فرانكلين روزفلت خلال حملته الانتخابية (موسوعة جورجيا) X FILEعربي فرانكلين روزفلت… رجل الحريات الأربع by admin 15 مارس، 2024 written by admin 15 مارس، 2024 242 بدأ حملته السياسية من نيويورك ضد جائحة الفقر والبطالة وانتقل بها إلى مستوى الوطن وأنهى انعزال الولايات المتحدة وقدم المساعدة للقوى الديمقراطية اندبندنت عربية يعتبره الأميركيون الرجل الثالث في سلم الرؤساء الأميركيين الأكثر أهمية، لا سيما أنه ترك بصمة كبيرة وواضحة على مسارات الحياة السياسية في ذلك البلد الصاعد إلى العلى في ذلك الوقت. انطلق فرانكلين روزفلت من قناعات تفيد بأنه من غير الممكن أن تظل الولايات المتحدة في معزل عن العالم، ولهذا سارع بتقديم المساعدات بكافة أشكالها للقوى الديمقراطية خلال الحرب العالمية الثانية. تحدث فرانكلين ذات مرة، وقد كان ذلك في السادس من ديسمبر (كانون الأول) من عام 1941، أمام الكونغرس، مناقشاً أوضاع الأمن الوطني بالقول: “لا ينتظر أي أميركي يتحلى بالواقعية أن يجلب السلام مع الديكتاتوريين سخاء دولياً، أو استقلالاً حقيقياً، أو نزعاً للأسلحة، أو حرية في التعبير والدين. إن سلاماً كهذا لن يعود علينا أو على جيراننا بالأمن. إن الذين يتخلون عن الحرية مقابل أمن موقت لا يستحقون الحرية ولا الأمن”. وجه فرانكلين حديثه في الوقت عينه للدول الديمقراطية بقوله: “نحن الأميركيون مهتمون للغاية بقضية دفاعكم عن الحرية، ونضع طاقاتنا ومواردنا لنمنحكم القوة، ولنستعيد ولنحافظ على عالم حر”. هل كان فرانكلين روزفلت علامة حقيقية في طريق الولايات المتحدة الصاعدة من زمن الجمهورية إلى عصر الإمبراطورية؟ غالب الظن أن ذلك كذلك، ولهذا تم اختيار الرجل وللمرة الوحيدة في تاريخ البلاد والعباد، رئيساً لأربع فترات متتالية، أظهر خلالها مستوى من العظمة غير مسبوق، وقاد الولايات المتحدة في مسيرة الحلفاء إلى الانتصار على النازية والفاشية. من هو فرانكلين روزفلت، ومن أين تبدأ قصة أحد أهم القياصرة الأميركيين المعاصرين؟ عائلة روزفلت عام 1920 (موسوعة جورجيا) على نهر هدسون كانت البدايات في الثلاثين من يناير (كانون الثاني) من عام 1882، في منطقة سبرينغ وود، وفي منزل كبير يطل على نهر هدسون أي على بعد خمسة وسبعين ميلاً فوق مدينة نيويورك، ولد فرانكلين دلانو روزفلت، من خلال ولادة متعسرة كادت أن تودي بحياة والدته سارة دلانو روزفلت، ونتيجة لهذه الولادة الصعبة نصحها الأطباء بعدم إنجاب المزيد من الأولاد. ينحدر فرانكلين روزفت من أصل هولندي فرنسي، انتخب جده الأكبر، نيكولاس روزفلت، عمدة لمدينة نيويورك، أما والده جيمس روزفلت، فكان يعمل محامياً وخبيراً مالياً، ومات إثر إصابته بأزمة قلبية عندما كان فرانكلين في أولى سنواته الدراسية بجامعة هارفارد الشهيرة. أما والدته سارة فقد ماتت عن عمر يناهز 87 سنة، أثناء الفترة الثالثة لتولي ابنها الرئاسة. تلقى دروسه في المنزل أول الأمر، وعرف بشعره الطويل المجعد، وحين رآه الرئيس الأميركي الثاني والعشرين والرابع والعشرين، جروفر كليفلاند، قال له وهو يفكر في أعباء المكتب البيضاوي: “عندي أمنية غريبة لك وهي ألا تصبح يوماً رئيساً للولايات المتحدة”، ربما خوفاً من عدم مقدرته على تحمل المسؤولية، لكن أمنيته لن تتحقق. ارتاد فرانكلين روزفلت جامعة هارفارد حيث أنهى شهادة الأربع سنوات في ثلاث وأصبح رئيس تحرير محبوباً لصحيفة الجامعة “ذو كريمسون”. كان يتمتع بصوت غنائي جميل، ولم يتعلم شيئاً عن طريق الحفظ، بل طور منذ صغره عقلاً مستقلاً على نحو مذهل وكان واثقاً بآرائه الخاصة ويتحلى بنظرة إيجابية إلى الحياة. باكراً جداً بدت على محياه علامات القيادة والريادة، وقد ظلله حلم كبير بالوصول إلى البيت الأبيض في وقت مبكر، ذلك أنه على رغم أنه لم يفصح عن آرائه السياسية وطموحاته في هذا المجال، إلا أنه في الوقع يستذكر أصدقاءه في جامعة هارفارد كيف أنه أبلغهم في عام 1907، أنه يعتزم أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة. لم يكن حديث فرانكلين الفتى الجامعي حديثاً عشوائياً، بل أمراً ممنهجاً، في ذهنه على الأقل، فقد عدد لهم بالتفصيل الخطوات التي سيتبعها لتحقيق هذا الحلم: أولاً يحصل على مقعد في مجلس نيويورك التشريعي، وبعد ذلك يصبح مساعد وزير البحرية الأميركية، ومن ثم يصبح حاكم نيويورك، وأخيراً يدخل البيت الأبيض بصفته الرئيس. ولعل المثير أن أحداً، على ما يتذكر رفاقه، لم يستهزئ به، لأن ما قاله بدا “منطقياً تماماً”. روزفلت الرجل القوي على عربة خاصة بالمشلولين (موسوعة جورجيا) صعود سلم الوظائف السياسية خلال سنوات دراسته في هارفارد، كان روزفلت طالباً متوسطاً من الناحية الأكاديمية، وقال لاحقاً “درست مواد الاقتصاد في الجامعة 4 سنوات، وكان كل ما تعلمته خاطئاً”. غير أن مواهب قيادته تبدت من خلال رئاسة تحرير صحيفة الجامعة كما أسلفنا، وهو منصب يتطلب طموحاً عالياً ونشاطاً وقدرة على إدارة الآخرين. في العام التالي لتخرجه من الجامعة، أصبح ثيودور روزفلت، ابن العم الخامس لفرانكلين، رئيس الولايات المتحدة الأميركية. كان لقيادة ثيودور روزفلت القوي واندفاعه نحو الإصلاح أثر كبير على فرانكلين، فاعتبر الأخير ثيودور بطلاً ومثالاً يحتذى به. رشح روزفلت نفسه لمجلس شيوخ نيويورك بدل المجلس التشريعي وفاز. في عام 1911 جعل منه انتصاره المدوي هذا، في سن الثامنة والعشرين، قوة داخل الحزب الديمقراطي في نيويورك يحسب لها حساب. مُني فرانكلين لاحقاً بالخسارة في كل المعارك التشريعية والتعيينات داخل الحزب، ولم يعرف التقدم إلا حين دعم حاكم نيوجيرسي وودرو ويلسون، خلال الانتخابات الرئاسية لعام 1912. حظي فرانكلين بفرصة التقدم بخطوات سريعة فخرج من صفوف ما يعرف بجمعية “تاماني هول”، وهي تنظيم سياسي داخل الحزب الديمقراطي لعب دوراً مهماً في السيطرة على الحياة السياسية في نيويورك، ليدخل السلطة في واشنطن من بابها العريض، بحيث خير بين منصبي مساعد وزير الحربية أو مساعد وزير البحرية كمكافأة على توفير دعمه فاختار مساعد وزير البحرية. كان فرانكلين أو “أف دي أر”، كما يطلق عليه الأميركيون أصغر رجل يشغل هذا المنصب (ثلاثون عاماً)، مفعماً بالحيوية ومندفعاً ومتعجرفاً على غرار ونستون تشرشل أول لورد في الأدميرالية البحرية البريطانية. عمل فرانكلين على تطوير الأسطول الأميركي، وكان من مؤيدي اشتراك الولايات المتحدة في الحرب العالمية الأولى، وأثناء الحرب أشرف على زرع الألغام في المياه بين اسكتلندا والنرويج، كما قام بجولتين استكشافيتين، واحدة بين شهري يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول) من عام 1918، والثانية خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) عام 1919، واستطلع خلالهما زيارة قواعد البحرية، ومناطق الحرب في أوروبا. بحلول عام 1920، فاز جيمس كوكس حاكم ولاية أوهايو بتزكية الحزب الديمقراطي له للدخول في انتخابات الرئاسة وعرض كوكس على روزفلت أن يدخل معه الانتخابات كنائب للرئيس. قبل روزفلت العرض واستقال من منصبه في البحرية، غير أن الحظ أخلفهما، فعاد روزفلت بعد الهزيمة الانتخابية، إلى مهنة المحاماة، وفي عام 1921، أصيب بالشلل الذي أقعده ثلاث سنوات، عاد بعدها إلى الحياة السياسية. غير الشلل حياة فرانكلين روزفلت، فكان قد بدأ التخطيط لحملته الانتخابية لمجلس الشيوخ لعام 1929. نعته البعض بالقائد الكسيح، حتى أن والدته سارة رأت أن من الأفضل له التقاعد في “سبرينغ وود” في هايد بارك ليصبح مالك أراض واسعة في الريف. مع أن ذلك كان سابقاً لأوانه لأنه لا يزال في التاسعة والثلاثين من عمره. لكن إرادة حديدية لدى فرانكلين سوف تغير مصيره عما قريب. روزفلت وزوجته (موسوعة جورجيا) فرانكلين حاكما لولاية نيويورك لم يوقف فرانكلين حياته السياسية، ولا طموحاته الرئاسية والتي سبق وأن رسم لها خريطة واضحة منذ زمن دراسته الجامعية. عبر عكازين من الحديد يزنان نحو أربعة عشر باونداً، كان فرانكلين يتحرك في كافة الأرجاء، وقد ظهر ذات مرة في مسرح حديقة ماديسون سكوير، لإعلان خطاب المرشح الرئاسي الديمقراطي آل سميث. وجد فرانكلين حظوة في أعين الأميركيين، وقد وثقوا في مقدرته على مجابهة الأقدار، وعليه فقد قرر أن يجرب حظه حينما طُلب إليه أن يترشح لمنصب حاكم نيويورك على رغم أن “وول ستريت”، كانت تشهد أرباحاً تعود إلى المضاربة غير المنظمة والمحمومة ومن أنه لم يكن يأمل بالفوز. جال روزفلت في الولاية بأكملها وكان يلقي نحو أربعة عشر خطاباً في اليوم، وفي نهاية المطاف ذهب إلى منزله في مانهاتن عشية الانتخابات معتقداً أنه خسر هذه المعركة. في اليوم التالي أفاق على صوت والدته تصرخ من الباب الأمامي، فقد كانت تعيش في المنزل المقابل أنه أصبح الحاكم المنتخب. كانت الأقدار تقف لفرانكلين بالمرصاد، فقد تم تنصيبه حاكماً للولاية الشهيرة في الأول من يناير (كانون الثاني) 1929، إلا أنه لم يكن يتوقع لا انهيار “وول ستريت” في هذه السنة، ولا الكساد الكبير في السنة التالية. لكن رجل العكازين الحديديين، بدا وكأنه رافض للهزيمة في أي موقعة أو معركة، وبدا كأنه يمسك بخشبة خلاص الولايات المتحدة بفضل مزرعته ومركز إعادة التأهيل الموجود في “وورم سبرينغر” في جورجيا. استجاب الحاكم الجديد من مبنى الحكومة في “ألباني” للانهيار الاقتصادي بالطريقة عينها التي اعتمدها عندما كان في وزارة البحرية، أي باستخدام قدرة الحكومة الشرائية ولكن هذه المرة لتحديث الولاية لا الأسطول. أنشأ فرانكلين أول لجنة وطنية لتثبيت معدلات البطالة، وأصبح أول رئيس في الولايات المتحدة يدعم مزايا البطالة، وشدد على إعانة المزارعين وتصميم مشاريع للبطالة. لاحقاً وفي عام 1930، عندما رشح نفسه لولاية ثانية، توجه تسعون في المئة من الناخبين المسجلين إلى صناديق الاقتراع في مدينة نيويورك، ما جعل فرانكلين يحقق أعلى نسبة انتصار انتخابي في تاريخ نيويورك، وكذلك أعاد هذا النصر الغالبية للديمقراطيين في الكونغرس. هل كان هذا الانتصار هو طريق فرانكلين للترشح لرئاسة أميركا في عام 1932؟ أيقن الأميركيون في حقيقة الحال، أن فرانكلين يمكن أن يعبر بالأمة الأميركية إلى مكانة عالية، لا سيما بعد أن اجتاز مع نيويورك أياماً ثقيلة، من خلال أفكار مبتكرة، فلم تتوقف مبادراته على منح القروض للمزارعين، أو إنشاء إدارة مساعدة الأعداد المتزايدة من العاطلين، بل خفض ساعات العمل للنساء والأطفال إلى 48 ساعة أسبوعياً، وقاد حملة لمساندة مشروع عملاق، لاستغلال قوة المياه في نهر “سانت لورانس” لتوليد الطاقة، وقد تم تنفيذ هذا المشروع بالفعل بعد عدة سنوات. روزفلت على عكازين حديديين عام 1924 (موسوعة جورجيا) فرانكلين ومواجهة تبعات الكساد يتساءل الكثير من المحللين السياسيين حتى الساعة: ما الذي يجعل فرانكلين رجلاً متميزاً جداً في أعين الأميركيين؟ المؤكد أنه مع تضاعف أعداد العاطلين من العمل ليصل إلى ثمانية ملايين شخص، ازداد عدد الأشخاص الذين يعيشون على الإعانات الحكومية، ما اضطر فرانكلين إلى طلب انعقاد جلسة استثنائية للمجلس التشريعي لمدينة نيويورك من أجل تخصيص عشرين مليون دولار لتوفير فرص العمل أو إن تعذر ذلك، توفير “الطعام لتلافي المجاعة”. كان الرئيس التاسع والعشرين لأميركا وارن هاردنغ، قد أعلن أن “المساعدة الذاتية المتبادلة”، هي الحل. غير أن هذه المبادئ كانت تضرب فكرة الحكم الذاتي للولايات. في المقابل كان فرانكلين يرى أن واجب المجتمع العصري، ومن خلال حكومته أن يتفادى المجاعة من باب “الواجب الاجتماعي”. في أغسطس (آب) من عام 1931، أنشأ إدارة الإغاثة الطارئة بغية توزيع الأموال الحكومية وضرائب الدخل. وفي خلال السنوات الخمس التالية، ساعدت هذه الإدارة أربعين في المئة من سكان ولاية نيويورك، أي خمسة ملايين شخص وأعادت سبعين في المئة إلى العمل. كان من الواضح والمؤكد أنه ليس فقط سكان نيويورك من آمنوا في قدرات “أف دي آر” الخلاقة، ومقدرته على إدارة البلاد، بل بدا واضحاً أن الرجل باتت له شعبية لدى عموم الديمقراطيين في كافة أرجاء البلاد من أدناها إلى أقصاها، ما سيفتح له الأبواب واسعة لترشيح الحزب الديمقراطي له، ليحقق المرحلة الثالثة من حلمه القديم، أي الوصول إلى الرئاسة الأميركية واعتلاء المقعد الوثير في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض… كيف بلغ فرانكلين هذا المقام؟ الصورة الشهيرة التي جمعت روزفلت مع الزعيم السوفياتي ستالين ورئيس الحكومة البريطانية تشرشل خلال الحرب العالمية الثانية (الموسوعة البريطانية) فوز ساحق على منافسه هوفر لم تكن نجاحات فرانكلين المبهجة لنفوس وعقول النيويوركيين، سبباً في سرور منافسه آل سميث، حاكم نيويورك السابق، الذي كان قد وضع عينه على منصب الرئاسة بدوره. غير أن قيادات الحزب الديمقراطي كانت قد يئست من الهزائم التي منوا بها في الانتخابات الرئاسية منذ عام 1920، وأرادوا شخصاً رابحاً. في المقابل كانت الاستفتاءات قد بينت مبكراً أن فرانكلين هو الوحيد القادر على التفوق على الرئيس هوفر في عام 1932. من ناحية أخرى، تم تفادي إطلاق حملة سفيهة للتقليص من فرص نجاح “أف دي آر”، على أساس أنه غير قادر جسدياً على تحمل أعباء الرئاسة وذلك عبر تأليف لجنة من الأطباء اللامعين الذين حظوا بحرية رؤية الحاكم روزفلت خلال يوم عمل عادي. وأعلن هؤلاء الأطباء أنه “قادر على تحمل أكثر من العديد من الرجال الذين يصغرونه بعشر سنوات”. وحين سئلت زوجته عن رأيها أجابت بكل جدية قائلة: “إن لم يقتله شلل الأطفال فلن تقتله الرئاسة”. ألقى فرانكلين أحد أشهر خطبه في جامعة “أوغليثورب”، في جورجيا في الثاني والعشرين من مايو (أيار) عام 1932، وفيه طرح السؤال التالي: هل سيبقى البلد يرزح تحت نير الجوع والبطالة فيما المواد الأولية غير مستغلة والمصانع متعطلة من العمل؟ في ذلك الخطاب قدم إجابته الشهيرة قائلاً: “يحتاج البلد، بل يتطلب تجربة شجاعة ومتواصلة. جدوا طريقة وجربوها. إن فشلت، اعترفوا بذلك صراحة وانتقلوا إلى طريقة أخرى. المهم هو أن تحاولوا”. كان رد روزفلت على الوضع الوطني الطارئ رداً واسع الخيال وعملياً وغير منحاز وناشطاً، فقد شكل مساهمة منه لتاريخ الديمقراطية في وقت تم اعتماد حلول قاسية في أوروبا والشرق الأقصى. أما بالنسبة إلى الرئيس هربرت هوفر، فقد أخفق إخفاقاً تاماً في حملته الرئاسية لعام 1932، وبالتالي خسر المليونير العصامي ومهندس التعدين السابق أمام فرانكلين روزفلت بفرق سبعة ملايين صوت من أصل أربعين مليون صوت، العدد الذي يعد رقماً قياسياً ويعني وجود غالبية للحزب الديمقراطي في مجلسي الكونغرس. كادت حياة روزفلت أن تنتهي مبكراً جداً وذلك عندما صوب عامل بناء إيطالي الأصل رصاصات مسدسه نحوه وهو يصرخ بأن هناك الكثير من الناس تموت جوعاً، لكن من لطف القدر أن الرصاصات أخطأته، لتكتب له قصة نجاح في الرئاسة الأميركية غير مسبوقة. روزفلت يخاطب الأمة (موسوعة جورجيا) تحذير من الخوف وإصلاحات الداخل في تاريخ فرانكلين روزفلت الطويل لقطات من خطابات يمكنها أن تجمل مسار ومسيرة هذا القيصر المتميز، والوحيد الذي تم انتخابه أربع فترات رئاسية متتالية. في يوم تنصيبه، وقد كانت الهواجس والمخاوف تلف الجمهورية الأميركية عن بكرة أبيها، لا سيما في ضوء زمن الكساد الكبير الذي خلف رعباً بالغاً، في ذلك النهار قال فرانكلين وبثقة لا تتزعزع: “هذه الأمة العظيمة، سوف تنتعش وتزدهر، الشيء الوحيد الذي يجب أن نخافه هو الخوف نفسه”. كانت أولى خطوات برنامجه الإصلاحي، إغلاق البنوك حتى يتمكن الكونغرس من تمرير تشريع يسمح لها بالعمل بشكل سليم، وقال إن الهدف من هذه الخطوة هو إنهاء السياسات التي تهدد بتدمير النظام المصرفي بأكمله. ومن أهم التدابير التي اتخذها خلال المئة يوم الأولى من حكمه كان إقرار قانوني التعديل الزراعي والانتعاش الصناعي، وقام بتوفير برامج للإغاثة والإصلاح ووفر إعانات مالية على المدى القصير للتخفيف من حدة الأزمة، كما وفر أموالاً لملايين الأميركيين العاطلين من العمل، الذين كانوا مهددين بفقدان منازلهم، وكأني به كان يعيد تجربته الناجحة في نيويورك لتشمل جميع أنحاء الجمهورية الأميركية. أدت إجراءات روزفلت إلى درجة محدودة من التعافي أول الأمر، لكنها جددت الأمل للأميركيين للتغلب على الأزمة الاقتصادية، ظهر ذلك جلياً في انتخابات الكونغرس لعام 1934، أي انتخابات التجديد النصفي حيث عزز الديمقراطيون وجودهم. قبل انتهاء فترته الأولى، طلب من الكونغرس في عام 1935 تمرير تشريع إضافي لصفقة جديدة من أهم بنودها قانون الضمان الاجتماعي وقانون “فاغنر”، الخاص بعلاقات العمل الوطني. ترشح فرانكلين عام 1936 مرة ثانية بدعم قوي من المزارعين والعمال والفقراء، وعلى رغم معارضة المحافظين، إلا أنه حقق انتصاراً كبيراً على منافسه الجمهوري آنذاك ألفريد لاندون. وبحلول عام 1937 كان الاقتصاد الأميركي يتعافى بشكل كبير ومؤكد، لكن العالم كان على موعد مع الحرب العالمية الثانية. إنهاء العزلة وخوض الحرب العالمية حتى نهاية أربعينيات القرن المنصرم، كان الكونغرس الأميركي مهيمن عليه من قبل التيارات الانعزالية، أولئك الذين رأوا مبكراً أن الجغرافية قد حصنت الولايات المتحدة بحماية طبيعية في شكل محيطين من الشرق والغرب، ما يغني عن الدخول في معارك تخص العالم القديم. كان هؤلاء يعتقدون أن دخول أميركا الحرب العالمية الأولى خطأ فادحاً، وقد كانوا عازمين على منع بلادهم من الانخراط في الحرب العالمية الوليدة. غير أن رأي فرانكلين كان عكس ذلك، فقد آمن بأن قوة أميركا تتجلى في اندماجها وليس انعزالها، الأمر الذي ستثبت نجاعته لاحقاً. مدد روزفلت الاعتراف الأميركي بالاتحاد السوفياتي، وأطلق سياسة حسن الجوار لتحسين العلاقات مع أميركا اللاتينية، ودعم الاتفاقيات المتبادلة مع الدول الأخرى، لتخفيض الحواجز التجارية. والثابت أنه حين اندلعت الحرب العالمية الثانية في أوروبا في سبتمبر (أيلول) من عام 1939، دعا روزفلت الكونغرس إلى جلسة خاصة لمراجعة سياسة الحياد. عبر عدة مراحل تنطلق من سقوط فرنسا بيد الألمان، وبقاء بريطانيا وحدها في الحرب، بدأ روزفلت دعماً واضحاً عسكرياً ومادياً للحلفاء، لكنه لم يخض الحرب إلا حين قصفت اليابان ميناء “بيرل هاربور” الأميركي، ويومها استبدل روزفلت عنوان “الصفقة الجديدة”، شعار رئاسته الاقتصادي بعنوان آخر “انتصر في الحرب”. كان روزفلت قد تحصل على ثلاث ولايات رئاسية، وفي الوقت الذي انتخب فيه لولاية رابعة كانت الحرب تسير لمصلحة الحلفاء، لكن صحته كانت تتراجع. في 12 أبريل (نيسان) 1945، وقبل سبعة أشهر من نهاية الحرب التي انتصر فيها الحلفاء، توفي روزفلت بسكتة دماغية في منزله بجورجيا. عام 1947 اقترح الكونغرس تشريعاً يحدد الرئاسة بفترتين متتاليتين كل منهما أربع سنوات، وتمت المصادقة عليه في عام 1951. رئيس تجذير الحريات الأربع ولن تكتمل الصورة قبل التوقف أمام الحريات الأربع التي تطلع فرانكلين لأن تكون مرتكزات للعالم الجديد الذي كان يحلم به، لا لأميركا فحسب، بل للعالم برمته. الأولى: حرية الخطاب والتعبير في كل مكان في العالم. الثانية: حرية كل شخص في عبادة الرب بطريقته في كل مكان بالعالم. الثالثة: التحرر من العوز، ما يعني تأمين حياة سالكة لسكان جميع الدول في كل مكان بالعالم. الرابعة: التحرر من الخوف، ما يعني خفض كمية الأسلحة لدرجة تمنع أي دولة من شن عدوان على جارتها في كل مكان بالعالم. كان فرانكلين يؤمن وبقوة: “أن الحرية تعني سيادة حقوق الإنسان في كل مكان”، مؤكداً على أن “دعم الولايات المتحدة يذهب لأولئك الذين يكافحون من أجل اكتساب هذه الحقوق والاحتفاظ بها. قوتنا تكمن في وحدة غايتنا”. المزيد عن: قياصرة أميركافرانكلين روزفلتولاية نيويوركنهر هدسونأزمة الكسادالحرب العالمية الأولىالحرب العالمية الثانيةإنهاء عزلة أميركاالحريات الأربع 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حشرات صغيرة قد تحمل سر علاج أورام المخ next post حرب القرم أولى الحروب الدينية العالمية الكبرى You may also like من مول استهداف ملحق سفارة أميركا لدى بيروت... 17 نوفمبر، 2024 مرافق سفير بريطانيا لدى لبنان أنقذ الأميركيين من... 15 نوفمبر، 2024 بغداد: قصة مدينة عربية بُنيت لتكون عاصمة إمبراطورية... 15 نوفمبر، 2024 “إسرائيل الكبرى”… حلم صيف يميني أم مشروع حقيقي؟ 12 نوفمبر، 2024 الشرق الأوسط الكبير حلم أم كابوس؟ 7 نوفمبر، 2024 “في رحيل زاهر الغافري” ملف جديد من مجلة... 3 نوفمبر، 2024 محمد أبي سمرا يكتب عن: سحر عالم “حزب... 2 نوفمبر، 2024 محمد أبي سمرا يكتب عن: وقائع محو أثر... 1 نوفمبر، 2024 محمد أبي سمرا يكتب عن: الضاحية قبل “حزب... 1 نوفمبر، 2024 محمد أبي سمرا يكتب عن: “ساحل النصارى” قبل... 31 أكتوبر، 2024