ثقافة و فنونعربي “شبح الأوبرا” لغاستون ليرو تتأرجح بين الرواية البوليسية والنص الغرائبي by admin 18 مايو، 2021 written by admin 18 مايو، 2021 41 تجميع للكوارث واختراق للدهاليز في انتظار الهجمة السينمائية اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب هي واحدة من الروايات الفرنسية الأكثر اقتباساً في العالم، مسرحياً وسينمائياً وعلى خشبات الأوبرا وفي كتب الشرائط المصورة. ومع ذلك لا تعتبر “شبح الأوبرا” أهم ما خلّفه مؤلفها غاستون ليرو، كما لا تعتبر واحداً من النصوص المؤسسة حقاً للرواية البوليسية في القرن العشرين. هي في نهاية الأمر، ودائماً بحسب مؤرخي النوع، رواية مسلية مشوقة ومرعبة تتأرجح بين الرواية البوليسية والأدب الغرائبي. رواية تمكّن مؤلفها فيها من أن يضيف بعض التوابل الجذابة إلى حدث يمكن توقع مجرياته وحتى نهايته منذ البداية من دون أن يترك للقارئ مجالاً للتخمين أو المشاركة. جولة في المناخ الغريب بكلام آخر هو نص من النوع الذي يمكن اقتباسه بسهولة والتفنن في رسم أجوائه: فمناخ الأوبرا من الداخل وفي الكواليس والدهاليز كان دائماً مغرياً للقراء. فإذا أضفنا إلى هذا مزج ونقل بضعة أحداث غامضة شهدها ذلك النوع من الأماكن خلال الربع الأخير من القرن الذي شهدت نهايته وبداية تاليه ظهور الرواية، وتكثيفها بزعم أنها حدثت في دار الأوبرا التي نحن في صددها، يضحى من المفهوم النجاح الذي حققته لدى القراء ثم لدى الفنانين الآخرين المقتبسين. حكاية حب لتتويج كل ذلك كتب غاستون ليرو هذه الرواية لتنشر كتاباً للمرة الأولى عام 1910 بعدما كانت نشرت مسلسلة في صحف متنوعة أولها “لوغولوا” ومن ثمّ نشرت معدلة بعض الشيء في “صدى الجزائر” (عام 1925 هذه المرة أي بعدما كانت السينما والمسرح قد اقتبساها في محاولات أولى ستليها عشرات المحاولات). ويقول الباحثون إن المحور الأساسي للرواية اقتُبس من حكاية حب دارت في أروقة أوبرا غارنييه الباريسية العريقة وكانت معروفة لكن غموضاً ما يحيط بها. وحول ليرو الغموض إلى سلسلة أحداث (سقوط الثريا الكبيرة من سقف القاعة الرئيسية، مقتل أحد عمال المسرح شنقاً بما يشبه الانتحار، ناهيك عن أصوات همهمات وربما غناء أيضاً تسمع بين الحين والآخر)، تفترض وجود “شبح” ما، يعيش في أقبية المبنى زارعاً الرعب عبر تلك الأحداث المتتالية التي تفترض أنه ينتقم لما حدث له خلال حريق سابق اندلع هناك. وستفترض الإدارة بعد تفاقم الأحداث الغريبة بما فيها حرائق تندلع بين الحين والآخر، وجرائم قتل غير مبررة واختطاف مغنية شابة يفترض أنها تتدرب على القيام بدور غريتشن في عمل أوبرالي لشارل غونو مقتبس من “فاوست”، مع ما يخالط ذلك من إيحاءات فنية وتهديدات بحرق المبنى وغيرها، ستفترض أن ثمة بالفعل شبحاً حقيقياً يجول في المكان قبل أن تتكشف النهاية عن حكاية غرام حقيقية من الواضح أنها هي التي سحرت القراء والمشاهدين والموسيقيين فجعلتهم جميعاً يقبلون على ذلك العمل غير مبالين برأي النقاد والمؤرخين الذين دائماً ما اعتبروا روايات أخرى لليرو، مثل “سر الغرفة الصفراء” ومغامرات “رول تابيل” و”شيري بيبي” المتعددة الحلقات أكثر أهمية من “شبح الأوبرا” بكثير. اقرأ المزيد شخصية المحتال في المقامات العربية أسست للقصة القصيرة آرثر ميللر يحقق رهانا ويتحول إلى ضمير ما بعد الحرب المؤلف شخصية روائية بالنسبة إلى مؤرخي الرواية البوليسية يعتبر مؤلف “شبح الأوبرا”، غاستون ليرو شخصية أقرب إلى الشخصية الروائية منه إلى الشخصية الواقعية، بمعنى أن حياته نفسها وتعاطيه مع الحياة كانا في حد ذاتهما رواية. فليرو ولد في باريس في 1872 لأسرة ثرية. وكان في العشرين من عمره حين أضحى يتيماً وارثاً، فوجد نفسه مالكاً لثروة هائلة، يقدرها البعض بمليون ليرة ذهبية. غير أنه ما إن مرّت ستة أشهر على حيازته تلك الثروة حتى أضاعها كلها على موائد القمار. فاضطر إثر ذلك للعودة إلى المهنة التي كان قد درسها: المحاماة. وسرعان ما سئم المحاماة فانصرف إلى الصحافة وبالتحديد إلى الصحافة القضائية حيث راح يحرر أخبار الجرائم. وكان من شأنه أن يبقى صحافياً مغموراً في ذلك المجال لولا أنه تمكن ذات يوم من تحقيق “خبطة” صحافية حين كتب، عيانياً، عن اعتقال مركيز تورط في دراما عائلية لطخت سمعة واحدة من أعرق العائلات الفرنسية. وكانت تلك هي البداية الحقيقية لغاستون ليرو. البحث عن مكانة ومكان صحيح أنه أمضى بضع سنوات بعد ذلك محاولاً أن يوجد لنفسه مكانة، غير أنه كان خلال تلك السنوات قد اشتد ثقة بنفسه وبإمكاناته ككاتب. وهو لئن كان قد فشل في كتابة مسرحيات أولى فإنه سرعان ما نجح في كتابة الرواية البوليسية، حيث كان يقول عن نفسه إنه بات قادراً على “كتابة ما هو أهم بكثير مما يكتبه آرثر كونان دويل”. وهكذا ولدت، بالفعل، رواية “سر الغرفة الصفراء” (1907-1908) التي لا تزال تعتبر حتى اليوم واحدة من أشهر وأجمل الروايات البوليسية الفرنسية. قبلها كان ليرو قد كتب رواية أولى بعنوان “حياة ثيوفراست لونغي المزدوجة”، لكنها لم تلفت إليه الأنظار، أما “سر الغرفة الصفراء” فكانت ضربة معلم لأنها أيقظت نوعاً روائياً بوليسياً كان قد نسي منذ إدغار آلن بو: الرواية التي تتحدث عن جريمة تدور في مكان مغلق. ومع هذه الرواية ولدت شخصية جوزف جوزفين، الملقب بـ”رول تابيل”، وهي شخصية تحرٍ من نوع خاص، سيتولى بطولة الكثير من روايات غاستون ليرو بعد ذلك. في عالم المسلسلات الجذابة حين كتب غاستون ليرو “سر الغرفة الصفراء” كان في التاسعة والثلاثين من عمره، وكان قد بدأ يشعر بأن العمر يتقدم به من دون أن يحقق الكثير من طموحاته. لذلك راح يكتب من دون هوادة، وراح يبتكر الشخصيات والمواقف، وينشر ذلك كله في حلقات مسلسلة كانت ذات شعبية كبيرة في تلك الأحايين. وبدا ذلك النوع من النشر اليومي كأنه يحتّم على الكاتب أن ينهي كل حلقة بشكل غامض يشجع القارئ على العودة غداً للمتابعة، ومن هنا امتلأت روايات غاستون ليرو بتلك المواقف والضربات المتعاقبة التي ميّزت عمله وجعلته، حين ابتدأت العلاقة الجدية بين الأدب البوليسي والسينما، مرغوباً من جانب المخرجين. وفي هذا الصدد يمكن إدراج النجاح الكبير الذي كان لـ”شبح الأوبرا” التي تحولت إلى أفلام عدة كما أشرنا ولا تزال تتحول حتى يومنا هذا. شخصياته تضجره صحيح أن غاستون ليرو، الذي تعتمد رواياته على الحوار في الأصل، قد مات قبل ظهور السينما الناطقة في أبريل (نيسان) 1927، ولكنه قيض له مع ذلك أن يشاهد السينمائيين وهم يتدافعون للحصول على حقوق تحويل رواياته إلى أفلام. وبعد موت ليرو حولت كل رواياته الكبرى إلى أفلام كما نعلم. المهم أن ليرو نشر “شبح الأوبرا” في 1910، ثم بعد أن أصدر روايات عدة تولى رول تابيل بطولتها، سئم من تلك الشخصية – موقتاً بالطبع – فابتكر شخصية جديدة هي “شيري بيبي” وخصّها برواية أولى هي “الأقفاص العائمة” (1913) وتتحدث عن ثورة سجناء فوق ظهر سفينة حيث كانت الأقفاص تقودهم إلى معتقل كايين في أميركا الجنوبية. واللافت هنا أن هذه السلسلة الجديدة من المغامرات لم تعرف المجد الذي عرفته سلسلة مغامرات رول تابيل، خصوصاً أن الحلقة الأخيرة في السلسلة بعنوان “انقلاب شيري بيبي” ظهرت في 1925 لتوجه مديحاً غريباً من نوعه لليمين المتطرف، فيما كان هذا اليمين يحقق انتصاراته في ألمانيا وإيطاليا، ويعيش مجداً في فرنسا. ومن هنا حلت لعنة الديمقراطيين والتقدميين على غاستون ليرو الذي اعتبر، منذ ذلك الحين، كاتباً فاشياً. غير أن ذلك لم ينقص من قيمته ككاتب بوليسي من طراز مميز، ولكن أيضاً ككاتب للروايات الغرائبية، حيث كان رائداً في هذا الفن، لا سيما من خلال روايته “آلة القتل” (1923) التي تتحدث عن إنسان آلي زرع له دماغ بشري. وبسبب هذه الروايات نرى السورياليين يمجدون ليرو ويعتبرونه واحداً منهم، نازعين عنه في وقت لاحق صفة “الفاشي”. المزيد عن: فرنسا/الرواية البوليسية/غاستون ليرو/شبح الأوبرا 5 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “نتفليكس” تعرض 3 أفلام قصيرة حول معاناة الإنسان المعاصر next post الروسي ميخائيل بولغاكوف من طبيب أرياف إلى رائد في الأدب You may also like فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 5 comments ul-id-header-siteName 18 مايو، 2021 - 11:48 م When I originally commented I clicked the “Notify me when new comments are added” checkbox and now each time a comment is added I get several e-mails with the same comment. Is there any way you can remove people from that service? Appreciate it! Have a look at my page :: ul-id-header-siteName Reply Porfirio 18 مايو، 2021 - 11:58 م Thanks for every one of your ideas for our present trip. This trip is great, and also the resort, employees, and also venue are all sensational. YOU ARE THE BEST ON THE PLANET. You did a wonderful work on this. The location was perfect with plant throughout. It was magnificent … Overall, I award this ride a ten out of 10. Reply สล็อต เครดิตฟรี ไม่ต้องฝากก่อน ไม่ต้องแชร์ ยืนยันเบอร์โทรศัพท์ 19 مايو، 2021 - 12:17 ص I am sure this piece of writing has touched all the internet users, its really really fastidious piece of writing on building up new blog. Feel free to surf to my webpage สล็อต เครดิตฟรี ไม่ต้องฝากก่อน ไม่ต้องแชร์ ยืนยันเบอร์โทรศัพท์ Reply ph 5 riippuvalaisin 19 مايو، 2021 - 12:18 ص My relatives always say that I am wasting my time here at web, except I know I am getting experience every day by reading thes fastidious articles or reviews. Reply distance from faro airport to albufeira old town 19 مايو، 2021 - 12:35 ص Thank you for the good writeup. It in fact was a amusement account it. Look advanced to more added agreeable distance from faro airport to albufeira old town you! By the way, how could we communicate? Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.