تركز رواية فرانسيس سبافرد الجديدة على اثنين من المحققين (أنتونيو أولموس) ثقافة و فنون سبافرد في حوار عن إعادة مزج التاريخ في روايته الجديدة “جاز كاهوكيا” by admin 16 أكتوبر، 2023 written by admin 16 أكتوبر، 2023 212 في روايته الأولى “غولدن هيل” الحائزة جوائز أخذنا إلى القرن الثامن عشر، بينما أعاد ضحايا هجمات على لندن في الحرب العالمية الثانية إلى الحياة في “نور دائم”. سبافرد، يتحدث عن الشعور “بالتحرر” الذي يرافق إعادة كتابة التاريخ اندبندنت عربية / كلير أولفري كيف ستكون الحال لو قضي بالكامل على سكان أميركا الأصليين بعد وصول المستوطنين الأوروبيين في القرن السابع عشر؟ ماذا لو لم يتناقصوا بأعداد كبيرة بسبب مرض الجدري وغيره من الفيروسات التي جلبها الأوروبيون في أعقابهم، وازدهروا وازدادت أعدادهم بدلاً من ذلك؟ ماذا لو كان المستوطنون البيض هم الذين همشوا وفقدوا السلطة في نهاية المطاف؟ هذه أسئلة كانت تشغل بال الروائي فرانسيس سبافرد بشدة لدرجة أنه كتب رواية تتخيل بدقة هذا السيناريو البديل. يحدثني عبر تطبيق “زووم” من منزله في مدينة كامبريدج مرتدياً قبعته المميزة الشبيهة بتلك التي يرتديها شعب القوزاق، ويقول بنبرة مبتهجة قليلاً: “إن طرح الأسئلة التي تبدأ بـ “ماذا لو” حول العالم هي طريقة مفيدة لاستكشاف ماهية العالم في الواقع … إنها تسمح لك بالخروج من الواقع كي تسأل “لم هذا وليس ذاك”؟” بالتأكيد يستمتع سبافرد كثيراً في طرح سؤال “لم هذا وليس ذاك” في رواية “جاز كاهوكيا” Cahokia Jazz المفعمة بالأحداث المثيرة التي تدور في عام 1922 في مدينة كاهوكيا المتخيلة الأميركية القديمة المفقودة منذ زمن بعيد. الجاز في بداية نشأته كنوع موسيقي معترف به، والسلطة متمركزة في أيدي الأميركيين الأصليين (الذين يشار إليهم باسم تاكوما في الرواية)، وسكان المدينة المختلطون يعيشون في حال من الهدوء والسلام في ما بينهم، إلى أن تكتشف جثة رجل أبيض ملقاة في مشهد طقسي دموي على قمة مبنى عام وسط الثلوج، ما يهدد بتمزيق هذا الوفاق. مهمة اكتشاف الروابط بين الضحية ومنظمة كو كلاكس كلان العنصرية الإرهابية التي كانت تنشأ في مختلف أرجاء البلاد آنذاك، تم إيكالها إلى محققَين أحدهما من المحاربين البيض القدامى الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى، والآخر مختلط العرق من الأميركيين الأصليين لكنه لا يتحدث لغة تاكوما الخيالية الخاصة بشعب أبونا. النتيجة هي سرد يمزج بين أدب الجريمة السريع وأسلوب النوار المظلم وإنجاز رائع في بينة عالم الرواية. في كل صفحة من الرواية، يتم استحضار مناظر لمدينة ضبابية مليئة بالأماكن السرية والتجاوزات والمؤامرات السياسية المظلمة. في إنشاء هذا العالم وقصة خلفية المدينة الغنية، يعترف سبافرد بحرية بدرجة من “جنون عظمة الكتابة”. يقول: “إذا كنت تستمتع بتأليف بيئة لمشهد ما في رواية، فلماذا لا تقوم بتأليف تاريخ زمني كامل للمدينة؟ … بالتأكيد ظهر نابليون الذي بداخلي أثناء كتابة هذه الرواية”. يبلغ سبافرد من العمر 59 سنة و”جاز كاهوكيا” هي روايته الثالثة فقط: استمتع سابقاً بشهرته ككاتب متنوع لأعمال واقعية جادة. مع ذلك، في غضون سنوات قليلة، أثبت نفسه كواحد من أكثر الروائيين أصحاب الأسلوب المليء بالمفاجآت بشكل مبهج، محققاً قفزات جريئة من حيث الأفكار والمفاهيم لتصور نسخ بديلة من التاريخ تساعدنا في فهم الواقع الحالي بمنظور أكثر وضوحاً. كانت رواية غولدن هيل” Golden Hill عبارة عن مغامرة مبهجة تجوب بحرية عوالم مدينة نيويورك في القرن الثامن عشر، وتشيد بشكل إبداعي بأدب تلك الفترة وفازت بجائزة كوستا الأدبية للرواية الأولى في عام 2016 – وهذا إنجاز ليس سيئاً بالنسبة لشخص كان في الـ 52 من عمره. في روايته الجميلة المبهرة “نور دائم” Light Perpetual الصادرة عام 2021 التي وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة بوكر وكان من المفترض أن تحظى بمكان في القائمة المختصرة لدورة ذلك العام – قام بتخيل ما كانت ستكون عليه حياة خمسة أطفال لو أنهم نجوا من هجوم حقيقي مميت بصواريخ “في 2” النازية استهدف أحد متاجر وولوورثس في جنوب لندن عام 1941، وجمع بين التاريخ الاجتماعي الذي تم رصد تفاصيله بدقة والجوانب الروحانية والميتافيزيقية. في “جاز كاهوكيا” يستخدم حقائق موازية كوسيلة للتحقق مما إذا كان التاريخ نفسه محدداً بشكل مسبق بالضرورة أم متغيراً ومرتبطاً بالظروف. إنها استفسار فلسفي متقن بقدر ما هي تجربة فكرية مثيرة. يقول: “أحد الأشياء المفيدة في السرد التجريبي المضاد للواقع هو أنه يمنعك من اعتبار الحتميات الواضحة لتاريخك أمراً مفروغاً منه … أحد الأمور التي كنت أحاول القيام بها في الرواية هو قول إن الخلافات العرقية في أميركا التي تبدو حقائق ثابتة لا يمكن تغييرها هي في حد ذاتها نتاج للتاريخ. أردت الإشارة إلى أن الصدفة تلعب دوراً بدرجة ما. من خلال إعادة خلط التاريخ كما أفعل، يمكنك طرح احتمالية أن أعداد السكان الأصليين في أميركا لربما كانت كبيرة لدرجة أنه لا يمكن دفعها إلى هوامش البلاد في المحميات ولا بد من الاعتراف بها وأخذها في الاعتبار. ستكون العلاقات مختلفة بين جميع الأعراق المتنوعة في أميركا في أوائل القرن العشرين، ونعم، ستكون لديك مشكلات مختلفة. تحمل هذه الفكرة أيضاً تصوراً مثالياً طفيفاً، حيث تسمح لك بالتساؤل “هل هذا حقاً أفضل ما يمكننا تحقيقه؟ هل يمكننا القيام بما هو أفضل؟”” وبطبيعة الحال، من خلال اختلاق الأحداث، يسمح هذا له بشكل متناقض، بطرح هذه الأسئلة الحقيقية جداً في المقام الأول. سبافرد، كما يعترف بأريحية، هو رجل إنجليزي أبيض ينتمي إلى الطبقة المتوسطة يعيش في قارة وحقبة زمنية وثقافة بعيدة كل البعد من ولاية ميسيسيبي في عام 1922. لو أنه كتب رواية تتناول العرق وأميركا بشكل مباشر، لوجد نفسه لا محالة في مواجهة تحديات رهيبة متعلقة بقضايا الأصالة والاحترام والتمثيل، المشحونة للغاية في القرن الـ21. يقول: “حتى لو تجاهلتَ موضوع الأصالة، وسؤال من يحق له رواية أي قصة، وهو أمر لا يمكنك فعله، لا تزال هناك مشكلة تواجهك كمؤلف، متمثلة في عدم كونك ليو تولستوي مزدوج العرق مثالياً … ما هو الموقع الذي عليك اتخاذه لتسرد أي قصة واعية عن مآسي التاريخ الأميركي ما لم تكن جزءاً منه؟ لا يقتصر الأمر على عدم قدرتي على القيام بذلك، لكنني لا أعتقد أن أي كاتب يستطيع ذلك. في حين أنك إذا نظرت إلى الموضوع من منظور بديل، فإن التخلص من التاريخ الحقيقي يمنحك بشكل متناقض الحرية للتفكير في أسباب الأحداث. إنه شكل من أشكال التحرر”. أقول إن كل هذا يبدو كبيان يدعو الكتاب إلى تشكيل رواياتهم بحرية ومن دون قيود إبداعية. يجيب: “بالضبط. وهناك حرية ضرورية في اختلاق الأحداث، التي لا ينبغي اختبارها كما لو كان الدليل على جدواها هو ما إذا كانت توثيقاً دقيقاً تماماً. لأن الخيال لا يمكن أن يكون توثيقاً دقيقاً تماماً، لكنه قادر على أن يكون أشياء كثيرة أخرى. أنا متفوق في هذا السياق، لكن اختبار الكتابة الخيالية يتمثل في قدرة الكاتب على التعاطف مع مشاعر الآخرين وفهمها بسخاء. يكمن اختبار الأدب المتخيل في مدى نجاحه في تخيل شيء ما، وآمل أن تقوم هذه الرواية، على رغم انتمائها إلى أدب النوار، من خلال الأجزاء المتخيلة التي تقدمها، أن تكون جريئة وسخية بطريقتها الخاصة”. فرانسيس سبافرد بعد فوزه بجائزة كوستا للرواية الأولى لعام 2016 (غيتي) يتحدث سبافرد بحماسة معدية، يجعلك تتمنى لو كنت طالباً في فصل الماجستير في الكتابة الإبداعية الذي يدرسه في جامعة غولدسميث. إنه ودود وساحر، وواسع المعرفة وحاد الذكاء: عندما ألمح إلى أن “جاز كاهوكيا” تتعارض ببراعة مع السلالة السائدة من الواقعية الاجتماعية في الأدب الإنجليزي، يبدأ بنقاش ملاحظتي على محمل الجد فوراً، قائلاً: “نحن الأمة التي اخترعت أدب الرعب الغامض! … لدينا ماري شيلي! أنجيلا كارتر! فرجينيا وولف! صحيح، يمكنك لمس الحياة والمعاناة الواقعية البسيطة كما في أدب فيليب لاركن، لكن كثيراً من الأعمال الأدبية الإنجليزية تحاول عمداً الهروب من بؤس الواقع”. من المؤكد أن رواياته تفعل ذلك: يبدو أنه استمتع كثيراً في كتابة “جاز كاهوكيا”، تماماً كالشعور الذي ينتاب قارئها. أعتقد أن الروايات التي لا تخفي مسعاها إلى إسعاد القارئ هي أنواع تتلاشى في عالم الخيال الأدبي الذي يفتقر إليها. يقول: “إذا كان هناك خوف من [الروايات التي تمنح المتعة]، فهذا خطأ، لأنه يسيء فهم ماهية المتعة … ليس من الضروري أن تكون المتعة تافهة أو مرحة – يمكنك الحصول عليها من المأساة والحزن بقدر ما تستطيع الإحساس بها من جملة مصاغة جيداً. كتبت هذه الرواية أثناء إغلاق كورونا، وتعمدت أن تكون ترفيهية. لذا، فهي تشبه أفلام الأبيض والأسود التي كانت “هوليوود” تنتجها في ثلاثينيات القرن الماضي; تحتوي على كوميديا سخيفة، وكثير من العواطف الشديدة والانفعالات القوية، وكل الأشياء التي أستمتع بها. ببساطة، أصبحت مادتي التجريبية الخاصة”. إنه متزوج من جيسيكا مارتن، كاهنة كنيسة مدينة إيلي في كيمبريدجشير ويتحدث بتحفظ وحرية في آن معاً عن إيمانه. أشير إلى أن قلة من الروائيين تجرؤ على الكتابة بشكل صريح عن معتقدها المسيحي في رواياتها، ربما باستثناء الروائية الأميركية ماريلين روبنسون. يقول: “أنا غير قادر على كتابة روايات تخرج عن إطار معتقداتي بكيفية سير العالم، وإيماني هو جزء لا مفر منه من تلك الرؤية … لكن السؤال الفني الرئيس هو كيف يمكنك إظهار الإيمان بشكل إبداعي، ومن الواضح أن الشيء الوحيد الذي عليك عدم فعله هو كتابة دعاية أو روايات موجهة فقط للأشخاص الذين يشاركونك وجهة نظرك بصراحة. من ناحية أخرى، هناك أمور تظهر في كتاباتي من دون أن ألاحظها. على سبيل المثال، أنا أميل إلى كتابة قصص عن تجارب الفداء. كما يبدو أنني دائماً أدخل مشهد قداس في الكنيسة في رواياتي بطريقة أو بأخرى. في “نور دائم” هناك قداس بنتوكوستالي. وبالقرب من نهاية “جاز كاهوكيا” هناك قداس لاتيني. لاحظت الآن هذا النمط وسأستمر في اتباعه”. يشير هذا إلى أنه تخلى عن الأعمال الواقعية لفترة من الوقت حالياً. يقول: “هناك كتابان غير روائيين أود أن أعود إلى كتابتهما في مرحلة ما … لكن لا يبدو أن هناك أي إشارات على تقلص قائمة الروايات في رأسي التي تنتظر أن أكتبها”، وهذه حالة لا يسع المرء إلا أن يكون مشجعاً لها. رواية “جاز كاهوكيا” متوفرة للقراءة الآن لدى دار فيبر للنشر. © The Independent المزيد عن: أحدث إصدارات الكتبأوسع الكتب انتشاراإصدارات الكتب 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post تشارلز لارمور يقارب العلاقة بين الفلسفة الأخلاقية والحداثة next post بريطانيا ليست مستعدة لاجتياح بق الفراش You may also like زنوبيا ملكة تدمر… هل يسقطها المنهج التربوي السوري... 11 يناير، 2025 (15 عرضا) في مهرجان المسرح العربي في مسقط 11 يناير، 2025 أبطال غراهام غرين يبحثون عن اليقين عند الديكتاتور 10 يناير، 2025 رحيل “صائدة المشاهير”…ليلى رستم إعلامية الجيل الذهبي 10 يناير، 2025 سامر أبوهواش يكتب عن: حسام أبو صفية… الرجل... 10 يناير، 2025 كتب يناير الإنجليزية: سيرة هوليوودي واعترافات 3 نساء 9 يناير، 2025 عبده وازن يكتب عن: بثينة العيسى تروي خراب... 9 يناير، 2025 أعظم 20 فيلما في تاريخ سينما الغرب الأميركي 9 يناير، 2025 وليام هوغارث يغزو بيوت لندن بلوحات شكسبيرية 9 يناير، 2025 استعادة الشاعر بول إلويار في الذكرى المئوية للبيان... 9 يناير، 2025