ثقافة و فنون لماذا ظلت الدراما المغاربية عصية على الخيال والأسئلة؟ by admin 21 مايو، 2023 written by admin 21 مايو، 2023 80 رغم أن سنوات الربيع العربي راكمت مؤلفات قوية لا نكاد نعثر على مسلسل يستلهم رواية أو قصة أو مسرحية أدبية اندبندنت عربية أشرف الحساني الأحد 21 مايو 2023 13:43 لم تصل الدراما إلى مرحلة الإنتاج التي تغدو معها المسلسلات والأفلام التلفزيونية محركة لعجلة الاقتصاد (مواقع التواصل) مع بداية كل رمضان ينكب العالم العربي على مشاهدة الدراما التلفزيونية بوتيرة سريعة ومفرطة، حيث يبقى المشاهد مشدوداً لتدرج الحكاية وخطية مسارها بل ونمطيتها. وبما أن الدراما المغاربية لا تفكر ولا تطرح أسئلة ولا تقوى على التخييل فإن معظم الجماهير يطيب لها المشاهدة “المنومة” الخاضعة للعرض والطلب. فقد بدا المشاهد في رمضان الماضي وكأنه مهتم بالدراما العربية وعوالمها، إذ سجلت الأرقام حجم متابعات عالياً يستحيل القبض عن ملامحه ومنطلقاته بسبب اختلاف المرجعيات وتباين الرؤى الثقافية والفنية التي تحكم وتميز المشاهدين في ما بينهم. في الثقافة الغربية تعمل عديد من المؤسسات على وضع إحصاءات خاصة تسهم في تنشيط مجال الدراما، حيث تقوم ببيان الأسباب التي جعلت بعض الجماهير تتعلق وجدانياً بهذا المسلسل مقارنة بغيره، بل إن بعض الاستنتاجات التي تخرج بها بعض الدراسات تكون دقيقة ويتابعها مخرجون ومنصات تلفزيونية لمعرفة أذواق المجتمع والمفاهيم الجمالية التي منها ينطلقون ويصوغون عوالمهم المتخيلة. هذا الأمر غير موجود عربياً، إذ لم تصل الدراما إلى مرحلة الإنتاج التي تغدو معها المسلسلات والأفلام التلفزيونية محركة لعجلة الاقتصاد المحلي، بما يجعلها دراما دائمة تنتج على مدار العام بدل اقتصارها على شهر رمضان فقط. موضوعات مكررة على رغم العطب الذي أصاب الدراما العربية منذ مطلع الألفية الجديدة، فإن وعياً متزايداً بدأ يظهر على مستوى الصورة الفنية وميكانيزماتها، مع العلم أن الصورة مسألة تقنية في الدراما وليست ذات ميسم فكري كما في السينما. لذلك فإن شروط تحقيق أية حداثة بصرية تبدأ من عنصر الكتابة، بوصفها الأساس الذي يشيد عليه العمل الفني. وبغياب هذا الشرط الحيوي للارتقاء بالعمل الدرامي فإن مجمل الأعمال الدرامية يصيبها التصدع والنسيان. وهو الأمر الذي يتكرر من رمضان إلى آخر، إذ تطالعنا مسلسلات باهتة لا تقدم أي جديد يذكر في معالجتها لقضايا وإشكالات وهموم الواقع، بل إن أغلب هذه الأعمال لا تتوافر حتى على شروط سليمة لبناء حكاية درامية. فالدراما لا ينبغي أن تكون دوماً واقعية، لأن السيناريست الذكي هو من يتيح أثناء الكتابة نافذة مفتوحة للمخرج من أجل اللعب على عنصر التخييل بصرياً. والصورة تتجاوز في عمقها الأبعاد التقنية التي تضمرها صوب إمكانات تخييلية. لهذا تعتبر ركيزة العمل الدرامي، فبقدر ما تقوم بعملية محاكاة ميكانيكية للواقع فإنها تنزع من جهة ثانية صوب فتنة التخييل الذي يصبح فيه الواقع مختبراً للحلم. دراما الصالونات لكن جرح العرب بسبب واقعهم الصعب يجعلهم يحلمون ويتطلعون إلى رؤية كوابيسهم وتعريتها على الشاشة الصغيرة. مع العلم أن دراما رمضان غير قادرة على القبض على أحوال الواقع وتبدلاته، كون أغلبها مصوراً داخل صالونات وبيوتات وأمكنة مغلقة. فكيف يمكن للواقع أن يتسرب داخل بيئة درامية كهذه؟ هذا الأمر يلجأ إليه عديد من المخرجين بعد أن يكتروا منازل ويضعون فيها أكسسوارات بسيطة ويدخلون الممثلين ويوزعون عليهم الأدوار. وهكذا تبدو طريقة التمثيل للمشاهد وكأنها عبارة عن ورش درامية وليست أعمالاً فنية كاملة المعالم. ولا يمكن صناعة دراما حقيقية إلا حين تخرج الكاميرات إلى الشوارع وتجوب المؤسسات السياسية المغلقة والمراكز الثقافية والسراديب المظلمة، بما يجعل الصورة الدرامية امتداداً للحياة التي نعيشها وليست دراما وجدانية داخلية. لا يمكن صناعة دراما حقيقية إلا حين تخرج الكاميرات إلى الشوارع (مواقع التواصل) فإذا تتبعنا معظم الأعمال التونسية والجزائرية سنرى حجم التنميط الذي به تنطبع، إذ لم يستفد التلفزيون التونسي من الثورة الثقافية التي أنجزها كتاب ومبدعون لتحرير الإبداع بعد أن راكمت سنوات الربيع العربي مؤلفات فكرية وعروضاً مسرحية وأفلاماً سينمائية قوية البنيان. غير أن ارتفاع هامش الحرية لم يستطع أن يخدم الدراما ويؤثر فيها وفي صورها ومتخيلها. أولاً لأن أغلب الأعمال مدعمة من التلفزيون الرسمي الذي يضع خطوطاً وحواجز لا يمكن للمؤلف أو المخرج أن يتجاوزاها لحظة التصوير. وثانياً لعدم وجود رابط أو علاقة بين الأدب التونسي والدراما. فهذه العلاقة المتشنجة والمتنافرة تجعل المخرجين لا يتعدون قلاعهم الحصينة من أجل البحث عن دراما أخرى أكثر تجذراً في البيئة التونسية بقدر ما يكتفون بإعداد استوديوهات داخل منازل، ويضعون قصصاً صغيرة وباهتة وفق مستويات متنوعة من السرد والحكي. يقول الكاتب محمد معمري إن الأعمال الدرامية التونسية التي عرضت في رمضان 2023 اختلفت الآراء فيها، غير أن هناك اتفاقاً شبه مطلق على تميز ونجاح مسلسل “فلوجة” للمخرجة سوسن الجمني، الذي عرض على قناة “الحوار” التونسية الخاصة، وهذا المسلسل أثار نقاشاً وغضباً وصل إلى حد المطالبة بإيقاف بثه لكنه حقق نجاحاً كبيراً، فالحلقة الأخيرة منه حصدت أعلى نسب مشاهدة في تاريخ الدراما التونسية وفقاً لمكتب “سيغما كونساي” المتخصص في قياس نسب الاستماع والمشاهدة. حيث شاهد 4 ملايين تونسي هذه الحلقة، أي بنسبة تقدر بـ87.4 في المئة من إجمالي النسبة العامة للمشاهدة في توقيت بثها”. اختيارات متباينة حين نتابع المسلسلات الفرنسية الجديدة نرى كيف يعمل المخرج على كسر سلطة الحكاية ورتابتها، فيدخلنا إلى جماليات الصورة والأصوات، بل إن النجاح الذي حققه المسلسل التلفزيوني الفرنسي الشهير “لوبين” (2021)، من بطولة عمر سي ولودفين سانير وكلوتيلد إيما وتأليف جورج كاي وفرونسواز أوزون وإخراج مارسيلا سعيد ولويس لوترييه، وضع بقصته البوليسية الدراما المنتجة داخل العالم العربي أمام موقف ضعف، إذ ينقلنا لوبين إلى أماكن متعددة، ويخيل إليك وكأنك تركب الكاميرا بينما تجول بك داخل مقاه وحانات ومنازل وأمكنة بعيدة. بمتابعة معظم الأعمال التونسية والجزائرية سنرى حجم التنميط الذي به تنطبع (مواقع التواصل) أما في تونس والجزائر فلم تكن الدراما الواقعية يوماً مصدراً ملهماً للكتاب، لأن وظيفتها الفنية لا تتعدى التأريخ والتوثيق بخاصة أن الفن ينبغي ألا يعبر عن شيء إلا عن نفسه. فالأعمال الدرامية والسينمائية التي توسلت بالأيديولوجيا لم تكن ناجحة مقارنة بالأعمال المنطبعة بألم الذات ومواجعها. وعلى رغم دعوة الناس للمخرجين من أجل تصوير الواقع والتعبير عنه بصدق فإن معظم المسلسلات التونسية والجزائرية التي حملت ميسماً واقعياً ظلت معرضة للهجوم والنقد. جدل لا ينتهي تعرض المسلسل الجزائري “الدامة” (2023) ليحيى مراحم لنقد عنيف من المجتمع وصل إلى قبة البرلمان، وهو ما جعله يحقق ملايين المشاهدات نتيجة ما اعتبره المشاهد إفراطاً في تصوير الواقع وتنميط المجتمع في قالب واحد. ويدور المسلسل حول حي باب الوادي الشعبي في الجزائر، حيث الأحداث منفصلة تدور في زمنين مختلفين. بعد انتهاء رمضان، وجدنا أنفسنا أمام آلاف التدوينات التي تنتقد المسلسل بطريقة بدا فيها المشاهد وكأنه ينتج معرفة نقدية تتوسل الرسائل السياسية والمواعظ الأخلاقية في بناء شرعية خطابه. وعلى رغم أهمية هذه العملية في التفاعل مع العمل الدرامي، فإن أغلب هذه الكتابات متصدعة في منطلقاتها وخالية من أية معرفة. فكيف السبيل اليوم إلى إنتاج نقد خاص بالدراما وليست هناك مهرجانات درامية؟ بل كيف يمكن تنمية الذوق الجمالي العام ونحن نعاين في كل رمضان عاهات بصرية تشوه الذوق العام أكثر مما تجمل حياتنا خلال هذا الشهر؟ إن حداثة الدراما تبدأ من اللحظة التي تنفتح فيها المؤسسات على مجهودات ومشاغل الكتاب، لكننا لا نعثر على مسلسل يستلهم فكرته وأحداثه من رواية أدبية أو مجموعة قصصية، مما يفسر حجم التصدع الذي عانته المسلسلات التونسية والجزائرية خلال رمضان 2023. فهذه العلاقة تبقى متشظية ويطبعها نوع من النفور. وعلى رغم أن وجودها وتحققها متجليان في السينما يبقى حضورها داخل الدراما التلفزيونية هشاً إن لم يكن منعدماً أصلاً. المزيد عن: المغرب العربيتونسالجزائردراما رمضانالربيع العربيالأدبالروايةالمسرحية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post جينوم المصريين والفراعنة أكذوبة أم حقيقة علمية؟ next post “تغريبة القافر” تفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية 2023 You may also like مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024