سياج حدودي بين غزة ومصر في رفح جنوب قطاع غزة (أ ف ب) بأقلامهم طارق فهمي يكتب عن: كيف تتجاوز العلاقات المصرية – الإسرائيلية “عقبة رفح”؟ by admin 1 مارس، 2024 written by admin 1 مارس، 2024 233 تتخوف القاهرة من فرض إسرائيل واقعاً أمنياً واستراتيجياً من جانبها فقط مما يؤدي إلى مساحات “غير آمنة” من الخيارات اندبندنت عربية / طارق فهمي كاتب وأكاديمي تمضي العلاقات المصرية – الإسرائيلية في حدود متعارف عليها بين الجانبين من دون الاصطدام النهائي، مع التوقع بدخول العلاقات مرحلة التجاذب، ليس فقط المتعلقة بالمواجهات الدبلوماسية والأمنية في قطاع غزة وخارجه، أو من خلال الاتصالات التي لا تزال تجري في نطاقات دبلوماسية عبر اللقاءات الثنائية، أو متعددة الأطراف التي تضم الولايات المتحدة وقطر وفرنسا من خلال محاولات وقف إطلاق النار، وبناء مقاربة للتهدئة والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين. مقاربات محددة الواضح من استمرار الاتصالات المصرية – الإسرائيلية تركيزها على مقاربة محددة، لا تقوم على الاصطدام من الجانبين، ووجود قواعد ناظمة وتوجهات منضبطة بعدم المواجهة والاقتصار على التراشق الإعلامي والسياسي والأمني من الطرفين على رغم وجود رسائل مباشرة من مصر بتجميد العمل بمعاهدة السلام الموقعة بين البلدين في 1979، أو وقف العمل بالبروتوكول الأمني الحاكم والناظم للعلاقات بين البلدين، بخاصة مع استمرار إطلاق التصريحات غير المسؤولة من الجانب الإسرائيلي، سواء من بعض الوزراء المتطرفين، أو من خلال شخصيات غير مسؤولة سابقة في الحكومة الإسرائيلية، أو في المؤسسة العسكرية التي تتهم مصر بالمساهمة في تهريب السلاح عبر الأنفاق، أو من خلال دعم غير مباشر للمقاومة الفلسطينية. ولعل كل ما سبق يوتر أجواء العلاقات، ويؤدي إلى مزيد من التطاحن الإعلامي، الذي بدأ تدريجاً يجري التعبير عنه في بيانات مصرية متتالية، وهو ما يشير إلى وجود حال من التوتر الراهن، والمستمرة في ظل استمرار المشهد الأمني في قطاع غزة على ما هو عليه، بخاصة أن الأمر امتد من توجيه الاتهامات إلى مصر إلى تأكيد استمرار المخطط الإسرائيلي في قطاع غزة، والتصميم على الدخول في رفح، باعتبارها آخر معقل للمقاومة الفلسطينية، وانتشار حركة “حماس” بعد أن جرى تمشيط مدينة غزة وخان يونس ومحاصرة رفح، للوصول إلى المحتجزين الإسرائيليين، وكذلك قيادات حركة “حماس”، لإنهاء العملية بنصر كبير. يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أن استكمال العملية العسكرية لن يتم من دون الدخول إلى رفح، وإتمام العملية بكل أهدافها، وهو أمر محل تجاذب من قيادات أجهزة الأمن، بخاصة “شاباك”، الذي يرى أن إتمام العملية الراهنة سيؤدي إلى تبعات أمنية واستراتيجية خطرة، وقد يؤدي إلى تداعيات مكلفة، في ظل ما تتعرض له إسرائيل من مواجهات دولية أمام الرأي العام الدولي، وهو ما اتضح خلال الفترة الأخيرة، وأمام محكمة العدل الدولية، في إشارة إلى أن ما تواجهه إسرائيل لن يقتصر على الإقليم ودول الجوار، مثل مصر والأردن، بل سيمتد إلى الخارج. ترتيبات أمنية توجد مساحات كبيرة وممتدة للخلاف بين مصر وإسرائيل، لعل أهمها السعي الإسرائيلي إلى فرض الترتيبات الأمنية والاستراتيجية من جانب واحد في قطاع غزة، وفي اتجاه الحدود المصرية – الإسرائيلية، وفي منطقة معبر فيلادلفيا، والتصميم على الانتشار فيه، واحتلاله لتأمين المساحة الجيواستراتيجية بالكامل، وعدم إتاحة الفرصة لحركة “حماس” للقيام بأي أعمال للتهريب عبر الأنفاق، أو من خلال مناطق التماس الاستراتيجي. وفي إشارة إلى أن إسرائيل ستتوجه إلى مساحات أكبر من الترتيبات الأمنية، مما دفع القاهرة إلى توجيه رسائل التحذير المباشرة، وهو ما لم يقابل بتجاوب إسرائيلي، أو الدخول في مساحات من التوافق، ولو المبدئية، مما يؤكد استمرار الخلاف الراهن، وفي ظل دعوة أجهزة المعلومات، بخاصة شاباك والاستخبارات العسكرية بتأكيد الانخراط في توافقات تمهيدية مع مصر، فاقترحت بعض الأفكار التي رفضتها مصر تباعاً، ومنها إدارة مشتركة لمنطقة الممر، أو من خلال التعامل على منظومة المعابر الأخرى، سواء كرم أبو سالم أم غيره من المعابر، مع التركيز على الخيارات من جانب واحد، وهو ما رفضته مصر أيضاً. إجراءات محددة اتجهت مصر إلى إقامة منطقة لوجيستية، لاستيعاب أي إجراءات مفاجئة يمكن أن تقدم عليها إسرائيل في المدى المنظور، وفي إشارة إلى أن القاهرة لا تضمن أي مقترحات أو إجراءات من الجانب الإسرائيلي، وهو ما يؤكد أن مصر تعمل من خلال مقاربة انفرادية، وإن أحيطت الجانب الأميركي بما يجري، بخاصة أن الاتصالات المصرية – الإسرائيلية – الأميركية ماضية في سياقها ولم تتوقف، بل استقبلت مصر تباعاً الوفود من الطرفين، وتناولت موضوع التهدئة إضافة إلى إتمام صفقة المحتجزين، والنقاش حول الترتيبات الأمنية والاستراتيجية التي ستجري في إطار من الحسابات السياسية والاستراتيجية، التي تخطط لها إسرائيل في مداها القصير والمتوسط. وليس خفياً القلق المصري من المخطط الإسرائيلي، والدور التي يمكن أن تقوم به إسرائيل، التي تسعى في المقابل إلى الاتجاه إلى تبني استراتيجية محاولة تحييد مصر في المواجهة الراهنة، والاكتفاء بدروها الراهن في إتمام الصفقة مع العمل على جس نبض القاهرة دورياً، والزج بالمواقف المصرية، الذي بدأ في الجلسة الأولى في محكمة العدل الدولية وإلقاء الاتهامات. تتالت المواجهات الدبلوماسية والإعلامية من الطرفين، في إشارة إلى أن ما يجري مرتبط أيضاً بالدعم المصري للمقاومة الفلسطينية، وتقديم تسهيلات غير مباشرة، بما في ذلك الاتهامات التي تترد في شأن إيواء عناصر “حماس” في سيناء، أو اتهام القاهرة بالمساس بجوهر العلاقات، ومنظومتها الرئيسة التي لا تتوقف على البرتوكول الأمني، بل تمر أيضاً إلى استكمال اتفاق الكويز، واستيراد الغاز الإسرائيلي لمصر، الذي أعلنت إسرائيل في خضم ما يجري زيادة الحصة المصرية في إطار ما أعلن أخيراً. وهذا ما يشير إلى أن مستوى العلاقات ذات الطابع المصلحي مستمرة، وأنه لا يوجد ما يعكر صفوها، بخاصة أن هناك ضوابط تحكم مستوى العلاقات، وتواصل الاتصالات من خلال لجنة الاتصال المصرية – الإسرائيلية، التي تباشر مهماتها، وعلاقاتها في إطار من الضوابط والمعايير، التي يحرص الطرفان على التمسك بها، وعدم الدخول في مواجهات أو التجاوب مع الانطباعات الشعبية أو الجمهور من الجانبين، بخاصة مع رؤية مصر شبه الرسمية بأن الرأي العام الإسرائيلي متطرف، ويريد استكمال المواجهات، وإنهاء حكم “حماس” على الأرض، واستبداله بسلطة رمزية مع الاستمرار في احتلال القطاع، بل وعودة المستوطنات لقطاع غزة، وهو ما يؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحظى بظهير شعبي على رغم كل ما يقال في ظل مخطط إبقاء الحكومة الراهنة بمكوناتها إلى حين انتهاء الحرب. المشهد المستقبلي في ظل ما يجري من تطورات في مسارات العلاقات المصرية – الإسرائيلية تبقى نقاط محددة، أولها: أن تخوف القاهرة من أي إجراءات انفرادية هو الذي يعكر صفو العلاقات، وسيصل بها إلى مساحات غير آمنة من الخيارات، ولهذا فإن ضغط مصر يمضي في سياق من الحسابات المهمة والأولويات الاستراتيجية بمنع احتلال إسرائيل منطقة ممر صلاح، وأنه لا خيارات إسرائيلية يجب أن تجري من أعلى، والانتقال من مرحلة استخدام القوة إلى العمل السياسي والدبلوماسي، وهو الأمر الذي بدأته إسرائيل بدليل استمرار مشاركة الوفد الأمني الإسرائيلي، بصرف النظر عن إطار التمثيل أو درجاته في ما يجري، وعلى رغم مراوغات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وفي إشارة إلى رغبة إسرائيل في الاستمرار، والضغط على حركة “حماس” في الوقت نفسه لشراء الوقت للوصول إلى كل الأهداف المرجوة، وإتمام ما يجري بصرف النظر عن قرب شهر رمضان، والتخوف من انفتاح المشهد أمنياً في الضفة الغربية، وما جرى في القدس أخيراً من عمليات قد يمتد إلى مواقع أخرى في نابلس أو جنين، وهو ما يؤكد أن الأمر لن يستمر بالصورة التي تتوقعها الحكومة الإسرائيلية، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو. ثانيها: إدراك إسرائيل أن مصر، إن رفعت يدها عما يحدث، فإنه لا يوجد وسيط، وعلى رغم أن القاهرة قادرة على توظيف أوراق عدة، فإنها حتى الآن لم تقم بأي طرح في هذا السياق مع الحرص على نقل رسائل مهمة بالحرص أيضاً على استمرار السلام على رغم إقدام مصر على توجيه تعزيزات عسكرية، لتأكيد أيضاً كل الخيارات، وأنها لا تطمئن لأي إجراءات قد تقوم بها إسرائيل في ظل الحرب الإعلامية والسياسية التي يجري شنها على القاهرة على رغم مواقفها. ولعل هذا يؤكد أن حال التوتر مستمرة وستستمر، بخاصة أن مصر لا تزال تملك أوراقاً ضاغطة على إسرائيل لم تتجه إليها بعد، وإن نقلت بعضها عبر الدوائر الدبلوماسية لإسرائيل، وأخطرها قيادة الحملة الدولية لنزع شرعية إسرائيل في المحافل الدولية، التي لن تقتصر على محكمة العدل الدولية، بل سيمتد إلى منظمات ومؤسسات دولية، مما قد يدخل إسرائيل في حلقة فراغ، وإنهاك مؤسسات الدولة العبرية وأجهزتها في مواجهة إعصار المجتمع الدولي ومؤسساته الناظمة، التي قد تنزع شرعية إسرائيل، وتعتبره كياناً منبوذاً وإرهابياً من الطراز الأول، وذلك بعد 75 عاماً من قيام الدولة العبرية. الخلاصات الأخيرة ستمر العلاقات المصرية – الإسرائيلية بحال من عدم الاستقرار والتوتر العام، مما سيكون مرشحاً للاستمرار في ظل المخطط الشيطاني في قطاع غزة وصولاً إلى رفح، التي تسعى إسرائيل إلى حسم أمرها باقتحامها، وإن كان الأمر سيحتاج إلى أمور عدة، أخطرها شراء الوقت وتمريره إلى حين إنجاز العمل العسكري، مع العمل على الوصول إلى قيادات حركة “حماس”، لإحداث نوع من حال عدم الاستقرار داخل الحركة، مما قد يؤدي إلى تبعات عديدة، وفي حال مقتل بعض المحتجزين في المواجهة، وسواء جرت عملية رفح أم لم تتم، مما قد يؤدي إلى ارتدادات خطرة في كل الأحوال، وهو ما سيؤدي إلى توقف مساعي الوساطة وتجمدها. وفي هذا الإطار ستعمل القاهرة على كل الخيارات، وإن كان الأمر سيكون مرتبطاً بحرص القاهرة على الفصل الثنائي في مستوى العلاقات مع إسرائيل بقدر الإمكان عما يجري في رفح، أو في إطار الترتيبات الأمنية التي تخطط لها إسرائيل، وتعمل على التوصل إليها، مما قد يحرج الأطراف الوسيطة، التي تتعامل في إطار من الضوابط، التي تضم إلى جانب مصر الولايات المتحدة وفرنسا وقطر. المزيد عن: مصرإسرائيلرفحالرئيس المصري عبد الفتاح السيسيحماسبنيامين نتنياهوقطاع غزة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post خدمة دفن الموتى ترفض نقل جثمان نافالني إلى موسكو next post ميقاتي: استحالة أن نتفاوض على تهدئة ونحن نشاهد ما يحدث في غزة You may also like مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024 سايمون هندرسون يكتب عن.. زعماء الخليج: “مرحبًا بعودتك... 15 نوفمبر، 2024 الانتخابات الأمريكية 2024: وجهات نظر من الشرق الأوسط 15 نوفمبر، 2024