الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » عبد الرَّحمن بسيسو في أَقْنِعَة كُوْفِيدْ (X)

عبد الرَّحمن بسيسو في أَقْنِعَة كُوْفِيدْ (X)

by admin

(X)

لُغَةٌ شَاعِرةٌ وَإنْسَانُ وُجُودْ

 

صَوْبَ كُلِّ صَوْبٍ رَحَلَتْ عُيُونُهُ، وأَمْعَنَتْ فِي الرَّحِيْلِ؛

فَمَا رَأْتْ فِي جِوَارِهِ، ولَا فِي جِوَارِ جِوَارهِ،

ظِلَّاً لِظِلِّ تَوأَمِهِ، ولا ظِلَّاً لِظِلِّهْ!

 

فَرَكَ الْعُيُونَ كُلَّهَا، فَأَزالَ عَنْهَا غَلَائِسَ الْغَبَشْ،

ومِنْ فَوره، أَرْسَلَ أَنْوَارَ أَضْوَائِهَا الْكَاشِفِةِ صَوبَ كُلِّ صَوبٍ قَرِيبٍ، وبَعِيْدْ؛

فَتَلاشَتْ الْأَنْوارُ كُلُّهَا، ومِنْ فَوْرِهَا، فِي سَدَائِمِ حُلْكَةٍ سَوْدَاءَ؛

حُلْكَةٍ قَانِيَةٍ فَقَأَتْ أَسِنَّةُ رِمَاحِهَا الْمُسَنَّنَةُ عُيُونَ التَّوْأَمِ الْمَفْقُودِ الْمَنْشُودِ؛

فَوارَتْ أَنْوَارَ عُيُونِهِ عَنْ عُيُونِ بَصَرِ تَوْأَمِهِ الْكَلِيْلِ وعَنْ مَجَالِي إِبْصَارِهِ،

وغَيَّبَتْهَا عَنْ حَدْسِ بَصِيْرَتِهِ الْمُسْتَهْدَفَةِ بِتَضْلِيلِ الْعِلْمِ التِّقَانيِّ الزَّائِغِ،

وغِوايَاتِ التِّقَانَةِ الْحَاسُوبِيَّة الْكَامِدَةِ الزُّرْقَةِ، والتَّوجُّهَاتِ، والْغَايَاتْ!

 

غُيِّبَتْ الأنْوَارُ كُلُّهَا واسْتُلَّ مِنْ عُيُونِ الْإنْسَانِ والْحَيَاةِ سَنَاءُ التَّأمُّلِ، وَوَهَجُ الْبَرِيْقْ؛

غُيِّبَتْ الْأَنْوَارُ فِي سَوَادِ غَيْهَبٍ فَيْرُوْسِيٍّ بِلاَ قَعْرٍ، فَغَابَت، بِغِيَابِهَا، إِشَاراتُ الْوجُودْ؛

غُيِّبَتْ في دَيَامِيسِ غَيْهَبٍ يَحْرسُ بَشَرٌ مِنَ الْبَشَرِ قِيْعَانَهُ الْفَارِهَةَ وفُوَّهَاتِ مَهَاوِيْهِ الدَّاكِنَةِ،

ويَسْدُنُونَ مَعَابِدَ آلِهَتِهِ النَّهِمَةِ لاشْتِمَامِ رَوَائِحَ دَمِ الإنْسَانِ والْتِهامِ شَرائِحَ جَسَدِه الْمُقَدَّدِةِ،

فِيُصَعْدونَ دَمَ الْإنْسَانِ أَعْمِدَةَ دُخَانٍ تَنْفُثُ فِي أُنُوفِهَا الْمَعْقُوفَةِ سُخَامَ انْطِفَاءاتِ الْحَيَاةِ،

وُيُقَدِّدونَ شِرائِحَ جَسَدِ الْإنْسَانِيِّةِ فَتلْتِهِمُهُ أَفْواهُهُا الْفَاغِرةُ مُتَلَذِّذَةً بِتَعْذِيبِ رُوْحِ الْوُجُودْ،

غُيِّبَتْ الأَنْوارُ كُلُّهَا، فَتَلَاشَتْ، ولَمْ تَعُدْ تَعْرِفُ طَرِيْقَ عَوْدٍ، أَو رُجُوعٍ، أَوْ ذَهَابٍ، أَوْ مَجَيئْ!

***

أَشْعَلَ شُمُوعَ أَصَابِعِهِ الْعَشْرَةِ،

أَلْفَاً أَلْفَاً،

وأَطْلَقَ عَصَافِيرَ وَهَجِهَا الْمُنِيرِ صَوْبَ كُلِّ جِهَةٍ لِتَجُوسَ كُلَّ حَيِّزٍ ومَدَارٍ؛

وَفِي بُرْهَةٍ أَدْنَى مِنْ رَفَّةِ هُدْبٍ، وإِغْمَاضَةِ عَيْنٍ،

أَبْصَرَتْ عُيُونُهُ أَسْرابَ عَصَافِيْرِهِ الْمُجَنَّحَةِ الْوَهَّاجَةِ تَتَهَاوَىَ،

ثُمَّ أَبْصَرَتْهَا تَتَكَوَّرُ مُسْمَلَةَ الْعُيُونِ، مَنْتُوْفَةَ الرِّيْشِ، مَكْسُورةَ الْأَعْنَاقِ والأَجْنِحَةِ،

فِي شِبَاكِ أَسْيِجَةِ “كُوفِيدَ” الْمُسَيَّجَةِ بِكَوابِلَ لاقِطَةٍ،

وبِأَنْفَاسِ كَائِنَاتٍ فَيْرُوْسِيَّةٍ تَنْفُثُ السُّمُومَ؛

وإذَا بِرُوْحِهُ تَلْمَحُ وَمْضَ أَرْوَاحِهَا يَنْسَلُّ نُوْراً مُنْفَلِتَاً مِنْ سَعِيْرِ قَبْضَاتِ كُوفِيدَ اللَّعِيْنِ،

وإِذا بِهَا تَسْمَعُ  نَدَاءَاتِ صَمْتِهَا الأثِيْرِيِّ وَهِيَ تَتَطايَرُ مُثْخَنَةً بِدَمْعِهَا النَّائِحِ، وأَنِينِ الْجِراحْ،

وإذَا بِهَاَ تَلْمَحُ جُيُوْدَاً تُدَلِّي قَلائِدَ لَازَوَرْدٍ سَمَاوِيٍّ شَفِيفٍ تُشَمِّسُهَا لآلِئُ أُرْجُوانِيَّةٌ، وكَلِمَاتْ!

***

جَاسَ كُلَّ الْفَضَاءاتِ والْمدَاراتِ والْمَتَاهَاتِ،

وفي كُلِّ دَربٍ وزِقَاقٍ وعَطْفَةٍ أَلْهَبَ الْخَطْوَ،

وَمَا عَثَرَ عَلَى ظِلٍّ لِظِلِّ تَوأَمِهُ الأَزَلِيِّ الأَبَدِيِّ السَّاكِنِ جَوْهَرَ كَيْنُونَتِهِ،

والمنْسَرِبَةِ أَنْسَاغُ وُجُودِه أَنْوَارَ كَلِمَاتٍ تَحْيَا فِي وَشِائِجَ رُؤْحِهِ وأَعْطَافِ وِجْدَانِهْ؛

والَّذِي هُوَ صَائِغُ أَصْلَابِ حَقيْقَتِه: بُؤَرَ تَجَوْهُرهِ؛ مَرايَا تَجَلِّياتِهِ؛ وَوَمْضَ خَفَايَاهْ؛

والَّذِي ظَلَّ رُوْحَاً لِرُوْحِهِ: تَوأَمَاً يَقْرأُ صَمْتَهُ، فَيُغَرِّدُ، مُغَنِّيَّاً جَلَالَ اسْمَهُ، لِيَحْفَظَهُ، ويَرْعَاهْ؛

وبَيْتَاً أَثِيْرِيَّاً تُومِضُ مَنَاراتُهُ بِبَهاءِ تَجَلِّيَاتِهِ، وإشْراقَاتِ رُوْحِهِ، ونُبْلِ احْتِجَابِهِ، وسَكِيْنَةِ سُكْنَاهْ؛

ومِرآةً كَوْنِيَّةً تُجَلِّي نَصَاعَاتُهَا جَمَالَ وُجُودهِ الْخَفِيِّ الْجَلّيِّ، الصَّامِتِ الْمتَكَلِّمِ، الأَخَّاذِ الْفَتَّان؛

وبُؤْرَةَ إِشْعَاعِ وُجُودِيٍّ تَزْخَرُ أَنْوَارُهَا بكُنُوزِ نِدَاءَاتِهِ الْمَسْكُونَةِ بِصَبْوٍ إِنْسَانِيٍّ تَسْكُنُهُ نَجْوَاهُ؛

***

عَادَ إلى غَارِ كَهْفِهِ حَسيراً ورَاحَ، بِمِلءِ جَسَدهِ الْكَوْنِيِّ، يُحَدِّقِ فِي حَوائِطِ سَمَاوَاتِهِ؛

فَأَبْصَرَ حَدْسُهُ فِي سُرَّتِهِ الْمُكَوَّرةِ الْمُلْتَفَّةِ سُرَّةَ سَيِّدِ السَّمَاوَاتِ وسُرَّةَ سَيِّدةِ الْأُرُوْض؛

فَرَاحَ يُدِيْرُ طَرَفَ شَاهِدِهِ عَلَى سُرَّتِهِ مُسْتَسْقِيَاً أَنْسَاغَ مُشَيَمَةٍ تُعِيْدُهُ إِلَى نَفْسِهِ؛

وَتُعِيْدُ كَيْنُونَةَ تَوْأَمِهِ الْمَنْشُودِ إِلَى وُجُودِهَا وإِلَيْهِ؛

فَيَكُونُ هُوَ، لَا سِوَاهُ، نَاشِدُ الْجَدِيْرِ بالنُّشْدَانِ؛

ويَكُوْنُ هُوَ، لَاسِوَاهُ، نَاشِدُهُ الْجَدِيْرُ، وحْدَهُ، بِنُشْدَانِهِ؛

نَاشِدُهُ الَّذِي ظَلَّ مِرْآةَ تَجَلِّيْهِ مُنذُ أَزَلٍ مَفْتُوحٍ عَلَى أَبَدٍ هُوَ الأَبَدْ؛

ويَكُوْنُ هُوَ مُنْشِدُهُ الْقَدِيْمُ الْجَدِيدُ أَبَداً؛ والجَدِيْدُ الْقَدِيْمُ أَبَداً؛

ويَكُوْنُ هُوَ، لا سِوَاهُ، نَاشِدُ النَّشِيْدَ ومُنْشِدُهُ والْجَدِيْرُ، وَحْدَهُ، بِإِنْشَادِهِ؛

ويَكُوْنُ هُوَ، لا سِوَاهُ، نِشِيْدُ النَّشَيْدِ الَّذِي يَصَوْغُ إِنْصَاتُهُ لِصَمْتِ مُنْشِدهِ لَآلِئَهُ، فَيُنْشِدَهُ،

بِلْ يَكُوْنُ هُوَ، لا سِوَاهُ، الْبيْتُ الَّذِي فِي رَحَابَاتِ أَرجَائِهِ يَصْفُو رَنيْنُ النَّشِيْدْ، وخَالِدَاً يَمُورُ،

والَّذِي فِي رَحَابَةِ أُرُوْضِهِ وشَسَاعَةِ سَمَاواتِهِ الأَثِيْرِيَّةِ تَتَمازَجُ أَرَائِجُ إنْسَانِيَّتِهِ بِأَفْوَاحِ خُلُوْدِهْ؛

فَلَا يَكُونُ هُوَ إلَّا الْبَيْتُ الْوُجُوديُّ الْوهَّاجُ، وإلَّا النَّشِيْدُ الْإنْسَانِيُّ ذُوْ الرَّنيْنِ والأَرَيْجِ والْفَوْحْ!

***

أَوغَلَتُ عُيُونُ جَسَدِهِ الْكَوْنِيِّ فِي التَّحْدِيْقِ فِي حَوائِطِ سَمَاواتِ غَارِ كَهْفِهِ الْمُغْلَقِ الأَبْوَابَ والنَّوافِذِ والْكُوَى، وأَمْعَنَ طَرَفُ شَاهِدَهِ فِي الدَّورانِ حَوْلَ لَفَائِفِ سُرَّتِهِ، فَأَبْصَرَتْ عُيُونُ جَسَدِهِ عَيْنَ مُخَيِّلَةِ إِنْسَانٍ إِنْسَانٍ تَطْرِفُ مُوْمِئَةً إِلَى عَينِ رَأْسِهِ؛ فَأَبْرَقَ فِي عُيُونِهِ وْمَضُ أَثِيرٍ ضَبَابيٍّ مَوَشَّحٍ ببِريْقِ صَمْتٍ، وَرَنِيْنِ وُعُودٍ، وأَصْداءِ كَلَامٍ، ورَجْعِ أَصْدَاءِ كَلامٍ قَدِيْمٍ كَانَ، ذَاتَ يَومٍ بَعِيْدٍ بَعِيْدٍ، قَدْ تَكَلَّمْ!

 

وإذا بِهُ يُبْصِرُ وجْهَاً مَقْلُوبَاً فِي رَاحَةِ كَفِّهِ الدَّائِرِ شَاهِدُهَا حَولَ سُرَّتِهِ، فَلا يَرى فِيْهِ غَيْرَ وجْهِهِ، فَيَحْدُسُ وَيُحِسُّ ويَلْمَسُ أَنَّهُ هُوَ، لا سِوَاهُ، هَذَا الْإنْسَانُ الْكُلِّيُّ الْإنْسَانُ الَّذِي شَرَعَ لِتَوِّهِ يُصْغِي ويُسْتَجيبُ ويُنْصِتُ ويُجِيْبُ، ويَسْمَعُ، بِرَهَافَةِ إِصْغَائِهِ الصَّامِتِ، صَوْتَ رَنِيْنِ الصَّمْتِ، مُلْتَقِطَاً أَثِيْرَ إشَاراتِ الْوُجُودِ وصَائِغَاً، بِأَجْنِحَةِ لُغَتِهِ الشَّاعِرةِ الْمُفَكِّرةِ الْمُتَأَمِّلَةِ، رسَائِلَهُ وَوَصَايَاهُ، لِيُوْدِعَهَا وِجْدَانَهُ، فَيَكُونُ قَدْ أَودَعَهَا وِجْدانَ كُلِّ إنْسَانٍ إنْسَانْ!

***

فَلْنُصْغِ، إِذَنْ، لِنُصْغِ؛ لِنُصْغِ فِي دخَائِلِ وِجْدَانَنَا الإنْسَانيِّ الْكُلِّي الْمَوَارِ الْمُلْتَقطِ رَنِيْنَ صَوتِ الصَّمْتِ وتَغْرِيْدَهُ وعَزْفَ أَوتَارهِ، إلى مَا أَوجَبَتْهُ إرادةُ سَيِّدِ الْوُجُودِ مِنْ حِوارِيَّاتٍ صَامِتَةٍ تَدُور بَيْنَ عَيْنِ مُخَيَّلَةِ وعَيْنِ رَأْسِ كَيْنُونَةِ كُلِّ إِنْسَانِ وُجُودٍ يَقْبَعُ الآنَ، مَسْلُوبَ الإرادةِ والْوُجُودِ، فِي قَبْضَةِ “كُوْفِيدَ التَّاسِعِ عَشَرِ” الْمُمْعِنِ فِي حُضُورٍ يُغَيِّبُ إرادةَ الْإِنْسَانِ، ويَحْجِبُ أَنْوَارَ الْوُجُودِ، ويُغَطِّي احْتِجَابَهُ الْمُنِيرَ بِتِقَانَةٍ سَوْداءَ  تُلْقِي عَلَى وُجُوهِهِ أَقْنِعَةَ حَجْبِهِ، وآبَدِيَّةَ نِسْيَانِه!!!

You may also like

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00