ثقافة و فنونعربي محسن الموسوي يفكك ظاهرة تسليع “ألف ليلة وليلة ” في الغرب by admin 23 يناير، 2022 written by admin 23 يناير، 2022 18 يسعى الناقد الأكاديمي إلى التحرر من النظرة الاستشراقية الجديدة وفضح الهوس بشرق افتراضي اندبندنت عربية \ عبده وازن يواصل الناقد الأكاديمي العراقي محسن جاسم الموسوي العمل البحثي الشامل، على كتاب “ألف ليلة وليلة” منذ سنوات، ساعياً إلى الإحاطة الشاملة بهذا الكتاب- الظاهرة، إلى مقاربته عبر مناهج وطرائق ووجهات متعددة وفق تعدد عوالم هذا الكتاب. بعد كتب بحثية عدة تناولت جوانب عدة من هذا الكتاب، يصدر الموسوي كتاباً بحثياً جديداً بالإنجليزية، في منهجه وآفاقه والسياقات التي اعتمدها، عنوانه “ألف ليلة وليلة في الثقافات العالمية المعاصرة: الثقافات المعولمة، الترجمة، التسليع، وصناعة الثقافة” (دار جامعة كامبريدج). يهدف الكتاب إلى إلقاء مزيد من الأضواء على مكانة هذا الكتاب عالمياً وغربياً بالتحديد، وعلى القراءات التي خضع لها، كاشفاً، بل فاضحاً أموراً ترتبط بالنظرة الاستشراقية الذي ما برحت سارية، وبمحاولة تغريب كتاب “الليالي” و”تسويقه” وانلأي به عن أصوله الأولى. كتاب محسن الموسوي بالإنجليزية (دار جامعة هارفرد) محسن جاسم الموسوي ناقد أكاديمي وروائي، يشغل حالياً إدارة قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة كولومبيا – نيويورك، يكتب بالإنجليزية والعربية وله مؤلفات نقدية رسخت موقعه الريادي في النقد العربي المعاصر. ومن تلك المؤلفات: شهرزاد في إنجلترا”، الوقوع في دائرة السحر: “ألف ليلة وليلة” في نظرية الأدب الإنجليزي، الاستشراق في الفكر العربي، الرواية العربية: النشاط والتحول، عصر الرواية، نظرية الرواية، الموقف الثوري في الرواية العربية، ثارات شهرزاد: فن السرد العربي الحديث وسواها. وله في الرواية أعمال عدة. مقاربة جديدة يصدر الناقد الموسوي كتابه البحثي الرابع في حقل “ألف ليلة وليلة” بعد ثلاث دراسات عمد فيها إلى “الحفر” في أعماق هذا الكتاب الفريد. الكتاب الجديد حمل عنواناً دالاً جداً هو “ألف ليلة وليلة في الثقافات العالمية المعاصرة: الثقافات المعولمة، الترجمة، التسليع، وصناعة الثقافة”، فماذا أضاف من جديد إلى أبحاثه الأكاديمية السابقة، المتميزة بمنهجيتها الصارمة وفضاءاتها المتعددة؟ يجيب الموسوي قائلاً: “هذا هو كتابي الرابع في قراءة “ألف ليلة وليلة”، وهالني فعلاً كثرة ما كتب في العقود الأربعة الأخيرة في الأكاديميات والمواقع الثقافية عن كتاب شكل من قبل هامشاً صغيراً فيها. نحن نعلم أن المثقفين العرب لم يعنوا كثيراً بأمرها، وعندما جاء طه حسين وتوفيق الحكيم، كانا يتعاملان مع تقاطعات الخلق والإبداع ما بين الشخصيات المختلفة والمنتج، أو الخالق الفني. نرى أن هذا الهاجس يظهر أيضاً عند جيمس جويس وميشال بوتور وإيتالو كالفينو، وعشرات آخرين وأخريات. تمعنت في المكتوب طويلاً، ورأيت أن الكتابة النقدية أوالمدرسية (الكتاب) ملامسة شحيحة، وهي قلما تتمعن فيه. لكنها في أحسن نماذجها قدمت استقراءً منهجياً للموتيفات والعوامل أو الفواعل السردية في النصوص المترجمة من “ألف ليلة وليلة”. لهذا عملت على إعادة تكوين صورة الكتاب من خلال تفكيك حيثيات ازدهار الاهتمام به في عالم التسليع. فالكتاب والحكاية سلعة يجري تناولها واستهلاكها في سوق الرواج والفرجة. ولا يمكن تخليصها في ظل ثقافات الاستهلاك إلا بإثارة الأسئلة عبر منهجيات متعددة درجت عليها وزدت فيها طيلة العقود الأخيرة”.ترجمة بيرتن للكتا “الف ليلة وليلة” في ترجمة بيرتون (أمازون) ويوضح: “لم أنتم إلى مدرسة معينة، لأني تمثلت المعارف تمثيل الناقد لا الناقل. وهكذا تراني أتعامل بحرية مع الدراسات النقدية والنظرية، وهذا ما يتيح لي أن أضيف وأرمم ما درج عليه الدارسون والنقاد. ولهذا أختصر وأقول، الكتاب الجديد (ألف ليلة وليلة في الثقافات العالمية المعاصرة) هو تحويل لمجرى الانشغال الدارج يروم لفت الانتباه إلى السوق الاستهلاكية، كما يروم تبيان وسواس النقاد والمبدعين الذين يجدون ضالتهم في شهرزاد كسيدة للمحكي. إني أبتغي هنا “تحرير” الكتاب من “العقلانية الغربية” السائدة منذ عصر التنوير، ووضعه في “الثقافة المعاصرة”، بصفته مزيجاً من العجائبي والعقلاني، الغرائبي والدارج، الجميل والقبيح”. المثقافات والعولمة الكتاب بالعربية (دار صادر) يعتمد الموسوي مقولتين أساسيتين هما “الثقافات المعاصرة” و”المثاقفات المعولمة”، فماذا عنى بهما؟ وهل بحثه هو مقاربة جديدة لكتاب “ألف ليلة وليلة” على ضوء ثقافة العولمة؟ يعلق الموسوي على استخدامه هاتين المقولتين قائلاً: “عندما وضعت كلمة” التسليع “في العنوان الثانوي للكتاب، كنت أجمع حركة الترجمات وإعادة قديمها بتقديم ما، وأضعها في سياق حركية واسعة داخل ثقافات العالم. قلت “ثقافات” ولم أقل “ثقافة” لأن التعددية الثقافية هي واقع، أما عولمتها – أي تحويلها إلى “أحادية” تجاري الأقوى والسائد، فطارئ قوي وفعّال. هناك تنافر وتجاذب، وشد وحل، في حركية الثقافة. وهنا يشغل كتاب “ألف ليلة وليلة” مكانة لم تشغلها غير الكتب المقدسة عند معتنقيها. وإذا كان كتّاب القرن التاسع عشر في عقوده الأولى يقرون بذيوع ترجمات “ألف ليلة وليلة”، فإن عالم اليوم يحيلها إلى “سلعة”، يلجأ إليها الأكاديمي لاستدراج مزيد من الطلبة للانضمام إلى المساقات، ويستغلها منتجو السينما، من ي إلى “هوليوود”، ويستثمرها الرسامون بشكل أو بآخر. كان كتّاب القرون الماضية ينشغلون بالترجمات المتوافرة حباً وتلذذاً، وحتى عندما يستثمرونها لأغراض السخرية والفكه والتفكه، أو التعليم والوعظ، فإنهم يقيمون علاقة ما. أما اليوم فالعلاقة ذرائعية يميزها غياب العاطفة. وجواباً عن سؤالك الحصيف، هناك عولمة في مثاقفة تقوم على علاقات الاستهلاك: عرض وطلب، تتجرد فيه السلعة من أولياتها وتغيب مصادر تكوينها أمام نزعة ضاربة. وكان إنتاج ديزني لعلاء الدين، سواء في كارتون 1992، أو في الفيلم الرائج منذ ثلاثة أعوام، بمثابة إعلان عن عولمة المثاقفة وتسويق “ألف ليلة وليلة”، وما ينسب إلى هذا الكتاب من حكايات لتغذية تمثلات عن “شرق” افتراضي أقامته قرون من التمثيلات التي لا تعدو أن تكون “هوساً” أطلق عليه إدوارد سعيد اسم “الاستشراق”، بمعنى تغريب “الشرق” بما يرضي تهيؤات هي غربية أولاً. خلاصات نقدية من المعروف أن الموسوي بصفته ناقداً أكاديمياً، يقيم بين قطبي الثقافتين، العربية والغربية، يعتمد مناهج عديدة من البنيوية إلى النقد التاريخي والسوسيولوجي والثقافي والتحليل النصي والأدب المقارن… وقد بدت مقارباته لـ “ألف ليلة وليلة” متعددة بحسب تعدد المناهج. فما هي الخلاصات التي جناها من عمله النقدي الأكاديمي؟ يجيب موضحاً، “تنتشر هذه “الخلاصات” في كتبي ودراساتي بالإنجليزية التي ظهرت تباعاً منذ كتاب “الشرق الإنجليزي”، و”رواية ما بعد الاستعمار العربية”، وقبلها “شهرزاد في إنجلترا” الذي ترجمته بعنوان “الوقوع في دائرة السحر”، ثم في “إسلام الشارع”، و”المرجعية الإسلامية لألف ليلة وليلة”، و”جمهورية الآداب في العصر الإسلامي الوسيط”، حتى انتهيت إلى ما نحن بصدده الآن، أي “ألف ليلة وليلة في الثقافات المعاصرة “. يتوج هذا الكتاب ما قلته من قبل، ولكنه ينحرف عنه بشدة ليبحث في ثقافة الاستهلاك، ومشروع الترجمة بصفته المعقدة خارج مفاهيم النقل والتعريب والتغريب. ما أقوله هو إننا أخذنا شأن الآخرين نتحدث عن “الموجود”، أي النصوص المترجمة أو التي تدعي ذلك، عن مخطوطات “ألف ليلة وليلة”، وهي قليلة إذا ما عرفنا أن النسخ المتوفرة بعد النسخة المعتمدة لدى المترجم الفرنسي انطوان غالان غالباً ما تكرر ما جاء في مخطوط حلب وتضيف عليه. ما العمل إذاً؟”. ويستطرد قائلاً: “في أحد فصول الكتاب الجديد، وكذلك في كافة فصوله، وضِعت الترجمة وهوامشها وحواشيها في ميدان “التص المُحتلّ” شأن الأرض المحتلة. وأعني بذلك أن ما نقرأ، وشاع في العالم هو مجموعة نصوص وسيطة تتباعد بنسب متفاوتة عن “المحكي”، لأن الترجمة هي تأويل آخر للنص والمحكي عموماً يصبح “الأصل” ملكاً لهذا المترجم. ولهذا نحن نتحدث عن نسخة غالان، وإدوارد وليم لين، وبيرتن وجون بين، وعشرات على هامشهم أخذوا عنهم في لغات مختلفة. وبالمقابل، تتعدد جهود أخرى لاستعادة نص من دون هامش المترجم وحواشيه، كما فعل ليّونز مثلاً. لكن هذه، وبمعزل عن حسن النية، هي أيضاً مصادرة لأصل هو الآخر مصادرة للمشافهة، لأن التدوين سجن يروم منع الحكواتي من الاستزادة والتغيير والتحوير. لا يعني هذا الأمر مناكفة لأمر. أنا أريد الإشارة فقط إلى أن التدوين يرافق المحكي كلما كان الأخير موفقاً ورائجاً. ويضيف الموسوي شارحاً: “لهذا أفردت فصلاً لتحرير “ألف ليلة وليلة”، بمعنى طرح إشكالية التأويل على أنها معقدة. ويحسن أن نبتدئ أولاً بالتحرر من التبعية للعقلانية الغربية، التي منعت القارئ والدارس من استبصار الممكن خارجها، كما يحاول مثلاً بعض المثقفين الهنود وكذلك إدوارد سعيد وحميد دباشي، وما أقوم به في الثقافة العربية لتكون في مسار الثقافات العالمية حاضرة كأمر مقروء لا كهامش غرائبي أو طارئ. ووجدت في “ألف ليلة وليلة” المبتدأ والخبر لشيوعها وعظيم الشروع بتفكيك حضورها بما يتيح أيضاً الإتيان بحضور عربي أدبي فكري كان غائباً تماماً إلا كتعلّة”. تفاعل النقاد والروائيين في أحد فصول كتابه الجديد يتناول الموسوي ما يسميه الحوار بين روائيين ونقاد مع “ألف ليلة وليلة”، فأي روائيين ونقاد اختار على سبيل المثل؟ وكيف يحدد أجواء هذا الحوار؟ هل أعطى النقاد والروائيون “ألف ليلة وليلة” مقدار ما أخذوا منها أو مقدار ما أعطتهم هي؟ يقول: “نعم، هذا سؤال وجيه. وضعت ذلك الحوار بين الروائيين والنقاد في إطار النصوص المترجمة من “ألف ليلة وليلة” التي تتفاوت طرائق الاختيار والاستجابة معها، لكوننا نتحدث عن منهج وأسلوب. وسؤال الديمومة هو الأبرز لأن الروائيين والشعراء يرون في حكاية “شهرزاد- شهريار” التي تأتي بعد شعور الملكين بالخيانة والإهانة، وكذلك فقدان الذكورة أو ضعفها تمثيلاً لقلقهما، القلق الذي يلازم المبدع المبتكر بشأن استمرارية العطاء الأجود من سابقه. هذا الشعور الذي يلازم جيمس جويس، واي تالو كالفينو، والأميركي جون بارث، الذي أسهب في ذكر الهاجس والتنويع القصصي عليه. ولم يخرج عن شهرزاد- دنيازاد إلا في رواية “نهاية الطريق” وروايات قليلة أخرى. ولكنه أجرى تنويعاً على أسفار السندباد، وذلك في “الرحلة الأخيرة للبحار الفلاني” التي جاءت إبان حرب التحالف على العراق، وأدت إلى انتقادات للرواية على أنها “إحلال” شخوص مضطربين، ولكنهم يملكون حضوراً ما بديلاً للسندباد وصحبه. كما أنه خلص إلى تصوير غرائبي قاصر فكرياً عن الفرد والجماعة في المجتمعات العربية القديمة. وعلى خلافه، جاءت الروائية البريطانية بيّات التي رأت في “قمر الزمان” نموذجها في الحكي والسرد لأنها رأت في اللف والدوران زمناً ومكاناً، ما يغاير المرويات في الأناجيل، وما يعيد الحياة بالتالي إلى الروي على أنه استمتاع لا نهاية له”. ويرى ” أنّ اللف والدوران والشد والحل أمور تخرج على “العقلانية الغربية” وتأويلها للماضي والحاضر والمستقبل، على أنه تنام وتطور يختلف عنهم حسب أسلوب الكتابة عند الفرنسي ميشال بوتور، لأنه يرى ضالته في حكاية القلندري الثاني في “ألف ليلة وليلة”، ابن الملك الذي تمسخه زوج أبيه قرداً يحسن الكتابة والقراءة والخط، وله فطنة ودراية، ولكنه شأن المؤلف قرد يبحث عن مخرج. وعندما نعود إلى سؤالك من يعطي من؟ “ألف ليلة وليلة”، تقدم فكرة الابتكار والديمومة والمجاهدة من أجل البقاء، ولكنها تقدم أيضاً الترقيعات التي أصبحت ميزة ما بعد الحداثة. ولكن، ألا يبدو ذلك تناقضاً؟ لأن الترقيع في الشعر والسرد يعني قلقاً ما ونشداناً للنجاح من خلال الاستعانة بالنص الأكبر، أي “ألف ليلة وليلة”. لقد آل الترقيع إلى سبيل للديمومة في ظل الفقد التدريجي للثقة بالذات على أنها تمتلك موهبة أصيلة. فالفهم الرومانسي للأصالة ولّى وغاب، وأمسى الشاعر أو الروائي أو القاص صانعاً وصاحب حرفة، وعليه أن يتقن حرفته حتى وإن اضطره ذلك إلى الأخذ من المرجع الأم. الترقيع هو سمة ما بعد الحداثة بامتياز. وعلينا أن نتذكر أن كبار الحداثيين من أمثال جويس وتي أس أليوت مرقّعين أولاً. وجد الروائيون والنقاد نساءً ورجالاً أنفسهم أمام معين لا ينضب، يحضر ويغيب مخاتلاً باستمرار. وهذا ما تريده الكتابة في هذا العصر”. المزيد عن: ناقد عراقي \ دراسة \ شهريار \ شهرزاد \ إداورد سعيد \ ترجمة \ هارفرد \ جامعة كولومبيا 1 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post التحالف يقدح في رواية “سجن صعدة” الحوثية next post أفضل 35 فيلما لا بد من مشاهدتها قبل فوات الأوان You may also like سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024 فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 1 comment strona 23 يناير، 2022 - 12:32 م Hey are using Wordpress for your site platform? I’m new to the blog world but I’m trying to get started and set up my own. Do you require any html coding knowledge to make your own blog? Any help would be really appreciated! Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.