الخميس, نوفمبر 7, 2024
الخميس, نوفمبر 7, 2024
Home » ليس بالضرورة أن الطلاق يعني نهاية المحبة المتبادلة

ليس بالضرورة أن الطلاق يعني نهاية المحبة المتبادلة

by admin

 

عندما أدركت الروائية جاين غرين أنها تتشاجر مع زوجها للأسباب نفسها مراراً وتكراراً، أصبح من الواضح بالنسبة إليها أن الوقت حان لإنهاء العلاقة بينهما. وبعد مرور سنة على هذا القرار يعتقد أصدقاؤها بأن طلاقها كان سعيداً، لكنها تتساءل إن كان ذلك ممكناً أساساً.

اندبندنت عربية / جاين غرين

واجهت الكاتبة جاين غرين تحديات عديدة خلال زواجها الذي استمر 15 عاماً، إذ تكررت الخلافات حول المسؤوليات والصعوبات المالية، مما أدى إلى شعورها بالاختناق وعدم الاستقلالية، على رغم استمرار المحبة، أدركت أن الطلاق هو السبيل الوحيد لاستعادة توازنها الشخصي.

تلقيت منذ مدة قصيرة رسالة إلكترونية من زوجي يعلمني فيها بأنه لم يعد زوجي بعد اليوم، وبما أنني أسكن حالياً في مراكش على بعد آلاف الأميال عنه، فيما يسكن هو في منزلنا في ولاية كونيكتيكت الأميركية ولأننا أجرينا معاملات الطلاق عن بعد، إجمالاً عبر تطبيق “زوم” للفيديو، وقدمنا أوراقنا للمحاكم المختصة، خطر له فجأة أن يتفقد وضعنا عبر الإنترنت. واكتشف بأننا انفصلنا رسمياً – بعد توقيع أحد القضاة على معاملات طلاقنا النهائية.

وهو الآن زوجي السابق. ومع أنني تركته، ومع أنني شعرت بالتعاسة طوال سنوات سبقت انفصالنا، ومع أنني على يقين بأن هذا القرار صائب وأننا تباعدنا لدرجة تجعل من محاولة رأب هذا الصدع مستحيلة وخاطئة في آن واحد، أجهشت بالبكاء.

لم ينتبني أي شعور بالراحة، ولن أقيم أي حفلة طلاق للاحتفال باستعادة حريتي، بل بالعكس، اعتراني شعور بالحزن العميق أمام موت حلم، ونهاية زواجي برجل أحببته حباً جماً وما زلت أحبه مع أن كل واحد منا جلب التعاسة للآخر.

قد يقول بعضهم إننا خضنا طلاقاً جيداً.

وأنا أعتقد بلا شك أننا خرجنا من التجربة ونحن على وفاق وإن لم نخرج منها أصدقاء، وأنا لا أرى صداقة تجمعنا في المستقبل. آمل بأن سينضم إلى لقائي مع أولادي بعد عودتي للولايات المتحدة لقضاء عطلة عيد الشكر معهم، هو ليس والد أولادي لكنه عمل على تربيتهم ومثل شخصية الأب الرئيسة خلال نشأتهم الأولى.

كان لدي أربع أولاد فيما كان لديه اثنان، معظم الوقت الذي قضيناه معاً، عاش الستة معنا تحت سقف واحد. عندما كانوا ينسون واجباتهم المدرسية أو يحتاجون إلى أحد كي يوصل إليهم طعام الغداء أو يصطحبهم إلى مواعيد الأطباء والمباريات الرياضية، كان هو من تحمل هذه المسؤولية فيما بقيت أنا في المنزل أكتب الروايات في محاولة لكسب ما يكفي من المال كي أعيل الجميع. ونجح هذا القرار بصورة جيدة عندما كانوا أطفالاً وكنت أجني ما يكفي لكي يلازم زوجي المنزل ويعتني بالأطفال، لكنه لم يعد ناجحاً بالقدر نفسه عندما كبر الصغار وأصبحوا أكثر استقلالية وتغيرت مهنتي وتضاءل مدخولي.

كنت أستيقظ ليلاً وأنا أشعر بأنني غير قادرة على التنفس، ويعتريني الرعب من أن مدخولي الوحيد لا يكفي ببساطة لإعالة ستة أطفال، والرعب من أننا قد نخسر كل ما نملكه وأننا غير قادرين على النهوض بالأعباء المالية التي ترتبها حياتنا علينا. بحلول ذلك الوقت، كان زوجي يعمل بدوام جزئي كمدرب رياضي، لكن عدد عملائه لم يكن يكفي أبداً كي يحدث أي فرق.

كنت بعمر الـ55 وعرفت بأن أمامي كثيراً بعد كي أعيشه في الحياة (اندبندت)

خلال الجائحة، كان الخيار الوحيد أمامنا الاستفادة من جنون السوق وبيع منزلنا الجميل على الواجهة المائية والانتقال إلى كوخ صغير على الشاطئ اشتريته قبل عقود. كان من المفترض بهذا المنزل أن يكون استثماراً لي لا أضطر بعده أبداً إلى القلق في شأن الأمور المالية. لم يكن من المفترض أبداً أن أعيش فيه.

لا شك لدي في وجود محامي طلاق يتحلون بأخلاق عالية لكنني لم ألتق بأي منهم بعد

فجأة أصبح كوخ الشاطئ ذاك بمساحته الضئيلة التي تبلغ 1200 قدم مربع (112 متر مريع) منزلنا وأعتقد بأنني علمت في قرارة نفسي أننا لن ننجو من ذلك. لم يعد لدي غرفة خاصة بي ولا مطبخاً يتسع لاستضافة أصدقائنا، ولأنني أستمتع بالجلوس في المنزل وأحب الطهي، أكثر ما يسعدني هو أن أجمع العائلة والأصدقاء وأقدم لهم طعاماً يجعلهم يشعرون بأنهم محاطون بالحب.

لم تعد المساحة تكفي لهذا. ولم يعد المكان يتسع لستة أطفال أصبحوا بعمر الشباب. تحولت غرفتان من غرف النوم إلى مكتب لي وإلى غرفة تلفاز. وعندما كان الأولاد يعودون من الجامعة، أخذوا ينامون على أرائك تتحول إلى أسرة. لم يعد أحد منا قادراً على التنفس.

لم أعد أجد المساحة التي أحتاج إليها سوى في مكانين فقط. حديقتنا الغناء الجميلة في الصيف، ومراكش، التي تقع فيها أحداث روايتين ألفتهما. في نهاية المطاف، وضعت خطة للهرب من شتاء كونيتيكت القارس. بعدما أصبح كل أولادنا إما يعملون أو في الجامعة، قررت العودة لتلك المدينة واستئجار منزل خاص، وتأليف الروايات.

اعتقدت بأنني لن أحتاج سوى بضعة أشهر كي أعثر على نفسي من جديد، وأن زوجي سيزورني في النهاية، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. في يوم بارد من يناير (كانون الثاني)، تشاجرنا للأسباب نفسها – الوضع المالي، وعجزه عن قول لا لأي شخص ما عداي. تشاجرنا للسبب نفسه طوال سنوات لكن هذه المرة، بدل أن يهدأ غضب كل واحد منا بعد بضع ساعات، وأن نعود لوتيرة حياتنا حتى موعد شجارنا التالي، بعد هذا الجدال السخيف، طفح الكيل.

لم أدرك ذلك حينها. سافرت إلى مراكش وأنا على يقين بأنني بحاجة إلى وقت كي تتضح الصورة في رأسي وأفهم مشاعري. سافرت إلى مراكش من دون أن أعلم إن كنت سأتمكن من إنقاذ زواجنا، لكنني أردت أن أحاول. بدأت بالعلاج النفسي وانضممت إلى مجموعات دعم على الإنترنت وتلقيت دروس تدريب، وبدأت أمارس التأمل من جديد.

لكن في غضون أسابيع قليلة، أدركت أنه لا مجال لإصلاح الأمور وأن دينامية زواجنا لن تتغير أبداً، على رغم كل الحب الموجود بيننا لم أعد قادرة على استئناف حياة لا أتمتع فيها بأي حيز من الاستقلالية.

مرت 10 أشهر بين الانفصال والطلاق – وهي فترة سريعة بصورة مفاجئة – وبينما لم تكن خالية من الألم، كانت أقل ألماً وبشاعة بكثير من تجارب طلاق عدة رأيتها أمامي. أفضل قرار اتخذناه كان تجنب التقاضي. في أميركا، ولا سيما في البلدات الثرية مثل تلك التي عشنا فيها، الأشخاص الوحيدون الذين يغتنون من الطلاق هم المحامون. لا شك لدي في وجود محامي طلاق يتحلون بأخلاق عالية لكنني لم ألتق بأي منهم بعد.

لم أفهم قبلاً مدى صعوبة بلوغ مرحلة أن تطلق شخصاً ما تزال تحبه لكنك ما عدت قادراً على السكن معه

خلال طلاقي السابق، تعاملت مع محامين يقولون إنهم متعاونين وسيساعدونك في تجاوز المرحلة بأسرع ما يمكن وبأقل كلفة ممكنة كذلك، لكنهم يثيرون الضغائن ويتذمرون من “نرجسية” (بحسب توصيفهم الخاص وليس توصيفي) زوجك، ويحاولون بكل وضوح أن يثيروا الغضب والشقاق ويطيلوا أمد الطلاق فيضاعفوا من مستحقاتهم إلى أقصى درجة.

وصحيح أن طلاقنا لم يخل من السخط، تبادلنا أحياناً رسائل إلكترونية قاسية وتعليقات مؤذية خلال فترة الوساطة التي جرت عبر “زوم”، لكننا حاولنا ألا نتوقف عند تلك الأمور. وأعتقد أن أياً منا لم يرغب في الجوهر بتدمير الآخر أو معاقبته على أي تجاوزات يعتقد شخصياً أنه ارتكبها في حقه.

في النهاية أعتقد بأن العلاقة التي جمعتنا طوال 18 عاماً وزواجنا الذي امتد 15 عاماً بلغا نهايتهما الطبيعية، عشنا سنوات رائعة معاً لكننا تباعدنا أكثر فأكثر وما عدنا نقضي أي وقت تقريباً مع بعض، وأصبح حديثنا شحيحاً. كنت في الـ55 من عمري وزوجي في الـ60 وكنت على يقين بأن أمامي كثيراً كي أعيشه في الحياة بعد، وتجارب عديدة لن يتسنى لي أن أعيشها أبداً في إطار حياة الضواحي الصغيرة القاتلة للحماسة وروح المبادرة. فتح أمامنا المجال كي نشق درباً مختلفاً.

وجدنا وسيطاً بارعاً، رجل هادئ وحكيم أرشدنا كي نكتب شروطنا الخاصة. لم تكن عملية سهلة. أردت أن أنفصل كلياً عن كل تفاصيل حياتي الزوجية ومنها منزلان، فيما أراد زوجي البقاء في المنزل والعثور على طريقة تجعلني أتخلى عن بعض حقوق الملكية كي يتسنى له ذلك.

حاولت جاهدة أن أفعل ذلك إلى أن استوعبت بأنني أعيد تكرار النمط نفسه الذي اتبعته في زيجتين – أن أقمع حاجاتي الشخصية من أجل إسعاد شخص آخر. كنت بحاجة إلى تأسيس حياتي الخاصة ولم يكن من الممكن تفادي ذلك. احتدمت الأمور وسرعان ما أدركنا أننا ما زلنا غير جاهزين لأن نكون في الغرفة نفسها. عمل معنا الوسيط كل على حدة، ووجهنا نحو اتخاذ قرارات منطقية والتوصل إلى شروط معقولة. شعرت بأن أحدهم يصغي إلي ويدعمني. وأعلم بأن زوجي شعر بالشيء نفسه وهذه هدية نادرة عندما يتعامل الإنسان مع شخصين يعيشان في ألم.

اخترت ألا أستمع إلى نصائح الأصدقاء عن الطلاق، حاول كثيرون أن ينصحونني وأصروا على ضرورة أن ألجأ إلى القضاء وأن أتعامل معه بقسوة وأتوقف عن الاهتمام برفاهيته وكرهت ذلك. فقد أثار هذا التدخل السلبيات وحتى لو كانت نيتهم حمايتي، علمت بأنني بأيد جيدة مع الوسيط ووضعت حداً للأصدقاء الذين يضمرون لي نية الخير وكانوا أحياناً يشعرون بالغضب نيابة عني.

بعد 15 عاماً، بلغ زواج غرين منتهاه (اندبندنت)

عندما كان يجمعنا اتصال “زوم”، كنت أشعر أحياناً بألم فظيع. واضطررت إلى أن أخفي وجه زوجي على الشاشة لأنني تألمت كثيراً لرؤية الألم على محياه. كان أحياناً يبكي. وكنت أحياناً أبكي. لم أفهم قبلاً مدى صعوبة بلوغ هذه المرحلة، أن تطلق شخصاً ما تزال تحبه لكنك ما عدت قادراً على السكن معه.

رأيته لآخر مرة خلال الصيف الماضي، حين ذهبت لأجمع أشيائي. حصل على المنزل بعد الطلاق، وكان من الصعب جداً علي أن أوضب حاجياتي. بقيت مع بعض الأصدقاء وعندما أتى أولادي لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، اختاروا البقاء معه في كوخ الشاطئ الصغير ذاك، لأنه ما يزال يمثل المنزل بالنسبة إليهم على رغم ضيق المساحة التي لا تتسع للجميع، وربما كان ذلك أصعب الأمور بالنسبة إلي.

سأظل دائماً ممتنة لهذا الرجل الرائع على السنوات المذهلة التي عشناها سوياً، وعلى الأطفال الرائعين الذين ربيناهم معاً والحياة الجميلة التي بنيناها حتى لو أردنا أشياء مختلفة من الحياة في النهاية وسرنا على دربين مختلفين. لو كان هناك شيء يدعى طلاقاً جيداً، فطلاقنا كان كذلك. واستطعنا أن نقسم أموالنا بصورة سمحة لكل منا أن يحصل على ما يريده ويحتاج إليه.

في الوقت الحالي، أسكن في مراكش وأنا على وشك أن أشتري منزلاً هنا وأشعر بسعادة كبيرة لأنني وحدي. جربت تطبيقات المواعدة هذا الصيف والتقيت بأشخاص رائعين وآخرين تافهين وغازلت شخصين قبل أن أدرك بأنني لست في موقع يسمح لي بأن أبني علاقة أو أواعد أو أقع في الغرام، فالشخص الوحيد الذي أرغب في مواعدته حالياً هو نفسي.

أدركت ما أريده من جديد، وكنت تائهة تماماً في المرحلة السابقة لنهاية زواجي، بعد أن سحبتني تعاستي من الحياة كلها وليس فقط من زوجي. وها نحن نسير قدماً، كل واحد على حدة، ويحدونا يقين بأن ما بيننا هو رابط أبدي خلقه تاريخنا المشترك وأطفالنا ونعم، حتى حبنا لبعضنا بعضاً.

© The Independent

المزيد عن: الزواجالطلاقالعلاقات الزوجيةالعلاقات العاطفية

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00