كواليس الساعات الأخيرة التي سبقت انسحاب بايدن

الوزراء ومعظم مستشاري الحملة لم يكونوا على علم حتى صدر البيان في منصة “إكس”

اندبندنت عربية / عيسى النهاري محرر الشؤون السياسية @ES_Nahari

منذ أيام والتقارير تتوالى عن احتمال انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من السباق الرئاسي بعد ضغوط كبيرة من قيادات حزبه المشككين في قدرته على هزيمة دونالد ترمب، لكن القرار الذي تابعه الملايين لم يتخذه ويعلنه بايدن إلا لمستشارين قلائل قبل نشره عبر منصة “إكس”، كما لم يعرف معظم مستشاري البيت الأبيض وحملته إلا بعد نشر الخبر.

فبعد ظهر السبت الماضي أجرى الرئيس بايدن اتصالاً بأحد أقرب مستشاريه وهو ستيف ريكيتي، وقال له “أحتاجك ومايك في المنزل”، وفقاً لـ “نيويورك تايمز”، والمقصود هو مايك دونيلون كبير الإستراتيجيين وكاتب خطابات بايدن.

بعد الاتصال ذهب الاثنان إلى منزل بايدن في ريهوبوث بولاية ديلاوير حيث التقيا الرئيس ملتزمين قواعد التباعد الاجتماعي، نظراً إلى إصابته بفيروس كورونا.

ومن الظهيرة إلى الليل عمل الرئيس مع ريكيتي ودونيلون على صياغة البيان التاريخي الذي صدر صباح الأحد بالتوقيت الشرقي، وجاء فيه إعلان انسحاب بايدن من الانتخابات المقبلة.

ولم يخبر بايدن موظفيه عن قرار التنحي إلا قبل دقيقة من نشر البيان عبر حسابه على منصة “إكس”، وفي وقت باكر من صباح أمس الأحد تحدث بايدن مع نائبته كامالا هاريس التي أعلن تأييد ترشيحها، ورئيس موظفيه جيف زينتس ورئيسة حملته جين أومالي ديلون.

أما مجموعة من مستشاريه في البيت الأبيض فعرفوا من الرئيس مباشرة خلال اجتماع عبر “زوم”، وآخرون في الجناح الغربي عرفوا من خلال “إكس”.

وقال بايدن في البيان “أعتقد أنه من مصلحة حزبي وبلادي أن أتنحى، وأركز فقط على الوفاء بواجباتي كرئيس في ما بقي من ولايتي”.

صورة أرشيفية لمنزل بايدن الشاطئي في ديلاوير حيث اتخذ قرار الانسحاب (أ ف ب)

تكتم شديد

وتعكس كواليس اتخاذ القرار وصياغة البيان التكتم الشديد الذي سبقه والرسائل المتناقضة التي كانت حملة بايدن تبثها للتأكيد بأنه مستمر في السباق الرئاسي، فبينما كان الرئيس يفكر بالانسحاب بل ويستشير دائرته المقربة، كان بعض مستشاري حملته والبيت الأبيض مغيبين عن الأمر.

ولم يكن أحد خارج منزل بايدن الممتد على مساحة 6850 قدماً مربعة يعرف ما كان يفكر فيه بايدن حتى نشر بيانه على وسائل التواصل الاجتماعي صباح أمس الأحد، وحتى تلك اللحظة لم يكن أمام حلفاء المرشح الديمقراطي السابق خيار سوى افتراض أنه متمسك بالمواصلة حتى يعلن الانسحاب.

وفي منزله أمضى بايدن يومه بعيداً عن الظهور الإعلامي وإلى جانب زوجته جيل ومستشاريه ريكيتي ونائبة رئيس موظفيه أني توماسيني ومسشار السيدة الأولى أنثوني بيرنال، وذكر مقربون من الرئيس أنهم كانوا يشعرون بأهمية اللحظة، لكن الأمر لم يكن واضحاً حول ما إذا كان سينسحب، حتى لدائرته المقربة.

وبحلول المساء شعر بعض المقربين جداً منه بأن هناك إعلاناً ما وأن نهاية حملة بايدن باتت “حتمية”، في حين كان يسمع آخرون رسالة مختلفة من الرئيس نفسه.

بايدن: احتاج أسبوعاً آخر

ومساء الجمعة الماضي، أي قبل يوم من اتخاذ القرار، تلقى بايدن مكالمة من رئيس موظفيه سابقاً، رون كلاين، الذي قدم له الدعم المعنوي ونقل رسائل الدعم له من السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن ومن أحد مستشاري السيناتور بيرني ساندرز، وعندما قال كلاين لبايدن “ابق في السباق”، أجاب الرئيس “هذه هي نيتي وهذا ما سأفعله”.

وقبل أسبوع تحدث رئيس الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك تشومر مع بايدن وأبلغه رسالة مباشرة وقاتمة مفادها أن معظم أعضاء الكونغرس مستعدون لطي صفحة ترشيحه وحثه على النظر في “الأخطار التي تهدد إرثه السياسي ومستقبل البلاد، وأثر قراره في الكونغرس إذا تكبد الديمقراطيون خسائر فادحة خلال الانتخابات المقبلة”.

وبحسب شخص مطلع على الاجتماع الذي استمر 35 دقيقة في الـ 13 من يوليو (تموز) الجاري، فقد قال بايدن لتشومر “أحتاج إلى أسبوع آخر”.

وبمجرد انتهاء ذلك الأسبوع واقتراب بايدن من اتخاذ قراره، كان بعض أقرب حلفائه بمن فيهم السناتور كريس كونز من ولاية ديلاوير يحضرون منتديين للأمن القومي في “معهد أسبن”، وبينما كانوا يناقشون مستقبل أوكرانيا والتحدي الذي تمثله الصين وتأثير التقنيات الجديدة، كانوا يحضرون اجتماعات لمناقشة نيات بايدن.

ودافع كونز عن بايدن قائلاً إنه “يستحق الاحترام” لاتخاذ قراره على انفراد.

صياغة البيان انتهت صباح الأحد

ويوم السبت وبحلول الساعة الرابعة مساء بالتوقيت الشرقي، استدعى بايدن مستشاريه ريكيتي، وتوماسيني وبيرنال، ودونيلون، وبدا أن بايدن يميل إلى تغيير رأيه بعد محاولات كثيرة لتبرير أدائه السيء خلال المناظرة وتحويل التركيز على مشكلات ترمب.

واختار بايدن الذي كان لا يزال مريضاً وصوته أجش، بحسب “نيويورك تايمز”، أن يعلن قراره في بيان مكتوب بدلاً من الظهور أمام الكاميرات، وعمل على صياغته مع كاتب خطاباته دونيلون، في حين خطط ريكيتي للخطوات المقبلة ومنها توقيت إبلاغ الموظفين والطريقة، ومن هم الأشخاص الذين يجب إخطارهم، وبذلك انتهت صياغة البيان أمس الأحد بعد الساعة 11 صباحاً بالتوقيت الشرقي.

وبينما كان بايدن يستعد لإعلان انسحابه كان أحد أبرز مساعديه على الهواء مباشرة عبر قناة ” سي بي أس” يقول “أريد أن أكون واضحاً تماماً، لقد اتخذ قراراً بقبول الترشيح والترشح لإعادة الانتخاب”.

ثلاث مكالمات إحداها مع هاريس

وأجرى بايدن ثلاث مكالمات قبل إعلان القرار، الأولى صباحاً مع نائبته هاريس لإبلاغها، والثاني مع رئيس موظفيه جيف زينتس، والثالثة مع نائبة رئيس الموظفين أومالي ديلون.

وفي تمام الساعة 1:45 من ظُهر أمس الأحد بالتوقيت الشرقي، وقبل دقيقة من نشر البيان على “إكس”، أبلغ الرئيس عدداً من مستشاريه بالقرار وقرأ لهم البيان وشكرهم على عملهم، قائلاً لهم “تعالوا إلي بالمهمات ودعونا ننهيها”، ليتم نشر البيان في تمام الساعة 1:46.

ثم أجرى زينتس مكالمة هاتفية مع مسؤولين آخرين في البيت الأبيض لتأكيد صحة البيان وشكرهم على عملهم، تلا ذلك مكالمة مماثلة أجراها مع أعضاء الحكومة الذين لم يكونوا على علم بالأمر حتى بث المنشور على الإنترنت، بينما أمضى بايدن جزءاً من اليوم في إجراء مكالمات هاتفية مع زعماء الكونغرس وحلفاء آخرين.

وقرر بايدن إعلان التنحي عبر منصة “إكس” حتى يقوم بذلك “على طريقته، متجنباً المؤامرات والتسريبات التي ابتليت بها حملته خلال الأسابيع الأخيرة”، وفق مصادر

“نيويورك تايمز”.