ثقافة و فنونعربي كايبوت الذي تكشف أكثر من مجرد فاعل خير ورسام لأيام الأحد by admin 20 أغسطس، 2021 written by admin 20 أغسطس، 2021 12 “ثلاثية هوسمانية” واستلهام أجنبي يعيدانه إلى مكانة متقدمة في الفن الفرنسي اندبندنت عربية \ إبراهيم العريس باحث وكاتب حتى عام 1994 كان ينظر إلى الرسام الفرنسي غوستاف كايبوت (1848 -1894) على أنه مجرد هاو للفنون ثري ينفق أمواله وأموال أسرته على الفنانين الانطباعيين من أصدقائه، مشترياً لوحاتهم ومساعداً إياهم على اجتياز شظف العيش حين تكسد سوق الفن، ثم في أحسن أحواله، باعتباره من أولئك الهواة الذين يسمون في فرنسا “مبدعي أيام الآحاد”، أي بالنسبة إليه رسام دون موهبة أو رؤية حقيقية يرسم في أوقات فراغه، وهو يأمل أن يقبل أصدقاؤه مقابل إحسانه عليهم أن يعلقوا لوحاته في بيوتهم. ولكن بدءاً من عام 1994 كان لا بد لذلك كله أن يتغير، وكان لا بد للحياة الفنية الفرنسية أن تعترف بكايبوت، أخيراً، بكونه فناناً من طينة متكاملة. يومها كان في الإمكان اعتباره نصف انطباعي/ نصف طبيعي، أو جعله خارج أي تصنيف على الإطلاق، ولكن لم يعد في الإمكان تجاهله. ولكن لماذا عام 1994 تحديداً؟ مروراً بالأجنبي ببساطة لأنه من ناحية العام الذي أراد فيه بعض محبي أعمال كايبوت الفنية، وكانوا قلة يومها، أن يحتفلوا بالذكرى المئوية الأولى لرحيله هو الذي كان قد رحل قبل مئة عام تماماً، ولكن من ناحية ثانية لأن نقاداً مطلعين اكتشفوا يومها أن رساماً أجنبياً كبيراً هو النرويجي إدفارد مونخ (صاحب “الصرخة” بين روائع أخرى) والذي عاش ورسم في باريس ردحاً من حياته، استلهم واحدة من لوحات كايبوت ناقلاً عنها لوحة باريسية له رسم فيها مشهداً “كايبوتي” المنظور في الجادات الكبرى. ونعرف مدى ولع الفرنسيين عادة بأن يكتشفوا محاكاة مبدع أجنبي لواحد من مبدعيهم، وبالتالي كان لا بد أن ينعكس ذلك “الاكتشاف” المذهل على مواطنهم الذي شعروا فجأة أنه قد ظلم طويلاً في وطنه وآن الأوان لإعادته إلى مكانة يستحقها. فكانت المناسبة مناسبتين بالتالي. “جسر أوروبا” (1876) (غيتي) عندما يبدي زولا إعجابه وهكذا، انطلاقاً من المعرض الكبير الذي أقيم لأعماله حينها وضم لوحاته المتنوعة، عادت إلى الواجهة عدة دراسات عن كايبوت كانت صدرت قبل ذلك دون أن تلقى اهتماماً كبيراً. دراسات كانت طوال عقود قد حاولت أن تؤكد أن كايبوت ليس مجرد فاعل خير يساعد أصدقاءه ويشتري لوحاتهم لمجرد أن يمكنهم من الصمود في وجه عاديات الدهر، بل هو فنان انتقائي حقيقي. واستعيدت للمناسبة عبارات كان إميل زولا قد كتبها عنه باكراً حين أعلن أنه يعتبر كايبوت “فناناً شاباً ذا إقدام مدهش يجعله لا يتردد دون خوض المواضيع الأكثر جرأة” مؤكداً أن لوحته الأجمل “شارع في باريس تحت المطر” تبدع في تصويرها رجلاً وامرأة في مقدمة المشهد يسيران تحت المطر بتصوير حقيقي “متوقعاً لهذا الفنان أن يظهر بكونه الأكثر جرأة بين مجموعته من رفاقه في الفن حين تصبح خطوطه أكثر مرونة”. ومن الواضح هنا أن “المجموعة” التي يشير إليها زولا هي مجموعة الانطباعيين التي كان كايبوت معتبراً من أفرادها، لكن إعجابه به كان ينبع من تطبيق الرسام نظريات زولا نفسه في الرسم الطبيعي. ثلاث سمات لمشهد عمراني والحقيقة أن انتقائية كايبوت جعلته يبدو طبيعياً في بعض الأحيان، واقعياً في أحيان أخرى، تجريبياً حيناً وانطباعياً متطرفاً في أحيان أخرى هو الذي رسم في المدينة كما رسم في الريف، رسم خارج البيوت وداخلها – وبخاصة داخل بيته البورجوازي المطل على شارع لافاييت المحاذي لساحة أوروبا وسط منطقة العمران المنسوبة إلى البارون هوسمان الذي كان يحدث، أيام كايبوت واحدة من أكبر الثورات العمرانية التي عرفتها باريس في تاريخها الحديث. ولعل في إمكاننا في هذا السياق أن نتوقف ليس فقط عند اللوحة التي ذكرها زولا، بل عند ما لا يقل عن “ثلاثية” لكايبوت تعتبر تلك اللوحة جزءاً منها، وهي التي تعارف النقاد والمؤرخون على تسميتها “الثلاثية الهوسمانية” واعتبروها من أجمل وأقوى إنجازات الرسام. وتتألف هذه “الثلاثية” من لوحة “شارع أوروبا تحت المطر”، وهو العنوان الكامل للوحة التي أشار زولا إليها، و”جسر أوروبا” و”عمال طلاء المباني” واللوحات الثلاث أنجزها كايبوت بين 1876 و1877. وكايبوت قدم هذه اللوحات الثلاث معاً لتعرض في معرض عام 1877 معاً بشكل متكامل على اعتبار أنها تمثل ثلاث سمات من المشهد العمراني لمنطقة واحدة هي حي “أوروبا” المجاور مباشرة لمنزله. الفن وتحديث المدينة وهذا الحي الذي سيكون أول مشهد حضري تتفتح عليه نظرة كايبوت كان قد بدأ تكونه في عام 1826 لكنه لن يكتمل قبل عام 1868 مضفياً على تلك الناحية من الوسط الباريسي سماتها التي لا تزال محتفظة بها حتى اليوم، لا سيما منذ تم إنشاء ذلك الجسر الحديدي الضخم الذي ربما أتى إيذاناً بالعمران الحديدي اللاحق الذي سيمثله برج إيفل في الناحية الأخرى من باريس ضمن إطار البنيان الحديدي الذي استند عليه المعرض العالمي حينها. المهم هنا هو أن كايبوت صور في لوحات تلك الثلاثية ثلاثة مشاهد متنوعة، إنما متكاملة، من تجديد عمراني كشف عن ملامح التجديد في العاصمة الفرنسية، لكنه كشف كذلك عن التقاط الرسام لذلك التجديد في لغة فنية فريدة من نوعها وتقف، كما أشرنا، خارج التصنيف. وفي هذا السياق لم يكن غريباً أن يختار كايبوت ملونة رمادية لتعبيره في اثنتين من اللوحات، بينما آثر أن تكون السماء مشرقة والألوان أكثر ربيعية في اللوحة الثالثة. غير أن المشترك في اللوحات الثلاث هو قلة عدد المارة وكأن الأحياء المرسومة كانت لا تزال تنتظر مارتها. ولئن كانت لوحة “شارع أوروبا تحت المطر” (300 سم عرضاً، و209 سم ارتفاعاً والمعلقة في متحف الفن في شيكاغو الأميركية) تبقى الأشهر بين تلك اللوحات من جراء الشجاعة الفنية التي عبر بها كايبوت عن المشهد قاسماً اللوحة عمودياً إلى قسمين يتوسطهما عمود إنارة، فإن لوحة “جسر أوروبا” (180سم×125 والموجودة في القصر الصغير في جنيف) تبدو الأكثر إشراقاً وحداثة من خلال المركز الجانبي الذي يتخذه الجسر الحديد فيها والاشتغال على ظلال المارة كتصوير للشمس المشرقة والمطلة بنورها من خلال قضبان الجسر. وفي المقابل، حتى ولو بدت اللوحة الثالثة أصغر حجماً (116سم×89 سم ، مجموعة خاصة) وأكثر تعبيراً عن خلو الشارع إلا من بضعة عمال طلاء واقفين يتأملون العمل الذي يتعين عليهم إنجازه، من الجلي أن هذه اللوحة تظل الأقوى تعبيراً وتجريبية من ناحية تجديديتها الفنية. ولا شك أنه كان من شأن إميل زولا أن يقف طويلاً عند هذه اللوحة بالنظر إلى أنها تبدو، بعد كل شيء، الأكثر تصويراً للعمال وحياتهم وعملهم وهو ما عبر عنه هو نفسه في العدد الأكبر من رواياته “الطبيعية” والتي عرف فيها كيف يصور تكون الحياة والأيام والأعمال في العاصمة الفرنسية. حداثة فنان متواضع وعلى ذكر زولا واهتمامه بحياة العمال وأعمالهم، لا بد من أن نشير هنا أيضاً إلى سلسلة من لوحات أخرى لكايبوت حققها كذلك أواسط سبعينيات ذلك القرن مصوراً فيها عمالاً يركبون أرضية خشبية داخل غرف بيوت كنوع من التدليل على تلك الحداثة التي دخلت الحياة الاجتماعية الباريسية حينها وتمكن كايبوت عبر التعبير عنها من أن يفصل نفسه تماماً عن الانطباعيين وغيرهم من الذين جاراهم على أي حال في لوحاته الريفية، ليدخل فنه في دروب حداثة استثنائية قد يصفها البعض بأنها تنتمي إلى الحداثة الفكرية والأدبية بأكثر مما تنتمي إلى الحداثة الفنية، لكنها عرفت كيف تترك لتاريخ الفن أعمالاً مدهشة من فنان متواضع ومجتهد كان عليه أن ينتظر مئة عام بالتمام والكمال قبل أن يتمكن من أن يقول أخيراً: أنا لست الفنان البسيط الذي تعتقدون! المزيد عن: الرسام الفرنسي غوستاف كايبوت\المدرسة الانطباعية\إدفارد مونخ\باريس\إميل زولا 27 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هايلي هاندرسن تكسر مسرحيا صندوق الأسر الذكوري next post تيار “الرواية الجديدة” يعود إلى الواجهة الفرنسية بثورته المفتوحة You may also like أبطال غراهام غرين يبحثون عن اليقين عند الديكتاتور 10 يناير، 2025 رحيل “صائدة المشاهير”…ليلى رستم إعلامية الجيل الذهبي 10 يناير، 2025 سامر أبوهواش يكتب عن: حسام أبو صفية… الرجل... 10 يناير، 2025 كتب يناير الإنجليزية: سيرة هوليوودي واعترافات 3 نساء 9 يناير، 2025 عبده وازن يكتب عن: بثينة العيسى تروي خراب... 9 يناير، 2025 أعظم 20 فيلما في تاريخ سينما الغرب الأميركي 9 يناير، 2025 وليام هوغارث يغزو بيوت لندن بلوحات شكسبيرية 9 يناير، 2025 استعادة الشاعر بول إلويار في الذكرى المئوية للبيان... 9 يناير، 2025 فيلم “ذا اوردر” يواكب صعود التطرف في الغرب 9 يناير، 2025 عندما فقد الروسي غوغول شاعرية “سهرات مزرعة ديكانكا” 9 يناير، 2025 27 comments web hosting our 28 أغسطس، 2021 - 7:50 ص Good info. Lucky me I discovered your site by chance (stumbleupon). I have book-marked it for later! Reply j.mp 29 أغسطس، 2021 - 10:25 م Wow, awesome blog layout! How long have you been blogging for? you make blogging look easy. The overall look of your website is great, let alone the content! Reply an asmr 3 سبتمبر، 2021 - 4:28 ص Woah! I’m really enjoying the template/theme of this site. It’s simple, yet effective. A lot of times it’s challenging to get that “perfect balance” between user friendliness and appearance. I must say you have done a awesome job with this. Additionally, the blog loads very fast for me on Internet explorer. Exceptional Blog! Reply it asmr 5 سبتمبر، 2021 - 9:19 م Woah! I’m really digging the template/theme of this blog. It’s simple, yet effective. A lot of times it’s hard to get that “perfect balance” between usability and appearance. I must say you’ve done a fantastic job with this. In addition, the blog loads super quick for me on Safari. Exceptional Blog! Reply aqualeP 1 أكتوبر، 2021 - 9:01 ص what are the side effects of gabapentin Reply buy cheap viagra online uk 30 أكتوبر، 2021 - 2:05 ص La Viagra Natural Reply offipsy 30 أكتوبر، 2021 - 6:45 ص viagra generic pfizer Reply ivermectin for dogs dosage 10 نوفمبر، 2021 - 2:23 ص Acheter Levitra Generique En Ligne Reply prednisolone dogs 12 نوفمبر، 2021 - 10:07 م Come Ordinare Viagra Reply change words in essay 12 نوفمبر، 2021 - 11:59 م I love this site – its so usefull and helpfull. http://multiessay.com/ Reply riversweeps online casino sign up 15 نوفمبر، 2021 - 7:29 ص Incredibly beneficial look ahead to returning. https://casinogamesmachines.com/ Reply mom sex games 18 نوفمبر، 2021 - 11:14 ص Basically had to emphasize I am glad that i stumbled on your website page! https://winsexgames.com/ Reply mom sex games 18 نوفمبر، 2021 - 11:15 ص Basically had to emphasize I am glad that i stumbled on your website page! https://winsexgames.com/ Reply virtual reality sex games 19 نوفمبر، 2021 - 2:38 م Wow such a useful websites. https://sexygamess.com/ Reply keto diet menu plan 20 نوفمبر، 2021 - 8:20 ص Great looking web site. Presume you did a bunch of your own coding. https://ketogendiet.net/ Reply keto diet menu plan 20 نوفمبر، 2021 - 8:20 ص Great looking web site. Presume you did a bunch of your own coding. https://ketogendiet.net/ Reply best keto supplements 20 نوفمبر، 2021 - 9:26 م Wow, this is a useful websites. https://ketogendiets.com/ Reply TrurneZen 21 نوفمبر، 2021 - 1:22 ص viagra cialis por internet buy cialis professional Reply keto brussel sprouts 21 نوفمبر، 2021 - 9:31 ص Thanks extremely beneficial. Will certainly share website with my friends. https://ketogenicdiets.net/ Reply buy azithromycin online australia 4 ديسمبر، 2021 - 6:18 ص Propecia Low Blood Pressure Reply win real money online 5 يناير، 2022 - 8:03 م I benefit from reading your websites. Thanks! win real money online Reply free dating webstes for gay men 12 يناير، 2022 - 9:49 ص what’s the best site for finding a gay dating site for women adam for adam gay dating website gay dating simulator free dating webstes for gay men Reply current event essay 2016 12 يناير، 2022 - 10:59 ص graduate essay format 2020 suny eop essay form free apa essay template current event essay 2016 Reply christian gay dating app for android 13 يناير، 2022 - 5:58 م leather men gay minneapolis dating hiv negative dating an hiv positive gay man which gay dating app has most members christian gay dating app for android Reply gay chubby chaser dating 14 يناير، 2022 - 2:54 ص 100% free gay sex datinggay chubby chaser datinggay bareback dating caffmos gay male 65 + dating Reply ff tactics 24 slots 21 يناير، 2022 - 10:06 ص river slots download american buffalo slots goldfish slots ff tactics 24 slots Reply Ageduck 12 فبراير، 2022 - 7:37 م Plaquenil Ssnnef Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.