مارك زوكربيرغ يستخدم نظارة واقع معزز من طراز "أوريون" خلال مؤتمر "ميتا كونيكت" في سبتمبر (أيلول) 2024 (أ ب) عرب وعالم ما مدى الانحطاط الذي يمكن أن يبلغه مارك زوكربيرغ بعد تحالفه مع ترمب by admin 19 يناير، 2025 written by admin 19 يناير، 2025 13 أظهر صاحب “فيسبوك” و”إنستغرام” كم هو مستعد للتنازل عن مبادئه من أجل مصلحته التجارية ومدى ضآلة ما تعنيه وعوده خلال الأعوام الثمانية الماضية اندبندنت عربية / آيو دودس من الواضح أن التغييرات التي شهدتها أكبر شركة تواصل اجتماعي في العالم هذا الأسبوع أسقطت عنها قناعاً. لكن طبعاً ليس من وجهة نظر مارك زوكربيرغ، فإن كنتم تتابعون أخباره مثلي منذ فترة طويلة فلعلكم تعلمون أنه عندما يقرر رئيس “فيسبوك” و”إنستغرام” أن يخلع قناعاً، يكون قد أعد حتماً قناعاً جديداً يحل مكانه. لكن من وجهة نظر الشركة الأم “ميتا” فإن الإصلاحات الجديدة التي يجريها زوكربيرغ لتصحيح علاقاته مع دونالد ترمب تفضح الطبيعة الخاوية للوعود الرسمية والاعتذارات الصادرة عن الشركة على مر ثمانية أعوام مضت، والتي زُعم فيها أن الشركة تهتم بمكافحة التضليل الإعلامي والتعصب الأعمى. لقد قام الرئيس التنفيذي للشركة والبالغ من العمر 40 سنة بنشر مقطع فيديو الثلاثاء الماضي، قال فيه إنه يريد “العودة لجذورنا في مجال حرية التعبير”، و”العمل مع الرئيس ترمب” على مكافحة الرقابة حول العالم، وفي حال كنتم تتساءلون عن السبب الذي دفعه إلى القيام بذلك الآن، فهو ذكره عندما قال “إن الانتخابات الأخيرة تبدو وكأنها مفترق طرق ثقافي”. والتغيير الأكثر تأثيراً الذي ستقدم عليه “ميتا” هو “التخفيف” من قدرة الذكاء الاصطناعي على فرض الرقابة على المحتوى المنشور على منصات الشركة، وتوجيه نظام الرقابة لرصد المحتوى المثير للشبهات بصورة أقل بكثير بدلاً من انكبابه على فرض رقابة مفرطة، ومن بين الإصلاحات الأكثر إثارة للانتباه إلغاء “ميتا” وظيفة التحقق من الوقائع، إذ اعتادت الشركة أن ترسل مقالات مثيرة للجدل إلى صحافيين مستقلين، ومن ثم تقيد الوصول إلى المقالات المصنفة على أنها غير دقيقة. وقررت “ميتا” أيضاً التساهل مع قوانينها المتصلة بخطاب الكراهية فأضافت استثناءات جديدة على المحتوى المعادي للمتحولين الجنسيين، وكذلك ستكف الشركة عن تقييد المحتوى السياسي على منصاتها وتنقل الفريق المسؤول عن الصدقية والسلامة لديها من كاليفورنيا “المتحيزة والمتحررة” إلى تكساس غير المنحازة والمحايدة سياسياً. وبموازاة ذلك عينت الشركة، رئيسة منظمة UFC للفنون القتالية المختلطة، دانا وايت وحليفة ترمب في مجلس إدارتها، وتبرعت بمبلغ مليون دولار لصندوق تنصيب ترمب. ولعل استقالة رئيس الشؤون العالمية في “ميتا” نيك كليغ المعروف بميوله الوسطية، والذي أدار في الماضي حزب “الديمقراطيين الليبراليين” البريطاني لم تأتِ كمفاجأة، وسيحل مكانه المسؤول الجمهوري المخضرم جويل كابلان. وكتب كليغ عبر تطبيق “ثريدز” أنه “من الواضح أن [كابلان] هو الشخص المناسب للقيام بالدور المناسب وفي الوقت المناسب”. ولا شك في أن قرار “ميتا” بالإعلان عن إصلاحاتها المتعلقة بـ “حرية التعبير” عبر محطة إعلامية يحمل هو التالي رسالة واضحة، إذ قامت الشركة بإعلانها المذكور خلال مقابلة حصرية مع كابلان ضمن برنامج “فوكس أند فريندز” Fox & Friends على قناة “فوكس”، وقال كابلان في سياق البرنامج التلفزيوني اليميني الميول “لقد تعرضنا على مدى الأعوام الأربعة الماضية إلى ضغوط مجتمعية وسياسية هائلة كي نفرض مزيداً من القيود والرقابة، والآن نحن أمام فرصة حقيقية [لتغيير هذا الأمر]”، ثم أضاف “نحن في انتظار إدارة جديدة ورئيس جديد، وهما من كبار المدافعين عن حرية التعبير، وهذا يُحدث فرقاً كبيراً”. بالطبع كان كلامه هذا في معظمه نفاقاً، فتنظيم الخطاب يقع في صميم نموذج أعمال شركة “ميتا” ويعتمد على تعزيز وقمع أنواع مختلفة من المحتوى خوارزمياً للحفاظ على تفاعل المستخدمين، وغالباً ما تروج هذه الأنظمة الآلية لمواد ضارة أو مثيرة للجدل مما يؤدي بطبيعة الحال إلى مطالب متزايدة من السياسيين والجمهور بمزيد من الرقابة، فالالتزام الحقيقي بحرية التعبير يتطلب إصلاحات أعمق وأكثر كلفة بكثير. من جهته يقول ترمب إن مارك زوكربيرغ يستجيب “على الأرجح” لتهديداته في موضوع التحقق من الوقائع، لكن ما يحدث على أرض الواقع ليس سوى محاولة حزبية سافرة للتودد للرئيس الأميركي المستقبلي المعادي علناً لحرية التعبير، وهو استسلام لصناعة الأخبار الكاذبة المؤيدة لحملة “اجعل أميركا عظيمة مجدداً” (ماغا) التي ساعدت ترمب في الوصول إلى السلطة، وهو ما أحب أن أسميه “مجمع الهراء الصناعي”. وعلى رغم كثرة المعلومات المضللة في أوساط اليساريين، تشير أعوام من البحث والتقارير إلى أن المحافظين هم أكثر من سينتفع من التغييرات المرتقبة، ولا شك في أن محللي زوكربيرغ قد أبلغوه بذلك، لو افترضنا طبعاً أنه يسمح لهم بقول مثل هذه الأمور، وهو إما لا يكترث أو يعتبر أن هذا هو الهدف الفعلي [من التغييرات الحاصلة]. وفي هذا السياق يكفي النظر إلى الطريقة التي تحدث فيها زوكربيرغ عن المحققين في الوقائع أثناء إعلانه إلغاء مهماتهم، وهو صرح قائلاً “لقد حاولنا بنية صادقة التصدي لمخاوف [عن التضليل الإعلامي] لكننا لم نتحول إلى لجنة تحكيم تبحث عن الحقيقة”، ثم أضاف “لكن المحققين في الوقائع كانوا شديدي الانحياز سياسياً وقد أسهموا في تدمير الثقة أكثر مما ساعدوا في بنائها، خصوصاً في الولايات المتحدة”. من جهتهم يدحض المحققون هذه الادعاءات بشدة، وزوكربيرغ لم يعطهم أية أدلة تدعمها، لكن حتى لو وضعنا هذا الجدل جانباً فمما لا شك فيه هو أن زوكربيرغ يعيد هنا كتابة التاريخ، فبين عامي 2004 و2016 توسعت منصة “فيسبوك” بصورة منقطعة النظير في بيئة شبه خالية من التنظيم، فابتعلت أجزاء كبيرة من الويب المفتوح وأصبحت حارساً ووسيطاً بين جماهيرها ووسائل الإعلام. وفي أواخر عام 2016 بدأ العالم يستوعب كم صار نفوذ “فيسبوك” مهيمناً، إذ لم تكتف منصات الموقع بدعم الأخبار المضللة في الولايات المتحدة بل أسهمت أيضاً في ارتكاب إبادة جماعية في ميانمار [وفقاً لتقارير دولية، بما في ذلك تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، أسهم “فيسبوك” في انتشار الدعاية المعادية للـ “روهينغا” والتي استخدمت لتبرير حملات القمع الوحشية التي شنتها السلطات العسكرية]. ورداً على ذلك ناشدت “فيسبوك” مرافق الأخبار التقليدية لتساعدها في التخفيف من وطأة ممارساتها التجارية وطالبتها بالتحقق من الوقائع في المحتوى المتداول على منصاتها. في الواقع لم يشكل ذلك أبداً نوعاً من القيود المفروضة من الجهات التنظيمية على “فيسبوك”، بل كان عبارة عن “شراكة” غير متكافئة بقيت “فيسبوك تمسك فيها دوماً بزمام الأمور، فلم تكتف بفرض السرية على عمل المحققين، بل حددت أيضاً شروط الاتفاق وقررت أي محتوى سيخضع للتحقق من الوقائع، وحددت كيفية التصرف بناء على أحكام المحققين. واشتكى بعض المحققين من أن “فيسبوك” تستغلهم ببساطة باعتبارهم “متخصصين في العلاقات العامة في الأزمات”، وتتذرع بخبرتهم لتبقى بمعزل عن الانتقادات، وشعر آخرون بأن حجم موقع “فيسبوك” وتأثيره عبر قنوات توزيعهم جعلا مشاركتهم “ملزمة”، وفي النهاية يبدو أن زوكربيرغ بات يعتبر أن هؤلاء “الشركاء” يشكلون عبئاً ولم يعودوا درع وقاية. لقد طاولت انتقادات مماثلة كل جانب تقريباً من عمليات “ميتا”، وفي كل المبادرات الجديدة اللافتة التي صممت ظاهرياً لمكافحة التضليل الإعلامي بدا دوماً أن الشركة تتلكأ في التنفيذ، وبصفتي صحافياً معنياً بالتكنولوجيا، وكوني أتابع أخبار الشركة وأغطيها باستمرار، لاحظت دوماً وجود تفاصيل مخفية أو استثناءات في كل ما كانت تقوم به هذه الأخيرة. وإن كان زوكربيرغ يظن الآن أن هذه الأفعال الموصوفة تشير حتى هي إلى استسلامه لعصابة تيار “اليقظة” المتحيزين فلا يمكن أن يلوم إلا نفسه، ومن ثم فإن زوكربيرغ هو رأس “ميتا” بلا منازع وقد أحكم قبضته على الشركة بالكامل عام 2012، وعلى ما يبدو فهو يشعر بالأسى لأن جهوده لم تثمر نجاحات طويلة الأمد، مع أنه من الصعب بناء الثقة إن كان يصر باستمرار على عدم التخلي عن أي نفوذ، أكان على الصعيد الخاص أو على صعيد شركته. وعلى ما يبدو فزوكربيرغ يعتبر أن عقد تحالف حماسي مع ترمب هو أفضل درب يسلكه من الآن فصاعداً، والحقيقة أن مقطع الفيديو الذي نشره الثلاثاء أشعل التوترات مع الاتحاد الأوروبي الذي وصف قوانين ضبط المحتوى الجديدة، مثلها مثل نظام الرقابة الرقمية المنتشر في الصين، بأنها تهديدات يُسعى إلى التصدي لها. من جهته وصف صديقي الصحافي البريطاني والخبير في تأثير شركات التكنولوجيا الكبيرة، جيمس بول، هذا التصرف بـ “الإقطاع الرقمي”، وفي هذا الإطار أعتقد أنه يمكن استخدام مصطلح سياسي أكثر حداثة لوصف تحالف الشركات الكبرى مع القومية الاستبدادية العدوانية. ومن ثم فإن الأخطار جمة في مطلق الأحوال، وفي إشارة إلى تراجع مستويات الرقابة قال أحد موظفي “فيسبوك” السابقين في تصريح لنشرة “بلاتفورمر” التكنولوجية “أعتقد حقاً أن ذلك يمهد لإبادة جماعية”، مضيفاً أنه “أمر سبق أن رأيناه وحياة أشخاص فعليين ستكون في دائرة الخطر، وبالتالي أنا محطم”. هل يعني ما سبق أن مارك زوكربيرغ كان دوماً مؤيداً خفياً لترمب؟ أشك في ذلك فعلاً، فالمقربون من زوكربيرغ كثيراً ما وصفوه بالقول إنه “ليبرالي بطبعه”، بينما قال مستخدمون سابقون لموقع “فيسبوك” إن تحوله السياسي الأخير يبدو صادقاً، لكن سجل زوكربيرغ يشير إلى أنه كثيراً ما تحدث وتصرف بالاستناد إلى ما يعتبره أفضل لشركة “ميتا”، وما فعله هذا الأسبوع لا يختلف البتة عما سبق. والحال أن كل ما سبق يمثل انتصاراً لأولئك الذين أمضوا العقد الماضي وهم يجادلون أن “ميتا” لم تُظهر يوماً أي اهتمام بمسؤولياتها المدنية، وأن المسؤولين فيها لم يبذلوا سوى الحد الأدنى من الجهود المطلوبة منهم كي لا يخضعوا للمساءلة. وفي النهاية من اللافت أن يكون ترمب شخصياً، في إحدى لحظات الصفاء الذهني النادر لديه، هو الذي قدم موجزاً ملخصاً عن الوضع عندما سأله أحد الصحافيين: “هل تعتقد أن [زوكربيرغ] يستجيب مباشرة للتهديدات التي وجهتها إليه في الماضي؟”، في إشارة إلى المرة التي هدد فيها ترمب بسجن زوكربيرغ مدى الحياة، فأجاب ترمب قائلاً “على الأرجح نعم، على الأرجح”. © The Independent المزيد عن: دونالد ترمبمارك زوكربيرغشركة ميتاالرقابةالذكاء الاصطناعيالتضليل الإعلاميحرية التعبيرالرقابة على المحتوىخطاب الكراهيةنيك كليغ 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هل يعود السجناء السوريون في لبنان إلى وطنهم؟ next post كارتر مالكاسيان يكتب عن: أزمة الردع الأميركية You may also like إسرائيل استلمت “أسماء المحتجزات الثلاث”.. ومقتل 10 فلسطينيين 19 يناير، 2025 «الشرق الأوسط» ترصد الساعات التالية لبدء اتفاق غزة 19 يناير، 2025 CNN: الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي .. احدث التطورات 19 يناير، 2025 سمعة شهادات جامعية مصرية تتلوث بـ”أحبار التزوير” 19 يناير، 2025 إيران تكشف عن قاعدة بحرية “سرية” تحت الأرض 19 يناير، 2025 نهاية دامية لأبرز قاضيين أشرفا على أهم الملفات... 19 يناير، 2025 هل يعود السجناء السوريون في لبنان إلى وطنهم؟ 19 يناير، 2025 في هذا التوقيت.. ترامب يأمر بمداهمات بحق المهاجرين... 19 يناير، 2025 سر الصورة الغاضبة لـ “ترامب”.. ما علاقة تشرشل؟ 19 يناير، 2025 إيران.. مسلح يغتال قاضيين أمام المحكمة العليا في... 18 يناير، 2025