكمامات في الحرم الجامعي، ومنح ضباط الأمن صلاحية إبعاد الأفراد أو اعتقالهم، ووضع قسم دراسات الشرق الأوسط وجنوب آسيا وأفريقيا تحت إشراف مسؤول جديد. وقد قوبلت هذه الخطوة بانتقادات من الأساتذة والأكاديميين الذين يخشون أن ترسي سابقة خطرة في مجال سيطرة الحكومة على المؤسسات الأكاديمية. أما فيما يخص جامعة هارفرد، فقد بدت صادمة في مواجهة رياح ترمب العاتية. قال رئيس جامعة هارفرد الآن غاربر في رسالة نشرت على موقع الجامعة على الإنترنت “لا ينبغي لاي حكومة، بغض النظر عن الحزب الذي في السلطة، أن تملي ما يمكن للجامعات الخاصة أن تدرسه”. أشاد عديد من الطلاب والخريجين بقرار الجامعة التمسك بموقفها، على رغم عواقبه، غير أن السؤال المهم الذي بات مطروحاً الآن وسط جامعة هارفرد: إلى متى يمكن أن تصمد الجامعة العريقة في مواجهة هذا الوضع؟ يقول فريق ترمب إن القضية المطروحة الآن هي الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين العام الماضي، التي هزت الجامعات في جميع أنحاء البلاد، ذلك أن بعض الطلاب اليهود، نما لديهم شعور بعدم الأمان وتعرضوا للمضايقات. هل من خطر حقيقي يهدد الحياة العلمية والتعليمية الأميركية من جراء سياسة: “من يدفع للزمار يحدد اللحن”؟ أحدث استطلاع رأي لمؤسسة غالوب يقطع بأن الثقة في التعليم العالي، آخذة في التراجع مع مرور الوقت بين الأميركيين من جميع الخلفيات السياسية، ويعزى ذلك جزئياً إلى اعتقاد متزايد بأن الجامعات تدعم أجندة سياسية، وقد كان التراجع واضحاً بصورة خاصة بين أتباع الحزب الجمهوري. حرية التعبير الجامعية وأخطار آنية جرى العرف أن تكون الجامعات الأميركية مكاناً يذهب إليه الطلاب من أجل تنويع أفكارهم ومعتقداتهم. غير أن ما يجري اليوم وعلى بعد نحو 100 يوم فقط من وصول ترمب إلى البيت الأبيض، يقطع بأن الإرهاصات السابقة، التي ترددت أخبارها خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة، كانت حقيقية بالفعل. عندما كان ترمب يستعد للترشح لمنصبه مجدداً قال إن مؤسسات التعليم العالي “تحول طلابنا إلى شيوعيين وإرهابيين ومتعاطفين مع مختلف الأطياف؟” وخلال حملته الانتخابية، وعد بترحيل من وصفهم المؤيدين لـ”حماس”، “وجعل الحرم الجامعي آمناً ووطنياً من جديد”. هنا يقول بعض المحافظين إن انتخاب ترمب أثار ردود فعل سلبية في الحرم الجامعي. تقول كريستيان هوكينز رئيسة منظمة “طلاب من أجل الحياة” المناهضة لحقوق الإجهاض “إن إدارة الجامعات وضعت عوائق بيروقراطية أعاقت إلقاءها محاضرات”، مثل اشتراط تأمين على الفعاليات أو فرض رسوم أمنية على مجموعتها. وتضيف “إنهم يدركون أنه من حقنا بالتأكيد أن يكون لنا الحق في التحدث في الحرم الجامعي، ولكنهم قادرون على جعل الأمر صعباً أو سهلاً حسب رغبتهم”. أما ميا أكينز، أحد أعضاء حركة “طلاب من أجل الحياة”، في جامعة فلوريدا الدولية، فتقول، “إن الخروج والجلوس على الطاولات في الحرم الجامعي أصبح متوتراً منذ فوز ترمب”. هل في الأمر إشكالية جدية بالنسبة إلى الجامعات الأميركية على الصعيدين الداخلي والخارجي؟ بداية يمكن القطع، بأن حرية التعبير كانت من المقدسات في جميع ثنايا وحنايا المجتمع الأميركي عامة، والمؤسسات التعليمية خاصة. هل هناك بالفعل ردة حضارية ما تحدث بسبب سيادة المنظومات الأيديولوجية السياسية على رحابة الحياة العلمية البحثية؟ الأمر الآخر الذي يدفع الأميركيين إلى القلق بالفعل هو إشكالية الطلاب الأجانب، أولئك الذين كانوا دوماً يضعون جامعات أميركا كمحراب للحريات في أذهانهم، ماذا سيكون من شأن هؤلاء، وهل ستغلق أميركا بذلك أبواب جامعتها في أوجههم، أم أنهم هم أنفسهم الذين سيقررون الرحيل مبكراً ويتوجهون من فورهم إلى جامعات في دول أخرى حول العالم، تجد في الأمر فرصة سانحة للاختصام من الحضور الأميركي العالمي الذي كانت العملية التعليمية أحد أهم أضلاعه حتى الساعة؟ ما الذي يجب على الجامعات فعله؟ لا تبدو خطط اليمين المتطرف لتطهير التعليم العالي سراً، ففي كتابه الصادر عام 2024 بعنوان “البشر غير البشريين” يوجه جاك بوسوبيك المحرض العنصري الأبيض انتقاداً مباشراً للأكاديميين الذين تجرأوا على انتقاد أوجه عدم المساواة في المجتمع الأميركي. ومن أقواله “يجب أن تشن الثورة المضادة الأميركية الكبرى لإسقاط الماركسيين الثقافيين من جميع أطياف المجتع التي يسيطرون عليها حالياً وتلك التي يسعون إلى السيطرة عليها، وهذا ممكن، ولكن فقط بعزيمة فرانكو (الزعيم الفاشي الإسباني) ومكارثي (زعيم التطهير المناهض للشيوعية في الخمسينيات)”. في استخداماته لمصطلحات مثل الماركسية الثقافية وإيديولجية النوع الاجتماعي يستند أيديولوجي فاشي صريح مثل بوسوبيك إلى الحملات التي شنت ضد الجامعات في أماكن مثل البرازيل في عهد جايير بولسونارو. في المقابل يجد المرء آراء تستنهض قوى الجامعات والأكاديميين الأميركيين، آراء لأشخاص مثل آشلي داوسون الأستاذة المتميزة في اللغة الإنجليزية في جامعة مدينة نيويورك، وأستاذة زائرة في كلية بارنارد. تذهب داوسون إلى أن “الآن هو الوقت المناسب للاحتجاج على حملة التطهير، لكن علينا أن نفكر ملياً في شكل التضامن في وجه القمع الحالي”. على سبيل المثال، وقع أكثر من 1800 أكاديمي رسالة يتعهدون فيها بمقاطعة جامعتي كولومبيا وبارنارد بسبب تعاون إدارتيهما مع نظام ترمب. هل ستتسبب إدارة ترمب في حال من الانقسام داخل الأجواء الأكاديمية الأميركية، بالضبط كما يجري الحال بالفعل في الأوساط الاقتصادية؟ المؤكد أن المشاعر التي تدفع إلى هذه المقاطعة مفهومة، لكن الخطر يكمن في أنها ستنعكس سلباً على وجه التحديد على الإدارات والبرامج التي كانت الأكثر نشاطاً في مواجهة هذه الحملة. المطوب بالفعل بحسب داوسون، “هو مطالبة قادة الجامعات بالتوقف عن استرضاء مشروع اليمين المتطرف لتفكيك التعليم العالي. يجب أن تعنى القيادة الأكاديمية بالدفاع عن المؤسسة التي تكلف برعايتها، وليس الاستسلام بلا خجل للتطهير المتطرف”. هل هناك رؤية واضحة لدى المؤسسات التعليمية الأميركية لمواجهة هجمات ترمب؟ غالب الظن أن الأمر في حاجة إلى مزيد من الوقت لتنظيم الصفوف، بعد الاستفاقة من هول الصدمة الجارية. المزيد عن: احتجاجات الجامعات الأميركيةدونالد ترمبجامعة هارفاردالنظام التعليمي الأميركيجون هارفرداحتجاجات جامعة كولومبياجامعة براونمؤسسة التراث الأميركيمعاداة الساميةجامعة جون هوبكنزالوكالة الأميركية للتنمية الدولية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “كرات دايسون”: هل يصبح حلم الطاقة اللامتناهية حقيقة؟ next post العمليات العسكرية الأميركية في اليمن: 10 أسئلة You may also like إيران تحصن مواقع نووية تحت الأرض تحسبا لـ”هجوم... 24 أبريل، 2025 الأردن يحظر أنشطة “الإخوان المسلمين” ويغلق مكاتبها 24 أبريل، 2025 عباس يشتم “حماس” ويطالب بتسليم الرهائن لوقف الحرب 24 أبريل، 2025 العمليات العسكرية الأميركية في اليمن: 10 أسئلة 24 أبريل، 2025 كتبها قبل 3 سنوات… تعرَّف على ما جاء... 24 أبريل، 2025 “قوة هجومية دولية” تتجه إلى المحيطين الهندي والهادئ 23 أبريل، 2025 الشرطة الإيرانية تحصل على ترخيص لاقتحام المدارس لفرض... 23 أبريل، 2025 الكويت تشدد قبضتها على المخدرات بقرارات صارمة 23 أبريل، 2025 بارجة حربية أميركية تحمل رسائل دبلوماسية لفرقاء ليبيا 23 أبريل، 2025 هجمات سيبرانية متبادلة بين الجزائر والمغرب 23 أبريل، 2025