عرب وعالمعربي ماذا وراء تغيير إيران استراتيجيتها في الشام والعراق؟ فتِّش عن الموقف الأمريكي by admin 26 مايو، 2020 written by admin 26 مايو، 2020 37 عربي بوست – ترجمة / منذ اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قامت إيران بعمل تغيير واضح في استراتيجيتها في المنطقة بشكل عام وفي كل من لبنان وسوريا بشكل خاص، إضافة للعراق، ومن الواضح أنه – باستثناء سوريا – لا تمانع الإدارة الأمريكية النهج الإيراني الجديد، فما هي تلك الاستراتيجية الجديدة؟ موقع Responsible Statecraft الأمريكي نشر تقريراً بعنوان: “إيران تُدير استراتيجية مُصمّمة خصيصاً للمشرق”، ألقى الضوء على تبديل طهران سياساتها في المنطقة والبعد عن لغة التهديد واللجوء إلى الدبلوماسية لتحقيق مصالحها في ظل ظروف جائحة كورونا. كورونا غيَّر قواعد اللعبة منذ قتل الولايات المتحدة لقائد فيلق القدس قاسم سليماني في يناير/كانون الثاني، بدأ النظام الإيراني في التحوّل تدريجياً إلى استراتيجية مُصمّمة خصيصاً لبلاد الشام، مع مزيج من التكتيكات السياسية والعسكرية في لبنان وسوريا والعراق، ويتسبّب هذا النهج الجديد في تراكم المسؤوليات، علاوةً على توزيع الحصص، خلال هذا العام الحرج من الصعوبات الاقتصادية داخل إيران نتيجة تداعيات العقوبات الأمريكية المفروضة وتفشّي فيروس كورونا. وبدأت طهران تميل في المقام الأول إلى الوسائل الدبلوماسية بدلاً من لغة التهديدات العسكرية المعتادة، إذ كان وزير الخارجية جواد ظريف أكثر المسؤولين الإيرانيين صراحةً في الرد على إدارة ترامب مؤخراً، علاوةً على وجود أدلة كافية -بخلاف الخطاب- على أنّ واشنطن وطهران ترغبان في إبقاء قنوات التواصل مفتوحةً على الأقل، كما أنّ هناك محادثات جارية لاستكشاف إمكانية الإفراج عن أحد جنود البحرية الأمريكية المُحتجز من قِبل السلطات الإيرانية، وأحد الأطباء الأمريكيين من أصل إيراني والمحتجز من جانب السلطات الأمريكية. وبناءً على ما سبق، يُواجه النظام الإيراني تساؤلات صعبة تتعلّق بكيفية تعامله مع التحدّيات الهائلة في لبنان والعراق وسوريا. ورغم وجود العديد من المواضيع والتكتيكات الشائعة، لكن إدارة ترامب تستجيب بإيجابية -في كل الأماكن باستثناء سوريا- لتلك الاستراتيجية الإيرانية الناشئة التي تبدو مصمّمةً خصيصاً لتُناسب ظروف كل دولة. ترتيبٌ خفي في لبنان في لبنان، يُواصل حزب الله تحديد النغمة اللازمة لإدارة العلاقات المعقدة مع الطبقة السياسية اللبنانية، ويُواجه رئيس الوزراء حسن دياب، الذي تولّى منصبه في يناير/كانون الثاني، واقعاً اقتصادياً مُعرقلاً، إذ أعلن في الـ30 من أبريل/نيسان عن خطة انتعاش اقتصادي تستغرق خمس سنوات، وتتطلّب معونةً مالية من صندوق النقد الدولي. وبدأت المحادثات مع صندوق النقد الدولي رسمياً في الـ13 من مايو/أيار رغم أنّ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، قال في فبراير/شباط: “نحن لا نقبل أن نخضع لأدوات استكبارية في العلاج… يعني لا نقبل الخضوع لصندوق النقد الدولي ليُدير الأزمة”. وعلاوةً على ذلك، تعرّض محافظ البنك المركزي اللبناني رياض سلامة، الذي يتعاون عن كثب مع واشنطن لتطبيق العقوبات الأمريكية على حزب الله، لضغوطات سياسية من أجل الاستقالة في أعقاب السقوط الحر للعملة اللبنانية، ولكن الضغوطات من أجل إقالة سلامة تراجعت بعد الدعم الخفيف الذي حصل عليه من حكومتَي الولايات المتحدة وفرنسا، في حين تُواصل الولايات المتحدة دعم حكومة دياب، التي سهّلت المصالح الأمريكية في لبنان أثناء موازنة علاقاتها مع النظام الإيراني وحزب الله. رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب/رويترز وعلى الجبهة الدبلوماسية، تُطالب الحكومة الإسرائيلية الآن -مدعومةً من إدارة ترامب- بإدخال تعديلات كبيرة على تفويض بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان (اليونيفيل)، لكن ذلك الصدام الدبلوماسي السنوي في الأمم المتحدة، أثناء تجديد تفويض اليونيفيل، لن يُؤثر على ميل إسرائيل وحزب الله لتجنّب الصراع، وخير دليلٍ على ذلك هو ما حدث الشهر الماضي حين نقلت التقارير تحذير القوات الإسرائيلية لعملاء حزب الله في سوريا قبل قصف قوافلهم لتتجنّب قتلهم. تسوياتٌ وشكوك في العراق يتواجد الفراغ الأكثر أهمية للنظام الإيراني في أعقاب اغتيال سليماني داخل العراق، حيث تمتلك طهران علاقات مُعقّدة مع الميليشيات الشيعية، ففي يناير/كانون الثاني، أشارت التقارير إلى ترتيب حزب الله اجتماعات مع قادة الميليشيات العراقية من أجل الحفاظ على وحدتهم تحت الراية الإيرانية، ويبدو أنّ محمد كوثراني، القائد العسكري البارز المُكلّف بملف العراق في حزب الله، هو من حلّ محل سليماني داخل العراق. لكن الروايات المنشورة حوله في المصادر الإعلامية لا تُفصح عن معلومات أو تأكيدات واضحة حول موقع كوثراني واجتماعاته، رغم أنّه اتضّح بشكلٍ مُتزايد مؤخراً أنّ رجل حزب الله يُؤدّي دوراً بارزاً في العراق لدرجة أنّ الولايات المتحدة لاحظت ذلك. وفي أبريل/نيسان، عرضت إدارة ترامب مكافأةً قدرها 10 ملايين دولار مقابل أيّ معلومات عن كوثراني. وعلى الجبهة السياسية، وبعد خمسة أشهر من الفراغ الحكومي في العراق، أدّى تفشّي فيروس كورونا إلى تسريع عملية تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة مصطفى الكاظمي الذي شغل في السابق منصب رئيس جهاز المخابرات الوطني، وهو شخصيةٌ مستقلة وغير استفزازية نسبياً، وربما تُمثّل الحكومة الجديدة التي وافق عليها البرلمان العراقي في السادس من مايو/أيار محاولةً لتكرار عهد رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، مع توقّعات بأن يستغل كاظمي خلفيته الاستخباراتية في تأدية مناورات سياسية أفضل داخل العراق. ولَفَت رئيس الوزراء العراقي الجديد إلى أنَّ بلاده “لن تكون ساحة لتصفية الحسابات والاعتداء على أي دولة جارة أو صديقة”، وظهر هذا الإجراء التوازني من أجل مراجعة الاتفاقية الاستراتيجية التي تحدد قواعد الاشتباك للقوات الأمريكية في العراق، في خطوة لمعالجة تداعيات قتل الولايات المتحدة لسليماني على الأراضي العراقية، ومن ناحية أخرى، أعاد تعيين قائد جهاز مكافحة الإرهاب عبدالوهاب الساعدي، المُقرَّب من البنتاغون وكان يُمثِّل تحدياً للميليشيات العراقية المقربة من إيران قبل عزله العام الماضي. رئيس الوزراء العراقي الجديد مصطفى الكاظمي/ الأناضول وقد لا يكون هدف إدارة ترامب بجعل حكومة الكاظمي تكبح الهجمات على الأصول الأمريكية في العراق أمراً ميسوراً. فكلٌ من تحالف الفتح السياسي المدعوم من إيران والحشد الشعبي منقسمان بشأن الضغط على القوات الأمريكية في العراق بناءً على الاستراتيجية الإيرانية من عدمه، وهو الأمر الذي يضعف نفوذ طهران للضغط على الولايات المتحدة في العراق. تحت الضغط الروسي والإسرائيلي في سوريا وفي سوريا، تعزز الأزمة الاقتصادية الأليمة وتفشِّي فيروس كورونا تنافُس طهران مع موسكو، فضلاً عن يد إسرائيل المطلقة لردع إيران. وأدَّت سلسلة من المقالات الجديدة في وسائل الإعلام الروسية تنتقد الرئيس السوري بشار الأسد إلى تكهنات واسعة في الإعلام الأمريكي وغيره بأنَّ روسيا “تنقلب على إيران والأسد”، وفي حين أنَّ مثل هذه التصريحات تبالغ في ما يتعلَّق بالديناميات الحالية، فمن الواضح أنَّ العقوبات الأمريكية ونقص العائدات يدفعان موسكو وطهران لزيادة حدة تنافسهما للضغط على نظام الأسد. لكنَّ هذا لا يعني بالضرورة انهياراً في تحالفهما في سوريا أو نهاية دعمهما للأسد، ومن المؤكد أنَّ خلاف الأسد مع ابن خاله، رامي مخلوف، الذي لطالما سيطر على ثروة واقتصاد النظام، يوضح الضغط الذي يشهده نظام الأسد. علاوة على ذلك، فرض شقيق الأسد، ماهر الأسد، الذي يدير الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة بالجيش، رسوماً جمركية على التهريب عبر الحدود السورية العراقية في منطقة البوكمال، ما أدَّى إلى توترات بين قوات النظام السوري وقوات الحشد الشعبي العراقي المدعوم من إيران، وفي الوقت نفسه، تواصل إيران تقديم الدعم لنظام الأسد، الذي منح عقداً لشركات إيرانية الأسبوع الماضي للتنقيب عن النفط في منطقة البوكمال في الريف الشرقي لدير الزور. علاوة على ذلك، تزايدت كثافة الضربات الإسرائيلية على النظام الإيراني وحلفائه في سوريا في الأسابيع الماضية. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت في تصريحٍ يوم 28 أبريل/نيسان الماضي: “إنَّنا انتقلنا من منع ترسُّخ إيران في سوريا إلى إجبارها على الخروج من هناك، ولن نتوقف”، وردد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أصداء هذا التصريح يوم 7 مايو/أيار، مُشيراً إلى أنَّ القوات الإيرانية “يجب ألا تغادر الركن الجنوبي الغربي من سوريا فقط”، بل أن تخرج من البلاد “بصورة أعم”. ويعتقد المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أنَّ النظام الإيراني يعيد النظر في دوره في سوريا من خلال التخلي عن استثماراته العسكرية، وفي حين أنَّه ربما تكون هناك بعض الاعتبارات المتعلقة بالميزانية في طهران، فلا يبدو أنَّ هناك تغيُّراً كبيراً في النهج الإيراني العام في سوريا. آفاق الدور الإيراني في الشام تضع مجموعة من العوامل إيران في موقف دفاعي: الأزمات الاقتصادية في الشام، والعقوبات الأمريكية، وتأثير فيروس كورونا، والتراجع في أسعار النفط العالمية، ولا يمكن للنظام الإيراني، المُتطلِّع لزيادة العائدات، التعامل مع التداعيات الاقتصادية في الشام أو تمويلها، ولا أن تستمر على نفس مستوى التمويل لحلفائها، وكان هذا النهج واضحاً في تشكيل الحكومتين اللبنانية والعراقية مؤخراً. وفي ظل الضغط الروسي والإسرائيلي، تواصل إيران التوسع التدريجي لنفوذها في سوريا، على الرغم من الانتكاسات في الأسابيع الأخيرة. وفي حين تقدِّم إيران التنازلات وتقلص من خسائرها في الشام، سيكون من الخطأ بالنسبة لإدارة ترامب وحلفائها النظر إلى تلك التحركات باعتبارها علامة ضعف. إنَّها بالفعل لحظة صعف لطهران، لكنَّ النظام الإيراني يبقى ممسكاً بزمام الأمور. المزيد عن : سوري/اإيران/العراق/لبنان/الولايات المتحدة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post مصير اللبنانيين في إسرائيل بين الانصهار في المجتمع ورغبة العودة next post الانسحاب الذي تحوَّل إلى لعنة عليها.. لماذا تحاول إسرائيل نسيان 18 عاماً من الحرب في لبنان؟ You may also like ابتعاد النظام السوري من “محور الممانعة”… استراتيجي أم... 24 نوفمبر، 2024 تل أبيب عن مقتل إسرائيلي في الإمارات: إرهاب... 24 نوفمبر، 2024 استهداف إسرائيل للجيش اللبناني: خطأ أم إستراتيجية؟ 24 نوفمبر، 2024 أحوال وتحولات جنوب لبنان ما بعد الهدنة مع... 24 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: صهر صدام حسين وسكرتيره... 24 نوفمبر، 2024 تقرير: حزب الله يستخدم نسخة من صاروخ إسرائيلي... 24 نوفمبر، 2024 إيلون ماسك يصبح أغنى شخص في التاريخ 24 نوفمبر، 2024 مصر تُضيّق الخناق على “دولار رجال الأعمال”.. فما... 24 نوفمبر، 2024 «جرس إنذار» في العراق من هجوم إسرائيلي واسع 24 نوفمبر، 2024 “الأوضاع المزرية” تجبر لبنانيين فروا إلى سوريا على... 23 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.