السبت, نوفمبر 16, 2024
السبت, نوفمبر 16, 2024
Home » فاروق يوسف يكتب عن: زمن العراقيين المشكوك بجماله

فاروق يوسف يكتب عن: زمن العراقيين المشكوك بجماله

by admin

 

يستذكر العراقيون تاريخهم المليء بالعنف دون محاولة للرد على أسئلته.

The Middle East Onlineفاروق يوسف

يميل العراقيون بطبعهم إلى التغني بالماضي الجميل. وهو زمن لم يعشه الكثيرون منهم كي يتحققوا من جماله. وهم في ذلك يختلفون.

البعض منهم يعتبر العهد الملكي زمنا جميلا. لو بقي العراق ملكيا لما انتهى إلى ما هو عليه الآن، مستقبله غامض وشعبه غائب أو مغيب وثرواته منهوبة.

يقول ذلك البعض “العراق كان فقيرا حقا. غير أنه كان دولة لم تتمكن منها الأحزاب ولم يقتتل أبناؤه لأسباب حزبية وجهوية وأخيرا طائفية. كان بلدا راضيا بقسمته، مرضيا عليه”. تلك وجهة نظر لم تحسب للفقر والجهل حسابا.

لكن المتحمسين لما حدث يوم الرابع عشر من تموز 1958 الذي مرت ذكراه صامتة قبل أيام يقولون ولهاً بحب الزعيم عبدالكريم قاسم “إن بلدهم لم يعرف الاستقلال والسيادة وشعبهم لم يتعرف على الحرية والكرامة إلا بعد ثورة تموز”. وهو رأي يجازف بنسيان ما حدث بعد ذلك من مجازر، لا تزال مستمرة حتى اليوم.

لا أرغب هنا في أن أدخل طرفا في جدل، لا اعتقد أن له قيمة في صناعة المستقبل بقدر ما هو استجابة لميل العراقيين إلى التناحر رغبة منهم في تمجيد الماضي من غير مراجعته والبحث عن إجابات على أسئلته الشائكة.

ولأني صرت بحكم التجربة الشخصية على يقين من أن القسوة هي واحدة من أهم خصائص الشخصية العراقية عبر التاريخ فقد كان هناك سؤال يلح علي هو “لماذا لم يباشر العراقيون إحياء حفلاتهم الدموية خلال العهد الملكي فيما ارتبطت عربداتهم بالعهد الجمهوري؟”

هناك حقيقة تاريخية تشكل عصب الجواب على ذلك السؤال وهي إن العائلة الملكية لم تكن عراقية فهي استقدمت من الجزيرة العربية كما أن النخب السياسية العراقية التي أحاطتها وشكلت حكوماتها كانت تتألف من عراقيين تربوا على احترام القانون والنظام والدولة. كانوا أولاد عوائل محترمة حرصوا على احترام سمعة عوائلهم.

سيُقال “ذلك تعامل تبسيطي مع ظاهرة الاستعمار”.

ولكن الاستعمار هو الذي أقام دولة العراق الحديثة بحدودها السياسية المعترف بها دوليا. لم يعرف العراقيون الكهرباء إلا عام 1917 وهو العام الذي انتهت فيه الحرب العالمية الأولى التي كان سقوط السلطنة العثمانية واحدا من أهم منجزاتها. حينها انتهت ظلمة خمسة قرون.

وبالرغم من أن العراقيين قاوموا الاستعمار البريطاني وشهدت المرحلة الملكية عددا من المحاولات الانقلابية التي فشلت وتم القبض على منفذيها غير أن كل ذلك لم يفتح للعنف باباً ولم يسمح للفوضى بخلخلة الحياة المدنية المستقرة.

بعد سقوط النظام الملكي انفتح الباب لحملة السلاح الذين كانت لديهم شروطهم لإقامة نظام جمهوري وكان من أهم تلك الشروط أن يقيموا أعراسا دموية. كانت تلك الأعراس مؤجلة بسبب وجود نظام يقوده اشخاص لم يكونوا دمويين ولم يجر العنف في عروقهم. مع عبد الكريم قاسم الذي يعتبره البعض نصيرا للفقراء بدأت دورة العنف.

حين تمكن العراقيون من حكم أنفسهم بأنفسهم برزت ظاهرة العنف التي لم تكن في حاجة إلى أسباب لتفسيرها. فبقدر ما يكون العراقي عاطفيا حين يرضى بقدر ما يكون عنيفا حين يغضب. ولقد لعبت الأحزاب دورا خطيرا في صنع المزاج العراقي الغاضب الذي لم يكن يتحمل أي نوع من الدعابة. لقد تذابح العراقيون ما أن تُركوا لأنفسهم.

حين قام البعثيون بانقلابهم عام 1968 أطلقوا على انقلابهم تسمية “الثورة البيضاء”. بمعنى أنها ثورة من غير دم. غير أن ذلك لم يكن يعبر عن الحقيقة.

مرت بضع سنوات في هدوء ورخاء نسبيين وهي جزء من سبعينات القرن العشرين يعتبره الكثيرون زمنا جميلا لكن ما يتم تناسيه من أجل أن يكون ذلك الزمن جميلا أن الانقلاب البعثي بدأ بواحدة من أبشع حفلات القتل العلني، يوم تم تنفيذ أحكام الشنق بعدد من اليهود الذين أتهموا بالتجسس في ساحة التحرير ببغداد أمام أنظار الجمهور.

يتأسف البعض اليوم لأن زعماء الانقلاب الجمهوري أمروا بقتل الملك الشاب وعائلته من غير أن يمر ذلك البعض بالمجازر التي ارتكبها الشيوعيون في الموصل وكركوك والتي كانت تحفيزا للمجزرة الكبرى التي راحوا ضحيتها حين استولى أعداؤهم البعثيون على الحكم عام 1963.

في العهد الملكي كانت هناك خصومات سياسية لا تصل إلى مرحلة التصفية الجسدية. أما في العهد الجمهوري وقد صار العراقيون سادة أنفسهم فقد تحولت الخلافات العقائدية إلى سبب لإستدعاء العنف المترسب في الشخصية العراقية. لقد ذبح العراقيون بعضهم البعض الآخر بالتناوب من غير رحمة كما لو أنهم يفعلون ما هو ضروري لكي يؤكدوا عراقيتهم التي عُجنت بالقسوة.

كان طارق عزيز وهو سياسي ودبلوماسي محنك وشديد الالتزام ببعثيته وهو ما يعني عراقيا أنه لا يؤمن بالديمقراطية ولا بالتعددية الحزبية وكان من أنصار الشرعية الثورية. غير أنه حين سُئل في آخر حياته عن أهم صفة كان صدام حسين يتميز بها وهو صديقه قال “كان عنيفا”.

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00