معظم الأطفال المسجلين بالمراكز التعليمية الدينية بتركيا من أبناء مسلحي "داعش" المقتولين بسوريا (اندبندنت تركية) عرب وعالم مدارس سرية متطرفة لتربية أطفال “داعش” by admin 29 مارس، 2024 written by admin 29 مارس، 2024 160 اجتماعات ودروس وتوزيع مساعدات عينية ومالية لزوجات وأرامل عناصر التنظيم في تركيا اندبندنت عربية / فايق بولوت في منطقة باشبينار بالعاصمة التركية أنقرة أصبح التعليم الديني خطوة إلزامية لعشرات الأطفال الذين تراوح أعمارهم ما بين ست و15 سنة في الطابق السفلي لبناء يتم تقديمه على أنه “مكتبة”. معظم الأطفال المسجلين في هذه المدرسة هم من أبناء المسلحين الذين قتل آباؤهم في الصراع مع تنظيم “داعش” في سوريا، أو الذين أُسروا أو احتجزوا في مخيمات شمال شرقي سوريا، إذ يطلق الناس على ما يسمى المكتبة اسم “الرباط”، وهي كلمة مأخوذة من اللغة العربية وتعني “المركز الحدودي للدولة الإسلامية”. في أنقرة أيضاً تجد عدداً من العائدين من تنظيم “داعش” الذين اعتقلوا قبل أن يطلق سراحهم بعد إبدائهم الندم والاستفادة من “التوبة العملية” في أحياء ضمن العاصمة التركية حيث يعيش المتطرفون بكثافة مثل آلتنداغ وبورساكلار وأورنيك وكارابورجيك وغيرها. كما تجد الفتيات في سن التعليم الأساسي يرتدين الحجاب والفتيان الصغار يرتدون “الشروال”، وبحسب بعض سكان المنطقة والتجار المحليين فإنه يتم نقل هؤلاء الأطفال يومياً بالحافلات الصغيرة إلى “دور النساء” ومدارس التعليم الديني، وتلقيت قبل نحو ستة أشهر معلومة تفيد بأن بعض النساء من إيغور الصين اللواتي فقدن أزواجهن جرى ضمهن إلى السوريات اللواتي يتلقين التعليم الديني في تركيا بصورة غير قانونية. هنا قررت إعداد تقرير حول هذه القضية، وأثناء البحث توصلت إلى معلومات أن هناك أطفالاً من تركيا رفضوا الالتحاق بالتعليم الحكومي ويتلقون تعليماً “يرضي الله”، وحصلت على عنوان المكان الذي يتعلم فيه هؤلاء الأطفال. المكان يسمى “مركز تدريب”، حيث تعقد اجتماعات ودروس في الطابق الأرضي والسفلي من المبنى، وتوزع مساعدات عينية ومالية تحت اسم “إنفاق” للنساء اللواتي قتل أزواجهن في صفوف “داعش” أو اللواتي لا يزال أزواجهن أسرى في شمال شرقي سوريا. ذهبت إلى العنوان الذي في حوزتي، وأتيحت لي الفرصة لرؤية المكان المعني والدخول إليه، وحتى تصويره، فالمكان يقع في حي حسين غازي بالعاصمة أنقرة، وبينما كنت ما أزال في السيارة أبحث عن رقم المبنى رأيت من مسافة بعيدة حافلة صغيرة تقترب، قبل أن ينزل منها فتيان بأعمار تراوح ما بين ست إلى 15 سنة، ويدخلون مبنى مكوناً من خمسة طوابق، يبدو من الخارج وكأنه مكان عمل مع ستائر سميكة على النوافذ. إضافة إلى الأطفال الذين يجري إحضارهم بالحافلات، هناك أيضاً أطفال يأتون إلى المكان بمفردهم أو مع والديهم، ومع مرور الوقت ازداد عدد الوافدين إلى هذه “المدرسة”. أما الطابق السفلي من المبنى، فيتضمن ما لا يقل عن 70 طفلاً تراوح أعمارهم ما بين ست و16 سنة، لم نتمكن من تحديد عددهم بدقة، يجلسون على السجاد على الأرض. إحدى أصحاب المحال إلى جانب المبنى تقول “نحن نخاف منهم”، بينما روى آخرون من أهالي الحي أن المبنى يحتضن “دورة تحفيظ القرآن الكريم” ولا يوجد أي نشاط غير ذلك. قوات الأمن التركية خلال حملة موسعة في مناطق مختلفة بالبلاد (أرشيفية – أ ف ب) بعد ذلك بدا واضحاً أن ما يوجد في المركز ليست دورة لتحفيظ القرآن الكريم، وإنما نشاط لـ”داعش” يهدف إلى تنشئة “إرهابيين”، وبالفعل بين عشية وضحاها نشرت وسائل الإعلام خبراً مفاده بأن “الشرطة دهمت مركزاً لتعليم أطفال داعش وسط أنقرة”. بعد التحقيقات التي أجرتها الشرطة التركية، تبين أن هؤلاء الأطفال يتلقون تعليماً أيديولوجياً يتماشى مع “فكر داعش”، وبالفعل أغلقت هذه المراكز ونقل الأطفال إلى مديرية التعليم ووزارة الأسرة لإلحاقهم بالتعليم الحكومي. بعد دهم هذه الأماكن جرى اعتقال 17 شخصاً من أصل 20 صدرت بحقهم مذكرة توقيف، وخلال عمليات التفتيش التي تمت في مناطق الدهم، ضبطت مواد رقمية وبعض المطبوعات، وتبين أن بعض المعتقلين كانوا دخلوا تركيا بصورة غير قانونية بعد مشاركتهم في نزاعات مسلحة. وفي الـ24 من يناير (كانون الثاني) 2024، قالت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية إن الولايات المتحدة تخطط للانسحاب من سوريا وإنهاء وجودها العسكري هناك على رغم أنها لم تنتهِ تماماً من القضاء على تنظيم “داعش”. آنذاك نقلت المجلة عن مصادر أميركية رفيعة المستوى في البيت الأبيض ووزارتي الدفاع والخارجية قولها إن واشنطن لم تعُد مهتمة بالبقاء في سوريا، وترى أن وجودها في هذا البلد لم يعُد ضرورياً وتبحث بصورة مكثفة في توقيت وكيفية الانسحاب، مشيرة إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن تنظر إلى أولوياتها العسكرية في المنطقة في أعقاب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. تقرير المجلة حذر من التداعيات “الكارثية” التي قد يخلفها الانسحاب على نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها في الأزمة السورية المعقدة التي لم تُحلّ بعد، إذ سيكون الانسحاب بمثابة “هدية” لتنظيم “داعش” الذي أضعفته ضربات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، ولكنها لم تقضِ عليه تماماً فمن الممكن إذا أتيحت له الفرصة أن يعود للظهور مجدداً. وفي حال انسحاب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، كيف سيكون وضع عائلات “داعش” المحتجزين في مخيمي الهول والروج هناك، وكيف سيكون وضع نحو 10 آلاف أسير من “الإرهابيين الدواعش” المسجونين في سجون موقتة لدى قوات سوريا الديمقراطية (قسد)؟. وإذا انسحبت الولايات المتحدة، فإن “قسد” لن تكون قادرة على ضبط سجون وأسرى “داعش”، وإذا أطلق سراحهم أو فروا فإن التنظيم سيعود مجدداً لأن الجيش السوري المنهك هو الآخر أيضاً غير قادر على مواجهته. من ناحية أخرى، فإن مشكلة ما سيحدث لإرهابيي “داعش” بعد الانسحاب الأميركي هي التي سهلت التوصل إلى اتفاق بين الرئيسين الأميركي السابق دونالد ترمب والتركي رجب طيب أردوغان عام 2018. ومن جانب آخر يمكننا القول إن عدم الانسحاب الأميركي من شمال شرقي سوريا هو الذي أجبر تركيا على تعليق عملياتها العسكرية البرية في المنطقة. وكما ذكرنا في مقالة سابقة، فإنه في مخيم الهول شمال شرقي سوريا، هناك رجال مسؤولون عن “داعش” من الخارج يتسللون إلى قسم المخيم المخصص لمسلحي التنظيم وعائلاتهم، ووردت معلومات تفيد بأن هذا القسم حُول إلى مركز تدريب وتنظيم عناصره، حيث يتعاون قادة التنظيم الإرهابي مع “داعشيات” لوضع خطط وتنفيذ برامج يومية، ويقدمون محاضرات تعليمية خلال لقاءات حوارية حول تربية “أشبال الخلافة”، وندوات دينية تتماشى مع فكر “داعش”، والتدريب العسكري والسياسي والأيديولوجي، والمسؤولون عن هذه الفعاليات هم على اتصال دائم مع الخلايا التنظيمية في الخارج. وفي هذا الإطار تعمل نساء “داعش” على استخدام المخيم مثل منطقة لإعادة التنظيم ويحاولن تربية أطفالهن بما يتماشى مع تعاليم داعش وممارساته. وهناك دلائل كثيرة على تعليم أيتام “داعش” في أماكن تعتبر تحت الأرض في بعض مناطق أنقرة، ويستطيع بعض الأشخاص والشبكات والمنظمات التي يمتد أحد أطرافها إلى تركيا، أن يأخذوا سراً نساء من معسكرات مختلفة مرتبطة بالتنظيم من أماكن احتجازهن تحت مسمى “المساعدات”، وتمكينهن من المرور أو حتى العبور إلى الدول الأوروبية. هناك شبكات قائمة للتواصل مع “الداعشيات” المتواجدات في سوريا (أ ف ب) التساؤل المهم في تركيا هو كيف يمكن تعليم أطفال عائلات “داعش” المختطفين من الأراضي السورية الخاضعة للسيطرة التركية أو في ضواحي مدن مهمة مثل أنقرة وربما إسطنبول وبورصة وعنتاب وهاتاي وغيرها؟. بعد نشاط جهاز الاستخبارات التركي ضد تحركات “داعش” في المدن التركية، حاول التنظيم التغيير من أساليب عمله داخلها، فبدأ يعتمد بصورة أكبر على العنصر الأجنبي والتواصل عبر تطبيقات إنترنت محمية لتجنب الوقوع تحت سيطرة أو مراقبة الوحدات الأمنية التركية. وبحسب وزارة الداخلية التركية فإنه جرى توقيف ما مجموعه 2919 شخصاً في تركيا منذ الأول من يونيو (حزيران) 2023 يشتبه في أنهم على علاقة بتنظيم “داعش”. ووفقاً للائحة الاتهام التي قدمها المدعي العام حول هذا الموضوع، يمكن إرسال إرهابيي “داعش” الذين تم تدريبهم سراً في مقاطعات مختلفة من تركيا إلى فرع خراسان لهذه المنظمة في أفغانستان. ويستطيع بعض الأجهزة والتشكيلات والهياكل الاستخباراتية تحويل الأموال إلى نساء “داعش” في مخيمي الهول والروج للاجئين اللواتي يرسلن أطفالهن إلى المدارس الجهادية والمعسكرات، ويزعم أن هذه المعلومات تم الحصول عليها من اعترافات بعض مقاتلي التنظيم الذين اعتقلوا وجرى استجوابهم من قبل قوات حفظ القانون الكردية في شمال شرقي سوريا. في الـ31 مايو من (أيار) 2023 أطلقت عمليات بحث في إجمالي 19 موقعاً في هولندا ضد نشاط تنظيم “داعش”، وأعلن أن اثنين من أنصار التنظيم الإرهابي، هما عضوان في شبكة دولية تدعم عملياته في سوريا بالتبرعات المالية، كانا يديران حملة لجمع التبرعات عبر قنوات “تيليغرام”. وبحلول منتصف مارس (آذار) الجاري، اعتقل شخص آخر في إحدى الدول الأوروبية لجمعه تبرعات وتحويل أموال لنساء “داعش” في مخيم الهول والمخيمات المشابهة. من يعرف المنطقة جيداً يتفق على أن مثل هذه المبادرات والتطورات تشكل خطورة بالغة على منطقة الشرق الأوسط بأكملها وعلى الدول الغربية، بخاصة تركيا. ملاحظة: الآراء الواردة في هذة المقالة تخص المؤلف، ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لصحيفة “اندبندنت التركية”. المزيد عن:تركياأنقرةداعشالتعليم الدينيسوريامخيم الهول 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ريسا بروكس تكتب عن: التسييس التدريجي للجيش الأميركي next post 204 مليارات دولار مكاسب أكبر 10 أثرياء في 4 أشهر You may also like من تاتشر إلى الجولاني: كيف يغيّر السياسيون صورتهم؟... 22 ديسمبر، 2024 الجولاني يلتقي فاروق الشرع ويدعوه إلى مؤتمر الحوار... 22 ديسمبر، 2024 الجولاني يبلغ جنبلاط: الأسد قتل الحريري وسنحترم سيادة... 22 ديسمبر، 2024 تركيا: انطلاق لقاءات مع أوجلان في سجنه خلال... 22 ديسمبر، 2024 الإنتربول يُطالب لبنان تسليمه مجرمي الحرب في سوريا 21 ديسمبر، 2024 سوريا التي تحرج العراق 21 ديسمبر، 2024 هل خسرت إيران نفوذها بالإقليم بعد “فخ التمدد”؟ 21 ديسمبر، 2024 التحولات السورية تضغط لتحويل العراق من الطائفية إلى... 21 ديسمبر، 2024 تمزيق صور قادة “محور المقاومة”… حملة عراقية تغضب... 21 ديسمبر، 2024 الشرع تحت المجهر السوري والدولي وقتلى بعملية دهس... 21 ديسمبر، 2024