من فيلم "سودان يا غالي" للتونسية هند المدب (ملف الفيلم) ثقافة و فنون مخرجة تونسية تتعقب الشباب في السودان المشتعل by admin 1 ديسمبر، 2024 written by admin 1 ديسمبر، 2024 21 فيلم هند المدب “السودان يا غالي” يوثق مآسي السنوات الخمس الأخيرة بروح درامية اندبندنت عربية / هوفيك حبشيان لا يحظى السودان بتغطية إعلامية واسعة كتلك التي تحظى بها فلسطين التي تسرق كل الأضواء، لأسباب كثيرة، منها ما عبر عنه جان لوك غودار بالقول “الفلسطينيون محظوظون أن اليهود هم أعداؤهم”. وهذا بمعنى أن الاهتمام بهم يتأتى أصلاً من اهتمام المجتمع الدولي باليهود. فبحسب منظمة الصحة العالمية، الحرب الدائرة في جميع أنحاء السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش وقوات “الدعم السريع” نتج منها مقتل ما لا يقل عن 20 ألف شخص. هذه المأساة متواصلة في أشكال مختلفة منذ أكثر من خمس سنوات، تاريخ اندلاع الثورة السودانية، وتحققت فصولها في ظل تجاهل عربي ودولي مثير للريبة. طفولة سودانية من خلف النافذة (ملف الفيلم) حتى المهرجانات العربية التي احتفت أخيراً بغزة ولبنان ووجهت التحية إلى صمودهما، لم تعذب نفسها بكلمة، ولو عابرة، عن السودان، وكأنه كُتب على السودانيين الموت بصمت، وكأن حياتهم لا تتساوى مع حيوات شعوب أخرى في المنطقة. وهذا ما حدث في مهرجان القاهرة السينمائي الذي صرف النظر تماماً عن السودان، مخصصاً حفل افتتاحه إلى فلسطين حصراً، على رغم العدد الكبير من اللاجئين السودانيين الذين يقيمون في مصر منذ فرارهم من بلادهم. لحسن الحظ أن هناك من يحرص على الإضاءة على معاناة السودانيين، انطلاقاً من قناعة ووقفة ضمير، وهذه حال الصحافية والمخرجة التونسية هند المدب، التي جاءتنا أخيراً بعمل وثائقي في عنوان “السودان يا غالي”. افتتح الفيلم الدورة الأخيرة من مهرجان “أجيال” السينمائي الذي عقد أخيراً في الدوحة، ففاز الفيلم بجائزة الجمهور، بعدما كان شارك في الدورة الأخيرة من مهرجان البندقية السينمائي. الشباب السوداني المنتفض (ملف الفيلم) هند المدب تونسية، ومع ذلك تكفلت بما لم يتكفل به حتى السينمائيون السودانيون أنفسهم: توثيق الأعوام الخمس الأخيرة من الواقع السوداني على الشاشة، أي منذ اندلاع الثورة، مروراً بكل ما شهد السودان من تغييرات سياسية وأمنية سريعة، أشبه بالدراما المسرحية. شجانة ومها ومزمل وخطّاب هم “أبطال” الفيلم الذين تتعقبهم كاميرا المخرجة. إنهم سودانيون في العشرينيات من أعمارهم. من خلالهم نرى الجهد الجماعي المبذول لإحداث تغيير في البلاد. نكتشف جيلاً واعياً سياسياً ومتحصناً أخلاقياً وطموحاً وتغييرياً، يناضل من أجل الحرية، لا بالعنف والقتل والسلاح (ولو أن ذلك مشروع أيضاً في وجه الظلم)، بل بالكلمات والقصائد والأناشيد التي تملأ الساحات والشوارع والأرصفة. لكن هؤلاء يجدون أنفسهم في مواجهة سلطة مسؤولة عن جرائم حرب. وعلى رغم أن كل شيء كان ينذر بأن الحراك الشعبي لن ينجح وأن مصيره سيكون أشبه بمصير ثورات كثيرة من الثورات التي حدثت في البلدان العربية، فالأمل كان ملك عيون هؤلاء الشباب، والفيلم الذي تقدمه المدب هو حكاية هذا الأمل الذي يأخذ بالصعود قبل أن يتبدد مجدداً على مرأى الجميع ومسمعهم. المخرجة التونسية هند المدب (ملف الفيلم) يزجنا الفيلم في هذه الأجواء الجميلة المبهجة التي سادت خلال الحراك الشعبي السوداني. أجواء مزنرة بقوة الخيال وسطوة الخطاب الشعري، وهذا كله أسهم في إطاحة النظام السابق، على رغم ما حدث بعد ذلك من أحداث أعادت السودان إلى نقطة الصفر، بل إلى تحت الصفر. هند المدب تنتقل بكاميرتها من مكان إلى مكان، تلتقط لحظات هنا وهناك، أحياناً بجمالية سينمائية وأحياناً أخرى بنمط لا يتجاوز مدرسة الريبورتاج التلفزيوني، إذ يصبح المضمون أهم من الكيفية. تنكب المخرجة على موضوعها قلباً وقالباً، إيماناً منها بالشباب السودانيين وقضيتهم. خلال اعتصامهم الذي استمر 57 يوماً أمام مقر قيادة الجيش في الخرطوم، ثم بعد نجاتهم من مجزرة الثالث من يونيو (حزيران) 2019، عندما هاجم الجيش الاعتصام لفضه، فقتل مئات في ساعات قليلة أثناء احتجاجهم على الانقلاب العسكري. واستمر هذا كله حتى بداية الحرب التي تسببت في الموت والدمار، مما اضطر الناس إلى اختيار طريق المنفى. يرينا الفيلم تمسك السودانيين بالكلمة في حراكهم ونضالهم. وفي هذا الصدد، تقول هند المدب في الملف الصحافي الخاص بالفيلم “إلقاء الشعر في السودان أمر طبيعي. إنه أشبه بأن تتنفس. الشعر في السودان أداة من أدوات المقاومة، يظهر في الحوارات والشعارات على الجدران… كلما تقدمت في البحث أدركت الخطوط العريضة لعهد جديد يمكن أن أصفه بـ’ما بعد الإسلاموية‘. طوال 30 عاماً من الديكتاتورية، كان الدين في السودان يُستخدم للتحكم بحياة الناس. ولم يعد الثوار السودانيون يريدون ذلك. يناضل الجيل الجديد من أجل تحرير الضمير، كما نرى في هذا البيت الشهير ’يقتلوننا باسم الدين. لكن الإسلام يقول لنا: انتفضوا ضد الطغاة!‘. الرصاصة لا تقتل، بل الصمت هو الذي يقتل. يقع السودان على تقاطع العوالم التي ترددت عليها منذ طفولتي. غادر والداي شمال أفريقيا في السبعينيات بحثاً عن الحرية في أوروبا… هذا الفيلم هو عن كيفية مواجهة هذا التغيير المستحيل، وعن الوقوف في وجه جيش قوي، وأخيراً عن مدى قدرة حركة سلمية على إسماع صوت المواطنين العزل”. المزيد عن: فيلم سودانيوثائقيروائيمخرجة تونسيةمهرجان سينمائيحرب السودانالشبابالمأساة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هل يصمد أدب الرحلة في عصر التكنولوجيا البصرية؟ next post مفاوضات سوريا وإسرائيل… ترتيبات أمنية للانسحاب من الجولان (2-3) You may also like هل هناك مدرسة فلسفية مغربية؟ 3 ديسمبر، 2024 “الجميلات النائمات” في رحلة الحب والموت 3 ديسمبر، 2024 “أعراس” لسترافنسكي: تقاليد الريف الروسي تغزو الموسيقى الأوروبية 3 ديسمبر، 2024 العراقي قيس الزبيدي ترك اثرا كبيرا في السينما... 3 ديسمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: لُقى «سمهرم» في محافظة... 3 ديسمبر، 2024 “أيام الرخص” تسترجع الأربعينيات الليبرالية في مصر 2 ديسمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الفن والجنون وجهان لعبقرية... 2 ديسمبر، 2024 ما حدود قدرة كُتاب الظل على نقل التجارب... 2 ديسمبر، 2024 برامانتي بصحبة ليوناردو سنوات بداياته في خدمة آل... 2 ديسمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 2 ديسمبر، 2024