المنطقة الخضراء رمز انعدام السيادة بأقلامهم فاروق يوسف يكتب عن: العراق جمهورية موز وإن لم يزرعه by admin 23 يوليو، 2024 written by admin 23 يوليو، 2024 148 في بلد تتحرك فيه الشركات الأمنية بكل حرية وبشروط تضمن سلامة أفرادها وعدم تعرضهم للعقاب لابد أن يتذكر المرء جمهوريات الموز في أميركا اللاتينية. The Middle East Online / فاروق يوسف ليس في العودة إلى حقيقة إن العراق بلد مخترق عموديا وأفقيا من جديد إلا على من جهة التذكير بأن الكلام عن السيادة الوطنية في العراق هو نوع الهزل. تملك منظومة الحكم حرية إدارة الدولة داخليا وذلك من أجل أن لا تتوقف عجلة الحياة العادية ولكنها لا تملك القدرة على اتخاذ قرارات سياسية أو اقتصادية أو حتى من ذلك النوع الذي يُخرج العراق من العلبة الأميركية. عبر أكثر من عشرين سنة شهد العراق فيها قيام حكومات عديدة لم تخرج حكومة واحدة منها عن دائرة الممنوعات. لا خدمات إلا في الحد الأدنى. لا أعمار حقيقي للبنية التحتية المنهارة. لا جهد مرئي في مجال تطوير قطاعي الصحة والتعليم. لا زراعة إلا في الحدود الدنيا ولا صناعة بشكل مطلق. ما دمرته الحروب سيظل ماثلا كما لو أن الحرب لم تنته بعد. وليست الميليشيات التي صارت تمسك بقرني الدولة إلا نوعا من التذكير بأن الحرب ممكنة في أية لحظة ولأتفه الأسباب. هناك حرب مقيمة في أعماق كل عراقي. ذلك هو المطلوب من أجل أن تحظى المقاومة الإسلامية وهي اختراع إيراني بقبول شعبي. كل ذلك يمكن تفهمه في ظل الحقائق التي فرضها الاحتلال الأميركي الذي استعان بالخبرة الإيرانية في فرض خرائطه على الأرض. وهنا تنبغي الإشارة إلى أن الأميركان من غير الخبرة الإيرانية ما كانت لهم القدرة على إفراغ الروح العراقية من محتواها المتمرد ولما تحققت لهم صورة العراق الضعيف التي يرغبون في الوصول إليها. عداء أنصار إيران للأميركان هو واحدة من أكبر الأكاذيب التي يتم الترويج لها. المقاومة الإسلامية التي تدعو إلى خروج القوات الأميركية من الأراضي العراقية هي كذبة في ظل وجود أكثر من خمسين شركة أمنية تعمل في العراق وبموافقة الحكومة العراقية. تعمل تلك الشركات الأمنية بالشروط الأميركية فهي معفية من كل جرائمها. يتذكر العراقيون شركة بلاك ووتر بجرائمها البشعة ولكنهم قد لا يعرفون أن تلك الشركة كانت قد عادت إلى العراق من خلال شركات تحمل أسماء مختلفة. ولكن ما الذي تفعله تلك الشركات في العراق؟ إنها تقوم بحماية كبار الشخصيات والسفارات وشركات النفط. ولكن هل تعجز الدولة العراقية عن القيام بذلك وهي تملك أكثر من مليوني منتسب في القوات المسلحة موزعين بين الجيش والأمن إضافة إلى الميليشيات التي هي عبارة عن شركات أمنية تابعة للحرس الثوري الإيراني؟ سؤال من ذلك النوع لا محل له في الجدل. وليس هناك من طرف في العراق يتوجه بذلك السؤال. كما أنه ليست هناك جهة في إمكانها الإجابة عليه. حقيقة أن العراق تم اختراقه وصار ملعبا لأجهزة المخابرات العالمية هي الخيط الوحيد الذي يمكن الإمساك به من غير أن يؤدي ذلك إلى الإطلاع على التفاصيل. ولكن ما معنى التفاصيل وقد صار ممكنا لأعضاء في مجلس النواب العراقي زيارة إسرائيل من غير أن يُعاقبوا بموجب القانون. قبل ذلك يمكن القول وبيقين كامل إن كل الأحزاب التي تحكم العراق الإن سبق لها بطريقة أو بأخرى وأن ارتبطت بأجهزة استخبارات عالمية وإقليمية. لقد سبق لأياد علاوي أن اعترف بأن الاستخبارات البريطانية كانت تمول حركته. في دولة العراق الجديد صار السؤال الوطني مستبعدا. بل أن هناك من يسخر من “الوطنية” كونها من وجهة نظره تنتمي إلى عالم صدام حسين ويُتهم من ينادي بها بالحنين إلى الماضي. في الوقت نفسه لم يعد زعماء الأحزاب والميليشيات يشعرون أنهم في مأمن من نشاط تلك الشركات الاستخباري ولكنهم لا يملكون القدرة على الاعتراض فهم مجرد أدوات، يخشون أن تقترب الساعة التي سيكونون فيها غير صالحين للاستعمال. في بلد تتحرك فيه الشركات الأمنية بكل حرية وبشروط تضمن سلامة أفرادها وعدم تعرضهم للعقاب لابد أن يتذكر المرء جمهوريات الموز في أميركا اللاتينية. تتوجه المقاومة الإسلامية ببطولاتها إلى القواعد الأميركية في الوقت الذي تملك فيه الشركات الامنية القدرة على الانقلاب على النظام السياسي مثلما حدث سابقا في أفريقيا. بهذا المعنى يمكن القول أن العراق بعد أن فقد سيادته الوطنية وصارت حكوماته مجرد واجهات هو بلد يقع على بركان. وما من حل له لكي يرى مستقبله سوى العودة إلى إرادة شعبه. لن يتحرر العراق إلا بإرادة شعبية مستقلة. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post كواليس الساعات الأخيرة التي سبقت انسحاب بايدن next post ساغان ووجودية الفكر وشعبية التعبير You may also like حازم صاغية يكتب عن: لكنّها الطائفيّة… أليس كذلك؟ 29 ديسمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: علاقات بشار التي... 29 ديسمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة 27 ديسمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: ما الذي تريده إسرائيل... 27 ديسمبر، 2024 أساف أوريون يكتب عن: تقارب “محورين” في إيران 27 ديسمبر، 2024 Washington institute : هل تستطيع إيران استعادة قوتها... 27 ديسمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: حافظ وليس بشار 26 ديسمبر، 2024 بيل ترو تكتب عن: تفاصيل أسبوع استثنائي في... 26 ديسمبر، 2024 ندى أندراوس تكتب عن: هوكشتاين وإنجاز الرئاسة بعد... 25 ديسمبر، 2024 يوسف بزي يكتب عن: العودة إلى دمشق.. المدينة... 25 ديسمبر، 2024