الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » عبد الرَّحمن بسيسو: حِوَارِيَّةُ نَهْرِ حَيَاةٍ وَإِنْسَانِ وُجُودْ (VI)

عبد الرَّحمن بسيسو: حِوَارِيَّةُ نَهْرِ حَيَاةٍ وَإِنْسَانِ وُجُودْ (VI)

by admin

(VI)

قَدْ أَبْصَرتُ “الدَّانُوبَ” إِنْسَاناً، ونَهْرَ حَيَاة

فَجْأَةً، وبِمَا يُشْبِهُ انْغرازُ سِكْيْنٍ قَاطِعٍ في هَشَاشَةِ كَائنٍ بَشَرِيٍّ كُوِّرَ مِنْ مُخَاطٍ مُتَجَمِّدٍ، وكِلْسٍ مَطْحُونٍ، ومَاءٍ آسِنٍ، وطَنِيْنِ ذُبَابٍ أَزْرَقٍ، وهِلْيُومٍ، وهُلَام حَلَزونٍ وصُبَّارٍ، وَجَدْتُني، واقِفَاً، عَلَى رَأْسِ رَأْسيَ عِنْدَ حَافَّةِ شُرْفَتيَ الْمُسَيَّجَةِ بِنَعِيْقِ غِرْبَانِ إِبَادةِ الإنْسَانِ، وإَماتَة الْحَيَاةِ، وتَعْدِيْمِ الْوُجُودِ، فَأبْصَرتُ “الدَّانُوبَ الرَّمَاديَّ”؛ آخَرِي وشَريْكِي في بُرْهَةِ الْخَطْوِ الْمتَخَيَّلِ في دَيَاميْسِ أُولَى دَوَّامَاتِ عَدَمٍ حَلَزُونيِّ الدَّهَالِيزِ والأَحْيَازِ والأَقْبِيَةِ، مُسَمَّرَاً عَلَى صَلِيْبِه عِنْدَ حَافَّةِ شُرْفَتِهِ الأَرْضِيَّةِ الْمُسَيَّجَةِ بِأغْلَالِ كَبْحِ الْحَيَاةِ عَنِ الْحَيَاةِ إلى أَنْ تُدَجَّنَ فَتُذْعِنَ، أَو تُمَرَّغَ فَتَنْقَادَ، أَو تُؤْسَرَ فَتُغْتَصَبَ، فَتُكْسَرَ أَنَفَتُهَا، وَيُسْتَأْثَرَ بِهَا مِنْ قِبَلِ كَابِحِيْهَا القَابِضِينَ، بتَوحُّشٍ شَرَسٍ، عَلىَ عُنِقِهَا الْهَشِّ الْمَلْوِيِّ الْمَبْذُولِ لِوَخْزِ بَسَاطِيرِ جُنْدِهِمْ، وجُنْدِ أَجْنَادِ جُنْدِهِم، الْمَرئِيِّينَ، وغَيرِ الْمَرْئِيِّينْ!

***

قَدْ أبْصَرتُ “الدَّانُوبَ الدَّامِيَ”، مُمَدَّدَاً عَلَ مَدَى الإبْصَارِ، مُسْمَلَ الْعَيْنيْنِ، مَقْطُوعَ الأُذُنَيْنِ، مَقْصُوصَ اللِّسَانِ، مَكْسُورَ الأَنْفِ، مَغْلُولاً، مَكْبُوحَاً عَنِ السَّرَيَانِ، مَأْسُورَاً، مُسَمَّرَ الْجِسَدِ عَلَى صَليْبٍ مُلْتَهِبٍ يَتَمدَّدُ حَدِيْدهُ الْمُحَمَّى، بِلَا تَوقُّفٍ، عَلَى مَدَى الْمسَاحَاتِ الشَّاسِعَةِ الْمستَلْقِيَةِ، بِرَخَاوَةٍ، أَمامَ السِّيَاجِ، وَورَاءَ السِّيَاجِ، وفِيْ ذَاكِرةِ ذَاكِرَتي الْمُحْتَجَزَةِ، وخَلْفِيْ، وأَمَامِيْ! قَدْ أَبْصَرْتُهُ، فَأَبْصَرتُ كُلَّ أَنْهَارِ الْحِيَاةِ الْمُسَيَّجَةِ، الْمغُلُولَةِ، الْمَأْسُورَةِ، الْمُسَمَّرَةِ عَلَى الصُّلْبَانِ، سَواءٌ عَلَى أَسْطُحِ الأُرُوْضِ الْمُغْتَصَبَةِ، أَو تَحْتَ جَنَانِ أَيِّ سَمَاءٍ مِنَ السَّمَاواتِ الْمُصَادَرَةِ الَّتي يُفْتَرضُ أنَّهَا مِنْ تَحْتِهَا تَجْرِي!

***

نَعَم، قَدْ أَبْصَرْتُ “الدَّنُوابَ الْأخْضَرَ”، بِأُمِّ عَيْنَيِّ مُخَيِّلَتيْ ورَأْسِيْ، فَأَبْصَرتُ فِيْهِ الْحْيَاةَ الَّتِي تَسْكُنُهُ ويُجَلِّيْها، والأَرضَ الَّتِي تَلِدُهُ فِي كُلِّ لَحَظَةٍ، مِنْ جَديْدٍ، فَيُحْيِيْهَا، والإنْسَانَ الَّذِي يَتَلَقَّاهُ، مُذْ لَحْظَةِ مِيْلادهِ مِنْ رَحْمِ الأرضِ، عَلَى راحَتيِّ كَفَّيْهِ ليَحْنُوَ عَليْهِ، ويُرْضِعَهُ، ويَتَعَهَّدَهُ ويَرْعَاهُ، والْوُجُوِدَ الْفَرِحَ بِمَا تُبْصِرُهُ عَيْنَاهُ مِنْ عَلاقَاتٍ حَمِيْمِيَّةٍ خَلَّاقَةٍ بِيْنَ إنْسَانِهِ والْأرْضِ وأَنْهَارِ الْحيَاةِ تَجْعَلُهُ فُيُوضُهَا الْآسِرَةُ مُبْتَهِجَ الْوجْهِ، وَضَّاءَ الْجَبِيْنِ، مُنْهَمِكَاً، طِيْلَةَ الْوَقْتِ، بِتَرْسِيْمِ الْوِلَادَاتِ، وبِتَسْمِيَةِ كُلِّ مَولُودٍ جَدِيْدٍ، ومُبَارَكَتِهِ، وإِشْهَارِ نَسَبِهِ إِليْهِ، وإطْلَاقِهِ فِي مَداراتِهِ، وهَمْسِ وصَايَاهُ الْحَقَّةَ، مُبَاشَرةً مِنْ لِسَانِهِ وبِلَا وَسِيْطٍ مِنْ أَيِّ مِلَّةٍ أَوْ لَونٍ، فِي أُذُنَيْهِ. وكَأَنِّي بِالْوُجُودِ يَغْرِسُ فِي خَلَايَا كُلِّ مَولودٍ مِنْ مَوَالِيْدهِ بُذُورَ إِنْسَانِيَّةِ وُجُودِهُ، ويُزَوِّدهُ بِأَنْسَاغِ وُجُودٍ إِنْسَانِيٍّ هُوَ عَيْنُ الْوُجُود!

***

قَدْ أبْصَرتُ “الدَّانُوبَ” نَهْرَ حَيَاةٍ مَسْكُونٍ بِإنْسَانٍ إِنْسَانْ، فَأَبْصَرتُ فِيْهِ أَنْهَارَ الْحيَاةِ فِي كُلِّ الأُرُوضِ وَفِي كُلِّ السَّمَاواتِ، وأَبْصَرْتُ فِيهِ كُلَّ مَكْنَزٍ ويُنْبُوعٍ مِن مَكَانِزِ أَمْوَاهِ الْحَيَاةِ ويَنَابِيْعِهَا فِي شَتَّى الْأَكْوانِ والْكَوَاكِبِ والمَجَرَّاتْ؛ وإِذْ أَبْصَرتُ فِي “الدَّانُوبِ” كُلَّ هَذَا، أَبْصَرْتُهُ فِيَّ، فَأَبْصَرتُ، إِذْ أَبْصَرْتُهُ فِيَّ، حَقيْقَتَهُ الْكُلِّيَّةَ الْكَامِنَةَ فِي حَقِيْقَةِ وُجُوديَ فِيْهِ، فَمَا رَأَيْتُ فِي مَا قَدْ رأَيْتُ، وفيِ مَا قَدْ تَأمَّلْتُ، سِوىَ تَجَلٍّ حَقِيْقِيٍّ مِنْ تَجَلِّيَاتِ حَقِيْقَةِ الْوُجُودِ الْكُلِّيِّ الْكَامِنَةِ فِي وُجُودِ الإِنْسَانِ الْكَونِيِّ الْكُلِّيِّ الإنْسَانْ!

Digital painting by Nabil elbkaili

***

وَبِتَرَوٍّ هَادِئٍ، ومِنْ غَيرِ انْتِظَارٍ مَدِيدٍ، وَجَدْتُ عَقْلِيَ اللَّحُوحَ يُومِضُ بِسِؤَالٍ أَخَذَ يُبلْوِرُهُ، ويَصَوْغُهُ، ويُدَقِّقُهُ، ويُعِيْدُ صَوْغَهُ لِيُقِرَّهُ، ولِيَكُونَ بِمقْدورهِ، إِنْ أَقَرَّهُ، أَنْ يُوجِّهَهُ إِلَى مُخَيِّلَتَيْ الْعَائِدَةِ، لِتَوِّهَا، بُصُحْبَةِ مَجَازِ الْحَيَاةِ الْأَعلَى: “النَّهْرُ”، مِنْ رِحْلَةِ بِحْثٍ مُشْتَرَكَةٍ عَنِ أَنْهُرِ حيَاةٍ فِي دَيَامِيْسِ عَدَمٍ قَسْرِيٍّ مُرَاوِغِ، والَّتي لَمْ تَزَلْ ذَاكِرَتُهَا مَوَّارةً بِمَا اكْتَنَزَتْهُ شَرَائِحُهَا النَّانَويِّةُ عَلَى مَدى بُرْهَةِ تِلك الرِّحْلَةِ الْحَلَزُونِيَّة فِي دَهَاليزِ أَوَّلِ دَائرةٍ مِنْ دَوائِرِ عَدمٍ انْتِقَالِيٍّ يُرَاوِحُ بَين مُمْكنَاتِ وُجُودٍ لَمْ يَجْتَثَّهَا عَدَمٌ، ولَمْ يَأْخُذَهَا إِلَيْهِ لِيُعْدِمَهَا الْوجُودَ، بَعْدُ، ومُمْكَنَاتِ عَدَمٍ يَتَحَفَزُ للاسْتِئْثَارِ لِنَفْسِهِ بِوُجُودٍ يَراهُ عَيْنَ الْوُجُود: هَلْ يُمْكِنُ لِلْعِلْمِ الْخَالِصِ أَنْ يَكونَ إِنْسَانِيَّاً، عَنْ حَقٍّ، فَيُوقِفُ نَفْسَه، وكُلَّ مُنْتَسِبِيْه، أَمَامَ الْمَرَايَا، ليَشْرعَ وإيَّاهُم في اسْتخْلاصِ دُرُوسٍ، وعِبَرٍ، وخُلاصَاتٍ مَعْرِفِيَّةٍ، تَنْبُع مِنْ إِنْسَانِيَّتِهِ الْمُفْتَرَصَةِ، وتسْتَضِيءُ بَانْوارِهَا، وتَسْتِجيبُ لِنِدَاءاتِ الْوجُودِ الْحَقِّ في مُواجَهَةِ اجْتيَاحَاتِ الْجَشَعِ الْبَشَريِّ الْمُتَوحِّشِ، والْعُنْصُرِيَّةِ الْفَاتِكَة، والْعَدمِ؟!

***

وهَلْ يُمْكنُ لِلْعِلْمِ الْمُؤَنْسَنِ، الْواسِمِ نَفْسَهُ ومُنْتَسِبِيْهِ بِجَوهَرِ إنْسَانيَّةٍ مَنْشُودةٍ، حَقِيْقيَّةٍ وحَقَّة، أَنْ يُسْهِمَ فِي إِنْقْاذِ الْبشَريَّةِ، بِأَسْرِهَا، مِن عَدَمٍ ماحِقٍ يَتربَّصُ بِهَا، اسْمُه “كُوفِيدْ التَّاسَعَ عَشرْ”، عَبرَ اكْتشَافِ ما يَتَوجَّبُ اكْتِشَافُهُ مِنْ عِلَاجٍ فَعَالٍ، أَو الْكشْفِ الْفَوْرِيِّ عَمَّا تَكْتَنزهُ ذاكِرةُ الْعِلْمِ بِشَتَّى مَجالاتِهِ وفُروعِهِ، وَقَدْ تَأَنْسَنَ وَتَأَنْسَنَتْ، مِنْ أَمْصَالٍ وتَطْعِيْماتٍ نَاجِعَةٍ تُعْدِمُ هَذا الـ”كُوفِيدْ” اللَّعِيْنَ الْوُجُودَ، وَذَلِكَ عِوَضَاً عَنِ الاسْتِمْرارِ فِي تَجْمِيدِ الطَّبِيْعَةِ، وتَخْريْبِهَا، وتسْويْدِ عَيْشِهَا، وإِنْضَابِهَا، وإِضْمَارِ جَسَدِهَا، وإماتَةِ الْحَيَاةِ البَشَرِيَّة الْجَمْعِيَّةِ، وإِخْرَاسِ نَبْضِ كُلِّ حَيَاةٍ، وإفْقَارِ الْوُجُودِ، وإِفْزَاعِ النَّاسِ وتَرْوِيْعِهِمْ، واحْتِجازِهِمْ، وَعَزْلِهِمْ، وأَسْرِهِم، والْحَجْرِ عَليْهمْ، وعَدِّ أَنْفَاسِهمْ، وَتَكْرِيْسِ تَبَاعُدِهِم، وتَنْميَةِ شُكُوكِهِمْ الْمَرَضِيَّة فِي بَعْضِهِمْ بَعْضَاً بِوصْفِهِم نَاقِلِي عَدْوى مُحْتَمَلَينِ، وتَرْكِهِم فِي قبْضَةِ هَذَا الْوَبَاءِ الْغَامِضِ الأَصْلِ الَّذِي عَرَّى الْكائِنَ الْبَشَريَّ مِنْ كُلِّ قِيمَةٍ، وعَاطِفَةٍ، وشَيءٍ، ونَشَاطٍ، وشُعُورِ، سِوى الْفَزَعِ الْمُرَوِّعِ مِنَ الْمَوتِ، والرَّغْبَةِ الْعَارِمَةِ فِي الْبَقَاءِ الأنَانيِّ الْفَرْديِّ عَلَى قَيْدِ حَيَاةٍ عَارِيَةٍ مِنْ كُلِّ شَيءٍ سِوىَ غَريْزةِ الْبَقَاءِ الْحيَوَانيِّ، ومَوتِ الإنْسَانِ، وعَرَاءِ الْحَيَاةِ مِنْ عُرُوقِهَا، ومِنْ كُلِّ أَرْدِيَةِ الْوُجُودْ؟!

***

وَهَلْ سَيَكُونُ بِمقدورِ الْبَشَرِيَّةِ، إِنْ شَرَعَتْ فِي اخْتِيَارِ التَّأَنْسُنِ الضَّمِيريِّ الصَّادِقِ، أَنْ تَشْرَعَ فِي الْخَطْوِ الْمُواكِبِ خَطْوَ الإنْسَانِييَنَ الْواعِينَ الْعَارِفِينَ الْأحْرارِ، والْمُضَاءِةِ دُرُوبُهُمْ  المُتَنَوِّعَةُ، الْمُتَشَعِّبَةُ، المُتَواشِجَةُ الْبدايَاتِ وطرائِقِ السَّعْيِّ والْغَايَاتِ، بِصِدْقِ إنْسَانِيَّتِهم، وصَفَاءِ بَصِيْرَتِهِمْ، ومُسْتَقْبَلِيَّة رُؤَاهُمِ الْوُجُودِيَّة الْمُعَزَّزةِ بِأَنْوارِ المْعْرِفَة الإنْسَانيَّةِ الْمُؤَصَّلَةِ، والْعِلْمِ الْحَقيْقيِّ المُؤَنْسَنِ الذِي بَاتَ يُصِرُّ، بِاجْتِهَادٍ مُتَواصِلٍ ودَأَبٍ مُثَابِرٍ مِنْ قِبَلِ مُدْرِكِيْهِ الأَوفِيَاءِ لِجَوهَرهِ، عَلى أَنْ يَكونَ هُوَ الْعِلْمُ الإنْسِانُ؟!

***

وهَلْ سَيَكُونُ لِلْبَشَرِيَّة أَنْ تَنْفَتِحَ عَلى دَيْدَنِ خَطْوٍ لَا يَحُولُ دُونَهَا وعُبُورَ أَيِّ دَرْبٍ يُمكَّنُهَا عُبُورهُ مِنَ الاسْتِمرارِ فِي تَمكِينِ نَفْسِهَا  بإِدْراكِ أَيِّ مُكَونٍ جَديدٍ مِنْ مَكَوِّنَاتٍ هُوِيَّتِهَا وجَوْهَرِ إنْسَانِيَّتِهَا، ومِنَ امْتِلَاكِهِ امْتَلاكَاً حَقِيْقيَّاً ورَاسِخَاً يُؤَسِّسُ لِتَمْكِيْنِهَا مِنْ إدْراكِ كُلَّ شَيءٍ، وكُلِّ كَائِنٍ، وكُلِّ مُوجُودٍ فِي الْوجُودِ، بِلْ ومِنْ إِدْراكِ الْوجُودِ فِي كُلِّ كُلِّيَاتِهِ الْمتَعَيَّنَةِ فِي شَتَّى تَجَلِّيَاتِهِ، بِوصْفِهِ وُجُودَاً يِسْعَى، فِي تَواكِبٍ تَفَاعُلِيِّ حَمِيْمٍ مَعْ سَعْيِ الإنْسَانِ، إلى إدْراكِ كَمَالٍ وُجُوديٍّ حَيَويٍّ حُرٍّ أَغْزَرَ خُصُوبَةً، وأخْصَبَ عَيْشَاً، وأَبْهَى جَمَالاً، وأَغْزَرَ تَفَاعُلاً وبَذْلاً، وعَطَاءً ، وأَسْمَى مُسَاواةً، وتَسَامُحَاً، وعَدْلاً!

***

الْحَقُّ أَنِّي، وأَنَا أُبْصِرُ كُلَّ شَيءٍ، ولا اتَفَادَىَ إِبْصَارَ شَيءٍ مَهْمَا ضَئُلَ أَوْ تَنَاهَى صِغَراً، كَيْ أُحْسِنَ التَّبَصَّرَ، مُتَرَوِيَّاً، ومُوْغِلَاً فِي أَبْعَدِ عُمْقٍ، وجَائِسَاً رِحَابَ أَوسَعِ مَدَىً، فِي كُلِّ مَا يُكَوِّنُ الْحَالِ الَّذي نَحْنُ وعَالَمنُا عَلَيْهِ الآنَ فِي بُرْهَةِ هَذَا الزَّمَنِ الْأُفِقِيِّ الْمحْكُومَةِ مِنْ قِبَلِ “كُوفِيدْ التَّاسِعِ عَشَرِ”، مُبَاشَرَةً، أَو عَبْرَ أَقْنِعَتهِ الْمُوارِيَةِ وجْهَهُ، أوَ الْمُخْفِيَةِ وجُوْهَ الْمُقنَّعِينَ بِوجْهِهِ مِنْ مُسْتَثْمِريْهِ وَوُكَلائِهِ الْمُتَكَاثِرِينَ مِنَ وُحُوشِ الْبَشَرِ، لَأَقْرِنَنَّ السُّؤَالَ عَنْ مَاهِيَّةِ الكَائِنِ الْبَشَريِّ، وهُوِيَّةِ الإنْسَانِ، وصُوْرَةِ الْعالَمِ، بَعْدَ الْخَلاصِ مِنَ اسْتِطَاراتِ شُرُورِ “كُوفِيدْ التَّاسِع عَشَرْ”، إنْ كَانَ ثَمَّةً مِنْ خَلاصٍ سَيَفْرجُ مُحْتَجِزوهُ عَنْهُ بِإِطْلاقِ سَرَاحِ حَامِلِهِ الإنْسَانِ الإنْسَانْ، بالسُّؤَالَ عَنْ مَصَائِرِ البَشَرِيَّةِ، وتَحَوُّلاتِ الطَّبيْعَة، ومآلاتِ الحَيَاةِ، ومُمكِنَاتِ الْوُجُود؟!

***

مَا الْمصَائِرُ، ومَا التَّحَوُّلاتُ، ومَا المآلاتُ، ومَا الْمُمْكِنَاتُ الْوجُوْدِيَّةُ، الَّتي  كَانَ يُمْكِنُ للِعَالَمِ الَّذي كَانَ قَائِماً قَبْلَ الآنِ أَنْ يَصَلَهَا، أَوْ يُدْرِكُهَا، أَو يُلاقِيْها، أَو يَكْتَشِفُهَا ويَكْشِفُ عَنْهْا، لَو أَّنَ هَذَا الـ”كُوفِيدْ” الْمَشْؤُومَ لَمْ يَصْعَدْ، أَوْ لَمْ يُصَعَّدْ، مِنْ غَوْر مُحْتَجَزهِ القَابِعِ فِي أَبْعَدِ أَغْوارِ الْجَحِيمِ، مَحْمُولاً عَلَى حَجَرٍ بُركَانيٍّ، أَو لَوْ أّنَّهُ، لَمْ يَسْقُطْ، أَوْ لَمْ يُسَقَّطْ، عالِقَاً بِذَيْلِ مُذَنَّبٍ هَائِلٍ، أَوْ مُتَوارِيَاً في قَبْضَةِ كَائنٍ فَضَائِيٍّ أَزْرَقِ اللَّوْنِ، كَامِدِهِ، لِيَرْتَطِمَ بِرأْسِ الإنْسَانِ الْكُلِّيِّ السَّاعِيَ، بِصُحْبَةِ كُلِّ أَنْهَارِ الْحَيَاةِ الْحَيَّةِ، وبِاسمِ الْوجُودِ الإنْسَانِ، وبِمُبَارَكَةِ الْوُجُودِ الْكُلِّيِّ الْحقِّ، لإِعَادةِ تَكوينِ العَالَمِ عَبْرَ اجْتِثَاثِ بُؤَرِ كُلِّ فَسَادٍ بَشَرِيٍّ، وتَطْهِيرِ النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ مِنْ دَنَسِ الْعُنْصُريَّةِ، والتَّوحُّشِ، والْغَرَائِزِ الْفَاتِكَةِ، والْجَشَعْ، وذَلكَ فِي جَميْعِ أَرْجَاءِ الأَرضِ، وفي شَتَّى الْمَجَرَّاتِ، والْكَواكِبِ، والأَكوانِ، وعَلى نَحْوٍ يَكُفُلُ إنْهَاضِ الْحيَاةِ الْحُرَّةِ الْحيَّةِ، وإِسْعَادِ الإنْسَانِ الْخَلَّاقِ الإنْسَانِ، وإِثْراءِ حَيَويَّةِ الْوجُودِ الْحَقِّ، وتَوسِيعِ مَدَاراتِ تَجَلِّيْهِ، وإِغْنَاءِ وُجُودِه؟!

براتسلافا، 18.07.2020

 

 

You may also like

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00