بأقلامهمعربي عبد الرَّحمن بسيسو في أَقْنِعَة كُوفِيدْ (VI) by admin 2 أكتوبر، 2020 written by admin 2 أكتوبر، 2020 49 (VI) كُنْتُ أُبْصِرُنِي ولَا أَرَاني قَدْ كُنْتُ فِي كُلِّ حَيْثِ وَحِيْنٍ، ومَا زْلْتُ، وَحْدِي، وَفِي كُلِّ وَضْعٍ، وحَالٍ، ونَأْمةٍ عَنْ حَالٍ، كُنْتُ ومَا زِلْتُ، وَحْدِي، قَدْ كُنْتُ وَحْدِي، ولَمْ أَزَلْ فِي عُزْلَتي، وَحْدِي، وفِي صَقِيْعِ قَيْظِ وِحْدَتِي، وفي هَجيرِ غُرْبَتي الصَّقِيْعِيَّة الْغَرِيْبَة عَنْ عَالَميِ وعَنِّي، كُنْتُ، ومَا زلْتُ، مَأْسُوراً فِي حَلْقِ هَذَا الـ”كُوْفِيدَ” اللَّعِيْنَ، وَكُنْتُ، ومَا زلْتُ حَتَّى اللَّحْظَةِ، مُسَيَّخَاً أُشْوَى فِي حَلْقِ حَلْقِهِ الْحَارِقِ وَحْدِي! وفيِ مِعْزَلِي الْمُلْتَبِسِ أَمْرُه بَيْنَ إِرَادةٍ غَامِضَةٍ وإِذْعانٍ جَلِيٍّ، كُنْتُ ومَا زِلْتُ، مَسْلُوبَاَ، ومَتْرُوكَاً، وَمَهْجُوْرَاً، ومُحْتَجَزَاً، ومُسْتَلَبَاً، وَمَصْلُوبَاً، ومَقْبُوضَاً عَلَى عُنُقِيْ، ومَحْجُورَاً عَلَى خَطْويْ، وَوَحْدِيْ؛ *** وعَلَى حَافَّةِ هَاتِهِ الشُّرْفَةِ الْمُسَيَّجَةِ بِفَزَعِ الْهَلَاكِ، كَانَ رأْسِيَ، ولَمْ يَزَلْ، مُسَمَّرَاً بِغِرَاءِ أَنْيَابِ التَّرْوِيعِ، وصَمْغِ أَصَابِعِ الْمَوتِ. وبِعَيْنيِّ رَأْسيَ الْمَسَمَّرِ، الْمُصَمَّغِ، الْمَسْطُوحِ، أَبْصَرْتُني وَاقِفَاً عَلَى حَافَّة هَذِهِ الْحَافَّةِ، بِلَاَ نَأَمٍ، وَبِلا أَنينْ! وعَلَى هَشَاشَة قَدَمَيِّ رَأْسِيَ الْمأْسُورِ هَذَا، وبِعَيْنَيِّهِ الْمَقْلُوبَتَينِ، كُنْتُ قَدْ أَبْصَرْتُنِي محْمُولَاً، مَعْ عَالَمِيَ الْمُسَفَّدِ فِي دَاخِلِي، وَحْدِي! *** قَدْ كُنْتُ وَحْدِي، ولَمْ أَزَلْ وَحْدِي، وعنْ قُرْبٍ، وعَنْ بُعْدٍ، ومِنْ فَوقٍ، ومِنْ تَحْتٍ، ومِنْ دُبْرٍ، وَمنْ وسَطٍ، ومِنْ قُبْلٍ، وَمِنْ سُمُوْقِ عُلُوٍّ بِلَا انْتِهَاءِ سُمُوقٍ، وَمِنْ سُفُولِ غُؤُرٍ بِلَا قَعْرِ قَاعٍ، وبِلَا دَرَكِ سُقُوطٍ فِي هُوَّةِ عَدَمٍ أَخِيرْ، كُنْتُ أُبْصِرُنِي، ولَمْ أَزَلْ أُبْصِرُنِي، مَصْلُوبَاً، بِلَا ظِلٍّ وَرَائِيْ، وبِلَا ظَلٍّ أَمَاميْ! *** قَدْ كُنْتُ وَحْدِي، ولَمْ أَزَلْ فِي عُزْلَتي وَحْدي، وَإنِّي لأُبْصِرُنِي خَلْفِي، وَأُبْصِرُنِي أَمَامِي؛ وَمَا لِوَجْهِيَ، الْمَصْبُوغِ بِالصُّفْرَةِ الشَّاحِبَةِ، أَنْ يُبْصِرَ، فِي مَرَايَا اللَّحْظَةِ الْأُفِقِيَّةِ الْوَاقِفَةِ الْآنَ خَلْفِيْ، وأَمَاميْ؛ وتحَتَ قِمَّةِ رَأْسِيَ المُسَطَّحِ عَلَى سَطْحِ الشُّرْفَةِ الْمُعَلَّقَةِ؛ وفَوْقَ اسْتِواءِ قَدَمَيِّ جَسَدِي الْمُلَوِّحَتَيْنِ، بِلا تَوقُّفٍ، لِنَهْرٍ سَاكِنٍ بِلَا نَأَمٍ، وبلا مَاءٍ سَابِحٍ فِي جَسَدِ مُحِيْطِ مَجَرَّاتٍ، أَوْ فِي خِضَمِّ بَحِرِ أَجْرامٍ، أَوفي صَيْرورةِ نَهْرِ أَنْهُرِ كَواكَبَ غَافِيَةٍ عَلَى وسَائِدِهَا، أَو مُؤَجَّلَةِ الْوُجُودِ؛ مَكْبُوحَةٍ عَنِ مُعَانَقَةِ الْحَياةِ، مَلَامِحَ وجْهٍ قَدْ تُمَرْئِيَ، ذَاتَ يَومٍ سَيَأْتِيَ فِي زَمَنٍ رَأْسِيٍّ أَظُنُّه سَيَأْتِي، صُوْرَةً غَائِمَةً لِوَجْهٍ قَدْ يُشْبِهُ، في مَرَايَا وُجُودِيَ الْمُؤَجَّلِ، وَجْهِيْ! *** فَهَلْ لِوجْهيَ أَنْ يُبْصِرَ، ذَاتَ يَومٍ ويَقْظَةٍ، وُجُوهَ النَّاسِ، فَيُبْصِرَ مَا يُشْبِهُ وَجْهِيْ، فَأَرَانِي؟! *** Digital painting by Nabil el-bkaili كُنْتُ قَدْ أُبْصِرْتُنِي ولَمْ أَزَلْ أُبْصِرُني وَاقِفَاً عَلَى رَأْسِيَ الْمُسَمَّرِ الْمَصَمَّغِ الْمَسْطُوحِ عَلَى شَفِيْرِ هَاوِيَةٍ كَوٍنِيَّةٍ بِلَا قَاعٍ. ومَا كَانَ لِأَصَابِعِيَ الْمغْلُولَةِ إِلَى ذَقْنِيَ أَنْ تَلْمَسَ مَا يُنْبِئُ بِوُجُودِ وُجُودٍ، أَوْ بِتَجَلِّي كَينُونَةِ كَوْنٍ: “وُجُودِ وُجُودٍ وَكَيْنُونةِ كَوْنٍ” كُنْتُ قَدْ ظَنَنْتُهُمَا مِنْ قَبْلُ، وَعَلَى مَدَى الْوَقْتِ حَتَّى لَحْظَةِ مَجِيئِ الْجَائِحَةِ الْكُوْرُونِيَّةِ مَحْمُولَةً عَلَى كَفِّ هَذَا الْعِمْلَاقِ النَّانَوِيِّ الْإِنْطِوائِيِّ الْمُتَكَوِّر عَلَى نَفسِهِ، الْمُتَحَفِّزِ الْمُنْبَسِطِ، الْغَامِضِ، الْجَلِيِّ، وَالْخَفِيِّ الظَّاهِرِ، قَدِ انْطَوَيَا: أَعْمَاقَاً غَائِرةً، ومَدَاراتٍ شَاسِعَةً، وعَوَالِمَ حُرَّةً، وفَضَاءَاتٍ مَفْتُوحَةً عَلى سَمَاوَاتٍ لَا تُعَدُّ، فِي أَعْمَاقِ كَيْنُوْنَةِ إِنْسَانِيَّتِيَ الْكَوْنِيَّةِ الْوُجُودِيَّة الْكَامِنَةِ فِي كِيَانِي، فَكُنْتُهُمَا مَعَاً، وكَانَانِيَ! *** غَيْرَ أَنِّي، كُنْتُ ومَا زِلْتُ، أُبْصِرُنِي فِيَّ، ولَا أَرَانِي *** كُنْتُ أُبْصِرُنِي مَصْلُوبَاً وَمَا كَانَ لِيْ أنْ أَرَى وجْهَ وَجْهِيْ! فَكَيْفَ لِيَ الآنَ، أَوْ بَعْدَ الآنِ، أَنْ أُبْصِرُنِي، وأَنْ أَرَانِي؟! وَمَنْ ذَا يَكُونُ هَذَا الْوَاثِقُ الَّذِي عَبَرَ أَطْوَارَ الْحَيَاةِ، عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِّيَ، مُذْ كُنْتُهُ وكَانَنِي، مُذْ كَانَنِي وكُنْتُهُ، مَنْ ذَا يَكونُ …، ومَنْ ذِي تَكُونُ …؟! مَنْ ذَا يَكُونُ هَذَا الَّذِي سَكَنَ وُجْداني، فَحَمَلْتُ رِسَالَتَهُ، وسَكنتُ رِحَابَهُ؟! ومَنْ ذِي تَكونُ هَذِي الَّتِي كُنْتُ فِي رُوحِهَا، فَسَكَنْتْ قَلْبي، فَكُنْتُهَا، وكَانَتْني؟! وَهَلْ لِيْ أَنْ أُدْرِكَ، حِيْنَ إِدْرَاكٍ حَقِيْقِيٍّ، حَقِيْقَةِ حَقِيْقَتِيْ، وَجَوْهَرَ ذَاتِيْ؟ وهَلْ لِذَاتِيَ، إِنْ تَحَفَّزَتْ لِإِدْرَاكِ ذَاتِهَا، أَنْ تُجَلِّي جَوْهَرَ إِنْسَانِيَّتي الْغَافِيَةِ عَلَى أسِرَّة غَفْلَتِي؟ وهَلْ لِيْ أَنْ أُقَابِلَنِي، حِينَ نُهُوْضٍ دَؤُوبٍ، فِي مِرْآةِ مَدَارٍ مِنْ مَدَارِي تَجْلِيَةِ وُجُودٍ إِنْسَانِيٍّ حَقِّ؟ هَلْ لِي أَنْ أُقَابِلَنِي؟! هَلْ لِي، عَنْ حَقٍّ، أَنْ …؟!! هَلْ لِي …، وأَنْ …؟!!! *** قَدْ كُنْتُ أُبْصِرُنِي، وَلَا أَرَانِي، وَمِنْ خَلَلِ سَرابٍ دَيْجُوْرِيٍّ بَعِيْدٍ، كَانَ نَاصِحِي وَقَرِيْني، يُبْصِرُ، فِي عَتْمَةِ مَرَايَايَ الْمُشَظَّاةِ، نَفْسَهُ، وَفِي وَهَجِ مَرَايَا نَفْسِهِ الصَّافِيَةِ، كَانَ يُبْصِرُنِي، ويَرَانِي! وَعَنْ بُعْدٍ وَعَنْ قُرْبٍ، كَانَ يُبْصِرُ نَفْسَهُ الغَافِيةَ فِي نَفْسِي، وفِيِ نَفْسِهِ اليَقِظَةِ، كَانَ يُبْصِرُنِي، ويَرَاني! وفِي صَفْوِ بَصِيْرَة نَفْسِهِ، كَانَ يُبْصِرُ نفْسَهُ، فَيَرَى، فِي صُلْبِ نَفْسِهِ، نَفْسَ نَفْسِهُ، وَفِي صُلْبِ صُلْبِ نَفْسِه الصَّافِيَةِ، كَانَ يُبْصِرُنِي، وكَانَ يَرَانِي! وكَانَ، فِي صُلْبِ لُبِّ نَفْسِهِ، وفِي صُلْبِ لُبِّ نَفْسِيْ، يُبْصِرُنِيْ، ويَلْتَقِطُ جَوْهَرَ جَوْهَريْ، فَيَري نَفْسَهُ، وفِي نَفْسِهِ كَانَ يَرى نَفْسَهُ، وَيَرَانِي! *** وكُنَّا مَعَاً، نَعَمْ قَدْ كُنَّا مَعَاً! وفِي صَفُوِ لُبِّ نَفْسَيْنَا الْمُتَوَاجِدَتَيْنِ الصَّافِيَتَينِ، كُنَّا نُبْصِرُنَا مَعَاً، وَمَعَاً كُنَا، فِي مَرَايَانَا الْمُتَنَاظِرَةِ، نُبْصِرُ تَجَلِّيَاتِ جَوْهَرَنَا، فَنَرى فِيْهِ آخَرِيْنَا، ونَرَانَا! 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “عين التينة” و”تل أبيب” تعلنان الترسيم… وعون “آخر من رحّب”! next post أمين الزاوي يروي الحراك الجزائري في مرآة التاريخ You may also like فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.