الإثنين, نوفمبر 25, 2024
الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Home » ليون سبيليار رسام الكآبة والقلق الوجودي في معرض استعادي

ليون سبيليار رسام الكآبة والقلق الوجودي في معرض استعادي

by admin

متحف أورسيه الباريسي يستعيد مراحل باهرة من مسيرته الفنية في مئوية ولادته

اندبندنت عربية / انطوان جوكي 

منذ معرضه الاستعادي في “القصر الكبير” (باريس) الذي نظمته “جمعية المتاحف الوطنية” بمناسبة حلول مئوية ولادته، لم يلق الفنان البلجيكي ليون سبيليار (1881 – 1946) أي اهتمام من قبل المؤسسات الفنية الفرنسية مقارنةً بمعاصره الأميركي إدوارد هوبر، على الرغم من أهميته القصوى والتقارب المدهش في بعض أعمالهما وموضوعاتهما. وهذا بالتأكيد ما دفع القائمين على متحف “أورسيه” إلى تبديد هذا الإهمال عبر تنظيمهم حالياً معرضاً ضخماً له يتناول السنوات الأكثر خصوبة من مسيرته الفنية (1900- 1919) التي أنجز خلالها أعمالاً تشكل تنويعات حول موضوع أو تساؤل واحد، وتسمح للمتأمل فيها بولوج المناخ الحاد والفريد لهذا المبدع الذي حددت معالمه هواجس تشكيلية ووجودية على حد سواء.

وتجدر الإشارة بدايةً إلى أن سبيليار فنان عصامي تغذى خصوصاً من قراءته الثابتة لفلاسفة وشعراء ومسرحيين، وتحديداً: نيتشه، لوتريامون، فرهايرين وماترلينك. ومن هذه القراءات انبثقت داخل لوحاته تلك الشخصيات الشبحية المعزولة وتلك الوجوه – الأقنعة ذات العيون الشاردة والمهلوسة التي تستحضر أحياناً عوالم إدوارد مونخ. ومثل بعض الفنانين الذين نشطوا مثله في نهاية القرن التاسع عشر، هجس سبيليار في استكشاف اللاوعي والقلق الوجودي للفرد في الفترة التي شهدت العلوم الإنسانية خلالها تطوراً لافتاً في فهم النفس البشرية. وفي هذا السياق، مزج داخل أعماله تقنيات فنية مختلفة ولجأ لإنجازها إلى قلم الرصاص، وإلى أقلام الفحم، وإلى الألوان المائية والغواش، علماً أن الحبر الصيني بقي مادته المفضلة التي استثمر بشكل حاذق شفافيتها، سيولتها ولونها الأسود من أجل ترجمة عالمه الداخلي المرسخ في موطن ولادته “أوستند”.

بين الرمزية والتعبيرية

وبالنتيجة، أبدع لوحات يصعب تصنيفها لنسجها روابط مع الجماليتين الرمزية والتعبيرية، وفي بعض مشاهده الأكثر راديكالية، مع التجريد الهندسي. أعمال تصبغها كآبة عميقة نستشعرها فوراً ما أن يقع نظرنا على تلك الفضاءات الفسيحة الفارغة داخلها (شواطئ، آفاق بحرية) أو على بورتريهاته الذاتية التي حفر فيها خطوط وجهه بدلاً من رسمها، وعموماً على التدرجات اللونية التي تمد أعماله بجانب إشعاعي مقلق. وفي بعض الأحيان، نستشف مناخاً كابوسياً ومأساوياً، أو على الأقل، شعوراً عميقاً بتيه وعزلة.

لوحة بعنوان “الوحيدة” (الخدمة الإعلامية في المعرض)

الصالة الأولى من المعرض مرصودة للصداقة العميقة التي ربطت سبيليار بمواطنه الشاعر إميل فرهايرين الذي شكل أباً روحياً له وشجعه في بداياته بشرائه لوحات كثيرة منه، وفتح له أبواب الساحة الأدبية الفرنسية عام 1904. تحضر في هذه الصالة أيضاً أعمال إيحائية وملغزة من بدايات الفنان يطغى عليها الموت ويتبين فيها مدى تأثره بالمناخ المعتم لمسرحيات مواطنه الآخر موريس ماتيرلينك التي زين بعض نصوصها بطلب من الناشر إدمون دومان.

في الصالة الثانية، نشاهد رسوماً رصدها سبيليار لتزيين مسرحية ماتيرلينك “فضاء داخلي” (1894) وتقطنها شخصيات معزولة بالكاد مجسدة وغالباً كئيبة داخل فضاءات مغلقة ومعتمة. لوحتا “بؤس” و”فتاة معزولة”، مثلاً، تستحضران عالم إدوارد مونخ التعبيري المعذب، بينما تبدو شخصية “شريبة الإفسنت” بنظرتها الهلسية المخيفة وكأنها خارجة تواً من المقبرة لمص دماء المتأمل فيها. وفي رسوم أخرى، تحضر الشخصيات بلا عيون، كتلك الشابة الطيفية الجالسة أمام جدار في غرفة يبدو السرير الأبيض فيها وكأنه كفن.

ولأن سبيليار عثر في نفسه على موديل جاهز للرسم وأنجز بورتريهات ذاتية عديدة بين عامي 1902 و1908، تتجاور في الصالة الثالثة بورتريهاته الأولى التي سعى فيها إلى التقاط الجانب القاسي والفج من ملامح وجهه. وسواء في هذه الأعمال أو في تلك التي تبعتها، مثل نفسه دائماً في سترة داكنة وياقة بيضاء، وليس كفنان بوهيمي، واختار تارةً تأطيراً ضيقاً لوجهه يبرز حدة نظرته وهو يشخص بنفسه، وتارةً فضاءً أكثر سعةً لكنه ضاغط بفعل تداخل أطر عديدة داخل اللوحة وتكرار خطوط مستقيمة تحاصر جسده. أعمال يحضر فيها محاطاً دائماً بأشياء مألوفة لكن مقلقة، مثل ساعة جدار أو روزنامة تذكران بالعبور المحتوم للزمن، ومرآة تتراءى كهوة على وشك ابتلاع صورته الهشة… ومع أنه يظهر أحياناً إلى جانب مسند الرسم، لكنه لم يهتم بتمثيل نفسه كفنان بقدر ما اهتم باستكشاف هويته العميقة، في الصمت والعزلة. وقاده هذا البحث عن الذات إلى إلقاء نظرة مشوهة على نفسه تقترب من الهلوسة الليلية أو إلى استحضار لشخصه في حالة سرنمة.

“مشهد بحري” (الخدمة الإعلامية في المعرض)

ولا عجب في تخصيص الصالة الرابعة من المعرض للعلاقة الفنية الحميمة التي ربطت سبيليار بأوستند، إذ شكلت هذه المدينة واحدة من شخصياته الرئيسة، إضافةً إلى توفيرها له فضاءً مثالياً لـ”دراماتورجيته” الفريدة. فمن نزهاته الليلية الطويلة على شاطئها، استوحى مشاهده البحرية الغامقة التي أنجزها بالحبر ويعزز خط الأفق العالي فيها شسوع البحر. مشاهد تعكس حالته النفسية الكئيبة والمعذبة. وفي لوحات أخرى، اهتم بالتضارب بين مشهد المدينة ومشهد البحر، الخاص بأوستند، وتحديداً بين التشييدات الهندسية المستقيمة والجامدة (السد، مصد الأمواج…) عند الساحل، التي أدخلت على لوحته الخط المستقيم والنموذج الهندسي الذي يعزز مناخ العزلة والقلق فيها، وبين الخطوط الحيوية للبحر وعناصر الطبيعة المتحركة. أما اللوحات التي رصدها لمشهد المدينة الداخلي والليلي، فتتحلل فيها الأبنية المعتمة داخل الأضواء الباهتة لمصابيح الشوارع، ما يخلق إحساساً بدوار ناتج عن تلاشي نقاط الاستدلال.

وفي الأعمال التي تملأ الصالة الخامسة، يتبين لنا أن فورة الحياة في أوستند خلال ساعات النهار وظروف العمل القاسية فيها لم تلفت انتباه سبيليار، بل فقط نساء الصيادين اللاتي رسمهن ببساطة شكلية راديكالية تحولن فيها إلى رموز للانتظار. نساء يحضرن كظلال، غالباً من الخلف، وفي وضعية من يشخص في البحر انطلاقاً من رصيف المرفأ. وسواء حضرن بشكل منفرد أو كمجموعة، يبدون دائماً منغلقات في كآبتهن وعزلتهن.

وتختم المعرض سلسلة رسوم “الدفئيات الحارة” التي أنجزها الفنان بين عامي 1917 و1920 انطلاقاً من ديوان ماتيرلينك الشعري الذي يحمل هذا العنوان، نظراً إلى تشكيلها رابطه الأخير مع العالم الإيحائي والقلق الخاص بالمدرسة الرمزية، وانحرافه بعدها من الرسم المعتم والحاد في اتجاه رسم أكثر بهجة وألواناً.

المزيد عن: رسام/متحف أورسيه/نيتشهلوتريامو/ن/تعبيرية/رمزية/فن تشكيلي/باريس/بلجيكا

 

 

You may also like

17 comments

Erica 12 نوفمبر، 2020 - 11:22 م

I’m not sure where you are getting your info, but great topic.
I needs to spend some time learning much more or understanding more.

Thanks for magnificent info I was looking for this info for my mission.

Here is my web site: Freemake Video Converter Key

Reply
Kurt 13 نوفمبر، 2020 - 5:57 ص

At this moment I am ready to do my breakfast, afterward having my breakfast coming yet
again to read further news.

Check out my site: joe biden we just did hat

Reply
Kyle 13 نوفمبر، 2020 - 6:16 ص

Hey there! Someone in my Facebook group shared this site with us
so I came to look it over. I’m definitely enjoying the information. I’m book-marking and will be tweeting this to my followers!
Exceptional blog and wonderful design and style.

My website biden we just did

Reply
Elizbeth 13 نوفمبر، 2020 - 8:43 ص

Hello my family member! I want to say that this post is amazing, nice written and include almost all vital infos.
I would like to look more posts like this .

Look into my web-site – amateur porn

Reply
Adrianne 13 نوفمبر، 2020 - 9:23 ص

Hello everyone, it’s my first go to see at this web page, and paragraph is genuinely fruitful designed for me, keep up posting such content.

Here is my webpage … we just did 46 hat

Reply
Fae 13 نوفمبر، 2020 - 11:12 ص

I’m not positive the spot you’re obtaining your information, however great topic.
I should spend a bit of time discovering more or
identifying more. Thanks for fantastic info I was
previously in search of this info for my mission.

Feel free to visit my web blog … journal notebooks in bulk

Reply
Debbra 13 نوفمبر، 2020 - 1:02 م

I would want to be grateful for the efforts you’ve devote penning this website.
I truly hope to find out the same high-grade content on your part
afterwards at the same time. In fact, your creative writing abilities has encouraged me to acquire my, personal site now 😉

Feel free to visit my blog :: traveler’s notebook passport bullet journal

Reply
Mathew 13 نوفمبر، 2020 - 1:08 م

Good article! We are linking to this particular
particularly great article on our website. Maintain the excellent writing.

Here is my website: a5 travelers notebook planner inserts

Reply
Kassie 13 نوفمبر، 2020 - 1:32 م

This design is spectacular! You most certainly know how to
keep a reader entertained. Between your wit and your videos, I was
almost moved to start my own blog (well, almost…HaHa!) Wonderful job.
I really loved what you had to say, and more than that, how you presented
it. Too cool!

My web blog AdultFrinendFinder

Reply
Caleb 13 نوفمبر، 2020 - 1:47 م

Oh my goodness! Awesome article dude! Thank you, However I am going through
troubles with your RSS. I don’t know why I cannot join it.
Is there anyone else getting the same RSS problems? Anyone that knows the answer can you kindly respond?
Thanks!!

Feel free to visit my web blog … 快他妈的

Reply
Demetrius 13 نوفمبر، 2020 - 2:10 م

It’s truly a great and helpful piece of info. I am glad that you shared this useful info with
us. Please stay us up to date like this. Thanks for sharing.

Also visit my webpage; biden we did hat

Reply
Phillipp 13 نوفمبر، 2020 - 4:44 م

I blog quite often and I truly appreciate your content.
This great article has truly peaked my interest.
I am going to book mark your website and keep checking for new
information about once per week. I opted in for your Feed as well.

Also visit my blog post biden 46

Reply
Wilma 13 نوفمبر، 2020 - 10:08 م

Wow, amazing blog layout! How long have you been blogging for?
you made blogging look easy. The overall look of your website is excellent,
as well as the content!

my webpage – Aufstellpool

Reply
Sterling 13 نوفمبر، 2020 - 11:07 م

Appreciate this post. Will try it out.

My site; 대구출장안마

Reply
Modesta 13 نوفمبر، 2020 - 11:42 م

Way cool! Some extremely valid points! I appreciate you
writing this post and also the rest of the site is also very good.

Review my page best inflatable paddleboard

Reply
Christen 14 نوفمبر، 2020 - 4:28 ص

Aw, this was a really good post. Spending some time and actual effort to
make a really good article… but what can I say… I put things off a lot
and never seem to get nearly anything done.

Check out my web-site: promo judi slot

Reply
Norberto 14 نوفمبر، 2020 - 4:52 ص

I loved as much as you will receive carried out right here.
The sketch is attractive, your authored material stylish.
nonetheless, you command get got an edginess over that you wish be delivering the
following. unwell unquestionably come further formerly again as exactly the same
nearly very often inside case you shield this increase.

Feel free to visit my webpage – forex

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00