ثقافة و فنونعربي عقل العويط يكتب عن “نشيد الأنوثة” للكاتب والقاصّ والشاعر جهاد الزين: تبجيل المصدر by admin 9 مايو، 2022 written by admin 9 مايو، 2022 36 رمزيّات الطقوس، العادات، التقاليد، أحوال الجوع والفقر والتعاسة البشريّة، وإسقاطاتها، تشير إلى الخصوصيّة الروائيّة المدقِّقة (الريبورتاجيّة) التي تحضر بقوّة في أكثر من “قصّة”. “النهار” اللبنانية \ عقل العويط تبجيل الأنوثة، امرأةً وحياةً، وتبجيلها أدبًا، نثرًا وشعرًا وقصًة ونصًّا، وإنْ كتبه رجلٌ في الغالب الأعمّ، هو تبجيلٌ للوجود، للمصدر، مصدر الوجود، وتبجيلٌ للغة. وأقول إنّه تأنيث. تأنيثٌ نبيلٌ للرجولة. وأيّ تأنيثٍ، وأيّ رجولة. كتاب “#نشيد الأنوثة” للزميل الكاتب والشاعر والصحافيّ #جهاد الزين صادرًا للتوّ لدى “دار نلسن”، أزعم أنّه يطلب لنفسه الإقامة هنا، تحت سقف هذا التأويل المفتوح، تحت سقف هذه الأنوثة، في رحابها، وهي امرأةٌ سمحاء، ولغةٌ سمحاء، وسماءٌ مشرّعةٌ على خلطة غرائبيّاتها السحريّة وواقعيّاتها الواثقة والجريئة. يقترح الكتاب أنّه قصصٌ قصيرة، بعد أنْ يعلن أنّه نشيد. هل من عجبٍ في أنْ يكون كذلك؟ ولِمَ لا يكون النشيد شعرًا، وقصّةً، واقعيّةً أكانت هذه القصّة أم افتراضيّة وغرائبيّة؟ إذ ليس للنشيد ولا للقصّة أنْ يُقَنَّنا، ويوضَعا في قوامٍ مسبقٍ مختوم، وفي جسمٍ مرسومٍ سلفًا. ترى، أليس كلّ ما يُكتَب هو في بابٍ من أبوابه، قصّة؟ ليست المرّة الأولى يسافر جهاد الزين في عالمٍ أدبيٍّ غرائبيّ، قد يكون في منتهى الواقعيّة. كأنْ يمنح “بطله” عصمت عمرًا (270 سنة) يقترب من أعمار الرائين والأنبياء المعمّرين في الكتب القديمة. أو كأنْ يروي أحداثًا ووقائع وحكايات لا تخالط قارئَها أيُّ شكوكٍ في كونها حقيقيّة. هو سبق له أن “ارتكب” غرائبيّاتٍ جمّة في كتبٍ سابقة، وجعلها تنخرط انخراطًا سلسًا في سياقاتٍ موضوعيّةٍ معقولة. فلا غرابة. وما دامت القصّة سَفَرًا، فالكاتب يسافر مع “بطله” (أو بطله يسافر معه) إلى الصين، إلى الهند، إلى روسيا، إلى الولايات المتحدة، إلى مصر، وسواها، ويجعله (مَن يجعل مَن؟!) يسجّل مشاهداتٍ، ويعيش لحظاتٍ، ويواجه أخطارًا ومغامراتٍ، وينسج علاقاتٍ، إنْ دلّتْ على شيء فإنّما تدلّ على أشياء متعدّدة، منها ما قد يتّصل بمرويّاتٍ ولحظاتِ عيشٍ، وعلاقاتٍ عابرة، وبصماتٍ ورعشاتٍ لا تزول ولا تُمحى، تندرج في باب السيرة الذاتيّة. ومنها ما يومئ تأكيدًا إلى رحابة الثقافات التي يراكمها المؤلّف في شخصه وحياته وتجربته وكتاباته. رمزيّات الطقوس، العادات، التقاليد، أحوال الجوع والفقر والتعاسة البشريّة، وإسقاطاتها، تشير إلى الخصوصيّة الروائيّة المدقِّقة (الريبورتاجيّة) التي تحضر بقوّة في أكثر من “قصّة”. إلّا أنّ الالتفات إلى “المصدر” (وأيّ مصدر؟!) يمثّل قدس الأقداس، و”نشيد الإنشاد” في الكتاب، وهو التبجيل الأقصى للأنوثة، ونشيدها الميمون، وعرسها الطيّب، وخمرها المعتّق، وسرّها المفتوح على الأسرار، وصفًا مدقِّقًا ممزوجًا بالشغف والشبق واللذّة والنشوة والوهج والتوهّج والأناقة واللياقة والدماثة والخفر والجنس، وهلمّ. يُشعِرني الالتفات إلى هذا “المصدر” الخلّاق، أنّ الكاتب (أو الراوي أو البطل) كأنّه أراد أنْ يقول ما لم يقله سابقًا في هذا الصدد، فوضع فيه عصارة ما ينبغي لكلّ “مؤمن” أنْ يضعه في مصدره المفضّل. ويسعني أنْ أستطرد فأقول إنّه شهادةٌ في الحبّ (الإيروتيكيّ أيضًا وخصوصًا) الذي لا يتوانى الكتاب عن تعزيزه وتكريمه وإحاطته بما يجعله حبًّا مطلقًا وشهادةً فيه هي من كائنٍ “متعدّد الأعمار القصيرة”. وعندما يطلق الكاتب العنان للمخاطبة الأنثويّة، فلن يتأخّر القارئ في استخلاص ما يُراد من ذلك، إعرابًا عمّا يكنّه (شخص جهاد الزين) للمرأة، لامرأةٍ محدّدة واحدة (لكِ) من عرفان. إنّه هذا “الرجل المحظوظ” الذي “بفضلكِ أنتِ”، “أولد معكِ كلّ يوم، وأعيش كلّ يوم”. من الجميل أنْ تسيطر على عصمت فكرة أنّه مخطوطة، وأنّه مسوّدة مخطوطة. ليس بسبب العمر السحيق، وإنّما بسبب كون الانسان يشعر بأنّه يبقى ناقصًا رغم عيشه عمره كلّه. وإنّها للقطةٌ شعريّةٌ ممتازة في الكتاب قوله: “سيدفنون مخطوطةً حين يموت”. akl.awit@annahar.com.lb 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post من بكتيريا التربة.. علماء يطورون طريقة “ثورية” لعلاج السرطان next post إسرائيل تبلغ حلفاءها بإعداد فرق لاغتيال قادة حماس في الخارج You may also like أعمال والت ويتمان الكاملة عربها عابد إسماعيل مع... 30 يناير، 2025 كاهن من كابول يطمح في أن يكون البابا... 30 يناير، 2025 “ما وراء التلال” فيلم روماني عن المنافس الوحيد... 30 يناير، 2025 التلوث يغرق العالم في “البخارة” والممثلون يبحثون عن... 30 يناير، 2025 ظاهرة الزواج العصري المأزوم في مقاربة فلسفية 30 يناير، 2025 “موجز تاريخ الأدب البولندي” يرصد محطات الشيوعية وما... 30 يناير، 2025 فيلم “الخرطوم”: توثيق إرث ضائع وسط لهيب الحرب 30 يناير، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: أفاعي موقع مسافي في... 28 يناير، 2025 جماليات التجريد الغنائي في لوحات جنان الخليل 28 يناير، 2025 قضايا الحرية والهوية والاغتراب تشغل 5 مجموعات قصصية 28 يناير، 2025