الجمعة, ديسمبر 27, 2024
الجمعة, ديسمبر 27, 2024
Home » معركة المخدرات في سوريا: ما بين مختبرات اللاذقية و”المخابرات” (1 ـ 2)

معركة المخدرات في سوريا: ما بين مختبرات اللاذقية و”المخابرات” (1 ـ 2)

by admin

 

تنشر “اندبندنت عربية” وثائق تكشف عن جهود ومساع أوروبية لرصد وضع المخدرات في البلاد بداية التسعينات من القرن الماضي

اندبندنت عربية / حامد الكناني كاتب وباحث @kananihamed

في الجزء الأول من سلسلة وثائق بريطانية تناولت الجهود الدولية للحد من زراعة المخدرات وتهريبها في عدد من دول الشرق الأوسط بداية تسعينات القرن الماضي، نشرت “اندبندنت عربية” تفاصيل ملف “المخدرات في لبنان” الذي رفع الأرشيف الوطني البريطاني السرية عنه. والذي تضمن وثائق تكشف عن الأنشطة الدولية لمكافحة المخدرات على الصعيد اللبناني عام 1994، وكذلك تورط فصائل ومجموعات متحاربة خلال الحرب الأهلية (1975-1995) بشكل مباشر في تجارة المخدرات، ودعم سوريا لأنشطة هذه التجارة وإنتاجها.

هذه الجهود التي نجحت في بداياتها سرعان ما تراجعت وعادت مزارع القنب والخشخاش التي تنتج الحشيشة والأفيون لتنتشر من جديد في منطقة البقاع شرق البلاد، مع تلاشي دور الدولة مقابل انتشار الميليشيات والمجموعات المسلحة، وما يترجمه هذا الواقع من انتشار معابر غير شرعية بين سوريا ولبنان وتفشي السلاح غير الشرعي ومعه المخدرات، زراعة وانتاجاً وتصديراً، وغيرها.

في الحلقة الجديدة، تنشر “اندبندنت عربية”، وثائق من الأرشيف الوطني البريطاني تحمل أيضاً رقم الاستدعاء FCO 93/7808، وتكشف عن جهود ومساعي أوروبية لرصد وضع المخدرات في سوريا عام 1994، وذلك ضمن تقرير سري أعده رؤساء وفود الاتحاد الأوروبي خلال زيارتهم العاصمة دمشق في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه.

هذا التقرير الذي تم إعداده استجابة لاقتراح مجموعة العمل المعنية بالمخدرات التابعة للجنة الأمن الغذائي العالمي في اجتماعها المنعقد بتاريخ 18 مايو (أيار) 1994 في بروكسل، تناول واقع انتشار وانتاج المخدرات في سوريا وكذللك الحوار القائم بين الاتحاد الأوروبي ودمشق فيما يتعلق بسبل مكافحة المخدرات.

مختبرات قرب اللاذقية لإعادة تصنيع الكوكايين

رغم أن دمشق الرسمية تؤكد أنه لا توجد زراعة لنباتات المخدرات في سوريا، لكن التقرير المعد من رؤساء وفود الاتحاد الأوروبي إلى دمشق، يكشف في جزء منه عن زراعة المخدرات في هذا البلد واستهلاكها والاتجار بها، وأيضاً عما أسماها “مختبرات” بالقرب من اللاذقية لإعادة تصنيع الكوكايين المهرب من أميركا الجنوبية.

وفي التفاصيل، تتحدث هذه الوثائق عن منطقة حدودية بين سوريا ولبنان وحول اللاذقية فيها مختبرات غير مشروعة لتجهيز الكوكايين المهرب من أميركا اللاتينية وكذلك الهيرويين. وتضيف “مع ذلك، يبدو أنه لا يوجد دليل قاطع يثبت ذلك، وإذا كانت هذه المختبرات موجودة، فمن غير المرجح أن تنتج كميات كبيرة، على الأقل بالمقارنة مع إنتاج المخدرات في لبنان. سوريا لديها صناعة محدودة وغير متطورة للأدوية والكيماويات… من غير المحتمل أن تكون سوريا مصدراً هاماً للحبوب الاصطناعية غير المشروعة”.

يتوقف التقرير عند البيانات التي قدمتها السلطات السورية عن مدى تعاطي المخدرات، وقد قدمت وزارة الصحة السورية حينها أرقاماً ومن بينها أن 9 سوريين من أصل 100.000 يدمنون المخدرات”، أما عن العوامل التي تفاقم مشكلة المخدرات في سوريا، فيتوقف التقرير عند الجنود العائدين من لبنان، والفلسطينيين الذين انتقلوا من الخليج إلى سوريا نتيجة لحرب الخليج (حرب الخليج الثانية بين 1990 و1991)، وكذلك انتقال السوريين من وإلى دول المنطقة.

قالت دمشق عام 1994 إن 9 سوريين من أصل 100.000 يدمنون المخدرات (الأرشيف البريطاني)

 

لا تغفل هذه الوثائق عن انتشار المخدرات ضمن الطبقات الميسورة في سوريا، وتحديداً تلك التي أصبحت أكثر ثراء وأكثر “تغريباً”، في إشارة هنا إلى التمثل بالغرب. ومما ذُكر “استهلاك المخدرات القوية قد زاد زيادة كبيرة على وجه الخصوص بين أبناء وبنات النخبة الاقتصادية والسياسية في البلد. ولكن في نهاية المطاف، يجب الإشارة إلى أن الهياكل والتأثيرات الأسرية والمجتمعية التقليدية تساعد على إبقاء تعاطي المخدرات في سوريا عند مستوى منخفض للغاية”.

تورط الجيش السوري في تهريب المخدرات

وخلال تلك الفترة، أي في بداية تسعينات القرن الماضي، انتشرت معلومات غير مؤكدة حول تورط الجيش السوري أو السلطات في دمشق بإنتاج وتهريب المخدرات وعمليات غسل الأموال، الأمر الذي أثار مخاوف بين دول الاتحاد الأوروبي في ذلك الوقت ودفعها لتتواصل مع الحكومة السورية لمعالجة الأمر.

وتضيف وثائق الأرشيف الوطني البريطاني أن “الاتجار بالمخدرات وإنتاجها دائماً ما يكونان مصحوبين بالاتجار بالبشر وغسل الأموال. هناك شائعات حول احتمال تورط الجيش السوري أو مسؤولين آخرين في تهريب المخدرات من لبنان”.

قانون مكافحة المخدرات الجديد

دور سوريا في هذه التجارة هو في المقام الأول كبلد عبور للمخدرات، ورغم ذلك يقول الجانب السوري إن تنفيذ تشريع المخدرات الجديد عام 1994 كان رادعاً فعالاً.

والتشريع المذكور أعلاه هو قانون المخدرات السوري الذي صدر في أبريل (نيسان) عام 1993 والذي يعاقب بالإعدام كل من هرّب مواد مخدرة، أو من صنّع مواد مخدرة في غير الأحوال المرخص بها في هذا القانون، وكل من زرع النباتات المتصلة بالمخدرات في غير الأحوال المرخص لها في القانون.

وبحسب السلطات السورية، كان لهذا القانون أثر مباشر، إذ شهدت البلاد انخفاضاً كبيراً في المضبوطات. فضبطت 6 كلغ من الهيروين عام 1993 مقارنة بـ 98 كلغ عام 1992، و11 كلغ من الكوكايين عام 1993 مقارنة بـ 12 كلغ عام 1992، والحبوب المخدرة التي ضبطت عام 1993 بلغ عددها 90 ألف حبة مقارنة بـ 725 ألف حبة عام 1992.

كما يتوقف السوريون عند تأثير القانون من خلال الإشارة إلى أن عدد الأشخاص المحتجزين بتهمة التهريب قد انخفض من 68 إلى 11 منذ دخول القانون حيز التنفيذ. ووفقا لرئيس وحدة مكافحة المخدرات السورية (حينها)، لم يصدر أي حكم بالإعدام أو تنفيذ حكم حتى الآن (بعد صدور القانون الجديد)”.

هذا ما ذكرته السلطات السورية عن التشريع الجديد، فيما يعتبر معدو التقرير أنه من الصعب تقييم فعالية هذا القانون بخاصة أن تقديمه تم باهتمام كبير من وسائل الإعلام، ولذلك من المرجح أن يكون لهذا تأثير رادع.

الحدود السورية بيد غير المدربين

للحدود المشتركة بين سوريا ولبنان، البالغة نحو 370 كلم، دور كبير في تهريب بالمخدرات والاتجار بها، لا سيما مع انتهاء الحرب الأهلية في لبنان بداية التسعينات وانتشار مجموعات مسلحة في منطقة البقاع وعلى الحدود مع سوريا، وتشكيل معابر غير شرعية لا تزال قائمة حتى اليوم.

يتوقف التقرير عند تهريب المخدرات على الحدود السورية، ويذكر أن “هناك مجالاً كبيراً لتحسين تدابير مكافحة تهريب المخدرات على الحدود السورية. يتم تشغيل نقاط التفتيش الحدودية في الغالب من قبل أفراد الأمن والمخابرات غير المدربين على أعمال مكافحة المخدرات”. وعن مطار دمشق تكشف الوثائق أنه كان يخضع لسيطرة “المخابرات” (جهاز أمن الدولة) فيما كانت تحتاج سلطات مكافحة المخدرات إلى إذن منهم (المخابرات) للعمل. ومن ناحية أخرى، هناك مؤشرات على أن أجهزة المخابرات نفسها قد سيطرت على مناطق معينة في المنطقة الحدودية السورية اللبنانية، للحد من تهريب المخدرات.

وفيما تؤكد الوثائق السابقة من الأرشيف الوطني البريطاني (ذكرت في الجزء الأول) أن “سوريا ترعى أنشطة المخدرات وتتلقى أرباحاً من إنتاجها في المناطق التي تسيطر عليها في لبنان”، يذكر هذا التقرير أنه “لا تزال هناك شائعات مستمرة حول احتمال تورط الجيش السوري أو مسؤولين آخرين في تهريب المخدرات من لبنان. فيما يميل الجانب السوري إلى الإشارة إلى أنه لا يوجد دليل يؤكد ذلك”.

كذلك يتوقف عند سببين قد يكونان أديا إلى تراجع تهريب المخدرات من لبنان إلى سوريا، الأول الانخفاض الكبير في إمدادات المخدرات نتيجة للإجراءات اتخذت في وادي البقاع اللبناني في العام الماضي، ومن ضمنها مشروع مشترك للأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة بهدف القضاء على الخشخاش والقنب في وادي البقاع وتوفير دخل بديل للمزارعين.

تراجع تهريب المخدرات من لبنان إلى سوريا بسبب الإجراءات التي اتخذت في وادي البقاع اللبناني (الأرشيف البريطاني)

 

والثاني، التغيير الملحوظ في الجو العام في سوريا، حيث سعى المواطنون إلى التأكيد علنا على التزام الحكومة بمعالجة مشكلة المخدرات. ونتيجة لذلك، يضيف التقرير “ربما انخفض الاتجار على المستوى المنخفض / الضيق النطاق. ولكن لا يزال هناك عدد قليل من الأشخاص ذوي المناصب الجيدة أو الرتب العالية الذين هم في وضع يسمح لهم بمواصلة استغلال الاتصالات والقنوات التي تسهل الأنشطة غير المشروعة”.

‏الحوار الأوروبي السوري‏

‏وبعد وجودهم في دمشق لمناقشة ملف تجارة المخدرات عام 1994، نصح وفود الاتحاد الأوروبي دولهم بمواصلة الحوار مع السلطات السورية، وعليه، كما واقترحوا مجموعة مسائل لا بد من مناقشتها مع السلطات السورية، ومنها:

– ‏التشجيع على مواصلة وتعزيز الجهود المبذولة في ميدان إنفاذ القانون ومراقبة الحدود.‏

– ‏التعبير عن قلق الاتحاد الأوروبي إزاء استمرار الشائعات المتعلقة باحتمال تورط الجيش السوري أو مسؤولين آخرين في تهريب المخدرات‏.

– ‏التعبير عن قلق الاتحاد الأوروبي إزاء الشائعات المستمرة حول المختبرات غير المشروعة في منطقة الحدود اللبنانية السورية وأطراف اللاذقية التي تعالج الهيروين والكوكايين.

– ‏التعبير عن قلق الاتحاد الأوروبي إزاء النطاق المحدود لعمل وحدة مكافحة المخدرات، مثل عدم الوصول إلى المطارات ونقاط التفتيش الحدودية الأخرى‏.

نصح وفود الاتحاد الأوروبي دولهم بمواصلة الحوار مع السلطات السورية في إطار مكافحة الاتجار بالمخدرات (الأرشيف البريطاني)

 

كذلك نصح الوفود بأنه “يجب التعامل مع وضع المخدرات في لبنان بعناية في المناقشات مع السلطات السورية حتى لا تقوض هذه المناقشات أو تتعارض مع موقف الاتحاد الأوروبي بشأن سيادة لبنان والدور السوري هناك”.

تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات  

وفي أحدث التقارير التي تطرقت إلى ملف المخدرات في المنطقة، يشير تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات الصادر في 5 مارس (آذار) 2023 في الفقرتين 843 و844 إلى أن سوريا ولبنان يحتلان المركز الأول في انتاج الكبتاغون والاتجار به في منطقة الشرق الأوسط.

وأضاف أن “منطقة الشرق الأوسط، وهي منطقة دون إقليمية ما زالت عرضة للاتجار في تلك المادة (المخدرات) بسبب استمرار عدم الاستقرار السياسي والتحديات الاقتصادية والنزاعات الجارية، فضلا عن الطلب القوي على تلك المادة”، ويكشف أن المضبوطات من تلك المادة وصلت إلى مستوى قياسي في تلك المنطقة في عام 2021 وبلغت 86 طناً، بما يعادل تقريباً ضعف الكمية المضبوطة في عام 2020.

كما يذكر التقرير أن أقراص “الكبتاغون المصنوعة في سوريا ولبنان لا تزال تزود الأسواق الاستهلاكية الكبرى في بلدان منطقة الخليج بالتهريب المباشر عن طريق البر أو البحر أو غير المباشر من خلال شحنات تمر عبر مناطق أخرى مثل جنوب أوروبا.

المزيد عن: سورياالمخدراتالجيش السوريالهيرويينعقوبة الإعداماللاذقيةالاتحاد الأوروبيلبنانوثائق بريطانية

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00