بأقلامهمعربي عبد الرَّحمن بسيسو ..قَبْوٌ وَقُبَّة 12: هَيَاكِلُ فَارِغَةٌ by admin 18 يناير، 2020 written by admin 18 يناير، 2020 34 “يَقْبَعُ الْعَربُ فِي دَيَامِيْسِ أَقْبِيَةٍ مُعْتِمَةٍ بِلَا قَرارْ، وَعَلى مُثَقَّفِيهِم الْحَقِيقِيِّينَ، الْمُنتْتَمِينَ الأَوْفِيَاءْ، وَاجِبُ إخْرَاجِهِمْ مِنْهَا عَبْرَ جَعْلِهَا رِحَابَاً وَضَّاءَةً، وقِبَابَاً مُنِيْرَةً” *** “تَبَصُّراتٌ نَقْدِيَّةٌ حَوْلَ سُؤاليِّ التَّخَلُّفِ والنَّهْضَةِ، والتَّشَكُّلَاتِ النُّخْبَويَّة، ومُتَطَلَّبَاتِ الْحَيَاةِ الْحقَّةِ، وحَاجَاتِ النَّاسْ” 12/3 اسْتِلَابٌ مُزْدَوَجٌ: خَرَابُ هَيَاكِلَ؛ وَخَوَاءُ نُّخَبْ سَيَكُونُ لِإقْدَامِ سُلْطَةٍ حَاكِمَةٍ، أَو مُهَيْمنَةٍ، عَلَى تَشْكِيلِ التَّراتُبِيَّة الْهَيْكَلِيَّةِ لِهَيْكَلٍ إطاريٍّ نُخْبَويٍّ عَريضٍ في تَرَافُقٍ مَعْ تَعْبِئَةِ هّذَا الْهَيْكَلِ الْفَارِغِ بِمُحْتَويينِ أَحَدُهُما مُعْلَنٌ وثَانيْهُمَا خَفِيٌّ، فِيْمَا تَجَاوِيفُهُمَا، والانْزِيَاحَاتُ الْفَراغِيَّةُ الْقَائِمةُ بيْنَهُما تُؤسِّسُ مَاهِيَّتَهِ كَهيْكَلٍ قَابلٍ للتَّفْريغِ ولإعَادةِ التَّعْبِئَةِ والملءِ بِمَا يُلَائِمُ وَظائِفَهُ وغَايَاتِ إيْجَادهِ مِنْ قِبَلِ هّذِه السُّلْطَةِ، وَبِمَا يُبْقِيهِ مُهَيَّئَاً وَمَتَأَهِّبَاً، في كُلِّ حَالٍ وَحِيْنٍ، لِتَلْبِيَةِ أَوَامِرِهَا وَخِدْمَة مَصَالِحِهَا؛ سِيَكونُ لِهَذَا الإقْدَامِ عَلَى التَّشْكِيلِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ أَنْ يَتَوَسَّلَ طُرُقَاً ووسَائلَ وأَسَالِيْبَ وإجْراءَاتٍ وآلِيَّاتٍ عَمَلِيَّةً وتَنْظيميَّةً تَتَقَنَّعُ بِمَا يَخْتَارُهُ صُّنَّاعُ هَذا الْهِيْكَلِ وأتْبَاعُهُم مِنَ النُّخْبَويينَ الذَّيْلِيِّينَ مِنْ مَقُولاتٍ ومَبَادِئَ وقَيْمٍ إنْسَانيَّةٍ، ومِنْ غَايَاتٍ وأَهْدَافٍ وَطَنيَّةٍ، ومنْ تَصَوُّراتٍ وَوُعُودٍ اجْتِمَاعيَّةٍ أو اقتِصَادِيَّةٍ أو سِيَاسِيَّةٍ أو ثَقافِيةٍ أو مِهَنِيَّةٍ، أو غَيرَ ذَلِكَ، لِتَكُونَ هَاتِهِ الأَقْنِعَةُ الْبَاهِرَةُ الَّتي تُواري وُجُوهَاً حَقِيْقِيَّةً خَلْفَ وُجُوهٍ مَزْعُومَةً، بِمثابَةِ التَّصَوُّرِ الظَّاهِرِ الْمَعْلُومِ لأعْضَاءِ الإطارِ الْهَيْكَليِّ الْوَاسِعِ والْمُعْلَنِ في النَّاسِ، فِيمَا البَاطنُ الخَفِيُّ، الْحَقيِقِيُّ والْمُلْزِمُ، مُودَعٌ كُلُّهُ في رأْسِ السَّائِسِ السِّيَاسيِّ المُكلِّفِ من قبَلِ السُّلطَة الْمُسْتَبِدَّة الْحَاكِمَةِ، أَو ذَاتِ الْهَيْمَنَةِ، بالإشْرَافِ عَلَى تشْكِيْلِ الإِطِارِ، وَمَعْلُومُ بَعْضُهُ لِصَفْوَةٍ مِنْ صَفْوَةِ النُّخْبَةِ المُرشَّحَةِ لِتَولِّي قِيَادَتَهُ الشَّكْلِيَّة، ولاسْتِلامِ الأَوامِرِ، والتَّعْلِيْماتِ، والْأَمْوَالِ، والْهِبَاتِ، والْخِلَعْ. وسَيَتأسُّ الْمُحْتَوى الْغَائِيُّ الْخَفِيُّ لِلْهَيَكلِ النُّخْبَويِّ، فِي الْعُمْقِ ومُنْذُ بَدْءِ البَدْءِ، عَلَى مَعَاييرَ مُدَقَّقَةٍ بِصَرَامَةٍ، ومُصَاغةٍ بإحْكَامٍ، كَي لَا يَأْذنَ إنْفَاذُهُ بِإنْفَاذِ شَيءٍ أَسَاسيٍّ ذِي مَغْزَىً سِوَى إِشْبَاعِ النَّهَمِ المَفْتُوحِ عَلَى تَحْقِيقِ الْمَصَالِحِ والْغَاياتِ والأَهْدافِ السُّلْطَويَّةِ الْمُوْدَعَةِ فِي رَأْسِ السَّائِسِ السُّلْطَويِّ، وَرُبَّمَا فِي رُؤُوسِ ثُلَّةٍ مِنْ صَفْوَةِ الأَتْبَاعِ الذَّيْلِيِّينَ، والْمُخْفَاةِ، بِبراعَةٍ مُرَاوغِةٍ تَنُمُّ عَنْ قُوَّةٍ خِدَاعٍ، أَوْ بِسَذَاجَةٍ مُتَقَصَّدةٍ تَنُمُّ عَنْ طِيْبَةٍ مُخَادِعَةٍ، عَنْ عَامَّة النَّاسِ، وَذَلِكَ بمُوَارَاتِهَا خَلْفَ أَقْنِعَةٍ تَبُثُّ الْمُحْتَوى الْمُعْلَنِ، ولَا تُظْهِرُ عَلَى الْملأِ شَيْئاً سِوَى نَقَائِضِ تِلْكَ الْمَصَالِحِ، والْغَاياتِ، والأَهْدَافِ، الْمُحْكَمَةِ الصَّوْغِ وَالتَّبَنِّي والْإِخْفَاءْ! وسَيَكُونُ، عِنْدَ أَقْصَى تُخُومِ مَركزِ الإِطَارِ الْهَيْكَليِّ الوَاسِعِ، هَامِشٌ ذُو مَدَاراتٍ هَامِشيِّةٍ سَتُتِيْحُ للأَعْضَاءِ الْمُهَمَّشِينَ الْمُلْزِمِينَ أَنْفُسَهُم بِمَا تَبثُّهُ وُجُوهُهُم الْحَقِيقِيَّةُ المُتَجَاوِبَةُ مَعَ مَا تَبُثُّهُ الْوُجُوهُ الأَقْنِعَةُ المُرْتَدَاةُ مِنْ قِبَلِ قِيَادِةِ الإطَارِ مِنْ رُؤَيً، وأَهْدافٍ، وغَايَاتٍ، والحَريْصِينَ عَلَى الْتَزَامِ تَطْبيقِ آليَّاتِ الْعَملِ وإِجْراءاتِهِ المُحَدَّدةِ في وثَائِقُ التَّأْسِيْسِ كالنِّظامِ الأَسَاسيِّ واللَّوائحِ التَّنْفِيذِيَّةِ الدَّاخِلِيَّة المنبثِقَة عَنْهُ، والمُسْتَبْعَدِينَ، كُلِّيَّةً، عِنِ المُشَاركَةِ الْفَاعِلَةِ في اتِّخَاذِ أَيِّ قَرارٍ حَاسِمٍ، أو مُمَارسَةِ أيِّ حَقٍّ ذِي أثَرٍ تَكْوينيٍّ، أَو تَنْظِيمِيٍّ، مِنْ حُقُوقِ العُضْوِيَّةِ، أَنْ يُتَابِعُوا سَعْيَهُم اللَّانِهَائِيِّ لِتَحِقِيقِ مَا يَعتَقِدونَ، عَنْ حَقٍّ، أنَّهُ غَايَةُ انْخْراطِهِم الإراديِّ في عُضْويَّةِ هَذا الإطارِ النُّخْبَويِّ أو ذَاكَ، فِيْمَا هُمْ يُبْصِرونَ، بِأُمَّهات أَعيْنِهم وفي مَرَايَا عُقُولِهم، إيْغالَ قِيَادَتِهِ فِي عُبُور مَسَاراتٍ لَا يُفْضِي عُبُورُها لِشَيءٍ سِوَى إدراكِ نَقِيضِ مَا يَعْتَقِدونهُ ويَسْعَونَ، بِدَأَبٍ إلى إدْرَاكِهِ. سَيَتأسُّ الْمُحْتَوى الْخَفِيُّ لِلْهَيَكلِ النُّخْبَويِّ، فِي الْعُمْقِ ومُنْذُ بَدْءِ البَدْءِ، عَلَى مَعَاييرَ مُدَقَّقَةٍ بِصَرَامَةٍ، ومُصَاغةٍ بإحْكَامٍ، كَي لَا يَأْذنَ إنْفَاذُهُ بِإنْفَاذِ شَيءٍ أَسَاسيٍّ ذِي مَغْزَىً سِوَى تَحْقِيقِ الْمَصَالِحِ والْغَاياتِ والأَهْدافِ السُّلْطَويَّة الْمُوْدَعَةِ فِي رَأْسِ السَّائِس السُّلْطَويِّ، وفِي رُؤُوسِ ثُلَّةٍ مِنْ صَفْوَةِ الاتْبَاعِ الذَّيْلِيِّينْ! وغَالبَاً مَا سَيَنْتَهِي الأَمْرُ بِالْمُثَقَّفِينَ النُّخْبَوِيينَ الْمُهَمَّشِينَ، الْمُسْتَبْعَدِينَ عَنِ الْمشَارَكةِ الْفَاعِلِةِ، وَالْمُجَرَّدينَ مِنْ الْحَقِّ فِي مُمَار سَةِ أيِّ قَدرٍ مِنَ التَّاثِيرِ الْجَادِ والْمُجْدي والْمُغَيِّرِ، إِلَى إدْرَاكِ هَذِهِ الْحَقِيْقَةِ، لِيَكْتَشِفُوا، بَعَدَ ضَياعِ الْجَهْدِ وفُقْدانِ الأَمَلِ وفَوَاتِ الآوانِ، أنَّهم قَدْ اسْتُلِبُوا بِقَدْرِ مَا اسْتُلِبَ الإطَارُ الْهيْكَليُّ الْجَمْعيُّ النُّخْبَويُّ الَّذِي انْتَمُوا إِلَيْهِ مُعْتَقِدِيْنَ مِنْ صُنَّاعِهِ، أَوْ مِنْ أَعْضَائِهِ الْفَاعِلِين، إِذْ ظَنُّوا أنَّهُ سَيَكُونُ، كَمَا أَرَادُوهُ، إِطَاراً يُجَلِّي رؤَاهُمُ الْجَامِعَةِ، ويُضَافِرُ جُهُودَهُم الْفَرْدِيَّةَ الْهَادفَةَ إلى تَلْبِيَةِ حَاجَاتِهِم، وتَحْقِيقِ غَايَاتِهِم، والاسْتِجابَةِ لِنَدَاءاتِ تَطلُّعَاتِهِم وآمَالِهِم المُشْتَركَةِ! وَبِتَتَابُعِ مُسَلْسَلِ التَّصْرِيْحَاتِ والتَّصَرُّفات والأَفْعَالِ الصَّادرةِ عَنِ الْقِيَادةِ النُّخْبَويَّةِ الذَّيليَّةِ، أَوْ عَنْ سَائسِهَا السَّيَاسيِّ، أَوْ عَنْ سِوَاهُ مِنْ الْمُتَنَفِّذِينَ السُّلْطَويينَ الْمَعْنِيينَ بالأَمْرِ، سَيَتوالى ظُهُورُ العَلامَاتِ والدَّلائلِ الَّتي تُفْصِحُ عَنْ عُمْقَ رُسُوخِ حَقِيقَةِ الاسْتِلابِ الْمزْدَوجِ الْمُكْتَشَفَةِ الآنَ مِنْ قبِلِ الأَعْضَاءِ الْمُلْتَزِمِينَ، بإخْلاصٍ، بالإِطَارِ الْهَيْكَلِيِّ، والمُسْتَبْعَدينَ، بَعِنَادٍ، عَنِ تَحفيزِ أَنْشِطَتِهِ والإِفَادَة منِهَا، وعَنِ الإِسْهَامِ بِأيِّ دَورٍ فَاعِلٍ في إدِارةِ شُؤُونِهِ، وَهيَ الحقيقةُ الَّتي يَبْدُو أَنَّ جَسَامَةَ مَا تَنْطَوي عَلَيْه مِنْ خَيْبَةٍ مُرَّةٍ تَعْقِدُ الألْسُنَ، ومَا يُلازمُ الإِقْرَارِ بِهَا، كَحَقِيْقةٍ كَانَتْ قَائِمَةً مُنْذُ بَدْءِ البَدْءِ، ولَمْ تَزلْ قَائِمةً، ومُدْركَةً، عَلَى نَحوٍ أو آخَرَ، مِنْ قِبَلِ مُكْتَشِفِيْهَا الْمُتَأَخِّرينَ الْمَخْذُولِينَ، مِنْ نَقْدٍ ذَاتيِّ جَارِحٍ، واتِّهَامَاتٍ قَاسِيَةٍ عَلَى النُّفُوسِ، قَدْ أَخْضَعَا إِعْلانَ اكْتِشَافِهَا مِنْ قِبَلِهِم إِلى تَأْجِيلٍ آمِلٍ أَعْقَبَ تَأْجِيلاً آمِلاً، ولَكِنْ بِلَا وَمْضِ بَرِيْقٍ يُنْبئُ بإمْكَانِ تَحَقُّقِ أَمَلٍ، أَوْ يَشِي بانْبِثَاقِ مَلْمَحِ جَدْوَى يُحَفِّزُهُم عَلى مُتَابَعَةَ السَّعْيِّ لإدراكِ غَايَةٍ طَالَ بِهِمْ أَمَدُ نُشْدَانِهَا، وكَانتْ هِيَ، مُنْذُ الْبَدْءِ، غَايَةُ انْضِمَامِهِم الطَّوعيِّ، والْحَيَوِيِّ الْمُتَفَاعِلِ والآمِلُ، إلى هّذَا الإِطَارِ النُّخْبَوِيِّ أَوْ ذَاك! ومَعَ اسْتِمْرارِ سَريَانِ عَقَابيلَ مَا تُتْخِمُ بِهِ هَذِهِ الحَقِيْقَةُ نُفُوسَ مُكْتَشِفِيْها مِنْ خَيْبَةٍ مَريرةٍ، ومِنْ إدَانَةٍ للنَّفْسِ الْمَخْذُولَةِ الَّتي أمْعَنتْ في مُرَاوَغةِ الْعَقلِ لِتَفَادي الأَخْذِ بِمَا كَانَ قَدْ أَدْرَكَهُ مِنْ أَمَدٍ بَعِيدٍ، تَنْكَشِفُ أَمَامَ أَبْصَارِ هَؤلاءِ الْمكْتَشِفِينَ الْمَخْذُولِينَ، سَواءُ أكانُوا مِنَ الْمَأْخُوذينَ بالْمُفَاجَاةِ وغَيْر المُصَدِّقينَ، أَو مِنَ الْمَؤَجِّلينَ الإعْلانَ الآمِلينَ، أوْ مِنْ مُمَاطِليْ الْعَقْلَ مُتَجَاهِليْ الْحَقَائِقَ السَّاطِعَةَ وخُمَّادِ الضَّمَيرِ، حَقِيْقَةُ خَوَاءِ الإِطَارِ الْهَيْكَليِّ وخَرَابِهِ النَّاجِمِينِ لَيْسَ عَنْ لَا مُبَالاتِهِمْ، أوْ عَنْ تَقَصُّدِهِم الْغَفْلَةَ، وتَقَاعُسِهِم، وعَدَمِ أَخْذِهِم، لِسَبَبٍ أو لآخَرَ، بِمقتَضياتِ الْعَقَلِ اليَقِظِ والضَّميرِ الْحيِّ، فَحَسبُ، بَلْ أيْضَاً عَنْ تَضافُرِ ذَلكَ كُلِّهِ مَعْ إمْعَانِ قِيَادةِ الإِطِارِ الْهَيْكَليِّ النُّخْبَوِيِّ الذَّيْليَّةِ التَّابِعَةِ للسُّلْطَة الْحَاكِمَةِ فِي إِعْمالِ آليَّاتِ الاسْتِلَابِ، والتَّفْريغِ، والْمَلءِ الأجْوَفِ، والاسْتِبْعَادِ، والتَّهْمِيشِ، والتَّخْوِيَةِ، وَذَلِكَ لِتَرسِيْخِ الانْشِطَارِ الْمُتَقَصَّدِ، والدَّائِمِ، بينَ ظَاهِرٍ وباطنٍ، بينَ مُعْلنٍ وخَفيٍّ، بينَ قِنَاعٍ زَائِفٍ يُخْفِي وجْهَاً حَقِيقِيَّاً ووجْهٍ حَقِيقِيٍّ يَتَوارَى خَلْفَ قِنَاعٍ زَائِفٍ! وإِلَى ذَلكَ، سَتَشْرَعُ جَذْوَاتٌ تُوْقِدُهَا خَيْبَاتٌ وخَسَاراتٌ ومَرَاراتٌ عَدِيدَةٌ ومُتَشَابِكَةُ فِي الاشْتَعَالِ والمَوَرَانِ، وَخْزَاً ضَميْرِيَّاً وإلْهَابَاً عَقِليَّاً وقَّادَاً، فِي أَغْوَارِ نُفُوسِ مُثَقَّفِينَ نُخْبَوِيينَ اسْتَعَادُوا إبْرَاقَ أَبْصَارِهِم، وتَنَوُّرَ بَصَائِرِهِم، ويَقَظَةَ ضَمَائِرِهِم، بَعْدَ انْطِفَاءٍ وخُمُودٍ مَدِيْدَينِ؛ وسَيَكُونُ لِلَهِيْبِهَا الدَّاخِلِيِّ أَنْ يَتَمدَّد لِيَحْرِقَ أَفْوَاهَهَمُ الَّتي أَغْلَقَتْ نَفْسَها عَلَى مَاءٍ آسِنٍ، وأَلْسِنَتَهُم التَّي اسْتَمْرأَتِ الْخَرَسَ وَالسُّكُوتَ، وأَطْرَافَ أَصَابِعِهِم الَّتي تَقَاعَسَتْ عَنِ الْكِتَابَةِ فِي شَأْنٍ هُوَ الشَّأْنُ! سَيَنْتَهِي الأَمْرُ بِالْمُثَقَّفِينَ النُّخْبَوِيينَ الْمُهَمَّشِينَ، الْمُسْتَبْعَدِينَ عَنِ الْمشَارَكةِ الْفَاعِلِةِ، وَالْمُجَرَّدينَ مِنْ الْحَقِّ فِي مُمَارسَةِ أَيِّ قَدرٍ مِنَ التَّاثِيرِ، إِلَى إدْرَاكِ حَقِيْقَةِ أنَّهم قَدْ اسْتُلِبُوا بِقَدْرِ مَا اسْتُلِبَ الإطَارُ الْهيْكَليُّ الْجَمْعيُّ النُّخْبَويُّ الَّذِي انْتَمُوا إِلَيْهِ، مُعْتَقِدِيْنَ أَنَّهُمُ مِنْ صُنَّاعِهِ، أَوْ مِنْ أَعْضَائِهِ الْفَاعِلِين! فَكَيْفَ، إِذَنْ، سَتكُونُ اسْتِجَابَةُ الْمثَقَّفِ النُّخْبَوِيِّ الَّذِي بَقِيَ مُعْتَقِدَاً، في نَفْسِه ولِنَفْسهِ، أَنَّهُ مُثَقَّفٌ حَقِيقيٌّ لَا يَزَالُ يَحْتَفِظُ بِوفَائهِ لِأَفْكارهِ ومَبَادئِهِ، وبِانْتِمَائِهِ لِذَاتِهِ الْحُرَّةِ الْمُسْتَقِلَّةِ الْفَاعِلَةِ، وَبِإِخْلَاصِهِ لِلْحَيَاةِ الْحَقَّةِ، وَبِعُمْقِ وَفَائِهِ لِمُجْتَمَعِهِ، ولِوَطَنِهِ، وللإنْسَانِ الَّذي يَسْكُنُه، ولآخَرِيْهِ مِنَ أَحْرارِ النَّاسِ؛ كَيْفَ سَتَكُونُ اسْتِجَابَةُ هَذَا المُثَقَّفِ النُّخْبَوِيِّ الإنْسَانِ لِتَحَدٍّ جَذْرِيٍّ فَادِحٍ، وجَسِيمٍ، كَهَذَا التَّحَدِّي الَّذِى وَصَّفْنَاهُ؟ وكَيْفَ، فِي الْمُقَابِل، سَتَكُونُ اسْتِجَابَةُ الْقِيَادَةِ النُّخْبَويَّةِ الذَّيْلِيةِ المُتَحَفِّزةُ، باسْتمرارٍ، لاسْتِنْفَارِ أَتْبَاعِهَا وَأَنْصَارِهَا وَذُيُولِ رَأْسِهَا الذَّيْليِّ، والْمُعَزَّزةِ بِغَشَامَةِ قُوَّةِ السُّلْطَةِ الْحَاكِمَةِ، للتَّحَدِّي الَّذِي سَتُواجِهُهُ جَرَّاءَ وُجُودِ إمْكانيَّةٍ، مُجَرَّدةٍ أَوْ فِعْلِيَّةٍ، لِذِهَابِ المُثَقَّفِ الْحَقِيقيِّ، الْمَسْكُونِ الآنَ بِرَجَاحَة الْعَقْلِ ويَقَظَة الضَّمِيرِ، إِلَى خَيَارِ مُواجَهَةِ التَّحَدِّي الَّذي فَرَضَتْهُ هِيَ، أَصْلَاً، عَليْه؟! سيكُونُ هَذَانِ السُّؤالانِ الْمتَعَاكِسَانِ في تَعَالُقٍ وَثِيْقٍ، أو هَذَا السُّؤَالُ المُركَّبُ، مَوضَعَ تَبَصُّرٍ في الْمَقَالِ اللَّاحِقِ المُعنْون بـ: “حَاوِيَاتُ “بَانَادُورَا” وَاجْتِراحُ الْبَدِيْل“! 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الجيش الأميركي: 11 جنديا أصيبوا في الهجوم الإيراني على قاعدة عين الأسد next post لبنان يواجه التعثر إذا تعذر عليه سداد دين مستحق You may also like مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.