الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ ف ب) بأقلامهم سامي عمارة يكتب عن: بوتين ورجل “المصير الصعب” by admin 25 أغسطس، 2023 written by admin 25 أغسطس، 2023 97 الناطق باسم الكرملين ينفي “الاتهام” ويطالب بالاستناد إلى الحقائق اندبندنت عربية \ سامي عمارة كاتب وصحافي انتظر العالم طويلاً ما سيقوله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليقاً على مصرع يفغيني بريغوجين، الذي لقي حتفه في حادثة تحطم طائرته مع ستة آخرين من شركائه في مجموعة “فاغنر” بمقاطعة تفير في شمال غربي العاصمة موسكو، فضلاً عن أفراد طاقم الطائرة الثلاثة. كان لانتظار العالم أسبابه التي ارتبطت في كثير من الجوانب بتمرد “فاغنر” الذي كان سبيلاً لطرح بريغوجين لمطالبه بإقالة وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس أركان القوات المسلحة فاليري غيراسيموف، وهو ما اعتبره الرئيس فلاديمير بوتين آنذاك “طعنة في الظهر” و”خيانة” لا بد من محاسبته عليها. فقد أثار “تمرد” بريغوجين ورفاقه قدراً هائلاً من “الارتباك” في الساحة الروسية، والسخط والغضب في صفوف القوات المسلحة الروسية، لأسباب متعددة. صحيح أن بريغوجين تراجع عن “تمرده” قبل مضي 24 ساعة، وصحيح أنه استجاب لوساطة رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو، وصحيح كذلك أن بوتين عاد والتقى بريغوجين و34 من رجاله، ولم يكن مضى على التمرد أكثر من بضعة أيام، لكن “الطلقة” كانت قد انطلقت والدوي أصم الآذان، والمكانة نال منها كل منال. كان غريباً أن يتخذ بوتين من “المتمردين” مثل ما اتخذ من مواقف تتسم بالمهادنة، حتى جاءت النهاية المأسوية التي لم تفاجئ أحداً، وإن كانت الصحافة الغربية تناولتها بغير ما جرى إعلانه في موسكو، وذلك ما دحضه دميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين بقوله “ما يرددونه كذب مطلق”. ودعا إلى الاسترشاد والاستناد إلى الحقائق. ماذا قال بوتين؟ لقد انتهز بوتين لقاءه مع دينيس بوشيلين القائم بأعمال رئيس “جمهورية دونيتسك” التي أعلنت انفصالها عن أوكرانيا وانضمامها لروسيا في سبتمبر (أيلول) 2022، ليعرب عن عزائه في ضحايا الحادثة. وقال بوتين “فيما يتعلق بحادثة الطيران هذه، أود أولاً أن أعرب عن صادق العزاء لأسر جميع الضحايا. إنها دائماً مأساة، وفي الواقع إذا كانوا على متن الطائرة، وتشير البيانات الأولية إلى أن رجال (فاغنر) كانوا هناك أيضاً. أود أن أشير إلى أن هؤلاء الأشخاص أسهموا بقدر كبير في صراعنا المشترك ضد نظام النازيين الجدد في أوكرانيا، ونحن نذكر ذلك، ونعرف ذلك، ولا ننسى ذلك”. وأضاف بوتين “لقد عرفت بريغوجين منذ فترة طويلة جداً، منذ مطلع التسعينيات، لقد كان رجلاً صعب المصير، وارتكب أخطاءً جسيمة في الحياة، وحقق النتائج اللازمة لنفسه، وعندما سألته عن ذلك، للقضية المشتركة، كما حدث في هذه الأشهر الأخيرة”. ووصف بوتين بريغوجين بأنه “شخص موهوب ورجل أعمال موهوب، لقد عمل ليس فقط في بلادنا، عمل أيضاً في الخارج، وفي أفريقيا على وجه الخصوص، كان يعمل هناك في مجال النفط والغاز والمعادن الثمينة والأحجار، لقد عاد بالأمس فقط، على حد علمي، من أفريقيا”. وقال بوتين “لقد التقى بعض المسؤولين هناك، وأبلغني صباح اليوم رئيس لجنة التحقيقات المركزية. لقد بدأوا التحقيقات الأولية للحادثة، وسيستكملون التحقيقات، ولننتظر ماذا سيقول المحققون في المستقبل القريب”. نشأة بريغوجين ونستخلص مما قاله بوتين أن ما صادفه بريغوجين من “مصير مأسوي” تمثل في فترة السجن التي قضاها في مستهل فترة شبابه، ولما كان بوتين كشف عن أنه عرف يفغيني بريغوجين منذ مطلع التسعينيات، فإن ما يتوفر من أدبيات روسية تقول إن بريغوجين من مواليد لينينغراد، المدينة الأم نفسها للرئيس بوتين. ولد بريغوجين هناك في عام 1961، وتخرج في إحدى مدارسها الرياضية في عام 1977، وانزلق في صباه إلى عالم الجريمة، مما كان سبباً في صدور الحكم عليه بالسجن بتهمة السرقة في عام 1979 لمدة عامين ونصف العام، مع إيقاف التنفيذ، ليعود ويصدر الحكم عليه ثانية بالسجن لمدة 13 عاماً، ولم يكن تجاوز كثيراً مرحلة الصبا والشباب، وإن جرى العفو عنه في عام 1988. ولم يكد يتمتع بحريته في مطلع تسعينيات القرن الماضي حتى ولج عالم “البيزنس” في عام 1990 مع زوج أمه صمويل جاركوي، وافتتح عدداً من أكشاك الوجبات السريعة “الهوت دوغ” التي سرعان ما أعقبها بافتتاح عدد من المطاعم الشهيرة، ومنها المطاعم العائمة على ضفاف أنهار سانت بطرسبورغ (الاسم القديم لمدينة لينينغراد). وكان ذلك في الفترة التي عرفه فيها بوتين بحسب ما قال. وكان بوتين آنذاك نائباً لعمدة المدينة أناتولي سوبتشاك الذي خرج من “معطفه”، معظم العاملين في الدولة والحكومة منذ ذلك الحين وحتى اليوم. وكشف بريغوجين في حديث صحافي عن أنه عرف بوتين من طريق عدد من سائقيه وحرسه الخاص ومنهم فيكتور زولوتوف حارسه الشخصي والقائد الحالي لقوات “الحرس الوطني”. وقال أيضاً إنه استطاع “استضافة” بوتين وكبار زعماء العالم من ضيوفه ومنهم الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك في صيف عام 2001، والرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن في مايو (أيار) 2003. واستطاع بريغوجين المضي إلى ما هو أبعد في علاقاته مع كبار رجال الحكومة والدولة بعد فوزه بعديد من الصفقات الخاصة واحتكاره علميات إمداد مختلف مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية بالأطعمة والمواد الغذائية، بما فيها المدارس والمؤسسات التعليمية، بل ووحدات القوات المسلحة الروسية. كان بريغوجين نسج علاقاته مع أناتولي سيرديوكوف المسؤول الأسبق عن عالم تجارة الأثاث في لينينغراد، ووزير الدفاع السابق (2007-2012)، وزوج ابنة فيكتور زوبكوف رئيس الوزراء الأسبق (2007-2008)، لكن ما أن جرت تنحية سيرديوكوف من منصبه وتولي سيرغي شويغو الوزير الحالي مهام وزير الدفاع، حتى فقد بريجوجين كثيراً من امتيازات الأمس القريب. بداية النهاية ولربما كان ذلك بداية “العلاقة غير الطيبة” بين الرجلين. فمنذ ذلك الحين بدأ بريغوجين مرحلة جديدة استند فيها إلى مكتسبات الماضي القريب، لكن من منطلقات أخرى شملت عالم الميديا والإعلام التي تغلغل من طريقها إلى صفوف تنظيمات المعارضة وعالم السياسة، وحتى بداية تشكيل فصائل “فاغنر” التي كانت الطريق إلى جنوب شرقي أوكرانيا، ثم عالم النفط والغاز في سوريا، ومنها إلى ليبيا حتى وصل إلى بقية البلدان الأفريقية التي وجد فيها عالم الذهب والمعادن والأحجار الثمينة الذي تحدث عنه الرئيس بوتين أخيراً. تلك مرحلة بالغة الثراء في مفرداتها وتفاصيلها نظراً إلى ارتباطها بتلك الحقبة التاريخية لتحركات الدولة الروسية، اعتباراً من تاريخ انضمام شبه جزيرة القرم بموجب نتائج الاستفتاء الشعبي في عام 2014، وإعلان مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك في جنوب شرقي أوكرانيا عن انفصالهما عن أوكرانيا في أعقاب إطاحة نظام الرئيس الأوكراني الأسبق فيكتور يانوكوفيتش في فبراير (شباط) 2014. وهي المرحلة التي انطلقت منها العملية العسكرية الخاصة في سوريا عام 2015، قبل ظهور “فاغنر” في ليبيا وعدد من البلدان الأفريقية. وثمة ما يشير إلى ارتباط كل المشروعات التي لطالما شكلت ما يسمى “إمبراطورية بريغوجين” بشخصية ذلك المغامر الذي أمسك بكل خيوطها بين يديه وحده، ما قد يجعل رحيله، الذي يظل الإعلان عنه رهينة لجنة التحقيقات التي لم تعلن بعد عن القول الفصل في مصرعه، مقدمة لاحتمالات انفراط عقد الإمبراطورية. تفكك الإمبراطورية وهناك من يتوقع “اهتزاز” مواقع كل المشروعات وأركان “هذه الإمبراطورية” تقريباً نظراً إلى ارتباطها بشبكة اتصالات وتمويل الراعي الرئيس، وهو يفغيني بريغوجين، إذ إن العشرات من الشركات ووسائل الإعلام الخاصة به، بما في ذلك وكالة أبحاث الإنترنت التي كانت تعمل في تشكيل الرأي العام في مواقع الاتصال الاجتماعي، ووسائل الإعلام “باتريوت”، إضافة إلى مؤسسة “كونكورد” التي تعمل في توريد المواد الغذائية والأطعمة للوحدات والقوات المسلحة والمدارس والمؤسسات التعليمية، تظل مرتبطة باسمه، وذلك فضلاً عن أن عائلة رجل الأعمال لا تملك عملياً سوى الأراضي، والمباني السكنية والتجارية في موسكو وسانت بطرسبورغ وسوتشي. وثمة من يقول إن أحداث التمرد الذي وقع في نهاية يونيو (حزيران) الماضي كانت بداية النهاية لإمبراطورية بريغوجين، وذلك بعد ظهور بوادر إغلاق شركة الإعلام القابضة “باتريوت”، حيث من المنتظر أن يتم التحكم في أصولها من قبل أشخاص مقربين من السلطة، كما أنهت وزارة الدفاع العقد الموقع مع شركة “كونكورد” وفقدت شركات تقديم الطعام مناقصات الوجبات المدرسية في منطقة موسكو. وبحسب تقديرات المراقبين والمحللين، فمن المتوقع أن تحتفظ عائلة يفغيني بريغوجين بأصول المطعم فقط، أما “فاغنر” فمن المنتظر أن يتوقف مصيرها على وزارة الدفاع الروسية، وماهية العقود التي أقرتها في إطار ما أعلنت عنه خلال الأشهر القليلة الماضية، بينما يظل كثير من جوانب هذه القضية يكتنفه غموض شديد. المزيد عن: روسيابوتينفاغنربريغوجينمقتل قائد فاغنربيلاروس 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post مخدر “المعجزات” للمصريين في زمن الأزمات next post بدء العمل بالقانون الأوروبي للخدمات الرقمية You may also like فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: حين ينهار كلّ شيء... 19 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: ماذا جرى في «المدينة... 15 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: ترمب ومشروع تغيير... 15 نوفمبر، 2024 منير الربيع يكتب عن..لبنان: معركة الـ1701 أم حرب... 15 نوفمبر، 2024 حميد رضا عزيزي يكتب عن: هل يتماشى شرق... 15 نوفمبر، 2024