بأقلامهم عبد الرحمن بسيسو يكتب عن: أيها الكائن البشري: إقرأ لتصير إنساناً by admin 10 سبتمبر، 2023 written by admin 10 سبتمبر، 2023 478 عبر القراءة الجادة، هَاتِهِ التي يتعادل فيها ما تنتجه من إمتاع ونفع مع ما تتطلبه من جهدٍ عقلي ومُثابرة، تتوسَّعُ حياة الكائن الإنساني وتمتدُّ في فضاءات الكون ومدارات الوجود، وتعمقُ إيغالاً في مراحل التاريخ البشري، والحضارة الإنسانية، عبد الرحمن بسيسو – كاتب ومغكر فلسطيني أقرأ لأنني كائنٌ بشريٌّ يُلْهِبُهُ السَّعي لإدراك جوهر إنسانيته؛ فالقراءةُ، بشتى أشكالها، وبتنوع مجالاتها المعرفية: الأدبية، والفنية، والجمالية، والعلمية، والتاريخية، والفلسفية، والأسطورية، والدينية الموغلة في الأسطرة والقدامة، والتكنولوجية التي شرعت في مجافاة كل قدامة وكل حداثة لتنفتح على أزمنة لا يَسِمَهَا ولا يُقررُ مآلاتها سواها، وكذا بتضافر الحواس والملكات والحُدوس التي تجعلها قراءةً مُمْكِنةً، مُبدعةً وخلَّاقةً، هي وحدها التي تؤهلني لإلهاب هذا السَّعيَّ العقلي والوجداني المُتَواشِج، ولإجادة توجيهه عبر إحسان التبصُّر في كل ما أقرأ، والتأكد من استيعابه، وفهمه، وتكثيف خلاصاته، واكتناز هذه الخلاصات في ذاكرة العقل، لأتمكن من الوصول، عبر إعمالها وفي ضوء أنوارها، إلى الغاية المنشودة التي يُتَوِّجها وصولي إلى كمالٍ إنسانيٍّ يُنقصه، بالضَرورة، كلُّ كمالٍ يتم لي إدراكه؛ إذ لن يكون للكمال الذيَ نَشَدْتُهُ، وسعَيْتُ إليه، فأَدركتُهُ، إلا أنْ يُحَفِّزَ الذَّاتَ الإنسانيةَ التي صرتُ إليها لحظة إدراكه على متابعة السَّعي لإدراك كمالٍ إنساني أعلى، وأجلَّ، وأسمى. عبر القراءة الجادة، هَاتِهِ التي يتعادل فيها ما تنتجه من إمتاع ونفع مع ما تتطلبه من جهدٍ عقلي ومُثابرة، تتوسَّعُ حياة الكائن الإنساني وتمتدُّ في فضاءات الكون ومدارات الوجود، وتعمقُ إيغالاً في مراحل التاريخ البشري، والحضارة الإنسانية، وأحقابهما، لتلامس بدء الحياة البشرية وتوالي مسارات صيروراتها المتواصلة منذ آدم وحواء إلى آخر إنسان سيُولد مسكوناً بهما، ولتذهب صوب الإطلال على معرفة كل ما سبق وجود الإنسان في الوجود وكل ما اتصل بصيرورة وجوده فيه، وكل ما قد أعقب لحظة ميلاده وانبثاق وجوده التاريخي الحضاري المفتوح على وجود لا ينتهي ولا يتناهى. لقد كان لهذا المخلوق، أو الكائن الوجودي، الذي كان في مُبتدإِ وجوده كائناً بشرياً حيوانياً، أن يدرك، بتحفيز فطرته وعبرَ أولياتِ القراءة المتحركة، والمتشابكة: سمعاً، واشتماماً، وتذوقاً، وبصراً، وبصيرةً، ولمْسَاً، وحَدْساً، بين دواخل النفس، ومدارات الحياة، وفضاءات الكون، بذرة إنسانيته التي أسكنها خالقُهُ أعماقَ وجدانه، فما كان له وقد أدركها إلا أن يتعهدها، عبر العمل الحياتي الدؤوب والمثابر ومتابعة القراءةِ الخلَّاقة، بالسقاية، والرعاية، والنَّماء؛ فصار بهذه المثابرة الحياتية القرائية، المضنية والمبهجة في آنٍ معاً، كائناً إنسانيَّاً لا يكفُّ عن نشدان كماله الإنساني المحتمل، فلا يكفُُّ عن السَّعي اللَّاهب، عبر القراءة مصحوبة بالوفاء الإنساني للوجود الحَقِّ، وبالعمل الحياتي المثابر، على إنهاض الإنسان الجوهري الكامن في أعماقه. هذا، فيما أحسب، هو هدف القراءة الأسمى، وهو غاية كل مقاصدها وغاياتها، لكنه هدفٌ كُلِيٌّ لا يتحقق بمعزل عن تحقيق أهداف تمكينية، جزئيةٍ، عديدة ومتشعبة، يكون لإدراك تحققها أن يجعل أمر تحقيقه النهائي ممكناًً، وموشكاً على التحقق الفعلي، مع انبثاق كل لحظةٍ حَيَاتيَّةٍ قادمةٍ. ومن أهم هذه الأهداف التمكينية، الجزئية الضرورية، وأسماها: التحصيل العلمي، والتأهُل المعرفي؛ وامتلاك الدراية الكافية بتاريخ العالم، وبمسارات تواريخ قاطنية من الكائنات، والكينونات، والأحياء، والأشياء، والظواهر؛ وبانبثاقات حضاراته الإنسانية، تلك المنفصلة في تواصل خفيٍّ لا ينقطع؛ وكذلك معرفة الذات الإنسانية الجوهرية في ثباتها وصيرورتها وممكنات وجودها، وتعدد تجليات هذا الوجود، وتباين مآلاتها من حيث استمرارها المتغاير في تصاعدٍ مُتتابع يُفصح أكثر فأكثر عن لُبِّ جوهرها، أو من حيث احتجابها وتبطنها، أو خفاء تجليها. وتأسيساً على تحقق الأهداف التمكينية الأساسية التي بيَّنتها الفقرات السابقة، سيكون للإنسان القارئ المُتدَبِّر في خلق السموات والأرض وأحوال الموجودات والكائنات والأكوان؛ أي الإنسان الذي تجاوز عبر القراءة بشريته وأدرك جوهر إنسانيته، والذي أهَّل نفسه لإجادة استثمار قراءاته العميقة والمديدة في الكتابة الإبداعية المتبصِّرة الخلاقة، سيكون له أن يسهم في كتابة ثالوث: الذَّات، والآخر، والعالم، وفي التقاط نداءات الوجود المبثوثة في أثير الكون بقدر ما هي مبثوثةٌ في دواخل الذَّوات الإنسانية، المبدعة الكاتبة، التي تمكنت من جلاء وجودها الحيوي الفاعل في الوجود عبر النُّصوص التي أبدعتها مُنْهِضَةً كتابتها إياها على قراءاتها الإبداعية المتنوِّعة، المتواترة، والمتبصرة، للحياة والوجود، كنصين مفتوحين متفاعلين، ولا يكفان عن الجدل الحيوي، بل وعن الصراع الاحتداميِّ الأزلي الأبدي، مع نقيضيهما: الموت والعدم، لتكون النصوص التي يكتبها الإنسانيون من الناس، في ضوء قراءاتهم التَّدبُّريَّة المُتَبَصِّرة في صفحات كتابيِّ الحياة والوجود، تجسيداً حيوياً لقدرة اللُّغة الإبداعية الشَّاعرة، المخلوقة الخالقة، والمشحوذة بتدفق معاني ومدلولات علاماتها، ودوالها، وكلماتها، وشتى إشاراتها: مَقْرُوءَةً مسموعةً، ومكتوبة مرئيةً، ومحسوسة ملموسة، ومحدوس بها، ليس على اكتناز صيرورات الحياة المائرة في كل الأمكنة والأزمنه، وعلى بثِّ رسائل الوجود ونداءاته في شتى مدارات تجليه وخفائه واحتجابه التي تعمرُ كوكبنا الأرضي، وكوننا بأسره، وكل الأكوان التي عرفنا، عبر القراءة التدبرية المثابرة، شيئاً عنها، والتي لمَّا نعرفها بعدُ، فحسب، بل على ابتكارِ الحَيَاةِ الإنسانية الحقَّة، وإحيائها في كل لحظة حياة، وتوسيع فضاءات وجودها وساحاته، وإثْراءِ الوجودِ عبر تلبية نداءاته، وفتح أبواب مداراته الشاسعات، ونزع حُجبه، وتجلية خفائه، بإحياء الحياة في رحابه، وإماتةِ الموتِ، وتعديمِ العَدَمْ. عبد الرحمن بسيسو 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post Lee review from TIFF: Kate Winslet scores her best ever role in this biopic of a Vogue model-turned WW2 photographer next post Olivia Rodrigo’s Guts proves she’s far more than just a Gen Z star You may also like مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024