الاتجاه العام للمعارضة في الدول العربية اعتمد على مقاربة شبه واحدة أو نمط واحد في الاستقواء بالخارج (اندبندنت عربية) بأقلامهم طارق فهمي يكتب عن: لماذا تستقوي المعارضات العربية بالخارج؟ by admin 15 أغسطس، 2023 written by admin 15 أغسطس، 2023 58 تتداخل أنماط الاعتماد على الخارج من خلال دعم منظمات المجتمع المدني لا سيما من حيث التمويل اندبندنت عربية \ طارق فهمي كاتب وأكاديمي شهدت المعارضات العربية في أغلب النظم السياسية العربية ظواهر عدة متعلقة بالتعامل مع الخارج والاستقواء بالجهات الخارجية، وبأنماط من التحالفات الخارجية ظل بعضها متماسكاً وبعضها الآخر كان هشاً، ومن خلال الاعتماد على الحلفاء التاريخيين مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وتركيا بل وإيران، ودول احتلت الإقليم قبل تشكله ودول أخرى، إذ بقيت المعارضة العربية في دائرة محددة وأسيرة لتوجه تقليدي في الممارسة السياسية من خلال الدعم الخارجي، وليس اعتماداً على قدراتها الداخلية أو الذاتية، وهو ما مثل تحدياً حقيقياً وخطراً كبيراً ولافتاً، ولا يمكن أن يرتبط بأي أبعاد وطنية خالصة . اتجاهات عامة يمكن التأكيد على أن الاتجاه العام للمعارضة في النظم العربية اعتمد على مقاربة شبه واحدة أو نمط واحد في الاستقواء بالخارج، وعدم تفعيل القدرات الداخلية فمن الحالات الظاهرة ارتباط بعض هذه الدول العربية بنمط المحتل الرئيس، فمن الحالة الفرنسية مع لبنان، وهي الأوضح إلى الاعتماد داخل بلدان المغرب العربي على الجانب الفرنسي، إذ شبكات التحالفات والترابطات الكبرى التي تجعل الطرف الخارجي عضواً أصيلاً في أي تغيير. كما تبذل المعارضة أو الأصوات المناوئة في أغلب نماذج الحكم جهداً في طرح مقارباتها في الخارج، مما يشير أحياناً إلى تفسخ الصورة الداخلية، خصوصاً وأن نموذج الخارج أياً كان الاستقواء، سواء كان فرنسياً أم بريطانياً أم أميركياً يدفع إلى تحديات صعبة ارتهاناً بما لدى هذه المعارضة من برامج تعمل في الداخل أو مفترض أن تكون كذلك. وتتداخل أنماط الاستقواء والاعتماد على الخارج من خلال دعم منظمات المجتمع المدني ومؤسساته بل وأشخاصه في كثير من الأحيان، إذ الاعتماد على التمويل والدعم الخارجي سواء في ممارسة نشاطات في الداخل من خلال عقد ورش عمل وجلسات استماع للتأثير. تذهب رموز هذه المعارضة إلى هذه الدول لإلقاء محاضرات، وكلمات متخصصة عن الشأن الداخلي من خلال التطرق إلى مواضيع سياسية وقضايا تتعلق بالشرائح المجتمعية، والاهتمام بمواضيع المرأة والشباب وتمكينهما من الممارسة السياسية. وفي توقيتات مختلفة ومتعددة التقت بعض الرموز السياسية في عدد من الدول العربية بشخصيات دبلوماسية أجنبية سواء في السفارات والقنصليات مثلما جرى في الحالة المصرية استقواء بالسفارة الأميركية، التي شهدت سلسلة لقاءات في القاهرة قبل رحيل نظام الرئيس الأسبق مبارك، كما أعلن السفير الأميركي السابق لدى القاهرة ديفيد والش في توقيت لاحق أنه سيوجه مليون دولار لبعض المنظمات ومؤسسات حقوق الإنسان والمجتمع المدني قبل أن يترك موقعه في القاهرة. من جهة أخرى دخلت رموز المعارضة اللبنانية على خط التفاعل مع فرنسا بل وقام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نفسه بالتدخل لدعم المشهد المختل داخلياً، وكأن لبنان تحت الانتداب الفرنسي، كما شكلت المنصات السورية المعارضة نموذجاً صارخاً للاستقواء بالخارج، إذ تعددت المنصات التي عملت في روسيا وتركيا والرياض، وفي الداخل وفي عواصم أخرى، مما أكد أن المعارضة السورية – وفي إطار ممارستها- لا تملك البديل عن النظام، وتعددت اللقاءات والاجتماعات طوال عمر الأزمة السورية من دون فائدة. وبقيت المعارضة على تعدد منصاتها أسيرة ونموذجاً في الاعتماد على الخارج، مما كرس حكم رئيس النظام بشار الأسد ومنحه فرصة لتصنيفها. وهناك بعض الدول التي تتعامل مع ظاهرة الاعتماد على الخارج من خلال تشريعات مباشرة، فقننت مصادر التمويل الممنوحة وعدلت قانون الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني لمنع الحصول على دعم قد يسهم في تطوير أو توظيف حضورها في مشاهد الانتخابات، وهو ما يعرف بالمال الأسود. نماذج حقيقية الواقع أن هذا النموذج التدخلي والاعتماد على الخارج من المعارضة أصبح الأوضح في التعامل لمنع تمدد العلاقات بين المعارضة والأصوات التي تعمل تحت مظلة مواضيع مثل حقوق الإنسان، أو التأكيد على الليبرالية والتعددية وغيرها، خصوصاً وأن قانون ممارسة الأحزاب لعملها في أغلب دراسات النظم العربية يجرم عمليات التمويل المباشر أو الاعتماد على دعم خارجي. ومع ذلك يدخل المال الخارجي إلى بعض الدول بصورة أو بأخرى ومن خلال شبكات كبيرة، ولعل ما يقوم به “حزب الله” يشكل نموذجاً واضحاً لهذا الأمر، إذ يستقوي بالدور الإيراني بل ويعمل من خلال نظرية الوكيل، وهو ما تؤكده ممارساته كفاعل رئيس في خريطة القوى السياسية اللبنانية، كما تقوم به حركات الإسلام السياسي مثل حصول حركات “حماس” و”الجهاد الإسلامي” و”صابرين” التي تعمل في قطاع غزة على دعم وتمويل إيراني كبير، ولهذا يهتز قرارها السياسي والاستراتيجي في إطار المواجهات مع السلطة الفلسطينية من جانب، ومع إسرائيل من جانب آخر. الرسالة أن هذه الأطراف المعارضة في أغلب النظم العربية تعتمد على الخارج، وهو ما يشير إلى أمور أخرى عدة، أولها عدم الاعتماد على القدرات الذاتية إلا في نطاقات محدودة مع توظيف الإمكانات، والقدرات بما يحقق أهدافها بدليل أن جماعة “الإخوان المسلمين” في مصر استقوت بتركيا في مرحلة ما بعد “ثورة يونيو” ليس فقط للهرب من الواقع الداخلي وإنما أيضاً بحثاً عن دور، وتأكيداً لحضورهم في المشهد السياسي والإعلامي، ومن هناك بثوا رسائل إعلامية وسياسية ممتدة إلى حين تطورت العلاقات المصرية التركية، وأصبح ملف الجماعة ووجودها وإعلامها وعناصرها الفارة جزءاً من كل، وضمن منظومة التفاوض بين مصر وتركيا، إذ كان حضور الجماعة سياسياً وإعلامياً لمناكفة الموقف المصري الرسمي، واعتماداً على مناخ سياسي وفر كثيراً من الأجواء لممارسة دور المعارضة السياسية في الخارج في ظل واقع سيتشكل في الفترة المقبلة بعد تطبيع العلاقات بين القاهرة وأنقرة. كما أن التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين انتشر في الخارج وخصوصاً في لندن وبعض العواصم الأوروبية الأخرى، وانطلق منها لتأكيد حضوره في مواجهة الداخل المصري، وهو ما يتضح في سياق من الخيارات الصعبة التي يتحرك فيها التنظيم مع نقل رسائل بوجوده، كجهة معارضة خارجية في ظل خطاب إعلامي يركز على بناء المظلومية التي فرضت عليه. أما ثاني الأمور التي يشير إليها الاعتماد على الخارج، فهو افتقاد أغلب المعارضات العربية للرؤية السياسية الحقيقية، أو البديل الواقعي فحركات الإسلام السياسي تعمل وفق مرجعيات محددة اعتماداً على الخارج، كما أن الدول الداعمة قد توفر ملاذات آمنة في بعض الأحيان لحسابات سياسية، وتوظيفها ضمن أوراق تعاملاتها مع بعض الدول في إطار العلاقات الدولية، فالنظام الإيراني تباهى في توقيت معين بأنه موجود في خمس عواصم عربية، كما أن الاستقواء من نماذج المعارضة العربية بالخارج امتد في مراحل معينة لأهداف سياسية ومناكفات حزبية ضيقة، خصوصاً وأن أغلب هذه المعارضات اعتمدت خيار التحريض على الدولة، ونظامها السياسي بدليل سيل التقارير الدولية التي تصدر عن منظمات متخصصة في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية، التي تدين ممارسات النظم العربية، وهو ما جرى في عديد من الحالات العربية خصوصاً سوريا وقطر ومصر وتونس، إضافة إلى عديد من الدول الأفريقية خصوصاً بعد عودة الانقلابات العسكرية أخيراً، وبخاصة منطقتا الساحل والصحراء . الخلاصات الأخيرة إن استقواء المعارضة العربية بالخارج، ومسعاها إلى الاعتماد على الخارج في مسار حركتها وحصولها على دعم خارجي سواء من خلال الدعم السياسي أو المالي، أثر في ممارسة المعارضة لدورها الحقيقي خصوصاً مع اختلاط دورها كطرف رئيس في المعادلة السياسية الداخلية، وأخل بدورها، إذ وظف حضورها لصالح دول الخارج، وهو ما برز في عشرات الحالات، إذ يتم التعامل مع بعض نماذج المعارضة وفق مبدأ مصلحي ونفعي، وليس وفق أي معيار آخر، ومن خلال استراتيجية محددة منضبطة تضع المصالح المنشودة في المقام الأول. ولعل ما تشير إليه حال تركيا والمعارضة المصرية يشكل دليلاً على ذلك في ظل تطورات دراماتيكية ترصد ما يجري في التوقيت الراهن وتداعياته السلبية، ولعل ضعف المعارضة العربية وافتقادها الحضور الحقيقي في الداخل مرجعه أيضاً عدم وجود قناعات حقيقية للعمل من الداخل اعتماداً على رؤية واقعية للتغيير من الداخل، وبناء مراجعات ذاتية يتم من خلالها تحقيق أهدافها برؤية داخلية. ويرى بعضهم أن أنظمة الحكم العربية الحالية التي تدار وفق معادلة محكمة مكررة لا تراعي أي ضوابط، أو معايير أو إجراء انتخابات دورية حقيقية والتسليم بشرعية هشة، هو ما أوصل المعارضة إلى هذه الحالة من اليأس والإحباط، ونقل مواجهتها إلى الخارج في ظل تقييد أمني، ومحاصرة نشاطها وتطويق ممارساتها، ومن ثم انكفأت على ذاتها بحثاً عن تأثير قد يتم من الخارج. ولهذا فإن التدخل الخارجي من بعض الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا، ودعوتها بعض الأنظمة العربية إلى مراعاة الضوابط في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات دليل على هذا التدخل من الجانب المقابل، وفي كل الأحوال يخسر المواطن العربي في كلتا الحالتين مع نظم لا تتبع معايير الليبرالية والتعددية وتداول السلطة، ومعارضة لا تأثير لها وضعيفة وتستقوي بالخارج لتؤكد دورها وحضورها السياسي ولو بصورة إعلامية، وهو ما جرى بالنسبة إلى المعارضة المصرية بعد ثورة الـ30 من يونيو تحديداً، وتشكيل كيانات هشة في الخارج مثل المجلس الثوري، ومثلما فعلت المعارضة السورية عندما شكل “الائتلاف الوطني” أجساماً للعمل في الخارج من دون أن يكون لها تأثير، كما فشلت بعض الأنظمة في إقرار استقرارها، والتعامل مع المعارضة على أنها جزء من النظام السياسي الرسمي وليس معارضة شكلية. المزيد عن: أحزاب المعارضةالدول العربيةالاستقواء بالخارجلبنانسوريامصرتركياالولايات المتحدةالسفارات الأجنبية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الصواريخ الفرط صوتية: ما هي وكيف تعمل؟ next post انفتاح محمد صلاح على الانضمام لـ”اتحاد جدة” حقيقة أم تهديد لكلوب؟ You may also like مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024