بأقلامهم عبد الرحمن الراشد يكتب عن: من الأردن إلى باب المندب by admin 24 ديسمبر، 2023 written by admin 24 ديسمبر، 2023 319 استهدافُ الملاحةِ في البحر الأحمر هو عولمةٌ للصراع، ولا يقتصرُ ضررُه على إسرائيلَ ومصر، بل على المجتمع الدولي. سيرفع تكلفةَ التجارةِ على معظم أسواق دول العالم التي تبحر بين الصين وشرق وجنوب آسيا وإلى أوروبا والأميركيتين. من وراء التصعيدِ البحري، تعتقد إيران أنَّها ستعزّز موقفَها التفاوضي الشرق الاوسط / عبد الرحمن الراشد إعلاميّ ومثقّف سعوديّ، رئيس التحرير الأسبق لصحيفة «الشّرق الأوسط» ومجلة «المجلة» والمدير العام السابق لقناة العربيّة. خريج إعلام الجامعة الأميركية في واشنطن، ومن ضمن الكتاب الدائمين في الصحيفة. اتسعتِ المعركةُ بينَ إسرائيلَ و«حماس» على مستويين، العنف والجغرافيا. هذه هي المرةُ الأولى التي يتحاربُ فيها الإسرائيليون والفلسطينيون بآلافِ المقاتلين، وجغرافياً صارَ النطاقُ أوسعَ، باستهدافِ أمنِ الأردن والبحرِ الأحمر وباب المندب، وأصبحت هناك جبهة جديدة. هجماتُ الحوثيين تسبَّبت في نقلِ النزاع إلى مستوى جديد، ودفعتْ لتأسيسِ حلفٍ عسكريٍّ بحريٍّ من عشرين دولةً. وكانَ آخرُ مشروعٍ لحمايةِ المسارات البحرية، خلالَ حربِ العراق – إيران، بعد استهداف الناقلاتِ النفطيةِ الكويتية التي رفعتِ الأعلامَ الأميركيةَ عام 1987. ففي الوقتِ الذي يتهرَّبُ فيه «حزبُ الله» في لبنان من المشاركة، وتحيّد سوريا نفسَها، يتمُّ الزجُّ بالحوثي في حربٍ جديدة. وجرَى استهدافُ الأردن بمحاولةِ زعزعةِ أوضاعه؛ إذ تصدَّتِ القواتُ الأردنية لميليشياتٍ مسلحةٍ عبرتِ الحدودَ على ظهرِ سياراتٍ قادمةٍ من السويداء السورية. ولا يوجد تفسيرٌ سوى أنَّ إيرانَ تهدّد بتعميمِ الفوضى داعيةً إلى وقفِ عمليةِ تدميرِ وكيليها، «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في غزةَ، والمحافظة على استثمارِها الطويل فيهما. التصعيد الإيراني متوقَّعٌ أن يتطوَّرَ مع إصرار إسرائيلَ على تصفيةِ «حماس»، وإعلانها أنَّها ماضيةٌ في هدفها، بغضِّ النظرِ عن الاعتراضاتِ الدولية، ومصيرِ رهائنها، واحتمال توسّع الحربِ على حدودها الشمالية مع لبنان. وهذه هي المرة الأولى التي يصبحُ فيها البحرُ الأحمرُ جبهةً جديدةً، وقد تستمرُّ لسنواتٍ مقبلة، حتى لو انتهتْ حربُ غزة، ما لم يتم التعاملُ جماعياً مع مصدرِ التهديداتِ في الممر الملاحي الدولي. الصورة صارت أكثرَ وضوحاً، فاستراتيجية طهران، باتخاذ الحوثي وكيلاً لها، لم تكن فقط للسيطرةِ على اليمن، وتهديدِ السعودية ودولِ الخليج الأخرى، بل أيضاً بلوغ بابِ المندب لتعظيمِ دورِها ونفوذِها الإقليمي. اليوم، إيران أصبحت على ثلاثةِ بحار، الخليج، والبحر الأحمر، والبحر المتوسط. وسبق لها أن جرَّبت إرسالَ سفنٍ حربيةٍ فردية إلى البحر الأحمر، استهدفت، من خلال زرع الألغام، الناقلات، إلا أنَّ الذراعَ العسكريةَ البحريةَ الطويلة لم تحقق نجاحاً، خاصةً بعد إسقاطِ نظامِ البشير في السودان، الذي كانَ يمنحُها مرافئه لاستخدامها. الآن، تتَّكل على صنعاءَ في القيامِ بالمهمة. أسطولُ التحالفِ الأميركي البحري، قد ينجحُ في وقفِ قرصنة الحوثيين للسفن، لكن بمقدور الحوثيين الاستمرار في تهديد الممر الملاحي بإطلاق الصواريخ من الشواطئ الغربيةِ اليمنية. لا بدَّ أنَّ الأميركيين يدركون اليومَ حجمَ الخطأ الكبير الذي ارتكبوه عندمَا عرقلوا عملياتِ التحالفِ السعودي العسكري ضد الحوثي، آنذاك. فقد حَرمت واشنطن الرياضَ من الذخائر المهمة، وتوقَّفت عن مشاركتِها المعلومات العسكرية، وسمحت بتهديدِها بالملاحقات القانونية، وكافأ الرئيس بايدن الحوثي بعدم تثبيتِه في قائمة المنظمات الإرهابية. النتيجة، الميليشيا تهدّد من اليمن الملاحةَ الدولية. ومع أنَّ للسعودية أطولَ ساحلٍ على البحر الأحمر ويهمُّها حفظُ أمنِه والملاحة فيه، إلا أنَّها، أيضاً، ليس لها مصلحة في فتح جبهةِ الحربِ مع الحوثي ولا نقض التفاهماتِ الجديدة، الأمرُ الذي يضعُ عبئاً كبيراً على كاهلِ واشنطن للقيام بالمَهمَّةِ التي عرقلتها سابقاً. استهدافُ الملاحةِ في البحر الأحمر هو عولمةٌ للصراع، ولا يقتصرُ ضررُه على إسرائيلَ ومصر، بل على المجتمع الدولي. سيرفع تكلفةَ التجارةِ على معظم أسواق دول العالم التي تبحر بين الصين وشرق وجنوب آسيا وإلى أوروبا والأميركيتين. من وراء التصعيدِ البحري، تعتقد إيران أنَّها ستعزّز موقفَها التفاوضي، مستفيدةً من موسم الانتخاباتِ الأميركية، الذي غالباً سيمتنعُ فيه الرئيس بايدن عن الدخولِ في مواجهاتٍ عسكرية. وهذا قد يؤدِّي إلى توسيعِ دوائرِ الصراع إقليمياً خلالَ الأشهر المقبلة. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حازم صاغية يكتب عن : دور السحر في الحرب الراهنة على غزّة next post قبر القذافي… «السر المخفي» بالصحراء الليبية يُعيد طرح الأسئلة You may also like ابراهيم شمس الدين يكتب عن: هوية الشيعة الحقيقية... 10 يناير، 2025 منير الربيع يكتب عن: “الوصاية” الدولية-العربية تفرض عون... 10 يناير، 2025 لماذا يسخر ترمب من كندا بفكرة دمجها كولاية... 9 يناير، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: هل مسلحو سوريا... 9 يناير، 2025 حازم صاغية يكتب عن: لا يطمئن السوريّين إلّا…... 9 يناير، 2025 ديفيد شينكر يكتب عن: لبنان يسير نحو السيادة... 9 يناير، 2025 غسان شربل يكتب عن: إيران بين «طوفان» السنوار... 7 يناير، 2025 ساطع نورالدين يكتب عن: بيروت- دمشق: متى تُقرع... 5 يناير، 2025 حازم الأمين يكتب عن: حزب الله يتظاهر ضد... 5 يناير، 2025 حازم صاغية يكتب عن: على هامش سؤال «النظام»... 5 يناير، 2025