بأقلامهمعربي عبد الرَّحمن بسيسو قَبْوٌ وَقُبَّة (9/2) by admin 21 أكتوبر، 2019 written by admin 21 أكتوبر، 2019 109 “الْعَربُ يَقْبَعُونَ فِي دَيَامِيْسِ أَقْبِيَةٍ مُعْتِمَةٍ بِلَا قَرارْ، وَعَلى مُثَقَّفِيهِم الْحَقِيقِيِّينَ، الْمنتْتَمِينَ الأَوْفِيَاءْ، وَاجِبُ جَعْلِهَا قِبَابَاً مُنِيْرة” (9/2) لَا شَيءَ قَبْلَ الْمعْرِفَة “الْمَعْرِفَة الْإِنْسَانِيَّة فِي تَحَوُّلٍ دَائِمٍ يُصَوِّبُ الْأَخْطَاءَ وَيُحَفِّزُ مُتَابَعَة الخَطْوِ. وَلَا يَنْجُمُ هَذَا التَّحَوُّل عَنِ التَّرَاكُمِ الْمَعْرِفِي وَمَا يُفْضِي إِلَيْهِ مِنْ تَحَوُّلَاتٍ نَوْعِيَّةٍ تُعَزِّزُ المُدْركاتِ، أَوْ تُعَدِّلُهَا، أَوْ تَسْتَبْدِلَهَا، أَوْ تَنقُضَها وتَنْفيها، فَحَسبً، وإنَّما يَنْجُمُ كّذلكَ، وَعَلى نَحْوٍ عَمِيقٍ، عَمَّا يَستَوجِبُهُ انْبِثَاقُ كَشْفٍ مَعْرِفِيٍّ جَدِيْدٍ ذِي طبيعةٍ مُؤَصَّلةٍ: عَقْلِيَّاً ومَنطِقِيَّاً، مِنْ إطْلَاقِ حَفْرِيَّاتٍ مَعْرفِيَّةٍ، عَميقةٍ وَمُمْتَدَّةٍ، ومُتَنَوِّعةِ الْحُقُولِ وَالْمَجَالاتِ، وَمِنْ إجْرَاءِ تَغييراتٍ مَنْهَجِيَّةٍ، وَإِحْدَاثِ تَحَوُّلَاتٍ مَعْرِفيَّةٍ حَاسِمَةْ.” تَأْسِيْسَاً عَلَى النَّظْرةِ الْأَرْوَاحِيَّةِ الكُلِّيَّةِ الحَاكِمَةِ عَلَاقَةَ “الإنْسَانِ” بَالْكَونِ، وَالَّتي هي بَدْءُ بَدَاءاتِ “الْمَعْرفَةِ الْعَامِيَّة”، تِلْكَ المُمْتَدَّة، بِحَسبْ أُوْغِسْتَه كُوُمْت، مِنْ بِدْءِ الأزمنةِ الْمَعْرِفيَّة حتَّى القَرنِ الثَّامنِ عَشَرْ الْمِيْلَادِي، يَبْدُو أَنَّ “الْكَائنَ” الَّذي ظَلَّ مُنْتَمِيَاً إِلَى الْمَمْلَكةِ الْحَيَوانِيَّة على مَدى مَراحلَ وأَطوارَ عَدِيْدَةٍ، ومُتَعَاقِبَةٍ، مِنْ أزْمنَةِ هَذِهِ “الْمُعْرِفَةِ الْعَامِيَّة”، أَو حَتَّى “الْمَعرِفَةِ الْجَاهِلة”، إِنَّمَا كَانَ مُنْخَرِطاً فِي الطَّبِيعَةِ الَّتي رَأَى نَفْسَهُ جُزْاءَاً لَا يَتَجَزّأُ مِنْها، وَمُنْتَمِيَاً إِلَى الْمَمْلَكَةِ الْحَيَوانِيَّةِ الَّتِي مَايَزَهُ انْتِمَاؤهُ إِلَيْهَا عَمَّا كَانَ قَدْ رَآهُ، بِأُمِّ عَيْنِه: مِنْ كُمُونِ حَيَويَّةِ النَّبَاتَاتِ وثَبَاتِ جُذُوْرِهَا؛ أيْ أَقْدَامِهَا الرَّاسِخَةِ فِي الْأَرْضِ والَّتي تَنْموَ وَلَكِنَّهَا لَا تَتَحَرَّكُ كَي لَا تَذهّبَ بَعِيدَاً عَنْ مَدَارِ مَنْبَتِهَا أَبَدَاً؛ وَمِنْ جُمُودِ الْحَجِرْ وَغَيرهِ مِنَ الأَشْياءِ والْمَوجُوداتِ الَّتي بَدَتْ لَهُ صَلْدَاءَ جَوَامِدَ! أَيْ مَا قَدْ “فَكَّرَ فِيْهِ إِذْ رآه بعينيه” مِنَ الْكَائناتِ الْحيَّةَ، وَمِنَ الْأَشْيَاءَ، الْمَنْتَمِي أُوَّلُهُمَا إِلَى مَمَلَكَةِ “النَّبَات”، وثَانيْهُمَا إلى عَالَم “الْجَمَادِ”، وِفْقَ التَّصْنِيفِ الآخِّذِ بالْمُقْتَرَحِ الْأَرِسْطِيِّ الْقَدِيمْ الَّذي تَجَاوَزَه الْعَلِمُ الْحَدِيثُ، فِيما أَحَالَتْهُ الْمَعْرِفَةُ الْعِلْميَّةُ المُعَاصِرَةُ، وَالْمُتَنَامِيَةُ بِتَسَارُعٍ لَافِتٍ، إلى “مِتْحَفِ الْعَادِيَّاتِ” لِيَسْتَقِرَّ عَلَى رَفٍّ يَخُصُّ “التَّصْنِيفَاتِ وَالنَّظُمَ الإيكُولوجيَّة (الْبِيئِيَّة الْحَيَويَّة/عِلْم التّبَيُّؤ الْحَيَوي) الْعَتِيقَةِ”، مُتِيْحَاً لِلْأَغْبِرَةِ أَنْ تَترَاكَمَ، بِاطْمِئْنَانٍ وُثُوقيٍّ، عَلَيهْ! هَكَذَا حُفِّزَتْ جَمِيْع مِيْزَاتِ الْإِنْسَانِ، وَحَوَاسِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْخَفِيَّة، وَقُدِرَاتِهِ الْعَقْلِيَّة، وَطَاقَاتِهِ الرُّوحِيَّةِ، وَالْحَدْسِيَّةِ، وَالتَّخَيُّلِيّةِ، وَشَتَّى قُواهُ وَمَلَكَاتِهِ، لِدَفْعِه للانْخِرَاطِ فِي فِعْلٍ إنْسانيٍّ مُتَكامِلٍ؛ مُنْتِجِ وَخَلَّاقِ، فَهَبَطَ لِيَصْعَدَ، وَتَسَلَّقَ السَّوَامِقَ لِيَهبِطْ، وَجَلَسَ لِيستريحَ، وآستراحَ ليتهيَّأَ لِوُقُوفٍ جَدِيدٍ، وَلِمُتَابعةِ نُهُوضٍ، وَخَطْوٍ، وَرَكْضٍ، وتَحْليقٍ، بِقَصْدِ اجتيازٍ أَحْيازٍ، وَعُبُورِ مَدَاراتٍ، وتأمُّلِ أُروضٍ وسَماواتٍ، وفَتْحِ مَنَافِذَ وُجودٍ وآفاق! وهَكذا كَانَ للإنْسَانِ السَّاعي إلى إدراكِ جَوْهِر إِنْسَانِيَّتِهِ أَنْ يَطْعَمَ وَيَشْرَبْ، وَأنْ يَسْتَنْشِقَ وَيَشْتَمَّ، وَأنْ يُبْصَرَ وَيَرى، وَأنْ يَسْمَعَ وَيُصْغِى، وَأنْ يُهَمْهِمَ وَيَصْرُخَ! ثُمَّ كَانَ لَهُ، بِأَمْرِ عَقْلِهِ، أَنْ يُحَفِّزَ لِسَانَهُ عَلَى النُّطْقِ وإطْلاقِ الْكلامِ، فَحَاكَى أَصْواتَ مُكَوِّناتِ الطَّبِيْعَةِ ونَبَرَاتِها، مُصْغِياً لِغَنْغاتِها، وَغَمْغَمَاتها، وَصُدَاحِهَا وَصِيَاحِهَا، وَصَخَبِ صَريخِهَا، وَجلَبةِ ضَجِيْجِهَا، ومُلْتَقِطَاً هَمْهَمَاتِ كَائِنَاتِهَا الْعَدِيدَةِ، وهَمَسَاتِها، وَتَاَوُّهَاتِهَا، وَبَشائِرَ بَشَاشَتِها، وَهُتَافَاتِهَا، وهيَ الكائناتُ الْمُنتَمِيَةِ، مِثْلَهُ، إِلَى مَمَلَكَةِ الْحَيَاةِ، والَّتي يُسَاكِنُهَا، أَوْ يَقْطُنُ فِي جِوارِهَا، أَوْ يَخْطُو بِمَوازاتِها، أَو يَتعَقَّبُ خَطْوَهَا، فِي كِلّ حَيّزٍ أَرْضِيٍّ شَغَلَهُ، أَوْ جَاسَ فِيْهِ، مُنْشَغِلَاً بِالسَّعيِّ إلى مَعرِفَتهِ لإحْسَانِ نَسْجِ عَلاقةٍ مَعَهُ بِوصْفِه آخَرَهُ! وَهَكذا كَانَ لِلْإنْسَانِ السَّاعِي أَنْ يَعْثرَ عَلَى مَا قَدِ ارْتَجاهُ أَوَّل مَا ارْتَجَى، فَسَارع إِلَى مَدِّ يَدِهِ لِقَطْفِ ثَمَرَةِ يَانِعَةٍ جَاذِبَةٍ تَتَدَلَّى مِنْ غُصْنِ شَجَرةٍ، إِذْ بَدَا لَهُ أنَّهَا ثَمرَةٌ تُنَادِيِهِ، وَتَدْعُوهُ، مُقَدِّمَةً نَفْسَها إِلَيْهِ لِسَدِّ رَمَقِهِ، وَإشْبَاعِ جُوْعِهِ، فَأَحَسَّ مَلْمَسَ قِشْرَتَهَا إِذْ لَامَسَتْهَا كَفُّهُ الَّتِي كَيَّفَتَ، بِأَمْرِ الْعقْلِ، خَمَاسِيَّةَ أَصَابِعَهَا لِتُحْسَنَ الْتِقَاطَ الثَمَرةِ، ورَفْعَهَا إِلَى الْفَمِ المُتَلَهِّف عَنْ حَاجَةٍ والْمُنتَظِرِ عَلَى تَوْقٍ؛ فَلَمَا قَضَمَهَا، وَمَضَغَتْهَا أَسْنَانُهُ، لَامَسَتْ عُصَارَتُهَا لِسَانُهُ فَتَذَوَّقَ طَعْمَهَا وَمَيَّزَهُ، وَآنْسَرَبَ فُتَاتُهَا وعَصِيرُ مَائِهَا مُتَمازِجَينِ مَعْ ريقِ فَمِهِ إِلَى جَوْفِهِ، فَاسْتَعَادَ بَعْضَ طَاقَتِهِ الَّتِي جَفَّفَهَا عَطَشٌ، أَوْ عَضَّهَا جَوعٌ، فَأَنْهَكَاهَا وَاسَتَنْفَدَاهَا، فَأَثْقَلَاهُ وَأَوْهَنَاهُ، وَشَعَرَ بِقَدْرٍ مِنَ الْحَيَويَّةِ، وَالرِّضَى، وبتَوقُّدِ مَهَاراتِ الْخِفَّةِ فِي وَشَائجِ رُوحِهِ وخَلَايَا جَسَدهِ، فَرَاحَ يَرْكُضُ، وَيُنَاوِرُ، إِذْ شَرَعَ يُطَارِدُ فَرِيْسَةً صَارَ وَاثقاً مِنْ أنَّه سيَتَمَكَّنَ مِنَ اصْطَيادِهِا إِنْ هُوَ قَدْ أحْسَنَ تَوظيفِ مَا كانَ قدْ عَثَرَ عَلَيْهِ، أَوْ ابْتَكَرهُ، مِنْ وَسَائِلَ وَأَدَوَاتِ كانتِ الْحَاجَةُ قَدْ دَفَعَتهُ إِلَى التَّفْتِيشِ عَنْهَا، أَو ابْتِكَارِهَا، لِتَكُونَ هَذِهِ الْفَريسَةُ الْمُطَاردةُ المُرَشَّحَةُ للاصْطِيَادِ، أَوْ بَعْضٌ مِنْها، وَجْبَةَ طَعَامٍ سَيَكونُ لَهَا أَنْ تُشْبِعُ جُوْعَاً سَيَأْتِي، بِلَا رَيبٍ، بَعْدَ حِينٍ. وَهَكَذَا كَانَ لِخَوضِ التَّجَارِبِ الْمُحَفَّزَةِ بِمَواجَهَةِ الضَّرُورَاتِ وَإِشْبَاعِ الحَاجَاتِ، أَنْ يُضِيءَ حَاجَةِ الْكَائنِ الْحَيَوانيِّ البَشَريٍّ الْحَيِّ إِلَى الْمَعْرِفَة، سَواءٌ أَكانَتْ إضاءةُ هَذِهِ الْحَاجَةِ، الْمَاسَّةِ وَالْملْحَاحَةِ وَاللَّازِبَة، إلى الْمَعْرِفَةِ، قَدْ تَرافَقتْ مَعْ وعيٍّ الْكَائِنِ الْبَشَريِّ بِوُجُودِهَا عَبْرَ تَعَقُّلِها، أَوْ اكْتَفَتْ بِأَنْ تَتَجَلَّى فِي إِحْسَاسٍ غَامِرٍ يَمْلأُ كَيَانَهُ غَيرَ أنَّهُ لَمْ يَكُن قَدْ تعَقَّلهُ، بَعْدُ، لِيَعِيهْ. وَمَا نَبْعُ هَذَا الإِحْسَاسِ، فِيْمَا أَحْسَبُ، إِلَّا مَا اكْتَنَزَتْهُ ذَاكِرةُ حَواسِّ هَذَا الْكَائِنِ مِنْ خُلاصَاتٍ مَعْرِفيَّةٍ أَسْفَرتْ عَنْهَا التَّجَارِبِ العَمَلِيَّةِ الْحَيَوَيَّة الَّتي خَاضَهَا، وَالَّتي كَانَ لِملَكَاتِ عَقْلِهِ الْفِطْريَّةِ أَنْ تَلْتَقِطَ خَبْرَتَهَا، وَأَنْ تُبلْوِرَ مُكْتَنَزَاتِهَا النَّافِعَةَ، والْقَابِلةَ لِلْحَيَاةِ، وَأَنْ تُوْدِعَهَا ذَاكَرةَ حَوَاسِّهِ، لِيَكُونَ بِمُسْتَطَاعِهِ اسْتِدْعَاؤهَا مَتَى احْتَاجَهَا، وَذَلكَ على نَحْوٍ يَظلُّ أَمرُ إِتْمَامِهِ، تَذّكُّراً وَاسْتِدْعَاءً وتَقْدِيرَ نَفْعٍ وَجَدْوَى، أَمْرَاً مَشْرُوطَاً بِإعْمَالِ الْعَقلِ. سَعَتْ الْفَقْرَاتُ الثَّلاثَةُ الْأَخِيرةُ، الْمَقْرُوءَةِ لِلتَّوِّ، إِلَى إِضَاءةِ جَانِبٍ ضَئِيلٍ مِنْ جَوانبِ أزْمِنةٍ لَعَلَّهَا تَكُونُ قَدْ اسْتَغْرَقَتْ أَلْفِيَّاتٍ وقُروناً مِنْ سِنيِّ التَّجَارِبِ وَالعَلَاقَاتِ التَّجْريبِيَّةِ الْمُتَّسِعَةِ، وَالْمُتَشَعِّبَةِ، وَالْمُتَواصِلَةِ بِلا انقطاعٍ مَا بَيْنَ الْكَائِنِ الْبَشَريِّ الْبَدْئيِّ، والْإِنْسَانِ السَّاعي إلى كَمالٍ مُحْتَمَلٍ، مِنْ جِهَةْ، وَالْكَوْنِ بِأَحِيَائِهِ وأشْيَائِهِ وَظَوَاهِره وَكَائِنَاتِه، وذلكَ مُنْذُ بَدْءِ الْحَيَاة الْإِنْسَانِيَّة حَتَّى الْآنَ. وَمِنَ الْحَقِّ أَنَّهُ مَا كَانَ بِمَقْدُورِنَا فِعْلُ ذَلِكَ؛ إيْجازاً وتَكْثِيفَاً، لَولَا امْتِلاكِ أَسْلَافِنَا، الَّذِينَ ابْتَكَرُوا اللُّغَةَ وَطَوَّرُوهَا، الْقُدْرَةَ الْمُتَطَوِّرَةَ، والْمُتَجَدِّدَةَ أَبَدَاً، عَلَى تَجْرِيدِ التَّجَارِبِ الْعَمَلِيَّة الْمُتَنَوِّعَة عَبْرَ تَأَطِيرِ خُلَاصَاتِ مَا أَنْتَجَتْهُ مِنْ مُعْطَيَاتٍ ومَعَارفَ وَخِبْرَاتٍ تَأْطِيرَاً مَعْرِفِيَّاً يَتَجَلَّى، عُقبَ مُرَاجَعَتِهَا وَتَدْقِيْقَهَا واسْتِنْبَاطِ ما انْطَوتْ عَلَيهِ منِ قِيمٍ وقَوانينَ وأَحَكَامٍ قَابَلةٍ للتَّجْريدِ والتَّعْمِيمِ، فِي صِيَغٍ لُغَويَّةٍ وعِبَاراتٍ تكْتَنزُ رُؤَىً تَصِلُ ما قّدْ تَمَّت رُؤيَتهُ، وَمَا قَدْ يُرَى فِي ضَوءِ مَا قَدْ تَمَّتْ رُؤْيَتُه، بِمَا هُوَ جَديرٌ بِأنْ يُعَبَّرُ عَنْهُ، وَيُكتَنزُ، وَيُعْتَنَى بِهِ، وَيُعْمَلُ بِموجَبه. وهيَ صِيَغٌ وعِبَاراتٌ تُعِيدُ، فِي الْوقتِ الَّذي صِيغَت فيهِ، بِنَاءَ خُطَوطِ الْمَعْرِفَةِ الْمُكْتَسَبَةِ مِنْ قَبْلُ، وَتَقْوِيَةِ خُيُوطِ أَنْسِجَةِ شَبَكَاتِهَا، وَمُكَوِّناتِ تَرْكِيبَاتَهَا، وَتَشَكُّلاتِ هَيَاكِلِهَا الحَضَارِيَّة التَّاريخِيَّةِ، فَتُصَوِّبُ المَقْوَلَاتِ، وَالصِّيغَ، وَالْخُلَاصَاتِ، ومُعْطيَاتِ التَّبَصُّرَاتِ، عَلَى نَحْوٍ يُطَابِقُ مَا تَقُولُهُ الْحَقَائِقُ الْجَدِيدَةُ الْمْدرَكَةُ عَبْرَ إِعْمَالِ الْعقلِ، فِيْمَا هُوَ يَسْتَجِيبُ لِلْحَقِيْقَةِ الْأَعْمَقِ وَالْأَرسَخِ وَالْأَبْقَى، أَيْ لِحَقِيقَةِ الْحَقَائِقِ جَمِيْعاً، هَاتهِ الَّتي تَقُولُ لَا شَيءَ يُوجَدُ قَبْلَ الْمَعْرِفَةِ، أَوْ بَعْدَهَا، أَوْ مِنْ خَلْفِهَا، أَوْ بِمَعْزَلٍ عَنْهَا، وأَنَّ غَايَةَ الْمَعْرِفَةِ، ومَقْصَدَهَا الْحَقَّ، إِنَّمَا هُوَ إِكْسَابُ الإِنْسَانِ إِنْسَانِيَّةً جَوْهَرِيَّةً تُمَكِّنُهُ مِنْ إِحْيَاءِ الْحَيَاةِ، وَالْمُحَافَظةِ عَلَى الطَّبِيعَةِ، وَحِمَايَة البِيْئَةِ، وَإِغْنَاءِ الْكَونِ، وَإِثْرَاءِ الْوُجُودِ، وَإِسْعَادِ نَفْسِهِ وَآخَريه مِنَ النَّاسِ، وذَلِكَ لأَنَّ إِنْتاجَ الْمَعْرِفَةِ، فِي الْبِدْءِ وَالْمُنْتَهَى، هُوَ النَّشَاطُ الإنْسَانيُّ التَّأْسِيسِيُّ الْأَسْمَى وَالْأَعْلَى، وَالْمَسْكونُ، مُنْطَلَقاً وَغَايَةً، بِسَعْيٍّ لَاهبٍ لإِشْبَاعِ رَغْبَةٍ إِنْسَانيَّةٍ مُتأصِّلةٍ لَا تَتَوَخَّى شَيئاً سِوَى إِزَاحَةِ كُلِّ مَا يَعُوقُ مَسَارَات الْحَيَاةِ الْحُرَّة، أَوْ يُفْضِي إِلَى هَلَاكِهَا بِتَعْديمِ وُجُودِ الإنْسَانِ الْحُرِّ عَبْر تَعْدِيمِ وُجُودِ الْمَعْرِفَةِ الطَّلِيقَةِ، الْحُرَّة، الْمُتَحَوِّلَةِ والْمتَجَدِّدةِ عَبرَ سَيرِ صَيرُورةِ الأَنْشِطَةٍ الإِنْسَانيَّةٍ الَّتي تُوَاكِبُهَا وتَتَواشَجُ مَعْهَا، فَلَا يَكونُ تَوَقَّفُ صَيْرُورَةِ إحْدَاهُمَا، أَو انْعِزَالُهَا عَنْ قَرينتها الْمُواكِبَة، إِلَّا قَرينَ الْهَلاكِ، وَالْعَدَمِ، مُجَسَّدينِ فِي آنْقِراضِ الإنْسَانِ الإنْسَانِ لِصَالحِ تَمَدُّدِ أذْرُعِ الكائنِ البشريِّ الْوَحشِ وتَكاثُرِها، وَمَوتِ الْحَياةِ الحَقَّةِ لِصَالحِ تَوسِيعِ أَحْيَازِ الْغابِ، وَتَسْييدِ شَرائِعِهِ، وَمَطِّ أَرْجلِ دَقَائقِ أَزْمِنَته لِتَصيرَ قُرُونَاً، وألْفِيَّاتٍ، ودُهُورَ هَلاكْ! وَإِلَى ذَلِكَ، فَإنَّ الْمَعْرِفَةَ الْإِنْسَانِيَّةَ فِي تَحَوُّلٍ دَائِمٍ يُصَوِّبُ الْأَخْطَاءَ والْخَطَايَا، وَيُحَفِّزُ مُتَابَعَة الخَطْوِ. وَلَا يَنْجُمُ هَذَا التَّحَوُّلُ عَنِ التَّرَاكُمِ الْمَعْرِفِي وَمَا يُفْضِي إِلَيْهِ مِنْ تَحَوُّلَاتٍ نَوْعِيَّةٍ تُعَزِّزُ المُدْركاتِ، أَوْ تُعَدِّلُهَا، أَوْ تَسْتَبْدِلَهَا، أَوْ تَنقُضَها وتَنْفيها، فَحَسبُ، وإنَّما يَنْجُمُ كّذلكَ، وَعَلى نَحْوٍ عَمِيقٍ، عَمَّا يَستَوجِبُهُ انْبِثَاقُ كَشْفٍ مَعْرِفِيٍّ جَدِيْدٍ ذِي طبيعةٍ مُؤَصَّلةٍ: عَقْلِيَّاً ومَنْطِقِيَّاً، مِنْ إطْلَاقِ حَفْرِيَّاتٍ مَعْرِفِيَّةٍ، عَمِيقَةٍ وَمُمْتَدَّةٍ، وَمُتَنَوِّعةِ الْحُقُولِ وَالْمَجَالاتِ، وَإجْرَاءِ تَغْيِيرَاتٍ مَنْهَجِيَّةٍ، وَإِحْدَاثِ تَحَوُّلَاتٍ مَعْرِفيَّةٍ حَاسِمَةٍ، تُفْضِي جَمِيْعاً، في مَجرى سَيرِ صَيرورةٍ ذَاتِ تَعَالُقٍ مُعَقَّدٍ، وَمُرَكَّبٍ، وَمُتَشَابكٍ، إلى اجْتثاثِ مَا كَانَ قَدْ بَدَا مِنْ قَبْلُ بِمَثَابَةِ حَقَائِقَ مُتَمَاسِكَةٍ صَلْدَةٍ، وَمُعْتَقَدَاتٍ يَقِيْنِيَّةٍ رَاسِخَةٍ لَا رَيْبَ فِيْهَا، فِيْمَا هُوَ يَتَجًلَّى الآنَ، فِي الْوَعيَّ الْحَقِيقِيِّ، كَمَا فِي الْوَاقِعِ الرُّؤيَويِّ المُستَقْبَليِّ الْمَنْشُودِ، مَشُوبَاً بِالتَّقَلُّبِ وَالغُمُوضِ وَالْكَذِبِ وَالزِّيفِ والْعَطَالةِ وَالدَّنّسِ، مَعْ أَنَّهُ لا يَزالُ مُرْتَدياً، فِي الْوَاقِعِ الْقَائِمِ، وفي الْوَعيِّ الْعَفويِّ الرَّاهِنِ، كَمَا فِي الوَعيِّ التُّرَاثيِّ الزَّائفِ، ثَوبَ الْحَقِيقَةِ الْخَالِدَةِ، وَمُوَارِيَاً وَجْهَهُ الْحَقِيْقيَّ الْخَادِعَ خَلْفَ قِنَاعِ الإِيْمَانٍ الْوثُوقيِّ الْقَاطِع، وَالْقَدَاسَةِ الْمُسْقَطَة عَلَى هَذَا الإيْمَانِ لِتَأْبِيدِهِ! 1 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post نبيل البقيلي من هاليفاكس : بوركت الأرحام التي انجبتكم.. يا اهل لبنان next post لبنان… مهلة الـ 72 ساعة التي حددها الحريري تنتهي اليوم وساحات المتظاهرين تتوحد رفضا لبقاء الحكومة You may also like غسان شربل يكتب عن: جنبلاط والشرع وجروح الأسدين 23 ديسمبر، 2024 مايكل شيريدان يكتب عن: الجاسوس الصيني الذي حاول... 22 ديسمبر، 2024 أساف أوريون يكتب عن: إسرائيل وسقوط الأسد.. احتفاء،... 22 ديسمبر، 2024 هارون ي. زيلين يكتب عن: واشنطن تعود إلى... 22 ديسمبر، 2024 دينس روس يكتب عن: يجب على الولايات المتحدة... 22 ديسمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: في أنّنا بحاجة إلى... 22 ديسمبر، 2024 ماثيو ليفيت يكتب عن: كيف أُدرِجت هيئة تحرير... 20 ديسمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن : هل يستمر الصراع... 20 ديسمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: هل وصلت دمشق... 19 ديسمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن : لبنان والمسألة الثقافيّة... 18 ديسمبر، 2024 1 comment takipçi satın al 30 سبتمبر، 2021 - 1:36 ص takipçi satın al Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.