ثقافة و فنونعربي كتّاب عرب سحرتهم كرة القدم بأسرارها وجمالياتها ومفاجآتها by admin 18 نوفمبر، 2022 written by admin 18 نوفمبر، 2022 19 لا ينفصل مشهد اللاعبين والجماهير عن رؤية الروائيين والشعراء إلى العالم اندبندنت عربية \ علي عطا كرة القدم، اللعبة الأوسع انتشاراً على مستوى العالم، لا تزال تحظى بشغف مليارات البشر بسحرها، الذي تصعب مقاومته. ولا تزال المجال الأرحب للجدل في شأن رياضي، يتداخل مع السياسة والاقتصاد، والفنون والآداب، ومظاهر الفساد. هذا على رغم مظاهر “الشفافية” و”الاستقلال” التي يحرص عليها الاتحاد الدولي (فيفا) الذي يتولى شؤون تلك اللعبة، في مواجهة أي تدخلات محتملة في عمله من جانب هذه الحكومة أو تلك. والكتّاب هم جزء من عالم الاهتمام بكرة القدم، سواء سلباً أم إيجاباً، ومن ثم فإنهم عادة ما يربطون جدلهم بشأن ما تمثله في عالم اليوم المتسم بتطور تكنولوجي غير مسبوق، وبإحباطات جمة بخصوص أفكار فلسفية تقدمية، طواها ذلك التطور نفسه في عوالم النسيان، مفسحاً المجال لأفكار وتصورات مختلفة تعبر عن هيمنة النيوليبرالية على مقدرات البشر وعلى مجالات شغفهم، هنا وهناك. بمناسبة انطلاق مباريات كأس العالم لكرة القدم في قطر، سألت “اندبندت عربية” عدداً من المثقفين العرب عما يستدعيه هذا الحدث من ذكريات شغفهم بالساحرة المستديرة. يقول الكاتب المصري نبيل عبدالفتاح: “بدأ شغفي بكرة القدم منذ الطفولة في حي إمبابة الشعبي، غرب القاهرة، وحاولت اللعب في مركز حارس المرمى في فريق “التوفيقية”، ولكني فشلت في ذلك، ومع الوقت اكتفيت من كرة القدم باستمتاعي بها كمشجع. محلياً، أشجع فريق النادي الأهلي. ودولياً، أشجع فريق ليفربول لأن لاعباً مصرياً فذاً موجود بين صفوفه ويحقق أرقاماً قياسية. كرة القدم تكاد تكون لعبة يسكنها بعض من السحر الأسطوري والشغف والجمالن وبخاصة في الدوريات الكبرى في إنجلترا وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والبرازيل والأرجنتين. إنها حالة كونية ويزداد عشاقها أجيالاً وراء أخرى. المباريات هي دراما في ذاتها أقرب إلى سردية حركية تعلي من شأن من يسجلون الأهداف أو يصنعونها أو يمنعونها ببراعة”. ويضيف صاحب كتاب “تفكيك الوهم”: “كرة القدم سردية تقوم على الصراع وتنوع طرائق اللعب والمهارات الفردية والعمل الجماعي والإثارة والتشويق والفن والتخطيط والرشاقة والألوان وقصات الشعر المختلفة، أو تلك التي تدخل في نطاق الموضة بين اللاعبين ويتمثلها المشاهدون الشباب، ويقلدونها. إنها عالم متكامل، تظهر فيه الروح القومية وأيضاً الروح الكونية من خلال ما يراه الجمهور حيث الولع بحرفية وجمال الأداء والرشاقة في التمريرات والمراوغات. وراء كل فريق قومي جمهور يشجع بحرارة وسط حالة كرنفالية لعالم من الألوان والأعلام والمشاعر والرقص والغناء والهتاف، والشعور في الأخير إما بحلاوة النصر، أو حسرة الهزيمة، أو الرضا المتحفظ في حال التعادل”. القبح الجميل ويقول الكاتب السعودي عبدالله العقيبي: “كرة القدم هي من تلك الأمور الجميلة، التي لا يكتمل جمالها إلا بوصولك إلى كراهيتها، ليس هذا ما يحدث مع جمال الشعر مثلاً، أو السينما، أو الروايات، فكرة القدم مدهشة من الوهلة الأولى، لكن مع التقدم في متابعتها ما تلبث أن تمتلئ بالتعادلات كما يقول بورخيس، يمكن القول إنها ليست رياضة بالدرجة الأولى، الرياضي فيها يأتي بعد أن يتم استثمار كل وحشية ممكنة، ولأن بورخيس مصاب بالعمى يمكنه أن يتبجح بكرهها كما يريد، أما نحن، ماذا يمكن أن نفعل وهي تقترب منا إلى هذه الدرجة؟ عبر مهرجان الفرجة الوطنية (كأس العالم) ليس بإمكاننا إلا أن نتابع هذا القبح الجميل لا أعرف حتى الآن هل سأكتفي بالملخصات كما فعلت مع مونديال 2018 أم لا”. ويضيف صاحب كتاب “يوتيرن”: “لقد عرفت كل الكلمات النابية من مدرجاتها والمقاهي التي تجمع عشاقها، كنت صغيراً جداً حين نبهني ابن عمي الذي كان مهووساً بها، إلى جمال المنتخب الألماني، نبهني إلى تقبل هذا المنتخب للهزيمة، وتصفيق جمهوره المتواصل حتى بعد خروج فريقه من المنافسة، منذ ذلك الحين وأنا أعشق هذا الفريق، الذي ما زال يتعامل مع الإنساني في هذه اللعبة، وسأسعد كثيراً لو حصدها. ذكرت بعض التقارير أن نسب الانتحار تقل في بعض الدول أثناء لعب منتخباتها في كأس العالم، ماذا تريد أن تقول لنا هذه التقارير؟ هل بات الجمال شحيحاً في العالم إلى هذا الحد؟ ماذا عن الجمال المبثوث في الفن؟ ما الذي تؤججه هذه اللعبة من الحماسة في نفوس المشجعين، لقد انتشر بسبب الإعلام هذا النوع من الحماسة حتى مع أخبار الحروب، لقد صارت الحماسة وإلهاب المشاعر هدفاً لإنسان هذا العصر، ومادة لاستثماره، ولعل كرة القدم المتهم الأول في إذكاء هذه الحماسة السلبية، التي جعلت المنتحرين يؤجلون انتحارهم، أو يلغونه. قال الأمين العام لـ”فيفا” جيروم فالك، عشية تنظيم المونديال في البرازيل 2014: “في بعض الأحيان، ديموقراطية أقل أفضل لتنظيم كأس العالم”. ويستطرد العقيبي: “هذه الكلمات بحسب الصحافي دان رون تثبت أن علاقة الرياضة بالديموقراطية غير مستقرة، كما تؤكد ما ذهب إليه الكاتب والروائي الأميركي بول أوستر في مقالة له بأن كرة القدم كانت اختراعاً إنجليزياً كرسته أوروبا كي تتخلص من حروبها حاشدة العصبيات القومية في الملاعب، لتمثل هذه اللعبة بذلك ميداناً لاستعادة ذكريات الحروب وأمجادها، ومكاناً حاضناً للأناشيد القومية. والأمثلة المصورة كثيرة عن كيفية النظر إلى المنتخبات الوطنية كجنود ذاهبين إلى الحرب. وإرهاصات مونديال هذا العام في قطر صاحبها كثير مما يؤكد هذه الفكرة الحربية لكرة القدم. وإذا ما كنا متفائلين قليلاً بشأن هذه اللعبة يمكننا النظر إلى أن هناك نوعاً من الولاء الفني الذي بات يظهر لدى بعض مشجعي هذه اللعبة، لا يخرج هذا الولاء عن حدود الفنيات الرياضية الخالصة، وشخصياً ألاحظ أن هذه الفئة من المشجعين يمكن لهم أن يخترقوا وحشية التنافس المحموم، ولعلهم الفئة الوحيدة المتبقية التي يدهشها الجمال الكروي، الخارج من أي انتماء قومي.” أدب كرة القدم الكاتب والناشط الثقافي والإعلامي الجزائري عبدالرزاق بوكبة يقول: “مثل أطفال الفضاءات الشعبية الهامشية، عرفت كرة القدم ولعبتها، بأبسط الإمكانيات، إذ كنا نتخذ من القش كرة ومن التراب ميداناً، من غير أن نغير ألبستنا العادية. وكانت قيمة أحدنا تتحدد بعدد الأهداف التي يسجلها أو يتسبب في إحرازها. وتتحدد قيمة القرية التي ينتمي إليها بانتصار الفريق الذي يمثلها في الدورة الجامعة للقرى المتجاورة. فأدركت مبكراً أن الشعوب تواطأت على اتخاذ كرة القدم مجالاً لاكتساب الشرف والمتعة والفرجة، ففي كل مرحلة يحدث التواطؤ على اختيار مجال لذلك، وكرة القدم بهذا انتزعت المشعل من الفروسية، فصار الفارس في المخيال العالمي هو اللاعب، بكل ما يترتب عن هذه الفروسية الجديدة من امتيازات مالية ومعنوية وإعلامية. إنه من الطبيعي أن تحدث تحولات في مفهوم النجومية، وما يترتب عليها من تأثير، وأن تدخل كرة القدم إلى الدورة الاقتصادية للشعوب وللعالم، وأن تكون لها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة في السياسة. فكثير من الشعارات المضادة للأنظمة المرفوضة من طرف شعوبها طلعت من الملاعب. غير أن سؤالاً جديراً بالطرح هو: لماذا لم تعمل كرة القدم بهذا الزخم والألق والتأثير، على خلق ما يمكن أن نسميه “أدب كرة القدم” أو “الأدب الرياضي” في المشهد العربي، ذلك أنه بدأ ينتعش ويتبلور في المشهد الغربي؟ إن الفضاءات الكروية، سواء المتعلقة بالمناصرين أو باللاعبين، تشكل فضاءات إنسانية مثيرة ترقى لأن تدخل إلى الرواية تحديداً، ومن شأن دخولها أن ينعش المقروئية بحكم شغف الناس على اختلاف شرائحهم بالكرة المستديرة، فيكون ذلك مطية للمنظومة الثقافية والأدبية لنشر شغف القراءة في الأوساط الشعبية، عوضاً عن الاستسلام للأمر الواقع والغرق في الشكوى من انحسار منسوب الاهتمام بالكتاب”. من مارادونا إلى ميسي الروائي المغربي هشام مشبال يتحدث عن كرة القدم: “شغفي بكرة القدم يفوق ثلاثة عقود. ما زلت أتذكر أول مباراة شاهدتها وأنا صبي تجاوز العاشرة بقليل، مصر وهولندا في كأس العالم 1990 بإيطاليا. لم أنس ذلك اليوم أبداً، كنت أعاني آلاماً ناتجة من عضة كلب، ووجدت في المباراة يومها عنصر تسلية يلهيني عن تلك الآلام. اقترن عشق الكرة لدي بمارادونا، كان مجنوناً مبهراً ساحراً، وكنا نتابع مباريات كأس العالم لنستمتع بما سيقدمه، ثم تحول هذا العشق إلى جزء من تفاصيل حياتي اليومية عبر متابعتي لليغا الإسبانية على وجه الخصوص أو دوري الأبطال على المستوى الأوروبي. لم أتصور يوماً حياتي من دون هذه اللعبة، إنها تمنحني الحافز، فكرة الصراع النبيل من أجل الفوز والانتصار، الإرادة الحقيقية والرغبة في التألق وتحقيق الهدف. ليست الكرة لعبة للتسلية فحسب، بل صارت جزءاً جميلاً في حياتنا المليئة بالضغوطات”. ويضيف: “في العقد الأخير، صارت هذه اللعبة الجميلة، جزءاً رئيساً في رحلتي الأسبوعية إلى القرية. هناك في البيت المطل على المتوسط يكتمل السحر الحقيقي، رائحة البحر والخضرة والاستمتاع بمباريات مختلفة من الدوريات الأوروبية. صارت كل مباراة حافزاً للاستمتاع بالمكان الذي أعشقه، وحافزاً على الكتابة أيضاً، إنها تكسر رتابة الحياة وتمنحها سحراً خاصاً متجدداً. ارتبطت لدي كل مباراة بطقس خاص، طاجين سمك يعده أخي، وشاي مغربي منعنع أعده أنا، ثم نجلس في قعدة عذبة صارت جزءاً من وعينا التاريخي. وها نحن الآن على موعد مع كأس العالم 2022، لمتابعة أجمل المباريات بالحوافز ذاتها، ولتشجيع المنتخب المغربي، ولأنه آخر كأس عالم سيلعبه الأفضل في التاريخ بالنسبة إلي، الساحر ميسي. سأتابعه بالشغف ذاته، حريصاً على جعل كل الأوقات جميلة وممتعة، وكل المنى أن تفوز الأرجنتين بكأس العالم، ليحقق ميسي حلمه الكبير… إنه يستحق”. الأخضر الساحر الروائي السعودي يوسف المحيميد يقول: “من منا لم تتجذر هذه الكرة المجنونة في وجدانه منذ الطفولة؟ من الحوش الكبير في البيت إلى شوارع الحارات، واللعب في فرق الحارة والمدرسة، إلى تحدي التهديف على الماسورة في الشارع أيام طفولتي المبكرة في عليشة. كنت ألعب وسط متقدم وأعشق التهديف، في “متوسطة فلسطين”، ثم “ثانوية الجزيرة”. ولعل قرب نادي “النصر” في أول شارع الخزان (في مدينة الرياض) حيث يتقاطع مع شارع العصارات جعلنا نذهب يومياً كي نشاهد اللاعبين، سواء صورهم المعلقة في مدخل النادي أو حين نصادف أحدهم عائداً من التمرين في ملعب الملز. كان ذاك النحيل يوسف خميس يبهرنا بمهاراته في ملعب المتوسطة أمام باب منزلنا، ثم الركض نحو الملعب لحضور حصة “النصر” في تمارين ملعب الملز، وحضور المباريات، وبزوغ النجم الكبير ماجد عبدالله، وجيله الذهبي سواء في الفريق أو المنتخب، حين علق نجوم الأخضر أفئدتنا بهذه المستديرة زمن الثمانينيات، وقد أصبحنا أسياد آسيا، هذا الأخضر الساحر وما تركه فينا من شغف وحب في متابعة الكرة أو الأغاني الاحتفالية التي احتفت بنجاحاته، هو ما يجعلنا الآن ننتظره بفارغ الصبر، وحلمنا كبير في نجومنا الشباب”. ويضيف صاحب رواية “رجل تتعقبه الغربان”: “أعتقد أن المنتخب (السعودي) مميز كعناصر وإن كانت العناصر الهجومية تنقصنا، بينما نحظى بوفرة في الخانات الأخرى وتنافس شديد على المراكز، وهذا يمنح المدرب فرصة الاختيار، ويحفز اللاعبين على التميز. صحيح في مجموعتنا منتخبات عريقة كالأرجنتين على سبيل المثال، لكن الكرة لا تعرف الكبر ولا العراقة بل تعرف من يخدمها ويخلص لها، فإذا ما لعب الأخضر بقتالية وروح شابة عنيدة، فإنه حتماً سيترك أثراً جميلاً في الدوحة، ولا أستبعد أن يتأهل للدور الثاني. شخصياً متفائل بهذه الكوكبة من النجوم، وهم من سيمثل الأخضر والوطن خير تمثيل”. القراءة في الملعب كرة القدم لعبة تتحدى العنصرية (أ ف ب ) ويقول الروائي والباحث المصري عمار علي حسن: “أنا من محبي كرة القدم، لعبتها في طفولتي وصباي، ثم صرت من متابعيها متفرجاً ومشجعاً. كان أبي يراها دائماً معطلة لي عن عملي معه في الحقل، كما أنها تلهيني عن المذاكرة، لكني لم أستجب لكل نصائحه وضغوطه، ووازنت بين الأمرين، إذ لم أكن أذهب إلى الملعب من دون كتاب، سواء كان كتاباً دراسياً أو في الثقافة العامة، فأجلس للقراءة حتى يحل الدور على فريقي في اللعب، خلال تتابع كان لا بد منه ليستوعب الملعب الضيق لقريتي كل الراغبين في الجري العفي وراء الساحرة المستديرة. ويضيف صاحب رواية “سقوط الصمت”: لا أنظر إلى كرة القدم على أنها مجرد لعبة، للتسلية أو لتربية الأبدان، إنما هي عندي أبعد من هذا كثيراً. في الصبا، وبخاصة أيام الجامعة، أتيح لي أن أجري تجربة اجتماعية ونفسية عليها، فكنت أقود عدداً من اللاعبين متوسطي الموهبة وأنازل بهم فريقاً من الموهوبين المتعالين، وكنت أنفخ في أوصال من معي بالحماس، فكنا نكسب المباراة، فأدركت أن الدأب وبذل الجهد لا يذهب هباء، وأن الكسل والتعالي يضر صاحب الموهبة. ثم صرت أنظر إلى الكرة على أنها التفاعل الاجتماعي الممتع الذي يشكل أكبر قدر من العدالة يمكن أن يتحقق في نشاط بشري جماهيري، إذ ليس هناك ما يمنع فريق ناد قليل المال أن يكسب آخر كثيره، أو فريقاً في ذيل قائمة المسابقة أن يكسب من يغرد وحيداً في أولها، طالما بذل الضعيف جهداً فائقاً واجتهد واتسم باليقظة أو نفذ خطة جيدة لمدرب محنك”. ويستطرد حسن:” ظهرت كرة القدم في بعض قصصي القصيرة ورواياتي، ووجدتها مساراً لطرح الاستعارة السياسية في كتابي “المجاز السياسي”، لكنني أقف دوماً ضد تسييسها، أو تحويلها من مجال المتعة والمنفعة المشروعة إلى صراع وتناحر، وأيضاً أنا ضد فرض حجب متابعتها على الفقراء، الذين لا يمكنهم تأمين اشتراك دائم في القنوات الرياضية التي تستحوذ على حقوق بث مباريات في الدوريات المحلية أو المسابقات الدول”. حدائق الفقراء الشاعر المصري إبراهيم داود: “ألعب كرة القدم منذ طفولتي، لعبتها وأنا حافي القدمين، وتشهد على ذلك الندوب التي ما زالت موجودة. لعبتها وأنا أرتدي أفضل ماركات الأحذية، لعبتها في الشارع وفي الملعب وفي القرى المجاورة. قريتي “هورين”، كانت قوة عظمى في اللعبة في محيطها بمحافظة المنوفية (شمال القاهرة)، وكان جيلي مزدحماً بالمواهب، لم يفكر أحدنا في الاحتراف، على رغم العروض المتاحة، كنا مشغولين بالدراسة في المقام الأول، كان لهذه اللعبة فضل كبير، تعرفت من خلالها على أشخاص رائعين، وتعرفت على طرق في التفكير، وأشاهدها الآن بالروح الطفولية نفسها، وألعبها مع لاعبي الفريق الذي أشجعه، بعد مجيئي إلى القاهرة سعدت بصداقة عدد كبير من اللاعبين الموهوبين، مثل طاهر أبو زيد وحمدي نوح، لم تكن الصداقة بسبب الصحافة، أشجع الأهلي في مصر، وفي فترة كنت أسافر خلفه في الأقاليم، وأشاهد التدريبات في الملعب، أنتمي لجمهور الدرجة الثالثة، وربما لهذا السبب أعتبر نفسي مواطناً مصرياً ينفر من المعقدين الذين يشعرون بالتفوق، كرة القدم بداخلها شعر وموسيقى ورقص وحكايات لا تنتهي، هي روضت المشاعر البدائية وحاصرت التطرف والهمجية، أنتظر كأس العالم مثل كل العشاق، اللعبة أصبحت أصعب، لدخول رأس المال الغشيم فيها، وتحويل الملعب إلى مسرح يقدم عرضاً يجلب الإعلانات، هم يحاولون اختطافها من الفقراء الذين صنعوا بهجتها، ولكن تظل الموهبة هي سر استمرارها، سأشجع العرب والأفارقة من باب الواجب، ولكني سأجاهد حتى تسترد أميركا اللاتينية الكأس هذا العام، البرازيل والأرجنتين تحديداً، أوروبا لا تستحق كل هذا المجد، وكنت أتمنى وجود إيطاليا، وأتمنى أن نستمتع بكرة هولندا من جديد. هذا العام أعتقد أننا سنشاهد بطولة كبيرة تسعد الفقراء، الذين أجبرتهم “فيفا” والرأسمالية الغشيمة على دفع مقابل مادي للفرجة على الحدائق التي شيدوها”. الكتابة بالأقدام الشاعر التونسي حافظ محفوظ: “أنا أغار من لاعبي كرة القدم في العموم. أرى أنهم يستعملون أدوات أكثر سهولة من الكلمات. وعلى رغم ذلك يحبهم الجمهور أكثر من الكتاب والشعراء. وأنا ككل الناس أحب كرة القدم وأتخلص أثناء مشاهدة مباراة جميلة من حمولة الفكر التي تثقل كاهلي. هناك لاعبون ملهمون للكتابة، أذكر سكراتاس ومارادونا وبيليه وبلاتيني، والآن ميسي ورونالدو وهالاند. الكتابة بالاقدام تشبه الكتابة بالأقلام. في كأس العالم بألمانيا خصصت الدولة تذاكر خاصة للكتاب الألمان وكانت مداخل الملاعب معارض استثنائية للكتاب وهذا ما ضاعف انتشار الكتاب الألمان عبر العالم. هي حركة صغيرة ولكنها ضاعفت مبيعات الكتاب سنتها. نحن ما زلنا نستغل مباريات كرة القدم لبيع المأكولات والمشروبات التي نستوردها عادة. مع التقدم الذي تشهده كرة القدم في العالم وأمام هذه الأموال الطائلة التي تصرف في هذا المجال، اقترح أن تخصص نسبة ولو صغيرة من ثمن التذاكر لتطوير صناعة الكتاب وتوزيعه والتعريف به، لأني أخاف أن يتضاءل عدد القراء بأضعاف ما هو عليه أمام عدد عشاق كرة القدم، وهذا يضر بالمجالين. كأس العالم في قطر ليس حدثاً عادياً. هو بداية حقيقية لطفرة عالمية على مستويات كثيرة، وعلينا أن نستغلها لبداية جديدة. ولكي أكون أكثر تفاؤلاً، أقول لعلها مناسبة لتكوين منتخب عربي لكرة القدم يكون حاضراً في الأعوام القادمة ممثلاً لكل العرب بالتالي يشجعه كل العرب. وما دمنا في باب التفاؤل، فأنا أتمنى أن يفوز منتخب عربي بالكأس هذا العام”. حارس مرمى سابق الشاعر المصري يسري حسان:” بدأ شغفي بالكرة منذ الطفولة، كان والدي يشجع النادي الأهلي ويذهب إلى الإستاد لمشاهدة مباراياته ويصطحبني معه، العائلة كلها كانت تشجع الأهلي، في المرحلة الابتدائية كنت حارس مرمى المدرسة وكابتن الفريق، والأمر نفسه في الإعدادية، وفي تلك المرحلة لعبت فترة في نادي إسكو الرياضي، القريب من البيت في حي شبرا (القاهرة)، وكان أحد أندية الدرجة الأولى الممتازة، وكان يدرب الفريق الكبير، وقتها الشيخ طه إسماعيل، وكان أخي الأكبر يلعب في فريق تحت الـ16 في نادي الزمالك إلا أنه رسب عامين متتاليين في أولى ثانوي، الأمر الذي جعل والدنا، سامحه الله، يقسم بألا نلعب الكرة في أي ناد، واكتفينا وقتها بلعب الكرة الشراب، التي كنا نمارسها أصلاً، في شوارع شبرا، وأذكر أننا كنا نلاقي فرقاً تضم بعض لاعبي الأندية الكبيرة، ومنهم حسن رياض ومحمد آدم لاعبا الترسانة وغيرهما، وللعلم فإن اختفاء الكرة الشراب من مصر تسبب في قلة المواهب الفذة واللافتة، أن تلعب بكرة في حجم كف اليد و”تحاور” المنافس وتحرز أهدافاً، وذلك كله في ملعب صغير جداً مساحته ضيقة للغاية، فهذا كان يكسبك مهارات عالية ويجعلك لاعباً معتبراً، لو أتيح لك اللعب بالكرة الكبيرة وفي ملاعب قانونية. لم يعد شغفي بالكرة هو نفسه في مرحلة الطفولة والشباب، وذلك بعد أن فسدت اللعبة – كما أظن – بسبب الاحتراف، أعتقد أننا الآن في مصر لا نلعب كرة كما ينبغي، وأعتقد كذلك أن هناك فساداً في اللعبة ومحاباة لبعض اللاعبين على حساب غيرهم من أصحاب المواهب، الموهبة وحدها لم تعد كافية، تماماً كما في الأدب. كان لاعبو الزمن القديم على باب الله، يلعبون الكرة عن حب ولم تكن الحسابات المالية تحظى باهتمامهم، كانوا يتقاضون أجوراً بسيطة، وبعضهم لم يكن يتقاضى شيئاً، أذكر أنني قابلت لاعباً كبيراً من جيل السبعينيات، وهو لاعب دولي، وكان يحمل حقيبة غريبة بعض الشيء، سألته إلى أين؟ قال رايح أجيب “التموين”، والتموين في مصر كما هو معروف لا يحصل عليه سوى الفقراء ومتوسطي الدخل، أي أن لعب الكرة لم يجلب له أموالاً تغنيه عن التموين. بالتأكيد سأتابع كأس العالم، وليس لي في التوقعات، فلنجعلها أمنية، وبما أنني أحب الكرة البرازيلية، وكذلك سعدت بعودة دي سيلفا لرئاسة البرازيل فأتمنى أن تحصل البرازيل على كأس العالم”. المزيد عن: المونديال\كرة القدم\روائيون عرب\شعراء\اللاعبون\الجماهير\الملاعب\أسرار اللعبة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “شبح الحرية” للويس بونويل وصية فرنسية ختامية لمسار مبدع سوريالي next post هل تنجح القمة الفرنكوفونية بتونس في إعادة الفرنسية إلى مكانتها؟ You may also like استعادة كتاب “أطياف ماركس” بعد 20 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 تحديات المخرج فرنسوا تروفو بعد 40 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 21 قصيدة تعمد نيرودا نسيانها فشغلت الناس بعد... 28 نوفمبر، 2024 الرواية التاريخية النسوية كما تمثلت لدى ثلاث كاتبات... 28 نوفمبر، 2024 بودلير وهيغو… لماذا لا يطيق الشعراء الكبار بعضهم... 27 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: شعراء «الخيام» يقاتلون بالقصائد... 27 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: ماجان القديمة …أسرارٌ ورجلٌ... 27 نوفمبر، 2024 «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد 27 نوفمبر، 2024 محمد خيي ممثل مغربي يواصل تألقه عربيا 27 نوفمبر، 2024 3 جرائم سياسية حملت اسم “إعدامات” في التاريخ... 27 نوفمبر، 2024